دون ريتشي .. الملاك الإسترالي الذي نجح في إنقاذ أكثر من 160 شخصا من الإنتحار

من يقبل علي الإنتحار من المرجح أن يكون إنسان محاطا بالضغوط من جميع الجهات و التى قد توصله إلي درجة كبيرة من اليأس تجعل تفكيره يهديه إلي إتخاذ تصرفات خاطئة عبر التخلص من حياته علي أمل أن يكون ذلك هو الحل الوحيد لكل مشاكله لذلك دائما ما ينصح علماء النفس بضرورة أن يكون هناك أحد بجوار ذلك الشخص من إجل إقناعه بالتخلي عن تلك الفكرة و هو أمر كان يفعله مواطن أسترالي يدعي دون ريتشي الذي لقب بملاك الجرف بعد أن تمكن علي مدار حياته من إنقاذ أكثر من 160 شخصًا من المقبلين علي الإنتحار أثناء وجودهم في منطقة سيئة السمعة تطل علي المحيط الهادئ و شهدت العديد من تلك الحالات إلا أنه و لحسن حظهم كان يظهر بجوارهم في اللحظة المناسبة من إجل إثنائهم عن ذلك لإقامته بالقرب من ذلك المكان .

و كان ” دون ريتشي ” إنسان عادي حيث عمل بحارًا في البحرية الملكية الأسترالية خلال الحرب العالمية الثانية و شهد لحظات إستسلام “اليابان” في خليج طوكيو عام 1945 ثم عاد إلى “سيدني” و عمل في مجال التأمين الا أنه تحول إلي إنسان غير عادي بداية من منتصف الستينيات و تحديدا عام 1964 لأنه و علي مدار خمسة عقود كان دائما ما يحدق خارج منزله المطل على المحيط الهادئ ليس من أجل الإستمتاع فقط بالمناظر الطبيعية الخلابة و لكن لمراقبة جرف يقع بالقرب من منزله و الذي كان معروف عنه أنه منطقة سيئة السمعة بسبب أنه جاذب لأي شخص يفكر في الإنتحار حيث تشير الإحصائيات أن نحو 50 شخصا ينهون حياتهم سنويا في ذلك المكان لذلك كان كلما لمح شخص يقف هناك و يبدو عليه ملامح اليأس يتحرك نحوه ثم يتحدث إليه بصوت هادئ و طريقة لطيفة قائلا له “هل يمكنني مساعدتك بطريقة ما؟” ثم يقدم له يد العون من خلال الدخول معه في محادثة لطيفة تنتهي بإثناء ذلك الشخص عما كان ينتوي فعله و هو ما كان ينتهي به أغلب المحادثات و لكن في بعض من الحالات الأخري كان يخاطر بحياته من خلال تقييد الأشخاص الذين كانوا أكثر إصرارًا على القيام بالقفزة النهائية و إنهاء حياتهم .

دون ريتشي الأسترالي الذي نجح فى إنقاذ أكثر من 160 شخص من الإنتحار
دون ريتشي

و كان دائما فور انتهاء ” دون ريتشي ” من محاولة إثناء هؤلاء الأشخاص بنجاح و التجاوب معه يدعوهم إلي العودة لمنزله و تناول فنجان من الشاي و الدردشة و كثير منهم كانوا يعودون إليه بعد سنوات لشكره على إنقاذ حياتهم حتى أن أحد الناجين قد أهداه لوحة لملاك ينبعث منه أشعة الشمس و مدون عليها عبارة بسيطة و هى : “ملاك يمشي بيننا” حيث يقول ” دون ريتشي ” في أحد اللقائات أنه لا يمكنه الجلوس و المشاهدة فقط بل عليه أن يحاول إنقاذهم مضيفا أن طموحه دائمًا هو إبعاد هؤلاء الأشخاص عن الحافة و كسب الوقت لهم و منحهم الفرصة للتفكير و إدراك أن الأمور قد تبدو أفضل في صباح اليوم التالي”.

الجرف الذي ينقذ منه دون ريتشي الأفراد المقبلين علي الإنتحار

أقرأ أيضا : ريتشارد كلينكامر الكاتب الهولندي الذى أختفت زوجته فى ظروف غامضة و كتب بعدها رواية عن أنسب الطرق لقتل الزوجة

و بطبيعة الحال لم ينجح ” دون ريتشي ” في إنقاذ الجميع حيث كان يقفز البعض قبل وصوله إلي المكان بينما يرفض البعض الأخر دعوته و يقرروا القفز و أحيانا كان يحتجزهم بالقوة بينما تتصل زوجته “مويا” بالشرطة حتى أنه كاد أن يموت في إحدي المرات بعد أن حاولت إمرأة القفز و كان هو الحائل بينها و بين الجرف و كادت أن تأخذه معها و و نظرا لشهرة ” دون ريتشي ” نتيجة مجهوداته الإنسانية حصل عام 2006 علي وسام ” أستراليا ” لخدمة المجتمع كما حصل هو و زوجته “مويا” على لقب “مواطنو العام” عام 2010 من قبل مجلس “وولاهرا” و هى الحكومة المحلية المسئولة عن ذلك الجرف كما حصل أيضا على جائزة البطل المحلي لأستراليا عام 2011 .

و توفي ” دون ريتشي ” عام 2012 عن عمر يناهز 86 عاما تاركا وراءه ذكري يفتخر بها أبناءه حيث تقول إبنته ” سو ” أن والدها كان في ذلك المكان يستمتع بجمال المحيط و لكن في نفس الوقت يساعد النفوس المضطربه كما أنه كان مزيجا رائعا من القوة و الرحمة و رغم أنه كان شخصًا عاديًا إلا أنه فعل أشياء غير عاديه لكثير من الناس .

شارك الموضوع

عمرو عادل

فى الحياة الواقعيه مهندس ميكانيكا قوى اما فى الحياه الافتراضيه فباحث و كاتب و مدير الموقع دا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *