فى بعض من الثقافات حول العالم نشاهد توجه العديد من الأشخاص الى أضرحة الموتى ذات السمعة الطيبة ليقيمون حولها بشكل سنوى العديد من الطقوس لاحياء ذكراه بغرض التبرك به و الحصول على حظ جيد و هو ما يعرف فى منطقتنا العربية بإسم الموالد و لكن يبدو أن العادات و التقاليد الغربية ذات نظرة مختلفة نحو ذلك الفلكلور حيث يعتبرون مثل هذه الأشياء مجرد مهرجانات ترفيهية و يقبلون على تنظيمها من أجل قضاء وقت ممتع كما يحدث فى مهرجان الرجل الميت المتجمد حيث يتجمع فيه سكان بلدة نيدرلاند بولاية كولورادو الأمريكية كتكريم لذكري أحد الأشخاص الذي توفى أواخر الثمانينيات و تم تجميد جثته من خلال التنافس فى العديد من المسابقات الرياضية و اقامة بعض الحفلات الموسيقية على مدار ثلاثة أيام متواصلة .
و يرجع مهرجان الرجل الميت المتجمد الى قصة بدأت أحداثها فى “النرويج” عام 1989 حين توفى “بريدو مورستويل” و المعروف بأسم “الجد” نتيجة مرض في القلب الا أنه بعد وفاته لم يدفن و بدلاً من ذلك قام حفيده “تريجفي بايدج” بنقل جثمانه إلى منشأة ” ترانس تايم كرايونكس ” في مدينة “أوكلاند” بولاية “كاليفورنيا” و هناك تم تجميده و وضعه في النيتروجين السائل لما يقرب من أربع سنوات حيث كان الحفيد و والدته ” أود مورستويل ” من المدافعين الأقوياء عن فكرة تجميد الموتى للحفاظ عليهم و اعادتهم الى الحياة مجددا يوما ما و كانوا يأملون في تأسيس منشأة خاصة بهم ذات يوم و خلال الوقت الذي تم فيه الحفاظ على الجد في “كاليفورنيا” تمكن الحفيد من بناء غرفة التبريد الخاصة به فى مدينة ” نيدرلاند ” و تم تصميم سقفها لتحمل جميع أنواع الكوارث سواء كانت طبيعية أو من صنع الإنسان و في عام 1993 قام الحفيد بنقل جده الى منشأته الخاصة و لبضع سنوات كان كل شيء على ما يرام حيث بقى الجد مجمداً فى الثلج و هو داخل تابوته المحاط ببطانة من الفوم و البطانيات و لكن بعد ذلك تجاوز الحفيد فترة إقامته داخل ” الولايات المتحدة ” لأنه لم يكن مواطنًا أمريكيًا و تم ترحيله إلى “النرويج” و بعد ذلك بوقت قصير بدأت تأشيرة والدته أيضا فى الانتهاء و هى من كانت قد تولت مهام حفظ رجل الثلج المجمد و كان سيتم ترحيلها هى الأخرى و هذا معناه أن مرفق أجهزة التجميد سوف يتوقف لذلك و خوفا من ذوبان الجليد عن والدها في غيابها و لأنها غير متأكدة عما إذا كان من القانوني حتى إبقاء الجثث مجمدة في المدينة فقد تحدثت إلى مراسل محلي و الذى بدوره خاطب السلطات التى وافقت على بقاء الجد “بريدو” مجمدا .
و فور سماح السلطات بالحفاظ على جثمان الجد مجمدا قام الحفيد بوضع إعلان يبحث فيه عن مشرف للحفاظ على جثمان جده حيث رد عليه أحد الأشخاص بالموافقة و بداية من عام 1995 كان الحفيد يرسل له المال كل أسبوعين لشراء حوالي 750 كيلوجرام من الثلج الجاف و هو ما يكفي لإبقاء الجد مجمداً عند درجة حرارة ثابتة تصل إلى -51 درجة مئوية ثم انتقلت مسئولية الحفاظ على الجثة الى شخص أخر و هو ” براد ويكهام ” و لا يزال يقوم بمهامه حتى اللحظة حيث يقوم بنقل الجليد الجاف إلى أعلى التل و وضعه على جثمان الجد و تمر السنوات حتى عام 2002 حين قامت بلدة ” نيدرلاند ” الموجود بها الجثمان بتسمية مهرجانها الشتوى السنوى “مهرجان الرجل الميت المتجمد ” تكريما للجد الذى يعتبر من أشهر سكان تلك البلدة .
و ينظم مهرجان الرجل الميت المتجمد فى عطلة نهاية الأسبوع الثاني من شهر مارس كطريقة مناسبة لإنهاء أيام الشتاء القصيرة و التوجه إلى ذوبان ثلوج الربيع حيث يستمر لثلاثة أيام و فيه يتم تجميد كل شيء بداية من الألعاب الرياضية مثل مسابقة تجميد الدماغ و فيها يشرب المشاركون المشروبات المثلجة بأسرع ما يمكن ليستمتع الجمهور بتعبيرات الوجه الناتجة و يتداول في المهرجان نوع من الايس كريم الجليدى الذى يصنع خصيصا للمهرجان و هو مكون من آيس كريم أزرق بنكهة الفاكهة ممزوجا ببسكويت الاوريو اضافة الى مسابقة القمصان المتجمدة حيث يتبارى المتسابقين على ارتداء قمصان مطوية متجمدة صلبة كما توجد لعبة بولينج الديوك الرومى المجمدة من خلال القائها على زجاجات البولينج و لعبة أخرى يقوم فيها المتسابقين بغمر أيديهم في الماء المثلج لمدة دقيقة واحدة قبل محاولة إصلاح إطار دراجة مفرغة من الهواء كما تنظم أحداث رياضية أخرى تدور في الهواء الطلق مثل سباقات الغطس القطبي أو سباقات التابوت و هو سباق بين فرق كل منهم يتكون من 7 أعضاء و الذين يعملون على بناء نعشًا ويتسابقون في مسارات و يعبرون الحواجز و هم يحملونه و بداخله احد زملائهم و أيضا مسابقات نحت الجليد و عروض الأزياء الإبداعية لما قد يبدو عليه رجل ميت متجمد و بجانب الألعاب الرياضية تنظم أيضا فعاليات فنية مثل الحفلات الموسيقية الحية و الديسكو حيث يكون فيه نوع من انواع الرقص يسمى “كرة الجد الزرقاء” اضافة الى تنظيم جولة فى المكان الموجود فيه جثمان الجد المجمد مع عرض أفلام وثائقية عنه .
أقرأ أيضا : فندق الجليد .. مكان بديع قد تزوره و لكن تحتاج لشجاعة الإقامة فيه
و رغم ان مهرجان الرجل الميت المتجمد تعد المشاركة فيه مجانيه الا انه توجد رسوم تدفع قدرها 30 دولارات لدخول خيام الموسيقى أو تستطيع الحصول على تزكرة VIP بمبلغ 170 دولارا و التى تسمح بحضور جميع الحفلات الموسيقية على مدار الثلاثة أيام اضافة الى 70 دولار للمشاركة فى سباق التابوت و 20 دولار للدخول فى مسابقة الغطس القطبى و نظرا لنجاح المهرجان قام الحفيد و الأم بتقديم شكوى ضد مدينة ” نيدرلاند ” تتعلق بالحصول على نسبة من تلك الاموال لانهم اصحاب الحقوق الاصليين لذلك المهرجان و أن عائدات ذلك المهرجان لا تذهب للحفاظ على جثمان الجد و رغم تلك المشاكل القضائيه الا انه لا يزال يقام حتى اللحظة بشكل سنوى .