يقام فى جميع أنحاء العالم العديد من المهرجانات الترفيهية التى يقبل عليها الكثير من المواطنين و تعتبر من أهم عوامل جذب السائحين الذين يقبلون على حضورها و المشاركة فيها و الإستمتاع بأوقاتهم من خلالها و دائما ما تتميز المهرجانات التى تنظم فى جنوب شرق أسيا عن الأخرين لتفرد أفكارها و طبيعة أسلوب تقديمها و أيضا لغرابتها و لعل مهرجان بوفيه القرود السنوي الذى ينظم فى مدينة لوبوري الواقعة وسط تايلاند هو الأكثر غرابة ليس فى تلك المنطقة فقط و لكن فى العالم كله لأن الدعوة للمشاركة فى فعالياته لا تقتصر على بنى البشر فقط و لكن للقرود أيضا حين يقيم سكان المدينة وليمة حصرية من الفواكه و الخضروات و الحلويات لأكثر من 3000 من قرود المكاك و ذلك لإحياء بعض من الطقوس الدينية و أيضا من أجل شكرهم لدورهم الكبير فى جذب السياحة الى مدينتهم .
و يقام مهرجان بوفيه القرود بشكل سنوي يوم الأحد الأخير من شهر نوفمبر فى مدينة ” لوبوري ” التاريخية الواقعة على بعد 150 كيلومتر عن العاصمة التايلاندية ” بانكوك ” و هى مدينة تشير الأدلة الأثرية الى أنها كانت مأهولة بالسكان بشكل مستمر لما لا يقل عن 3000 عام و حتى اللحظة و هو ما يجعلها واحدة من أقدم المدن في “تايلاند” لذلك فهى تفتخر بإمتلاكها لعدد لا يحصى من المواقع القديمة التي يرجع أصولها إلى مجموعة متنوعة من الحضارات التى مرت على البلاد بالاضافة الى محافظتها على العديد من الطقوس الدينية أبرزها تقديس القرود المنتشرة بها حتى أن البعض يطلق عليها إسم ” مدينة القرود ” و ذلك نتيجة تفاعلها مع السكان المحليين و السياح على مدار العام و يعيشون بين أنقاض إمبراطورية الخمير القديمة و الغابات المحيطة بها .
و بدأت فكرة مهرجان بوفيه القرود على يد أحد الأشخاص يدعى ” يانجوث كيتوات انونسونت ” و هو رجل أعمال و مالك لأحد الفنادق بالبلدة عام 1989 و ذلك لمحاولة الإستفادة من طبيعة المدينة التاريخية و القرود المنتشرة فيها حيث تقدم بإقتراح إقامة ذلك المهرجان الى هيئة تنشيط السياحة فى البلاد التى إقتنعت بمدى جدواه و وافقت عليه و شرعا سويا فى تنفيذه و لاقى نجاحا كبيرا بين الناس و مع مرور السنوات إزداد نجاحه و توسع المهرجان و بدأ عدد زواره فى تزايد أيضا لحضور ذلك الحدث الفريد من نوعه حيث تجاوزت أعدادهم مؤخرا عشرة ألاف شخص ما بين مواطنين و سائحين .
و قبل الأسبوع الذى يسبق مهرجان بوفيه القرود يبدء سكان المدينة فى التوجه الى أطلال معبد ” فرا برانج سام يوت ” الذى يرجع تاريخه الى القرن الثالث عشر و يعيش فيه حوالي نصف قرود المدينة و ذلك لتقديم بطاقات الدعوات للمشاركة فى المهرجان مرفق بها قطع من الكاجو التى تحبها القرود كحافز صغير لإلتقاط البطاقات و يتم بسط السجادة الحمرا لهم و يعد الطهاة قائمة نباتية حصرية تتكون من الأرز الأبيض و سلطة الفاكهة و حلوى تايلندية تقليدية مصنوعة من صفار البيض تسمى “ثونغ يود” .
و تبدء فعاليات مهرجان بوفيه القرود بعروض لراقصين يرتدون أزياء القرود و يرقصون لجذب انتباه قرود المكاك و رغم غرابة ما يفعله هؤلاء الراقصين البشريين إلا أن تلك العروض على مر السنوات أثبتت فعالية كبيرة حيث ترحب القرود بهذه التصرفات البشرية الغريبة و يبدأون فى الحضور بالفعل و سرعان ما يتم سحب الآلاف منهم من الغابة و التوجه الى أنقاض المعبد للمشاركة في وليمة ضخمة حيث يتم تقديم أكثر من 3.5 طن من الفاكهة و الأطعمة الملونة و الموضوعين على طاولات طويلة مزينة بمفارش مائدة حمراء أو أرجوانية و تبدأ القرود فى أكلها اضافة الى الزائرين أيضا .
و خلال فعاليات المهرجان تنتشر القرود فى كل مكان حيث يتسلق أعداد كبيرة منهم أهرامات شاهقة مكونة من الأناناس و البطيخ و الدوريان و غيرها من الفواكه و يقفزون أيضًا عبر الطاولات و يدخلون في مشاجرات عرضية مع بعضهم البعض فى شكل كوميدى و بجانب الفواكه يوجد أيضا الكثير من الوجبات السريعة المكونة من الأرز اللزج و المعجنات و الحلويات التايلاندية اضافة الى العديد من المشروبات مثل زجاجات العصير و علب الصودا التى تستخدمها القرود فى غسل وجباتها بها كما يشمل مهرجان بوفيه القرود أيضا عروضاً موسيقية راقصة و نابضة بالحياة بشكل يسلط الضوء على ثراء الثقافة التايلاندية بالاضافة الى اقامة عدد من المسابقات و العروض الممتعة مما يمنح المهرجان أجواء كرنفالية .
و بجانب الجذب السياحي و التغطية الإعلامية الكبيرة التى يحصل عليها مهرجان بوفيه القرود الا انه من ناحية أخرى يمثل تتويجا لأكثر من ألفي عام من الاحترام للقرود بسبب قصة ملحمية هندوسية تعرف بإسم ” مجد راما ” و التى فيها يكافح الأمير “راما” لإنقاذ زوجته “سيتا” من براثن من براثن شيطان ذي عشرة رؤوس و فى ذروة القصة يأتى ملك القرود “هانومان” بجيشه لمساعدة “راما” فى اعادة لم شمله مع زوجته مجددا و لذلك يُعبد الملك “هانومان” في و “الهند” و ” تايلاند ” حتى يومنا هذا حتى أن التايلانديين يؤمنون بأنه هو من أسس تلك المدينة التى يتواجد فيها ذلك المعبد الذى تعيش فيه القرود المنحدرين من نسله و سلالته و هو السبب الذى يجعل السكان المحليين يتحملون سلوكياتهم البرية الغريبة من سرقة هواتفهم المحمولة و حقائبهم و طعامهم بصبر شديد و يقومون بتقديم مجموعة متنوعة من الامتيازات الخاصة اليهم وصلت الى درجة إقامة مهرجان ضخم لهم لاعتقادهم ان ذلك يجلب اليهم الرخاء و الحظ السعيد .
أقرأ أيضا : تعرف على معبد كارني ماتا معقل الألاف من الفئران المقدسة