منذ الثلاثينيات و حتى أوائل الستينيات كانت ولاية نيفادا بمثابة عاصمة الطلاق في الولايات المتحدة نظرا لسهولة الإجرائات بها علي عكس الولايات الأخري التي كان فيها إنهاء الزواج أمر معقد جدا فولاية نيويورك على سبيل المثال لا تمنح الطلاق إلا إذا تمكن أحد الزوجين من إثبات خيانة الأخر بأدلة ملموسة مثل الصور أو شهود عيان و حتى مع توفر الأدلة كان لا يزال يتعين على الطرف المتضرر الإنتظار لمدة عام بين تقديم طلب الطلاق و الحصول عليه بعكس ولاية نيفادا التي قدمت تسعة أسباب للطلاق و هي العجز الجنسي و الخيانة و الهجر و الإدانة بجناية و السكر و الإهمال في توفير ضروريات الحياة و الجنون و الإنفصال لمدة ثلاث سنوات و القسوة الشديدة مع عدم ضرورة تقديم أي أدلة لذلك دائما ما كانت تلك الولاية مسعي للكثير من النساء الراغبات في الحصول علي الطلاق خاصة أنه كان يتم بسرعة قياسية و نظرا لأن قوانين الولاية تسري علي المقيمين فيها فقط و هو أمر يتطلب الإقامة لفترة لا تقل عن ستة أسابيع فكان من الضروري التحايل علي ذلك الشرط من خلال تشييد أماكن أطلق عليها إسم مزارع الطلاق و المخصصة لإستضافة الوافدين لإستيفاء شرط الإقامة و بالتالي تقديم طلبهم للحصول علي الطلاق وفق أعراف تلك الولاية .
و تم إنشاء قاعدة الأسابيع الستة كشرط للحصول علي الإقامة بموجب مشروع قانون صدر عام 1931 و الذي يهدف إلي تنشيط إقتصاد ولاية نيفادا في خضم فترة الكساد العظيم لذلك كانت تجارة الطلاق نشطة في ذلك المكان منذ أن تصدرت السيدة ” ماري بيكفورد ” عناوين الأخبار عقب حصولها علي الطلاق هناك عام 1920 عندما كان شرط الإقامة فيها ستة أشهر و هو ما جعل الأثرياء يرتحلون إلي تلك الولاية قادمين من جميع الولايات الأخري و إنفاق ملايين الدولارات أثناء إنتظارهم الحصول علي الإقامة و بطبيعة الحال نظرا لأن الكثير من الناس لا يستطيعون تحمل تكاليف مثل هذه الزيارة قام المجلس التشريعي بتقليل فترة شرط الإقامة إلي ستة أسابيع علي أمل تشجيع كل الطبقات علي القدوم و الإقامة في مزارع الطلاق و بالتالي إنعاش إقتصاد الولاية .
و نجح مخطط ولاية نيفادا حيث أرتفع عدد حالات الطلاق بشكل مطرد فيها من ألف حالة سنويًا في العشرينات إلي أعداد تخطت 19000 حالة منتصف الأربعينيات و كل واحدة منها صرفت مئات إن لم يكن آلاف الدولارات علي البضائع و الخدمات و تمركزت تلك الأنشطة حول مدينة “رينو ” في مقاطعة واشو حيث ظهرت فيها الحانات و الفنادق و المزارع و الكازينوهات لتلبية إحتياجات جمهور المطلقين و ظلت ” نيفادا ” وجهة راقية على الرغم من أن بعض الباحثين عن الطلاق الأقل ثراء عملوا كنادلات و تجار بطاقات لدفع تكاليف غرف الإقامة كما كان الراغبين في الطلاق و الذين كان أغلبهم من النساء يصطحبون معهم عشاقهم أثناء قضائهم لفترة الإقامة و في كثير من الأحيان يقضون وقتهم في التغزل و الشرب و الرقص بطريقة يمكن إعتبارها غير لائقة في المنزل لذلك بدء البعض في إستغلال تلك الحالة و تأسيس ما عرف بإسم مزارع الطلاق لإستيعاب كل هؤلاء الأشخاص .
و لم تكن مزارع الطلاق أمر جديدا فحتى قبل صدور قانون عام 1931 كانت بعض مزارع الخيول تستقبل الوافدين ذكورًا أو إناثًا من أجل كسب دخل إضافي و قدموا للضيوف برنامج ترفيهي تمثل في ركوب الخيل و السباحة و صيد الأسماك و مسابقات لرعاة البقر ثم مع بدء إزدهار حالات الطلاق سرعان ما قاموا بإيواء من كانوا يتطلعون إلي التخلص من أزواجهم حيث تكونت أماكن الإقامة بسلسلة من الكبائن المكونة من غرفة واحدة بدون مياه جارية أو مراحيض كما كانت هناك معسكرات توفر غرف ضيوف مريحة في منزل مزرعة كبير و حديث و هو Flying M E و كان به حمام سباحة و أجواء من التفرد و أصبح هذا المعسكر معروفًا جدًا بإبقاء قائمة ضيوفه طي الكتمان حتى أن المشاهير غير المطلقين مثل ” كلارك جابل ” كانوا يقضون إجازتهم هناك و نظرًا لأن معظم المطلقات قد نجحن في تسوية شروط طلاقهن و تقديم أوراقهن فكانت وظيفتهن الحقيقية الوحيدة هي قضاء الوقت لذلك كان يومهم الروتيني في مزارع الطلاق هو ركوب الخيل في الصباح أو رحلة بعد الغداء إلى المدينة للتسوق أو زيارة محامٍ و بعد ذلك في المساء يشربون الكوكتيلات و يتناولون العشاء ثم يذهبون بالسيارة إلي حانة أو كازينو حيث ترقصن و يشربن و يقامرن .
أقرأ أيضا : جوليا توفانا الإيطالية التي قتلت بسمومها 600 ضحية من الأزواج
و في مزارع الطلاق كان الكثير من الوافدين ممن لم يعيشوا حياتهم بمفردهم من قبل لذلك أنطلقوا من هذا المكان للبحث عن الحرية كما كانت العديد من النساء اللاتي جئن إلى مزارع الطلاق أمهات يختبرن أول طعم للحرية منذ سنوات و كانوا إما يتركن أطفالهن وراءهن أو هناك شخص ما في مزارع الطلاق يعتني بالطفل بينما تستكشف الأم ما يعنيه أن تكون غير مقيدة و عقب نهاية إقامتهم التي دامت ستة أسابيع يقوم الوافدين برحلة أخيرة لزيارة المحكمة حيث تستغرق إجراءات الطلاق النموذجية ست دقائق فقط و بعد ذلك تسير بعض المطلقات الجدد عبر قاعة المحكمة للزواج من شريكهن بينما يقوم آخرون بحجز أول قطار للعودة إلي ولايتهم الأصلية علي الرغم من أنهم أقسموا للتو أمام المحكمة أنهم يعتزمون البقاء في ” نيفادا ” و يقول الفولكلور أنه قبل مغادرتهم تقوم النساء بإلقاء خواتم زواجهن فوق الجسر بالقرب من محكمة مقاطعة واشو أو علي الأقل يذهبون لشراء خاتم رخيص للتخلص منه في حالة كان خاتمها باهظ الثمن و مع حلول أوائل الستينيات كان تميز عهد ولاية نيفادا بسهولة الطلاق على وشك الانتهاء بعد أن قامت العديد من الولايات الأخرى بتحرير قوانين الطلاق الخاصة بها لذلك تم إغلاق معظم مزارع الطلاق الكبيرة .