ميزانين .. أول ألبوم غنائي من نوعه يتم حفظه داخل أحماض نووية DNA و يمكن رشه فى الهواء

يعتبر الفريق الإنجليزي ماسيف أتاك واحد من أبرز الفرق الغنائية فى العالم كما أنه كان له السبق فى إصدار ألبومه الغنائي الذى حمل عنوان ميزانين بشكل مجاني على شبكة الإنترنت منذ نحو عشرون عاما و إحتفالا بتلك الذكرى مؤخرا قرر الفريق إعادة إصدار نفس الألبوم و لكن تلك المرة بشكل فريد من نوعه و يواكب أخر ما وصلت اليه تكنولوجيا العصر و ذلك من خلال تشفيره و حفظ بياناته على مليارات من الأحماض النووية الصناعية DNA التى تم تعبئتها داخل زجاجات رش و عند استخدامها و الضغط عليها لمرة واحدة تكون كما و لو أنك أطلقت فى الهواء ما يقارب من مليون نسخة من الألبوم و تكون الأجواء من حولك مشبعة بأغاني ذلك الفريق .

ففى عام 2018 أعلن الفريق الغنائي “ماسيف أتاك” عن توفر زجاجة رش محدودة الإصدار تحتوي على ما يقرب من مليون نسخة من ألبوم ” ميزانين ” محفوظة فى أحماض نووية إصطناعية داخل الزجاجة حيث تمت ترجمة كل نسخة من الألبوم إلى ما مجموعه 920 ألف جزء من الحمض النووي ثم تخزينها في حبيبات زجاجية صغيرة فى عملية أستغرقت أكثر من شهرين و شرح “ديل ناجا” أحد أعضاء ذلك الفريق أن قواعد الحمض النووي الأربعة هم الأدينين و السيتوزين و الجوانين و الثايمين تم فيهم تخزين الصوت بعد أن تم تحويله الى نظام رقمي ثنائي و إذا قمت برشه فى الهواء و حال وجود مشغل مناسب متاح لتلك النوعية من التكنولوجيا فستتمكن من إعادة تشغيل الألبوم .

زجاجة ألبوم ميزانين الغنائي المحفوظ داخل جزيئات الحمض النووي
زجاجة ألبوم ميزانين الغنائي المحفوظ داخل جزيئات الحمض النووي

و يرجع فضل إنتاج تلك الزجاجات الى تعاون مشترك بين الفريق الغنائي و علماء في ” توربوبيدز ” و هو فرع تجاري من جامعة العلوم و الهندسة و الرياضيات السويسرية الذى عمل على تكييف تكنولوجيا ابتكرها عالم التكنولوجيا الحيوية الأمريكي “كريج فينتر” حين قام بتهيئة كروموسومًا اصطناعيًا لنوع من البكتيريا داخل أحد المختبرات حيث قام البروفسير “روبرت جراس” الأستاذ في مختبر المواد الوظيفية في تلك الجامعة بزيورخ مع زميله “راينهارد هيكل” بإستخدام تقنيات كيميائية لترجمة الصوت الرقمي لألبوم “ميزانين” و تحويله إلى شفرة جينية حيث يوضح “جراس ” بأنهم قاموا بتخزين المعلومات الرقمية في تسلسل من الأصفار و الآحاد ثم قاموا بضغط الصوت الرقمي لميزانين و ترميزه كجزيئات من الحمض النووي عن طريق تحويل الأصفار و الأحاد الثنائيين إلى كود رباعي بحيث يكون مع الأدينين 00 و السيتوزين 01 و الجوانين يمثل 10 بينما يمثل الثايمين 11 و عندها يكون الحمض النووي الناتج يشبه الحمض النووي الطبيعي من جميع النواحي على الرغم من عدم احتوائه على معلومات وراثية مفيدة .

فريق ماسيف أتاك ديل ناجا و أدريان ثاوس أصحاب ألبوم ميزانين
فريق ماسيف أتاك ديل ناجا و أدريان ثاوس

و رغم أن فكرة تخزين المعلومات داخل الأحماض النووية قد تبدو جديدة من نوعها الا أنها موجودة منذ منتصف الستينيات بعد أن نشر الفيزيائي السوفيتي “ميخائيل نيمان” أفكاره حول تلك التكنولوجيا لكن أول تنفيذ ناجح لها كان في عام 2012 عندما قام عالم الأحياء بجامعة هارفارد “جورج تشرش” بتشفير أحد أعماله داخل الحمض النووي و بالعودة الى فريق ” ماسيف أتاك ” و ألبومه ” ميزانين ” فقد قال البروفسير ” جراس ” أن التكاليف الأولية للترميز الرقمي داخل الحمض النووي مرتفعة نسبيًا حيث تصل الى 650 ألف دولار مقابل 20 ميجا بايت من البيانات و لكن بمجرد اكتمال النقل يمكنك صناعة ملايين النسخ مجانًا و في الوقت الحالي يعد جهاز MinION هو المحمول الوحيد الذى يستطيع ترجمة تسلسل ذلك الحمض النووي و هو بحجم عصا USB و يكلف حوالي 75000 جنيه إسترليني و سيستغرق نحو أسبوعًا تقريبًا مع كمبيوتر قوي لتشغيل” الميزانين” و توقع صدور أجهزة أسرع قريبًا .

أقرأ أيضا : المنزل المطبوع الثلاثي الأبعاد طفرة تكنولوجية لمستقبل البشرية

و يقول ” ديل ناجا ” عضو فريق “ماسيف أتاك ” أن إمكانات تخزين البيانات داخل الحمض النووي هائلة” فميليجرام واحد من الجزيء يستطيع إستيعاب النصوص الكاملة لكل كتاب موجود في مكتبة الكونجرس لذلك فإذا كنت تفكر في الحمض النووي مقابل الكميات السخيفة من السيرفرات التى يجب تبريدها على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع في جميع أنحاء العالم فإن هذا يبدو و كأنه حل أفضل بكثير للمضي قدمًا فيه لأنه يتيح لنا أرشفة الموسيقى التى ستستمر الى آلاف السنين حتى أن البعض و من بينهم العالم ” أندرو ميلشيور ” فى وكالة الفضاء الثالثة للاستشارات التكنولوجية يتوقع أن يكون هناك بنك ثقافي من الحمض النووي الاصطناعي في المستقبل على غرار مخزن سفالبارد العالمي للبذور الذي يقوم بتخزينها ضد سيناريوهات يوم القيامة المحتملة و يضيف أن ميزة الحمض النووي هي أن حضارتنا يمكن أن تصطدم بالغبار و تعيد بناء نفسها باستخدام تقنية مختلفة تمامًا مما يعني أنه قد لا يمكنهم الوصول إلى أجهزة الكمبيوتر أو الأقراص التى يخزن عليها تراثنا و لكن نظرًا لأن كل إنسان يحمل الحمض النووي فيمكننا أن نتوقع من أي حضارة مستقبلية العمل على كيفية تشغيل المعلومات المخزنة في الحمض النووي مما يعني أن أول شيء يمكن أن تتعلمه حضارة المستقبل عنا قد يكون ألبوم “الميزانين” .

شارك الموضوع

عمرو عادل

فى الحياة الواقعيه مهندس ميكانيكا قوى اما فى الحياه الافتراضيه فباحث و كاتب و مدير الموقع دا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *