مهرجان تشيونج تشاو بان .. تقليد غريب يتنافس فيه المشاركين للحصول علي أكبر كمية من الكعك

رغم ما شهدته مدينة ” هونج كونج ” على مدار تاريخها من متغيرات سياسية و تبعيتها المتأرجحة ما بين الصين و المملكة المتحدة في أعقاب حرب الأفيون التي إندلعت بين الطرفين في القرن التاسع عشر الا أن ذلك لم يؤثر مطلقا على ثوابت مواطنيها الثقافية و تمسكهم بعاداتهم و تقاليدهم من خلال إحيائهم لعدد من المناسبات المرتبطة بتراثهم القديم التي من بينها أحد الفعاليات المميزة و هو مهرجان تشيونج تشاو بان السنوي الذي يعتبر الأبرز في المدينة و تقام فيه بعض من الطقوس المرتبطة بالتراث القديم التي من بينها تناول المأكولات لا سيما الكعك و نتيجة لشهرة ذلك المهرجان في محيطه الإقليمي قامت منظمة اليونيسكو التابعة للأمم المتحدة بإدراجه في قائمتها للتراث الثقافي الغير مادي عام 2001 نظرا لجذزوه التاريخية القديمة و لما يتضمنه من بعض العادات الغريبة .

جزيرة تشيونج تشاو

و ترجع جذور الإحتفال بمهرجان كعك تيشونج تشاو بان الى أواخر القرن الثامن عشر حين ضرب البلاد فيضان ضخم أدى الى حدوث فوضي عارمة نتج عنها إنتشار عمليات السلب و النهب و تفشى مرض الطاعون و لمحاولة إيقاف تلك المأساة قرر السكان المحليبن القاطنين بجزيرة صغيرة تدعى ” تشيونج تشاو ” اللجوء الى إله البحر المعروف بإسم ” باك تاي ” حيث ساروا على طول الشوارع الضيقة للجزيرة و هم حاملين تمثالًا له على أمل مساعدتهم فى صد الأرواح الشريرة و حمايتهم من السرقات و الأمراض مع تجنبهم لتناول أى نوع من اللحوم خلال تلك المراسم كنوع من أنواع التضحية مع تقديم الكعك كقربانا له و بعدها أختفت السرقات و المرض من البلاد و منذ حينها قرر السكان تكرار تلك الطقوس بشكل سنوي لضمان إستمرار السلام للجزيرة و ما حولها و توارثته الأجيال و أصبح حاليا هو مهرجان ” تشيونج تشاو بان ” .

مهرجان تشيونج تشاو بان
مهرجان تشيونج تشاو بان
مهرجان تشيونج تشاو بان

و يقام مهرجان “تشيونج تشاو بان ” على مدار أربعة أيام بجزيرة ” تشيونج تشاو ” فى الشهر الرابع من التقويم القمري الذى يتصادف عادة مع شهر مايو و تقام له العديد من الطقوس الخاصة حيث يرتدي الأطفال ملابس خاصة و تقرع الطبول و الصاجات لطرد الأرواح الشريرة مع وجود صور للإله ” باك تاي ” فى كل مكان كما توجد به أنشطة أخري مثل حرق الآلهة الورقية و موكب الألوان العائمة المعروف بإسم ” بياو سيك ” و الذي فيه يقف الأطفال على مقاعد فوق قضبان فولاذية مخفية تحت أزياءهم المتقنة التصميم ليبدو كما و لو أنهم يطفون فى الهواء و يعد تلك العادة تحديدا مصدر فخر للأباء نتيجة مشاركة أطفالهم فيه .

مهرجان تشيونج تشاو بان
مهرجان تشيونج تشاو بان

و في مهرجان “تشيونج تشاو بان ” تأخذ الأطعمة حيزا كبير من فعالياته ففى بدايات تنظيمه كان المشاركين معتادين على تناول الأطعمة النباتية فى أول ثلاثة أيام لاسيما أكلة تدعي ” بوت شاى كو ” و هى كعكة المهلبية المطهية على البخار و لا يسمح علي الإطلاق بتناول اللحوم خلال تلك الفترة و مع مرور السنوات أصبح من الصعب الإستمرار في تلك العادة نتيجة توافد الكثيرين من خارج الجزيرة للمشاركة فى المهرجان و الذين يبلغ عددهم ثلاثة أضعاف السكان المحليين نظرا لجهلهم بطبيعة تلك الطقوس إلا أنه مؤخرا بدأ منظمي المهرجان فى إعادة إحياء تلك العادة مرة أخرى بإعتبارها جزءا أساسيا منه و بدء موردي الأطعمة للمهرجان بالتجاوب و إستبدال كرات السمك المقلية بكرات اللفت بالإضافة إلي قيام كبري المطاعم الغربية الشهيرة بإستبدال البرجر المصنع من اللحم إلي المكون من الفطر على أن يعودوا إلي تناول اللحوم بشكل معتاد عقب إنتهاء الفعاليات .

و بجانب ما سبق يشتهر مهرجان “تشيونج تشاو بان ” بالكعك المصنع على البخار و المحشي بثلاث أنواع من الحشوات و هم بذور اللوتس و الفول و السمسم و يتم نقشهم بكلمة السلام كما يقوم الناس بتزيين ثلاثة أبراج من الخيرزان بذلك الكعك أمام معبد ” باك تاي ” الذى يستقبل زوار المهرجان حيث يقوم الكهنة بمباركة ذلك الكعك الذى بحسب معتقدهم فأن أكله يعتبر جالبا للحظ السعيد و الثروة و تعد مسابقة خطف الكعكة من جبال الكعك التى تقام فى اليوم الثالث واحدة من أبرز و أشهر فعاليات مهرجان “تشيونج تشاو بان ” حيث يقوم المئات من المحتفلين بتسلق تلك الأبراج بغرض الإستحواذ على أكبر قدر من الكعك و كلما كان التسلق لمسافة أطول كان ذلك معناه حظ سعيد أكبر و يتخلل ذلك الحدث عدد من المواقف الطريفة التي تظهر خلال التدافع و إستغلال المتسابقين للمنافسين الأخرين من أجل التسلق عليهم لأعلى إلا أن ذلك الطقس قد توقف عام 1978 بعد إنهيار إحد الأبراج بشكل مفاجئ على المتسابقين بشكل أدي إلي إصابة نحو 100 منهم و يضطر المنظمين علي إثره إلي تجميد ذلك السباق لأجل غير مسمي حتي أعيد مؤخرا عام 2005 و لكن تحت قيود و ظوابط صارمة .

مهرجان تشيونج تشاو بان
مهرجان تشيونج تشاو بان
مهرجان تشيونج تشاو بان

أقرأ أيضا : مهرجان سونجركان التايلاندي الذى يتبارز فيه المشاركين بالمياه

و كانت تلك الإشتراطات الجديدة هو عدم السماح لأى فرد المشاركة سوى لمتسلقي الجبال أو محترفي هواية التسلق او الرياضيين بشكل عام كما أنه لا تتم تلك المسابقة حاليا إلا علي أبراج فولاذية مخصصة لذلك الغرض بطول اكثر من 18 مترا و لا يسمح بتسلقه سوى لـ12 شخصا منهم ثلاثة نساء على الأقل و على كل مشارك أن يكون مربوطا بأحد الأحزمة لضمان سلامته حيث تبدء المسابقة عند منتصف الليل و يمنح لكل متسابق ثلاث دقائق فقط من أجل جمع الكعك و عند إنتهاء المسابقة يحصل الفائز أو الفائزة على لقب ” صاحب الجيوب الممتلئة للكعكات المحظوظة ” و إذا كان واحدا منهم قد حصد اللقب لثلاث مرات فيكتسب لقب ” ملك / ملكة الكعك ” و فى عام 2007 تم إستبدال الكعكات الموجودة على ذلك البرج بكعكات بلاستيكية و ذلك لاكساب المسابقة شكل أكثر جمالا و بعد إنتهائها في بدايات اليوم الرابع و الأخير من مهرجان “تشيونج تشاو بان ” يتم توزيع الكعك على الناس من الثلاثة أبراج الأخرى بغرض إكتساب الحظ الحسن طوال العام القادم .

مهرجان تشيونج تشاو بان
مهرجان تشيونج تشاو بان
شارك الموضوع

عمرو عادل

فى الحياة الواقعيه مهندس ميكانيكا قوى اما فى الحياه الافتراضيه فباحث و كاتب و مدير الموقع دا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *