ريج سبيرز الرجل الذى أرسل نفسه داخل طرد بريدى الى أستراليا

كثيرا ما نسمع عن حالات من الهجرة الغير شرعية التى يقوم فيها البعض بالتسلل الى الطائرات أو السفن للخروج من بلادهم و رغم ان معظم تلك الحالات قد يتم الإمساك بها من مكان المغادرة أو الوصول الا أن القليل منهم و ببعض من الحظ قد يتمكن من الإفلات و تنجح خطته فى النهاية رغم مشقة السفر و طول فترته الزمنية و من بين هؤلاء القلائل شاب أسترالى متهور يدعى ريج سبيرز الذى أرسل نفسه داخل طرد بريدى ليتم نقله من مدينة لندن الى موطنه فى أستراليا عبر الشحن الجوى و يصل سليما الى بلاده فى رحلة لا يستطيع أى إنسان تحملها حيث تشير الإحصائيات أن من حلّق بهذا الشكل حتى عام 2018 بلغ عددهم 113 شخصا و ما يقرب من 90 بالمئه منهم قد توفوا .

بدأت القصة في منتصف ستينيات القرن الماضي حين جاء الأسترالى ” ريج سبيرز ” الى “المملكة المتحدة” لمحاولة التعافي من إصابة عطلت مسيرته الرياضية في ألعاب القوى بعد أن كان لاعبا واعدا فى لعبة رمى الرمح و كان يعد نفسه للمنافسة في بطولة الألعاب الاوليمبية فى طوكيو عام 1964 و لكن عندما أصبح واضحًا له أنه لن يشارك في البطولة قرر جمع أموال كافية للعودة إلى بلاده و تولى وظيفة في أحد المطارات لكسب بعض المال الا ان خططه قد تغيرت عندما سُرقت محفظته التي تحتوي على كل مدخراته و مع قرب عيد ميلاد إبنته أراد “سبيرز” العودة إلى المنزل فى الوقت المناسب لحضوره و لكن كانت هناك مشكلة واحدة و هى انه لم يكن لديه أى نقود و خلال تفكيره فى طريقة للعودة تذكر أثناء عمله فى المطار بقسم شحن الصادرات أنه توجد خدمة الدفع عند التسليم مع الشحن و قد رأى الحيوانات تأتي طوال الوقت بذلك الشكل و قال لنفسه إذا كان بإمكانهم القيام بذلك فيمكنني أنا أيضا القيام به .

ريج سبيرز

و من خلال بعض المعلومات التى حصل عليها ” ريج سبيرز ” علم ابعاد الحجم الأقصى للصندوق الذي يمكن إرساله عن طريق الشحن الجوي و أقنع أحد أصدقائه الذى كان يقيم معه فى ” لندن ” و يدعى “جون مكسورلي” بإنشاء صندوق يمكنه أن يرسل نفسه فيه إلى وطنه و الذى بدء على الفور تصنيعه بأبعاد 1.5 م × 0.9 م × 0.75 م و كان تصميمه بمواصفات معينة تسمح له بالجلوس مستقيماً أو من خلال الاستلقاء على ظهره مع ثني ركبتيه كما تم تثبيت طرفي الصندوق بواسطة مفصلات تعمل من الداخل و التى تسمح له بالخروج من أي جانب فيهم و تم تزويده بأشرطة لتثبيته في مكانه أثناء تحميل الصندوق و تفريغه و لتجنب أي شك في وجود شخص بالداخل و تم تصنيف الصندوق على أنه حمولة من الطلاء و توجيهه إلى شركة أحذية أسترالية وهمية .

شرح كيف كان ريج سبيرز يعيش داخل الصندوق

و على الرغم من أن تكلفة إرسال مثل هذه الشحنة الكبيرة و الثقيلة كانت أكبر من حجز تزكرة طيران ركاب عادية إلا أن ” ريج سبيرز ” كان غير مهتما نظرا الى أنه سوف يكون فى موطنه و من السهل التصرف فى الأموال حينذاك و بمجرد دخوله الى الصندوق استعدادا لرحلته الشاقة أخذ معه بعض من الأطعمة المعلبة و ولاعة و بطانية و وسادة بالإضافة إلى زجاجتين بلاستيكيتين واحدة لشرب المياه و الأخرى للتبول حيث أقنع نفسه حينها بأنه إذا سافر إلى الخارج فهذا هو مقعده الذى سينطلق به و تم تحميل الصندوق على متن طائرة تابعة لشركة طيران الهند حيث كان من المقرر توصيله الى مدينة “بيرث” غرب “أستراليا” على الرغم من أنه كان يريد الوصول الى مدينة “أديلايد ” الا انه أستقر على “بيرث” لأنه كان مطارًا أصغر .

أقرأ أيضا : أنجولا بوينج 727 .. قصة إختفاء و سرقة جريئه لطائرة ضخمة من داخل مطارها و فشل الأجهزة الأمنية

و لسوء حظ ” ريج سبيرز ” حدث تأخير فى الرحلة أستمر لمدة 24 ساعة في مطار “لندن” بسبب الضباب و يظل بداخل الصندوق طوال تلك الفترة و بمجرد إقلاعها فى اليوم التالى خرج من الصندوق على الفور حيث توجهت الطائرة الى ” باريس ” قام خلال رحلتها بالتبول داخل إحدى زجاجات المياه الغازية و وضعها فوق الصندوق و بينما كان يمدد ساقه بدأت الطائرة في الهبوط. ليدلف على الفور الى داخل الصندوق مرة أخرى و ينسى زجاجة البول أعلاها و مع دخول عمال الأمتعة الفرنسيين الى منطقة الشحن فى الطائرة شاهدوا العلبة و ظنوا أنها قد تُركت لهم كمزحة غير لطيفة من قبل نظرائهم في “لندن” حيث كان يسمعهم ” ريج ” بداخل الصندوق و هم يسبون الإنجليز لكنهم لم يفكروا للحظة أن هناك شخص داخل الصندوق هو ما فعل ذلك حيث أقلعت الطائرة مجددا من “فرنسا” الى وجهتها الجديدة .

كانت المحطة التالية لهبوط الطائرة هى مدينة ” بومباى ” فى “الهند” و فيها قام العمال باخراج الصندوق و وضعه مقلوبا و بداخله ” ريج سبيرز ” فى وهج الشمس لفترة أستمرت أربع ساعات كان الجو حارًا فيها مثل الجحيم بشكل أضطره الى خلع ملابسه و هو بداخل الصندوق و كل ذلك انتظارا لنقله من طائرة الى أخرى و كان يتصبب عرقا و بدء فى الشعور بالإختناق و يصاب بالجفاف و كلما طال الوقت كان يقنع نفسه بالصبر الى ان تم شحنه بالفعل فى الطائرة الأخرى التى أقلعت متجهة الى ” أستراليا ” و عندما حطت أخيرًا في “بيرث” تم نقل الصندوق و بداخله ” ريج ” الى عنبر الشحن و سمع عمال الحقائب الأستراليين و هم يتحدثون عن حجم الصندوق الذي كان بداخله و عرف من لغتهم على الفور أنه فى موطنه حيث ابتسم و هو بداخل الصندوق ابتسامة انتصار انه نجح فى فعلها و ظل فى داخل الصندوق لأنه كان يعلم أنه سيتم وضعه فى أحد المخازن و عندما أوصلوه و ابتعدوا عن المكان خرج من الصندوق ليجد أمامه زجاجات من البيرة و رغم أنه لا يشرب الا أنه فعلها ابتهاجا بنجاحه .

و رغم نجاة ” ريج سبيرز ” من السفر لمدة ثلاثة أيام في الصندوق الخشبي الا أنه كان ما زال يواجه تحدي الخروج من المطار و لحسن الحظ كانت أمامه بعض من أدوات الحفر لذلك قام بإحداث ثقب فى الجدار و أخرج من الصندوق بدلة ارتداها و خرج إلى الشارع متجها الى مدينته ببساطة و هو عكس ما كان بالجانب الأخر فى ” لندن ” حيث كان صديقه “جون مكسورلي ” الذي صنع الصندوق و أرسل ” سبيرز ” إلى المطار قلقًا للغاية بشأن مصير صديقه الذى شق طريقه عائداً إلى عائلته نظرا الى أن ” ريج ” كان قد نسى إخبار “ماكسورلي” أنه قد وصل سليما حيث تواصل مع وسائل الإعلام فى “بريطانيا” التى أهتمت بتلك القصة و بدأت فى تسليط الضوء عليها و منها أنتقلت الأخبار الى الإعلام الأسترالى الذى أهتم بها هو الأخر .

و يقول ” ريج سبيرز ” أنه فوجئ بالتغطية الإعلامية الكثيفة لمغامرته فبعد انتشار الخبر تلقي برقية من سياسي أسترالي مشهور كال له المديح و اعتبر أن ما فعله هو جهد شجاع من أسترالى حقيقى كما لم ترغمه شركة الطيران على دفع رسوم الشحن و رغم أنه نجح فى الوصول قبل عيد ميلاد إبنته الا أن زوجته كانت لم تكن مصدقة لما فعله الا أنها أقتنعت فى النهاية حيث لم تكن هناك اى وسيلة لوصوله الى منزله سوى بتلك الطريقة و للتعقيب عن تلك الحادثة يقول المطلعون على صناعة الطيران إن شيئًا كهذا من الصعب أن يحدث فى وقتنا الراهن لأنه عادة ما تكون درجة الحرارة غرف الشحن أعلى من درجة التجمد كما يتم حاليا فحص جميع البضائع المحملة على الطائرات لأسباب أمنية و سوف يكون من السهل العثور الى أى شخص بداخل تلك الصناديق .

أقرأ أيضا : تعرف على أخطر و أغرب مطارات موجودة حول العالم

أما بالنسبة الى ” ريج سبيرز ” فقد أمضى حياته بشكل طبيعى فى مدينته الى أن اختفى عام 1981 بعد توجيه اتهامات له بجلب مخدر الكوكايين داخل البلاد و قبض عليه في “سريلانكا” عام 1984 و حُكم عليه بالإعدام لارتكابه جرائم تهريب للمخدرات ليستأنف الحكم بنجاح و يتم ترحليه الى أستراليا حيث أمضى بها عقوبة السجن لخمس سنوات .

شارك الموضوع

عمرو عادل

فى الحياة الواقعيه مهندس ميكانيكا قوى اما فى الحياه الافتراضيه فباحث و كاتب و مدير الموقع دا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *