من الطبيعى أنه عند ظهور أى ميول رياضية للإنسان فإنه يتوجه على الفور الى أحد الأندية التى تتيح له ممارسة تلك الرياضة و فى حال إجادته و تفوقه فيها يتم السماح له بالانضمام الى فريقها الأول من أجل تمثيله فى البطولات الرياضية و هو أمر شائع و يحدث فى اى مكان فى العالم الا أنه توجد أندية ذات طابع خاص و ليس من السهل على أحد الإنضمام اليها الا عند توافر عدد من الشروط المحددة و التى قد تكون صعبة و أحيانا تعجيزية منها نادي أكسفورد للرياضات الخطرة و الذى لا يسمح لأحد بالإنضمام اليه الا اذا كان العضو يتسم بالجرأة نظرا لتنظيمه العديد من الألعاب الخطيرة و المثيرة و التى بعضها قد يكون مهددا للحياة و ينسب الفضل الى ذلك النادى فى إبتكار لعبة القفز بحبال البانجي التى أصبحت واحدة من أشهر اللعبات الخطيرة فى العالم .
و يرجع فضل ظهور نادي أكسفورد للرياضات الخطرة لمجموعة من الطلاب ذوى الميول الرياضية فى جامعة أكسفورد البريطانية و الذين تجمعوا معا فى حب الألعاب المثيرة و كونوا مجموعة أطلقوا عليها إسم نادي أكسفورد للرياضات الخطرة حيث قاموا من خلاله بتطوير عدد من الألعاب الخطيرة مثل قفز البانجي و القفز المظلي و ابتكار أشكال غريبة من أشكال التزلج و بدأت قصتهم عام 1977 في “سويسرا” حين اكتشف اثنان من طلاب الدراسات العليا في جامعة أكسفورد و هم “ديفيد كيرك” و “إدوارد هولتون” الطيران الشراعي المعلق و الذان قاما باستيراده مؤخرًا من ” الولايات المتحدة ” و وقع الإثنان في حب تلك الرياضة المليئة بالإثارة و التي بدت متناقضة بشكل ملحوظ مع الرياضات المقيدة بالقواعد التي عرفوها حيث يقولون أنهم كانوا قد كرهوا الرياضات الرسمية بما تحتويها من مدربين روتينيين و مملين لذلك حلم “كيرك” و أصدقاؤه بفكرة إنشاء نادي رياضي خطير في أكسفورد مكرس للألعاب الجريئة و أي شيء من شأنه أن يزعج مدربي الرياضات الروتينية .
و تألفت عضوية نادي أكسفورد للرياضات الخطرة من ” كيرك ” و عدد قليل من الأصدقاء الذين كانوا عادة من الرجال بالإضافة إلى من حضر أحداثهم الرياضية التى يقومون بتنظيمها و خلال أنشطتهم كانوا يرتدون قبعات و ذيولًا و يستمتعون بشرب الشمبانيا التي تتدفق بحرية و يظهرون تجاهلًا تامًا تقريبًا للخطر و يقومون بممارسة الطيران الشراعي المعلق فى العديد من الاماكن المختلفة مثل “جبل كليمنجارو” و “جبل أوليمبوس” كما تضمنت أنشطتهم ممارسة ألعاب أخرى مثل الإنزلاق من على التلال شديدة الانحدار و هم في عربات التسوق و التزلج بجانب ركض الثيران في “إسبانيا” و كان أحد أكثر أنشطة النادي التي لا تُنسى نوعًا من سباقات التزلج السريالي من خلال العثور على أو صنع أشياء كبيرة لا تُرى عادةً على منحدرات التزلج مثل القوارب و طاولات الطعام ثم يتم ربط الزحافات بهم و الإنزلاق من خلالهم عبر التلال و خلال السنوات الثلاث التي أقيمت فيها تلك السباقات نمت الأدوات الغريبة التي يتم إرسالها إلى أسفل المنحدرات بشكل تدريجي أكبر و أكثر غرابة حيث أشتملت أحواض الخيول و الأرائك و العربات و الكراسي المتحركة إلى الطائرات الصغيرة و السرير ذو الأربعة أعمدة و السرير الكبير و البيانو و كان من بينهم “جراهام تشابمان” الذي شارك في العديد من أحداث النادي و ينزلق من على المنحدرات و هو يركب طاولة عمليات مغطاة بملاءة ملطخة بالدماء .
و رغم كل تلك الألعاب الا أن الإنجاز الأكثر ديمومة للمجموعة الرياضة التي كانوا رائدين فيها هى قفز البانجي و الذى كان حبل يستخدمه العضو “كريس بيكر” لربط الطائرات الشراعية المعلقة بسيارته و ذات يوم وجد نفسه يفكر في فيلم شاهده في المدرسة على شئ يسمى قفز الكرمة و الذى كان يمارس فى جزر جنوب المحيط الهادئ و فيه يقفز الرجال من أبراج خشبية مع وجود كروم مربوط إلى كاحليهم و على عكس قفز البانجي كانوا يرتطمون بالأرض فعليا و صادف أن ” كريس بيكر” كان يعيش بالقرب من جسر كليفتون المعلق في “بريستول” الذى يرتفع حوالي 76 مترا فوق الماء و توصل إلى فكرة القفز من الجسر مع ربط حبال البانجي إلى كاحليه تمامًا كما كان يفعل الرجال فى جزر المحيط الهادئ و لذلك قام هو و أصدقائه فى النادي بعدد من الاختبارات باستخدام عمليات محاكاة الكمبيوتر ثم أرسلوا دعوات لحفل طوال الليل بلغ ذروته بقفزة عند الفجر في الأول من أبريل عام 1979 و التى كانت مميزة حيث كانت القفزة التى قام بها ” كيرك ” مسجلة بالفيديو و تظهر لقطاتها و هو يقفز من على الجسر و زجاجة الشمبانيا لا تزال في يده .
و نظرا لخطورة ما يفعلونه تم القبض على العديد منهم على الفور و لكن تم الإفراج عنهم بعد ذلك بوقت قصير بعد أن وعدوا بعدم القيام بذلك مرة أخرى و لكنهم كانوا يكذبون حيث أتبعوا القفزة الأولي بواحدة أخرى من الجسر الذهبي و لاحقًا واحدة من أعلى جسر في العالم و هو “رويال جورج بريدج” في ولاية “كولورادو” و بحلول عام 1982 كانوا يقفزون من الرافعات المتحركة و بالونات الهواء الساخن في جميع أنحاء ” المملكة المتحدة ” و في النهاية انتشر الجنون الخاص بتلك اللعبة في جميع أنحاء العالم بجانب جنون أخر قام به ذلك النادى من خلال الاستمتاع أيضًا بالطيران الشراعي المعلق فوق البراكين النشطة و القفز المبكر للقاعدة و ممارسة لعبة الزوربينج التى تتكون من كرة بلاستيكية ضخمة بقطر 23 مترًا مع كرسيين للاستلقاء بالداخل .
أقرأ أيضا : تسلق الجبال أكثر الرياضات خطورة فى تاريخ الألعاب الأوليمبية
و مثل العديد من الصادرات الأوروبية السخيفة حقق نادي أكسفورد للرياضات الخطرة نجاحًا كبيرًا في “اليابان” و في أواخر الثمانينيات من القرن الماضي صورتهم قناة تلفزيونية من أجل انتاج فيلم خاص بعنوان “النزوات غير العادية من الغرب” و ظهر فيه ” كيرك ” و هو يقفز مع أعضاء آخرين بأنفسهم في نهر أيرلندي و سقطوا فوق الشلالات و هم يقودون مرتبة و يبدو أن الأنشطة الخطيرة التى قاموا بها أسعدت مشاهدي التلفزيون لكنها جائت بثمن باهظ فخلال تنفيذ احدى المحاولات أصيب ” كيرك ” فى مكانين بعموده الفقرى لكنه نجا و بعد تعافيه عاد مجددا لممارسة تلك الألعاب و لكنه واجه مشكلة أخرى تتعلق بإتهامه بالإحتيال لاستخدامه احدى البطاقات الإئتمانية و الأخطر من ذلك أنه في عام 2002 قُتل طالب في جامعة أكسفورد بعد ممارسته للعبة خطيرة من خلال دفعه من منجنيق يرجع تاريخه الى القرون الوسطى و يديره عضوان سابقان فى نادي أكسفورد للرياضات الخطرة و الذان أدارا فيما بعد منشأة تسمى ” مصنع اوكسفورد للأعمال الخطيرة ” و تم توجيه اتهامات للعضوان بالقتل غير العمد الا انه تم تبرئتهم لاحقا و حتى الأن مدى استمرار ذلك النادي غير واضح على الرغم من أن العديد من الأعضاء السابقين يقولون إنه تلاشى بحلول أواخر الثمانينيات و لكن بشكل عام و بحلول أواخر التسعينيات نفذ النادي أكثر من 80 مشروعًا في أكثر من 40 دولة و جمع مئات الآلاف من الجنيهات الإسترلينية للأعمال الخيرية و ترك بصمة لا تمحى في عالم الرياضة حيث يقول “كيرك” أن الناس يعتقدون أننا مجانين و لكن على العكس نحن من نعتقد أنهم هم المجانين لتحمل مثل هذه الحياة الرتيبة .