حرب الأفيون

حرب الأفيون هما نزاعان مسلحان حدثا في الصين منتصف القرن التاسع عشر بين قوى الدول الغربية و سلالة تشينج التي حكمت البلاد خلال الفترة من منتصف القرن السابع عشر و حتى أوائل القرن العشرين حيث بدأت حرب الأفيون الأولى عام 1839 و أستمرت لثلاثة سنوات و كان طرفيها الصين من جهة و المملكة المتحدة من جهة أخرى بينما بدأت حرب الأفيون الثانية التى عرفت أيضا بإسم حرب السهم أو الحرب الأنجلو-فرنسية عام 1856 و استمرت لأربعة سنوات بين تحالف مكون من بريطانيا و فرنسا ضد الدولة الصينية و فى كلا الحربين أنتصرت القوى الأوروبية بسهولة نظرا لامتلاكهم التكنولوجيا العسكرية الحديثة و تمكنوا من إجبار الصين على توقيع معاهدات غير متكافئة حصلوا بموجبها على امتيازات تجارية و قانونية و إقليمية في البلاد كان لها بالغ الأثر فى إضعاف سيادة أسرة تشينج و إسقاطها في نهاية المطاف لصالح مفهوم الجمهورية الصينية أوائل القرن العشرين .

حرب الأفيون الأولى

بدأت حرب الأفيون الأولى عام 1839 و لكن قبلها دارت بعض من النزاعات حول حقوق التجارة ففي القرن الثامن عشر كان للصين فائض تجاري مع أوروبا حيث كانت تبيع لهم البورسلان و الحرير و الشاي مقابل الفضة و فى المقابل وسعت شركة الهند الشرقية البريطانية زراعة الأفيون في أراضي ” الهند ” و باعته إلى تجار القطاع الخاص الذين قاموا بنقله إلى “الصين” و من خلال مجموعة من المهربين دخلت تلك السلعة الى البلاد و بحلول عام 1797 كانت الشركة ترسل 4000 صندوق من الأفيون سنويًا الذى كان يؤخذ فى السابق كدواء غير ضار نسبيا و لكن نتيجة اقبال الصينيين على تدخينه زاد الطلب عليه بشكل ترفيهي و غالبًا ما كان يؤدى ذلك الأمر إلى الإدمان .

و نتيجة مخاطر انتشار تلك السلعة على الصعيد الإجتماعى و الإقتصادى أصدر الإمبراطور الصيني قرارات تجعل تداول “الأفيون” غير قانوني في البلاد أعوام 1729 و 1799 و 1814 و 1831 و رغم تلك الأوامر الا أنها كانت حبر على ورق و أستمرت وارداته فى النمو نتيجة نشاط المهربين و المسؤولين المتواطئين لدرجة أن بعض من الأمريكيين قد انضموا للمشاركة فى تلك التجارة عن طريق تهريبه من “تركيا” إلى “الصين” لترتفع التجارة إلى 30000 صندوق سنويا و هو رقم غير مسبوق لذلك قام الإمبراطور ” داوجوانج ” و الذى كان مهتمًا بمحاربة الانحلال الأخلاقي للناس و منع تدفق الفضة إلى الخارج مقابل تلك السلعة بتكليف المفوض السامي “لين تسي هسو” بضرورة إنهاء تلك التجارة و في عام 1839 دعا المفوض فى رسالة مفتوحة إلى “الملكة فيكتوريا” يطالبها بوقف تهريب الأفيون و لكن لم تصل اليها و صدر مرسوم من الإمبراطور يؤكد على العقوبات الخطيرة لتهريب الأفيون و أمر ” المفوض ” بمصادرة جميع الكميات الموجود في منطقة “كانتون” بما في ذلك الخاضعة لملكية الأجانب و عبثا حاول “تشارلز إليوت” كبير المشرفين على التجارة البريطانية في “الصين” إثناء المسئولين عن ذلك الأمر حتى و لو كان بمقابل مادى الا أنه وصل الى الصين متأخر بعد مرور 3 أيام من انتهاء مهلة المفوض و التى على إثرها فرض الجنود الصينيين إغلاقًا و حصارًا للشركات التجارية و انتهت المواجهة بعد أن تم تسليم 20 ألف صندوق إلى المفوض الذى قام بتدميرهم .

و بعث “تشارلز إليوت” إلى “لندن” رسالة ينصح فيها بضرورة استخدام القوة العسكرية ضد الصينيين حيث وقعت مناوشات صغيرة بين السفن البريطانية و الصينية في مصب نهر “كولون” في 4 سبتمبر عام 1839 و بعد عام تقريبًا قررت الحكومة البريطانية في مايو 1840 إرسال قوات لاجبار الصينيين على دفع تعويضات عن الخسائر المالية التي تكبدها التجار البريطانيين في “كانتون” و من أجل ضمان مستقبل أمن التجارة فى المنطقة و في 21 يونيو 1840 وصلت قوة بحرية بريطانية قبالة “ماكاو” و تحركت لقصف ميناء “دينجاي” و تلا ذلك صراع استخدمت فيه البحرية الملكية سفنها و مدافعها المتفوقة لإلحاق سلسلة من الهزائم بالإمبراطورية الصينية و انتهت حرب الأفيون الأولى بمعاهدة “نانجينج” عام 1842 و هي أول معاهدة غير متكافئة بين “الصين” و القوى الغربية التى أجبرتها على التنازل عن جزيرة “هونج كونج” و الجزر الصغيرة المحيطة بها لبريطانيا و أنشأت خمسة موانئ بموجب المعاهدة في “شنغهاي” و “كانتون” و “نينجبو” و “فوتشو” و “أموي” كما فرضت المعاهدة دفع مبلغ يقدر بـ 21 مليون دولار لبريطانيا منها ستة ملايين تدفع على الفور و الباقي على أقساط محددة بعد ذلك و حصلت “فرنسا” على نفس الامتيازات خلال معاهدتي أبرما عامى 1843 و 1844.

حرب الأفيون الثانية

بحلول عام 1853 أندلع تمرد فى “تايبينج” شمال “الصين” و تم تعيين “يي مينشن” كمفوض إمبراطوري جديد في منطقة “كانتون” و الذى كان لديه عزم فى القضاء على تجارة الأفيون التي كانت لا تزال غير قانونية من الناحية الفنية لذلك في أكتوبر عام 1856 استولى على ” السهم ” و هي سفينة بريطانية و ألقى القبض على طاقمها و كرد فعل على ذلك قام السير “جون بورينج” حاكم “هونج كونج” البريطانية بإستدعاء أسطول جزر الهند الشرقية و محطة “الصين” التابعة للأدميرال السير “مايكل سيمور” الذي قام بقصف حصون نهر اللؤلؤ في 23 أكتوبر و استولوا عليها و عند الاقتراب من “كانتون” شرع في قصفها هى الأخرى الا أن ذلك لم يكن كافياً لسيطرة القوات على المدينة و في يوم 15 ديسمبر و خلال أعمال شغب اندلعت في “كانتون” أضرمت النيران في الممتلكات التجارية الأوروبية و ناشد “بورينج” “بريطانيا” على ضرورة التدخل العسكري كما حصل على دعم اضافى من ” فرنسا ” بعد اعدام مبشر فرنسى في المناطق الداخلية من “الصين” في أوائل عام 1856 .

و أندلعت حرب الأفيون الثانية و بدأ الحلفاء العمليات العسكرية في أواخر عام 1857 و سرعان ما استولوا على “كانتون” و عزلوا حاكم المدينة المتعنت و عينوا مسؤولًا أخر أكثر امتثالًا و في مايو 1858 وصلت القوات المتحالفة إلى “تيانجين” و أجبرت الصينيين على الدخول في مفاوضات و سعت كلا من “بريطانيا” و “فرنسا” للحصول على تنازلات أكبر من “الصين” بما في ذلك إضفاء الشرعية على تجارة الأفيون و التوسع في نقل العمال الرخيصين و فتح كل البلاد للتجار البريطانيين و تجار الأفيون اضافة الى إعفاء الواردات الأجنبية من رسوم العبور الداخلية و أبرمت “معاهدة تيانجين” فى 26 يونيو عام 1858 و التي أجبرت الصينيين على دفع تعويضات عن نفقات الحرب الأخيرة و فتح مجموعة ثانية من عشرة موانئ للتجارة الأوروبية و إضفاء الشرعية على تجارة الأفيون و منح التجار الأجانب و المبشرين حقوق التنقل داخل الصين و بعد مرحلة ثانية من القتال شملت نهب القصر الصيفي القديم و احتلال مجمع قصر المدينة المحرمة في العاصمة “بكين” تم تأكيد تلك المعاهدة من قبل “اتفاقية بكين” التى وقعت عام 1860 .

شارك الموضوع

عمرو عادل

فى الحياة الواقعيه مهندس ميكانيكا قوى اما فى الحياه الافتراضيه فباحث و كاتب و مدير الموقع دا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *