قصة أجرأ عملية هروب ناجحة فى التاريخ داخل سجن الكاتراز المنيع

كثيرا ما أحب المشاهدين الأفلام السينمائية التى تتحدث عن الحياة داخل السجون و محاولات الهروب منها و يكفى أن فيلم وداعا شاوشنك الذى ناقش تلك الفكرة قد أحتل دائما صدارة القوائم المتعلقة بأفضل الأعمال السينمائية فى التاريخ لما احتوته مشاهد الهروب من إثارة تحبس الأنفاس و لكن ماذا اذا كان يوما ذلك الخيال قد أنتقل الى الواقع من خلال هروب سجناء من داخل أحد السجون المرعبة و الذى تفاخرت به دوما حكومة الولايات المتحدة بانه منيع من الهرب و هو سجن الكاتراز عبر تنفيذهم لخطة عبقرية فى الفرار يعجز أمهر الكتاب عن التفكير فيها ثم يختفوا بعدها تماما من دون ترك أى أثر سوى كشف حقيقة و زيف تلك الإدعائات بأنه سجن من المستحيل الهروب منه .

جون و كلارنس أنجلين و فرانك موريس

بدأت قصتنا بإنشاء سجن الكاتراز عام 1934 الذى أشتهر بصعوبة الهروب منه نظرا لكثافة الاستحكامات الأمنية فيه من جدران مرتفعة موجود عليها أسلاك شائكة و حراسة مشددة على مدار الساعة و مدججة بالسلاح بالإضافة إلى موقعه على جزيرة مقفرة تبعد كيلومترين قبالة ساحل مدينة “سان فرانسيسكو” و هى عوامل كافية تجعل عملية الفرار منه مستحيلة خاصة بعد تسجيل 14 محاولة سابقة للهروب كانت نتيجتها جميعا هى الفشل الذريع و ذلك لانتهائها إما بإلقاء القبض على هؤلاء المساجين مجددا أو إطلاق النيران عليهم أو غرقهم في خليج سان فرانسيسكو المليء بأسماك القرش و تيارات بحرية قاتله مما عزز من سمعة ذلك السجن بإعتباره منيعا بحق لذلك تم تخصيصه لوضع عتاة الإجرام فيه و اكثرهم شهرة و خطورة لعزلهم تماما عن المجتمع و الذين بلغ عددهم 1500 نزيل و لكن كل ذلك قد تغير على يد أربعة مساجين و هم “كلارنس أنجلين و جون أنجلين و ألين ويست و فرانك موريس” بعد قيامهم بأجرأ محاولة للهروب منه فى 11 من يونيو عام 1962 و كللت بالنجاح .

بدأ عمل هؤلاء المساجين فى الهروب قبل أشهر من يوم التنفيذ بوضع خطة من قبل “فرانك موريس ” الذى كان بمثابة قائد المجموعه و الذى جاء الى السجن عام 1960 لأنشطته الإجرامية في عمليات سطو مسلح و حيازة المخدرات و الهروب المتكرر من السجون و كان يمتاز بذكاء حاد للغاية وفقًا لاختبارات معدلات الذكاء في ذلك الوقت و لتنفيذ خطته قام بضم الأخوين “جون و كلارنس أنجلين” الذان وصلا الى سجن الكاتراز عام 1961 و هما شقيقان من ولاية “جورجيا” كانا يسرقان البنوك معًا منذ أن كانا أطفالًا اضافة الى “ألين ويست” و هو سارق سيارات من مدينة “نيويورك” و كانوا جميعا يقيمون فى زنزانات مجاورة حيث قاما على مدار ستة أشهر بتجميع شفرات المناشير و ملاعق مسروقة بالإضافة إلى مثقاب مرتجل مصنوع من مكنسة كهربائية و ذلك لاستخدامهم فى توسيع قنوات التهوية تدريجياً داخل زنازينهم و كانوا يعملون ليلا بلا كلل و خلال ذلك الوقت كان ” فرانك موريس ” يعزف على الأكورديون للتغطية على الضوضاء الناجمة من حفرهم و خلال النهار كانوا يخفون الثقوب التي صنعوها بالملابس و الورق المقوى المطلي بنفس لون الجدران حيث أتاح لهم ذلك الحفر الوصول إلى نفق بدون حراسة يمر خلف الزنازين .

الفتحات التى تم حفرها فى الزنازين للدخول الى نفق الهروب

فى ذلك النفق قاموا بتخزين أدواتهم الهامة من طوافة مطاطية قابلة للنفخ بطول 1.8 × 4.2 متر صنعت من 50 معطف واق من المطر تم سرقتها أو التبرع بها من قبل سجناء آخرين حيث قاموا بصناعة تلك الطوافة على مدى أشهر داخل ذلك النفق الذى كانوا يتواجدون فيه دائما و خلال غيابهم عن زنازينهم كانوا يضعون رؤوس هيكلية على الوسائد بأسرتهم و التى كانت مصنوعة من الشمع و الصابون و رسمت بطريقة نابضة بالحياة و مع الانتهاء من كافة الاستعدادات بدء المسجونين فى تنفيذ خطة الهروب من سجن الكاتراز .

و بحلول يوم 11 من يونيو عام 1962 خرج السجناء من زنازينهم و دخلوا الى النفق جميعهم باستثناء ” ألين ويست” الذي لم يتمكن من إزالة غطاء فتحة التهوية و من النفق تسلق الرجال الثلاثة الباقين مع طوافتهم عبر فتحة تهوية متصلة بممر المرافق المؤدية إلى سطح سجن الكاتراز ثم انزلقوا في أنبوب و قفزوا عبر جدارين بطول 3.5 متر عليهم أسلاك شائكة ثم شقوا طريقهم إلى نقطة عمياء للحراس حيث نفخوا طوافتهم و في تمام الساعة 10 مساءً شرع السجناء في طوفهم المرتجل لمصير مجهول و لم يكتشف الحراس اختفائهم سوى فى صباح اليوم التالي بفضل الرؤوس الوهمية التي تركوها داخل الزنزانات .

و تم إستدعاء ” ألين ويست ” و إستجوابه حيث أعترف أن الهاربين قد خططوا للإبحار إلى جزيرة “أنجيل” المأهولة في خليج سان فرانسيسكو على بعد أقل من أربعة كيلومترات لتبدء عملية بحث مكثفة عنهم و بعد ثلاثة أيام من الهروب وجد خفر السواحل أحد مجاديف الرجال يطفو في الخليج و فى يوم 21 من يونيو اى بعد عشرة أيام اكتشفوا قطعًا من معطف واق من المطر تابع للطوافة على شاطئ جزيرة “أنجيل” و هو دليل دعم احتمالية نجاتهم من محاولة الهروب و مع ذلك خلص محققى مكتب التحقيقات الفيدرالي في ذلك الوقت إلى أنه نظرًا للتيارات القوية و الظروف الجوية غير المواتية في الخليج في تلك الليلة و بدائية القارب و عدم امكانه الابحار فى تلك الظروف فمن غير المرجح نجاتهم و غرقهم فى مياه الخليج خاصة مع وجود شهادة من سفينة نرويجيه كانت تمر فى نفس المكان بعد هروبهم بشهر قد أفادت انها لمحت جثة طافيه لكن تعذر انتشالها و التى يرجح انها كانت لأحد منهم و تم اغلاق القضية عام 1979 بفرضية غرقهم و هو ما أثار معارضة كبيرة من قبل الكثيرين الذين أكدوا أن الرجال الثلاثة نجحوا في الفرار من سجن الكاتراز و أن ما تفعله السلطات ما هو الا مجرد محاولات للتغطية على تلك الفضيحه .

كان الفريق المؤيد لفكرة نجاتهم هم مجموعة من الخبراء الذين استخدموا نماذج الكمبيوتر فى توثيق ذلك الهروب و استطاعوا من خلالها اثبات أنه من الممكن أن يكونوا على قيد الحياة بالاضافة الى انه تم مشاهدة مركب بدائى على شاطئ جزيرة انجل و تم الابلاغ عن سرقة سيارة و قال مقدم البلاغ ان من سرقها 3 اشخاص و اتهمت المباحث الفيدرالية بإخفاء ذلك البلاغ مع تأكيدات من شقيقتى الأخوين “أنجلين” حين تقدمتا عام 2012 بإفادة تشير الى تلقيهم مكالمة هاتفية من “جون أنجلين” بعد فترة وجيزة من الهروب مع وصول بطاقة عيد ميلاد منه في وقت لاحق من ذلك العام كما اعترف أحد أشقائهم و يدعى “روبرت” و هو على فراش الموت عام 2010 أنه كان على اتصال بجون و كلارنس من عام 1963 و حتى عام 1987 تقريبًا حيث تقول العائلة إن الأخوين هربا إلى “البرازيل” و التقوا هناك بصديق لهم يدعى “فريد بريزي” في وقت من الأوقات في عام 2012 حتى أنه التقط لهم صوراً في البلاد و هو ما نفاه مكتب التحقيقات الفيدرالي و ذكر أنه من غير المرجح أن يكون الرجال في الصورة هم الأخوان “أنجلين” , أما بالنسبة للعقل المدبر لذلك الهروب فقد تقدم رجل ادعى أنه ابن عم “فرانك موريس” عام 2011 بإفادة قال فيها إنه التقى به في “سان دييجو” بعد الهروب لكن صحة هذا الادعاء غير أكيدة .

أقرأ أيضا : يوشى شيراتورى السجين الذى لا يستطيع أى سجن مهما بلغت استحكاماته فى الصمود امامه

الصورة التى يشتبه انها للأخوين أنجلين

و حتى اللحظة لا احد يعرف مصير هؤلاء الثلاثة و عما اذا كانوا أحياء أو أموات الا انه الشئ الحقيقى المؤكد هو نجاحهم فى اجتياز واحدا من أصعب السجون فى العالم بنجاح و ساهمت بشكل كبير فى اغلاقه بعد عام واحد من تلك العملية .

شارك الموضوع

عمرو عادل

فى الحياة الواقعيه مهندس ميكانيكا قوى اما فى الحياه الافتراضيه فباحث و كاتب و مدير الموقع دا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *