مطعم نيولاكي .. حين يكون الموتي رفاقك خلال تناول وجبتك

دائما ما يسعى أصحاب المطاعم فى اى مكان فى العالم بوضع ديكورات تعمل على جذب الزبائن اليه و تكون الأولوية دائما للأفكار الغير مألوفة و لكن مهما بلغت غرابة تلك الديكورات فمن الصعب أن تقارن ذلك بما يحدث فى الهند المعروفة ببلاد العجائب لطبيعتها الفريدة و أسلوب معيشة سكانها حيث يوجد بها أحد المطاعم الغريبة و المعروفة بإسم المحظوظ الجديد او مطعم نيولاكي و الذى يزيد عمره عن 50 عامًا و تكمن غرابته فى أنه تم بناءه على أحد مقابر الموتى لذلك ليس بغريب ان تجد شواهد قبورهم و بجوارها طاولات يجلس عليها الزبائن لتناول الطعام و الشراب و هم غير مكترثين بها و يكون الموتى هم الأداة الرئيسية لجذب الزبائن و رفقائهم خلال تناولهم لوجبتهم .

و يقع “مطعم نيولاكي” فى منطقة “لال دروزة” بوسط مدينة ” أحمد أباد ” و هي مدينة مزدحمة و تعتبر الأكبر في ولاية “جوجارات” الهندية و يقع بجواره مسجد ” سيدي سعيد ” الذى يرجع تاريخه الى القرن السادس عشر و قد يبدو من الخارج انه مثل أى مطعم أخر لا يوجد به ما يلفت الإنتباه و لكن بمجرد دخولك سوف تنتابك الدهشة حيث ستجد الطاولات و الكراسى مرتبة حول شواهد قبور تشبه النعوش و يتناول الزبائن الطعام مع الموتى و ترجع قصة بناء ذلك المكان الى شابين في خمسينيات القرن الماضي و هم ” كوتى نيار” و رفيقه “محمد بهاي” الذان بدأوا حياتهم فى ذلك المكان من خلال عربة صغيرة كانوا يقدمون من خلالها شاي المسالا لأهالي الحي و كذلك لزوار المسجد و المقبرة و مع نمو أعمالهم التجارية قرر الشركاء بناء مبنى على مساحة 280 متر مربع فى ذلك المكان لإيواء المطعم مباشرة خاصة و أنه حي مزدحم و مليئ بالمكاتب و المدارس و حين شرعوا فى البناء على أرض المقبرة فكروا كثيرًا في ترتيب المكان حيث كان من المقرر ازالة تلك المقابر الا انهم قرروا وضع الطاولات بجوارها حتى لا يزعجون الموتى اضافة الى استغلال ذلك فى تقديم مزيج يتواصل فيه الأحياء مع المجتمع و فى نفس الوقت موقع دفن يرتاح فيه الموتى .

و يقدم “مطعم نيولاكي” قائمة كاملة من الأطعمة الهندية الا أنه يشتهر بتقديم شاي الماسالا و كعكة الماسكا و هى نوع من شرائح الخبز مع الزبدة و تلقى رواجا كبيرا وسط رواد المطعم الذى يعتبر أشهرهم هو الرسام الهندى الشهير” مقبول حسين ” صديق الشريك الراحل “محمد بهاى” حيث أحب شرب الشاي في مطعمهم و في كل مرة يزور المدينة كان يقوم بزيارته حتى أنه ذكر ذات مرة ان ذلك المطعم يعطيه إحساس الحياة و الموت و هو أمر يستحق الثناء و لذلك فيوجد فى المطعم واحدة من لوحاته الشهيرة المكونة من كتل ملونة مجردة و جملين و يوجد فوقها سطرين باللغة الأردية و عبارة “الله واحد” و فى ذلك المكان يلاحظ أنه يتم ترتيب الطاولات بدقة شديدة حول المقابر التى يقدر عددها بـ 12 مقبرة و تم تمييزها بأسوار صغيرة بالإضافة إلى تقديم الاحترام اللائق بها حيث يقوم أصحاب المطعم بتنظيفها وتزيينها و تقديم الزهور اليها كما بنى الشركاء مسجدًا صغيرًا متواضعًا بجوار المطعم لتكريم الموتى و ترك الأحياء يصلون فيه و هو على عكس المطعم المزدحم فإن المسجد الصغير هادئ و يستقبل عددًا قليلاً من الزوار .

المسجد المبنى من قبل ملاك المطعم

و يفتح ” مطعم نيولاكي ” أبوابه للزوار من الخامسة صباحًا و حتى منتصف الليل تقريبًا و في معظم الأوقات يكون المكان مزدحمًا للغاية و رغم ان العاملين فيه لا يجيدون الانجليزية الا انهم يستطيعون فهم طلبات السائحين و لا يمانع العملاء في الجلوس بجوار هذه المقابر و الاستمتاع بطعامهم حيث يعتقد السكان المحليون أن هذه المقابر و التى تنتشر بشكل عشوائى فى المكان تخص بعض الأولياء الصوفيين من القرن السادس عشر و رغم أن تناول الطعام برفقة الموتى يعتبر أمرا غريبا الا أن صاحب المكان يعتبره جالب للحظ السعيد أو على الأقل بالنسبة له حيث ازدهرت أعماله من خلاله و اصبح بهم واحدا من أبرز معالم المدينة .

أقرأ أيضا : مطعم المرحاض الحديث .. تجربة سياحية تايوانية قد تكون الأولى و الأخيره

شارك الموضوع

عمرو عادل

فى الحياة الواقعيه مهندس ميكانيكا قوى اما فى الحياه الافتراضيه فباحث و كاتب و مدير الموقع دا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *