شي بي بو الجاسوسة التي تخابرت 20 عاما علي فرنسا و يكتشف بعدها أنها رجل

في منتصف الستينيات و أثناء إحدي الحفلات المنظمة داخل السفارة الفرنسية في العاصمة الصينية بكين إلتقي الفرنسي برنارد بورسيكوت بمغنية أوبرالية جميلة تدعى شي بي بو و سرعان ما بدء الإثنان في علاقة حب سرية و نظرا للقوانين الثورية التي وضعها الزعيم ماو تسي تونج بمنع الصينيين من الإختلاط مع الأجانب قام بورسيكوت بإفشاء أسرار سفارته للحكومة الصينية من أجل الإستمرار في مقابلة شي و مع حلول عام 1983 ألقت السلطات الفرنسية القبض على الزوجين بتهمة التجسس و خلال التحقيقات ذهلت السلطات حين وجدت أن المغنية الأوبرالية الصينية هو رجل متنكر في هيئة إمرأة و أوضح أنه منذ ما يقرب من 20 عامًا و هو يقنع بورسيكوت بأنه امرأة من خلال إصراره على ممارسة الجنس معه في الظلام حتى أنه تبنى طفلاً و قدمه له على أنه إبنهما و تصبح تلك القضية مثار سخرية الرأي العام الفرنسي و الصيني علي حد سواء .

شي بي بو الجاسوسة التي تخابرت 20 عاما علي فرنسا و يكتشف بعدها أنها رجل
شي بي بو

ولد ” شي بي بو ” عام 1938 بمقاطعة شاندونغ الساحلية في ” الصين ” و خلال طفولته تعلم اللغة الفرنسية في مدينة كونمينج التي تتمتع بنفوذ فرنسي قوي ثم إلتحق بجامعة يونان و تخصص في الأدب و بحلول سن السابعة عشرة إكتسب شهرة محلية كمغني أوبرا و غالبًا ما كان يلعب أدوارًا نسائية أما ” برنارد بورسيكوت ” فقد ولد في ” فرنسا ” عام 1944 و إلتحق طوال شبابه بمدارس داخلية حيث أقام علاقات غير مشروعة مع العديد من زملائه الطلاب و لكن بحلول الوقت الذي وصل فيه إلي العاصمة الصينية ” بكين ” و هو في العشرين من عمره كان يسعى إلى إقامة علاقة مع امرأة معتقدًا أن علاقاته مع الرجال كانت مجرد نزوة عابرة .

شي بي بو الجاسوسة التي تخابرت 20 عاما علي فرنسا و يكتشف بعدها أنها رجل
هوية برنارد بورسيكوت

و في عام 1964 أثناء وجود ” بورسيكوت ” في مبني السفارة الفرنسية ببكين لحضور حفل عيد الميلاد ألتقي برجل صيني قصير و نحيف و أجري معه محادثة و عرف منه أن اسمه هو ” شي بي بو ” و أنه يقوم بتدريس اللغة الصينية لأطفال أسرة نائب السفير و سرعان ما أصبح الإثنين صديقين و صار بينهما علاقة أفلاطونية تمامًا حيث كان ” بورسيكوت ” لا يزال مصممًا في العثور على شريكة له إلي أن روي له ” شي بي بو ” رواية بعنوان “قصة الفراشة” و تتحدث تفاصيلها عن تلميذة في ” الصين ” القديمة تدعى ” تشو ” كانت ترتدي زي صبي حتى تتمكن من الإلتحاق بالمدرسة و أثناء وجودها وقعت في حب تلميذ يدعي ” ليانج ” الذي بدوره شعر بالحيرة بشأن إنجذابه إلى زميله و في النهاية قررت أسرة ” تشو ” عدم ذهاب إبنتهم إلي المدرسة و البقاء في المنزل لأنهم وجدوا زوج لها و قبل مغادرتها المدرسة كشفت أخيرًا عن هويتها الحقيقية لـ “ليانج ” و أعلنا حبهما لبعضهما البعض و يطلب ” ليانج ” الزواج منها لكنها تخبره أن الوقت قد فات و بشعر بالحزن الشديد ثم ينتحر و تزور ” تشو ” المصدومة قبره و ترمي بنفسها بداخله لتنضم إليه و تتحول أرواح العاشقين إلي فراشات و يطيرون بعيدًا ليكونوا معًا أخيرًا .

شي بي بو الجاسوسة التي تخابرت 20 عاما علي فرنسا و يكتشف بعدها أنها رجل

و بمجرد إنتهاء ” شي بي بو ” من سرد القصة رفع يديه الصغيرتين و قال لبورسيكوت : “انظر إلى يدي و وجهي قصة الفراشة تلك هي قصتي أيضًا ” و أوضح أن جدته لأبيه أعطت والدته تهديدا بأنه إذا لم تنجب الأسرة إبنًا فسيتعين على والده أن يقترن بزوجة ثانية و بعد الولادة حين أدركوا أن الطفلة كانت فتاة و لعدم رغبتها في فقدان مكانتها في الأسرة إتفقت والدتها مع القابلة على تربية الطفل كصبي و الحفاظ على سرية الهوية الحقيقية عن جدته و من حينها يعيش كرجل و بعد معرفة ” بورسيكوت ” بحقيقة أمر صديقه بدء في رؤيته من زاوية أخري و أدرك أن بإمكانه إقامة علاقة رومانسية و جنسية معها حيث كانت في البداية علاقتهما باردة و كلما مارسوا الجنس كانوا دائما على عجل و تحت جنح الظلام و إستمر ” شي بي بو ” في إرتداء الملابس و العيش كرجل في العلن و كامرأة فقط مع ” بورسيكوت” الذي أنتهت بعثته و قبل وقت قصير من مغادرته ” الصين ” في شتاء عام 1965 أخبرته ” شي بي بو ” بإعتقادها بأنها حامل و قال لها ” بروسيكوت ” أنه سيعود .

و بعد مرور أربع سنوات أوفى ” برنارد بورسيكوت ” بوعده و عاد إلى “بكين” بصفته أمين أرشيف السفارة الفرنسية و لكن في تلك الفترة كانت ” الصين ” قد شهدت تغيرا بشكل كبير بعد ثورة ” ماو تسي تونج ” الثقافية حيث لم يعد يُسمح للمواطنين الصينيين بالإختلاط مع الأجانب إلا بموافقة الحكومة و رغم ذلك كان ” بورسيكوت ” عازمًا على العثور على حبيبته ” شي بي بو ” و ربما طفلته و قضى أيامًا في البحث عنها و عندما وجدها أخيرًا أخبرته أنها أنجبت إبنه في الصيف الذي تلا مغادرته لكنها أوضحت أنه نظرًا لأن الصبي نصف أوروبي فقد إضطرت إلى إرساله للعيش مع عائلته بالقرب من حدود ” روسيا ” خوفًا على سلامته و هو ما دفعه إلي البقاء لسنوات لم يري إبنه و خلال تلك الفترة واصل زيارتها تحت ستار أنها تعلمه عن الثورة الثقافية و سرعان ما ظهر رجل يُدعى ” كانج في ” منزلها أثناء زيارة ” بورسيكوت ” لها و شعر أنه ضابط شرطة و لضمان عدم تأذيهم عرض علي الظابط خدمة في مقابل السماح بمواصلة تلك العلاقة .

شي بي بو الجاسوسة التي تخابرت 20 عاما علي فرنسا و يكتشف بعدها أنها رجل

كان ذلك العرض هو تقديم أخبار السفارة الفرنسية إلي الحكومة الصينية التي وافقت علي الصفقة و هكذا بدأ عمل ” بورسيكوت ” إلي ” الصين ” حيث كان يقدم بإنتظام للمسؤولين الصينيين تقارير من السفارات الفرنسية في موسكو و واشنطن و كان في المقابل يتم السماح بإستمرار تلك العلاقة و في عام 1973 سُمح لبورسيكوت أخيرًا بمقابلة إبنه ” شي دو دو ” الذي كان يبلغ من العمر حينها سبع سنوات و أدعت ” شي بي بو ” أنه نظرًا لأن البلاد أصبحت أكثر ليبرالية فقد أصبح من الآمن أخيرًا إعادة الصبي إلى المنزل و لبضعة أسابيع تم لم شمل الأسرة جميعا حتي إنتهت تأشيرة ” بورسيكوت ” و أضطر للعودة إلى ” فرنسا ” .

برنارد بورسيكوت مع إبنه

و عاد ” برنارد بورسيكوت ” إلي موطنه و ترك وظيفته كدبلوماسي و بدأ علاقة مع رجل يدعى ” تييري ” لكنه سرعان ما أصبح مضطربًا و أراد رؤية ” شي بي بو ” و إبنهما و أستفسر من ” تييري ” عما إذا لم يكن لديه مانع من إحضارهم و العيش معهم في “باريس” و وافق ” تييري ” على مضض و وصل الثنائي عام 1982 و أنتقلا للعيش مع ” بورسيكوت ” و ” تييري ” حيث كانت لا تزال تحافظ على هويتها الذكورية في الأماكن العامة و رغم معيشتهم معا أختفت كل الرومانسية بينها و بين و ” بورسيكوت ” الذي رأى أن علاقتهما أصبحت إلتزام أكثر منها حب و أستمرا في العيش معًا في “باريس” حتى عام 1983 عندما تم إلقاء القبض عليهما بتهمة التجسس حيث كانت الحكومة الفرنسية أواخر عام 1982 تجري مراقبة عادية للدبلوماسيين الصينيين في ” باريس ” حتي أكتشفوا شيئًا مثيرًا للإهتمام و هو طبيعة العلاقة بين ” برنارد بورسيكوت ” الذي تم تحديده في ملفاتهم على أنه موظف مدني في وزارة العلاقات الخارجية و مواطن صيني تم تحديده لاحقًا على أنه ” شي بي بو ” و يعيش في عنوان “بورسيكوت” و عليه بدأ الأمن في مراقبة تلك العلاقة .

شي بي بو الجاسوسة التي تخابرت 20 عاما علي فرنسا و يكتشف بعدها أنها رجل

و في يونيو عام 1983 أعتقل عملاء الأمن الفرنسي ” بورسيكوت ” و أتهموه بالتجسس و بعد أسبوع اعتقلوا ” شي بي بو ” و عندها بدأت أكاذيبها في الإنهيار حيث أشارت التحقيقات إلي أن قصتها الخاصة بولادتها كفتاة و إجبارها من قبل والديها على العيش كصبي كانت كاذبة بشكل واضح و في السجن أظهرت الفحوصات الطبية أنها لديها أعضاء تناسلية ذكورية سليمة و في وقت لاحق شهد أمام المحكمة بأنه رجل و أنكر أنه قال لـ ” بورسيكوت ” أنه إمرأة أما بالنسبة لإبنهم فقد تم تبنيه عندما كان في الرابعة من عمره حيث قامت والدته الأصليه ببيعه لأن أسرته كانت جزءًا من مجموعة الأويجور العرقية المضطهدة في ” الصين ” و نتيجة صدمة ” بورسيكوت ” من الإعترافات المتتالية و الأكاذيب التي قيلت له منذ ما يقرب من 20 عامًا حاول الإنتحار في زنزانته أثناء إنتظار المحاكمة و لحسن حظه أنه نجا لكنه لم يسامحها أبدًا علي تلك الخديعة و أنتهت المحاكمات بإدانة الثنائي بتهمة التجسس و حُكم عليهما بالسجن لمدة ست سنوات و لكن بعد أقل من عام حصل ” شي بي بو ” على عفو رئاسي و بحسب ما ورد فلم ترغب الحكومة الفرنسية في تعريض العلاقات مع ” الصين ” للخطر بسبب قضية “سخيفة للغاية” أما ” بورسيكوت ” فقد حصل على عفو هو الأخر بعد بضعة أشهر .

أثناء إنعقاد جلسات محاكمة برنارد بورسيكوت

أقرأ أيضا : الراقصة الهولندية ماتا هاري هل كانت جاسوسة للألمان و الفرنسيين أم كبش فداء لأخطائهم

و عقب إطلاق سراحه من السجن بقي ” شي بي بو ” في باريس مع إبنه و على الرغم من أنه و “بورسيكوت” تبادلا الإتصالات عدة مرات على مر السنين إلا أنها كانت متوترة دائمًا فبينما إدعت أنه لا يزال يحب “بورسيكوت ” كان الأخر يشعر بالإستياء تجاه عشيقته السابقة و مع مرور السنوات توفي ” شي بي بو ” عام 2009 عن عمر يناهز السبعين عاما .

شارك الموضوع

عمرو عادل

فى الحياة الواقعيه مهندس ميكانيكا قوى اما فى الحياه الافتراضيه فباحث و كاتب و مدير الموقع دا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *