الأمم المتحدة UN

الأمم المتحدة منظمة دولية تأسست في منتصف الأربعينيات بعد نهاية الحرب العالمية الثانية و تعتبر ثاني منظمة دولية متعددة الأغراض تم تأسيسها في القرن العشرين بعد عصبة الأمم من حيث النطاق و العضوية و يقع مقرها الرئيسي في مدينة نيويورك و لها مكاتب إقليمية موزعة في العديد من الدول و أنشئت بغرض إنقاذ الأجيال المقبلة من ويلات الحروب و إعادة تأكيد الإيمان بحقوق الإنسان الأساسية و تهيئة الظروف التي يمكن في ظلها الحفاظ على العدالة و الالتزام بالمعاهدات و القانون الدولي بالاضافة الى تطوير العلاقات الودية بين الدول على أساس احترام مبادئ المساواة في الحقوق و تقرير المصير للشعوب و تحقيق التعاون العالمي لحل المشاكل الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و الإنسانية الا أنه و رغم نبل أهدافها لكنها تأثرت بالمتغيرات السياسية و الدولية لا سيما خلال فترة الحرب الباردة بين الولايات المتحدة و الاتحاد السوفيتي ( روسيا حاليا ) بالاضافة الى زيادة الأعباء على عاتقها فى اعقاب إنهاء الاستعمار في إفريقيا و آسيا و الشرق الأوسط و حاليا تواجه تحديات كبرى في مجالات حل النزاعات بين الدول و توجيه المساعدات الإنسانية فى المناطق التى تواجه مخاطر الحروب الأهلية و الكوارث و الأوبئة .

تاريخ الأمم المتحدة

رغم المشاكل التي واجهتها عصبة الأمم بالتحكيم في الصراعات و ضمان السلام و الأمن الدوليين قبل الحرب العالمية الثانية اتفقت قوى الحلفاء الرئيسية خلال الحرب على إنشاء منظمة عالمية جديدة للمساعدة في إدارة الشؤون الدولية و تم توضيح هذه الاتفاقية بشكل رسمى و لأول مرة حين وقع الرئيس الأمريكي “فرانكلين روزفلت” و رئيس الوزراء البريطاني “ونستون تشرشل” على ميثاق الأطلسي في أغسطس عام 1941 و استخدم اسم “الأمم المتحدة” في الأصل للإشارة إلى الدول المتحالفة ضد ألمانيا و إيطاليا و اليابان و في 1 يناير عام 1942 وقعت 26 دولة على إعلان الأمم المتحدة الذي حدد أهداف الحرب لقوات الحلفاء حيث أخذت “الولايات المتحدة” و “المملكة المتحدة” و “الاتحاد السوفيتي” زمام المبادرة في انشاء شكل المنظمة الجديدة و تحديد هيكل صنع القرار و وظائفها و في البداية واجهت الدول الثلاث الكبرى و قادتها ” روزفلت و تشرشل و الزعيم السوفيتي جوزيف ستالين ) عقبات بسبب الخلافات حول القضايا التي كانت مؤشرا على بداية الحرب الباردة حيث طالب الاتحاد السوفيتي بالعضوية الفردية و حقوق التصويت للجمهوريات المكونة له كما أرادت بريطانيا تأكيدات بأن مستعمراتها لن توضع تحت سيطرة الأمم المتحدة اضافة الى انه كان هناك خلاف حول نظام التصويت الذي سيتم تبنيه في مجلس الأمن و هي القضية التي اشتهرت باسم “مشكلة الفيتو”.

و تم اتخاذ الخطوة الرئيسية الأولى نحو تشكيل الأمم المتحدة في الفترة ما بين 21 أغسطس و حتى 7 أكتوبر 1944 في مؤتمر “دومبارتون أوكس” و هو اجتماع خبراء الديبلوماسية للقوى الثلاث الكبرى بالإضافة إلى الصين حيث أطلق عليهم جميعا اسم ” الأربعة الكبار ” و عقد فى إحدى العقارات بواشنطن العاصمة و على الرغم من أن الدول الأربع اتفقت على الغرض العام و هيكل و وظيفة المنظمة العالمية الجديدة الا أن المؤتمر انتهى وسط استمرار الخلاف حول العضوية و التصويت و في مؤتمر “يالطا” عقد اجتماع للثلاثة الكبار في فبراير عام 1945 و وضع “روزفلت و تشرشل و ستالين ” الأساس لبنود الميثاق التي يحدد سلطة مجلس الأمن علاوة على ذلك فقد توصلوا إلى اتفاق مبدئي بشأن عدد الجمهوريات السوفيتية التي سيتم منحها عضوية مستقلة في الأمم المتحدة و أخيرًا اتفق القادة الثلاثة على أن المنظمة الجديدة ستشمل نظام وصاية يخلف نظام تفويض عصبة الأمم .

مؤتمر سان فرانسيسكو 1945

و بتجميع المقترحات التى قدمت فى مؤتمر “دومبارتون أوكس” بالاضافة الى الاتفاقات التى اتخذت فى مؤتمر يالطا كانت هى الأسس التى أجريت حولها مفاوضات مؤتمر الأمم المتحدة و الذي انعقد في مدينة “سان فرانسيسكو” في 25 من أبريل عام 1945 و أنتج الميثاق النهائي للأمم المتحدة و حضر المؤتمر ممثلين عن 50 دولة من جميع المناطق الجغرافية في العالم : 9 من أوروبا و 21 من الأمريكتين و 7 من الشرق الأوسط و 2 من شرق آسيا و 3 من إفريقيا بالإضافة إلى جمهورية أوكرانيا الاشتراكية السوفيتية و جمهورية بيلاروسيا الاشتراكية السوفياتية ( بالإضافة إلى الاتحاد السوفيتي نفسه) و 5 من دول الكومنولث البريطانية و سُمح لبولندا التي لم تكن حاضرة في المؤتمر بأن تصبح عضوًا أصليًا بها و تم التأكيد على حق النقض في مجلس الأمن بين الأعضاء الدائمين على الرغم من أن أي عضو في الجمعية العامة كان قادرًا على إثارة القضايا للمناقشة و اما بالنسبة الى الخلافات الأخرى و التى كانت حول حالة المناطق الاستعمارية و توزيع الوصاية و الترتيبات الإقليمية و الدفاعية و هيمنة القوة العظمى مقابل المساواة بين الدول فقد تم حلها عن طريق التسويات و تم تبني ميثاق الأمم المتحدة بالإجماع و التوقيع عليه في 26 من يونيو و صدر في يوم 24 من أكتوبر عام 1945.

التنظيم و الإدارة فى الأمم المتحدة

المبادئ والعضوية

تستند مبادئ الأمم المتحدة على المساواة في السيادة بين أعضائها و بضرورة تسوية النزاعات بالوسائل السلمية و على الأعضاء الامتناع عن التهديد باستخدام القوة أو استخدامها بما يتعارض مع أغراض الأمم المتحدة و يجب على كل عضو منتسب اليها مساعدة المنظمة في أي إجراءات تنفيذية تتخذها بموجب الميثاق كما انه على الدول غير الأعضاء في المنظمة المطالبة بالعمل وفقًا لهذه المبادئ بقدر ما هو ضروري للحفاظ على السلم و الأمن الدوليين كما تنص المادة الثانية على قاعدة أساسية طويلة الأمد مفادها أنه لا يجوز للمنظمة أن تتدخل في الأمور التي يتم النظر فيها ضمن الولاية القضائية المحلية لأي دولة و هو ما كان قيدًا كبيرًا على عملها حيث كان الخط الفاصل بين الولاية القضائية الدولية و المحلية غير واضح بمرور الوقت .

و يتم قبول الأعضاء الجدد في الأمم المتحدة بناءً على توصية مجلس الأمن و بأغلبية ثلثي أصوات الجمعية العامة في كثير من الأحيان و مع ذلك فإن قبول أعضاء جدد أمر أثار الجدل نظرًا لانقسامات الحرب الباردة بين الشرق و الغرب حيث كان طلب الأعضاء الخمسة الدائمين في مجلس الأمن ( الصين و فرنسا و الاتحاد السوفيتي أو روسيا حاليا و المملكة المتحدة و الولايات المتحدة ) على قبول أعضاء جدد في بعض الأحيان يشكل عقبات خطيرة فمع حلول عام 1950 تم قبول 9 دول فقط من مجموع 31 تقدموا بطلب العضوية في المنظمة و في عام 1955 تم اقتراح صفقة شاملة أسفرت على احداث تعديل من قبل مجلس الأمن و الذى بموجبه تم قبول 16 دولة جديدة (4 دول شيوعية من أوروبا الشرقية و 12 دولة غير شيوعية) و كان التطبيق الأكثر إثارة للجدل للعضوية هو تطبيق جمهورية الصين الشعبية الشيوعية و الذي تم عرضه على الجمعية العامة و حظره من قبل “الولايات المتحدة” في كل جلسة خلال الفترة من عام 1950 و حتى عام 1971 و أخيرًا و في محاولة لتحسين علاقتها مع الصين الشعبية تم قبولها و طرد جمهورية الصين (تايوان حاليا) حيث كان هناك 76 صوتا لصالح الطرد و 35 صوتا معارض و 17 صوتا ممتنع عن التصويت و نتيجة لذلك مُنحت عضوية جمهورية الصين و مقعدها الدائم في مجلس الأمن لجمهورية الصين الشعبية .

كما نشأ الجدل أيضًا حول قضية الدول “المنقسمة” بما في ذلك جمهورية ألمانيا الاتحادية (ألمانيا الغربية) و جمهورية ألمانيا الديمقراطية (ألمانيا الشرقية) و كوريا الشمالية و الجنوبية و أيضا فيتنام الشمالية و الجنوبية حيث تم قبول الدولتين الألمانيتين كعضوين في عام 1973 و تم تخفيض هذين المقعدين إلى مقعد واحد بعد إعادة توحيد البلاد في أكتوبر 1990 كما تم قبول فيتنام في عام 1977 بعد هزيمة فيتنام الجنوبية و إعادة توحيد البلاد في عام 1975 و تم قبول الكوريتين بشكل منفصل عام 1991 و حتى اللحظة و بعد إنهاء الاستعمار في جميع أنحاء العالم خلال الفترة ما بين 1955 إلى 1960 تم قبول 40 عضوًا جديدًا و بحلول نهاية السبعينيات كان هناك حوالي 150 عضوًا في الأمم المتحدة و حدثت زيادة كبيرة أخرى بعد عامى 1989-1990 عندما نالت العديد من الجمهوريات السوفيتية السابقة استقلالها و بحلول أوائل القرن الحادي والعشرين كانت الأمم المتحدة تضم ما يقرب من 190 دولة عضو .

الأجهزة الرئيسية

للأمم المتحدة ستة أجهزة رئيسية و هى الجمعية العامة و مجلس الأمن و المجلس الاقتصادي والاجتماعي و مجلس الوصاية و محكمة العدل الدولية و الأمانة العامة .

الجمعية العامة

و هى الهيئة الوحيدة التي يتم فيها تمثيل جميع أعضاء الأمم المتحدة و تمارس الجمعية العامة الوظائف التداولية و الإشرافية و المالية و الاختيارية المتعلقة بأي مسألة تدخل في نطاق ميثاق الأمم المتحدة و مع ذلك فإن دورها الأساسي هو مناقشة القضايا و تقديم التوصيات رغم أنها لا تملك القوة لفرض قراراتها أو إجبار الدول على اتخاذ إجراءات كما تشمل الوظائف الأخرى لها قبول أعضاء جدد و اختيار أعضاء المجلس الاقتصادي والاجتماعي و الأعضاء غير الدائمين في مجلس الأمن و مجلس الوصاية و الإشراف على أنشطة أجهزة الأمم المتحدة الأخرى التي تتلقى منها الجمعية التقارير و المشاركة في انتخاب قضاة محكمة العدل الدولية و اختيار أمينها العام و يتم التوصل إلى القرارات عادة بأغلبية الأصوات و مع ذلك فيما يتعلق بالمسائل المهمة مثل قبول أعضاء جدد و شؤون الميزانية و قضايا السلام والأمن يلزم الحصول على أغلبية الثلثين .

و ينعقد ذلك المجلس سنويًا و في دورات خاصة و ينتخب رئيسًا جديدًا كل عام من بين خمس مجموعات إقليمية للدول و في بداية كل دورة عادية تعقد الجمعية مناقشات عامة و يمكن لجميع الأعضاء المشاركة فيها و إثارة أي قضية ذات اهتمام دولي و مع ذلك يتم تفويض معظم العمل إلى ست لجان رئيسية و هى (1) لجنة نزع السلاح والأمن الدولي … (2) اللجنة الاقتصادية والمالية … (3) اللجنة الاجتماعية و الإنسانية و الثقافية … (4) لجنة السياسة الخاصة و إنهاء الاستعمار … (5) اللجنة الإدارية و الميزانية … و (6) اللجنة القانونية .

و تاريخيا ناقشت الجمعية العامة القضايا التي تجاهلتها أو تجنبتها أجهزة الأمم المتحدة الأخرى بما في ذلك قضية إنهاء الاستعمار و استقلال ناميبيا و الفصل العنصري في “جنوب أفريقيا” و الإرهاب و وباء الإيدز و قد ارتفع عدد القرارات التي تصدرها كل عام إلى أكثر من 350 قرار و يتم اتخاذ العديد من القرارات دون معارضة و مع ذلك كانت هناك خلافات حادة بين الأعضاء حول العديد من القضايا مثل تلك المتعلقة بالحرب الباردة و الصراع العربي الإسرائيلي و حقوق الإنسان و لقد لفتت الجمعية العامة انتباه الجمهور إلى تلك القضايا الرئيسية مما أرغم الحكومات الأعضاء على اتخاذ مواقف بشأنها و ساعدت في تنظيم هيئات و مؤتمرات مخصصة للتعامل مع المشاكل العالمية الهامة حيث ساهم الحجم الكبير للجمعية العامة و تنوع القضايا التي تناقشها في ظهور كتل تصويت إقليمية في الستينيات فخلال الحرب الباردة شكل الاتحاد السوفيتي و دول أوروبا الشرقية واحدة من أكثر الكتل تماسكًا مقابل كتلة أخرى ضمت الولايات المتحدة و حلفائها الغربيين و ساهم قبول دول جديدة في نصف الكرة الجنوبي في الستينيات و السبعينيات و انتهاء توترات الحرب الباردة بعد عام 1989 في تشكيل تكتلات على أساس القضايا الاقتصادية التى تكون الخلافات فيها حول البلدان الصناعية في نصف الكرة الشمالي و البلدان النامية الأفقر و الأقل تصنيعًا في نصف الكرة الجنوبي و تم دمج قضايا أخرى في الانقسام بين الشمال والجنوب بما في ذلك الهيمنة الاقتصادية و السياسية و التنمية الاقتصادية و انتشار الأسلحة النووية و دعم إسرائيل .

مجلس الأمن

مجلس الأمن

يعهد ميثاق الأمم المتحدة لمجلس الأمن المسؤولية الكاملة لصون السلم و الأمن الدوليين و كان يتألف في البداية من 11 عضوا ( خمسة أعضاء دائمين وستة غير دائمين ) و الغير دائمين تنتخبهم الجمعية العامة لمدة عامين و كان فى بادئ الأمر يتم انتخاب الأعضاء غير الدائمين من خلال تمثيل لمناطق أو لمجموعات دول معينة و مع زيادة أعضاء المنظمة حدث تعديل فى ميثاق الأمم المتحدة عام 1965 أدى إلى زيادة عضوية المجلس إلى 15 بما في ذلك الأعضاء الخمسة الدائمون الأصليون بالإضافة إلى 10 أعضاء غير دائمين و من بين الأعضاء الدائمين الذين تغيروا حلت جمهورية الصين الشعبية محل جمهورية الصين (تايوان) في عام 1971 و خلف الاتحاد الروسي الاتحاد السوفيتي في عام 1991 و بعد توحيد ألمانيا ظهر الجدل مرة أخرى حول تكوين المجلس حيث تقدمت كل من ألمانيا و الهند و اليابان بطلبات للحصول على مقاعد دائمة في ذلك المجلس .

و يتم اختيار الأعضاء غير الدائمين من خلال تحقيق تمثيل إقليمي عادل موزعين على خمسة أعضاء من إفريقيا أو آسيا و عضو من أوروبا الشرقية و عضوان من أمريكا اللاتينية و عضوان من أوروبا الغربية أو مناطق أخرى و يتم انتخاب خمسة من الأعضاء العشرة غير الدائمين كل عام من قبل الجمعية العامة لمدة عامين و خمسة يتقاعدون كل عام و يتولى الرئاسة كل عضو بالتناوب لمدة شهر و لكل عضو في مجلس الأمن صوت واحد و تتخذ قرارات المجلس بالتصويت الإيجابي لأي تسعة من أعضائه كما تتطلب المسائل الموضوعية مثل التحقيق في نزاع ما أو تطبيق العقوبات تسعة أصوات إيجابية بما في ذلك أصوات الأعضاء الخمسة الدائمين الذين يتمتعون بحق النقض و مع ذلك فمن الناحية العملية يجوز للعضو الدائم الامتناع عن التصويت دون المساس بصحة القرار كما يجوز لأي دولة حتى لو لم تكن عضوًا في الأمم المتحدة أن تلفت انتباه مجلس الأمن إلى نزاع تكون طرفًا فيه و عندما تكون هناك شكوى يبحث المجلس أولاً في إمكانية التوصل إلى حل سلمي و قد يُسمح لقوات حفظ السلام الدولية بالفصل بين الأطراف المتحاربة في انتظار مزيد من المفاوضات و إذا وجد المجلس أن هناك تهديدًا حقيقيًا للسلام أو خرقًا للسلام أو عملًا من أعمال العدوان فيجوز له أن يدعو أعضاء الأمم المتحدة إلى تطبيق عقوبات دبلوماسية أو اقتصادية و إذا ثبت عدم كفاية هذه الأساليب فإن ميثاق الأمم المتحدة يسمح لمجلس الأمن بالقيام بعمل عسكري ضد الدولة المخالفة .

و خلال الحرب الباردة أدى الخلاف المستمر بين الولايات المتحدة و الاتحاد السوفيتي و استخدام حق النقض للأعضاء الدائمين بكثافة إلى جعل مجلس الأمن مؤسسة غير فعالة و لكن منذ أواخر الثمانينيات نمت قوة المجلس و مكانته و خلال الفترة بين عامي 1987 و 2000 أذن بعمليات حفظ للسلام أكثر من أي وقت مضى و انخفض استخدام حق النقض بشكل كبير على الرغم من الخلافات بين الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن و على الأخص في عام 2003 حول استخدام القوة العسكرية ضد العراق و لتحقيق توافق في الآراء تُعقد اجتماعات غير رسمية نسبيًا في جلسات خاصة بين الأعضاء الدائمين في المجلس و هي ممارسة انتقدها أعضاء مجلس الأمن غير الدائمين .

المجلس الاقتصادي والاجتماعي

المجلس الإقتصادى و الإجتماعى

و هى مؤسسة تابعة الى الأمم المتحدة تم إنشائها لتكون المكان الرئيسي لمناقشة القضايا الاقتصادية و الاجتماعية الدولية و المسئول عن تنسيق الأنشطة الاقتصادية و الاجتماعية و الإنسانية و الثقافية للأمم المتحدة مع وكالاتها المتخصصة و هى تتمتع بصلاحيات التوصية باتخاذ إجراءات دولية بشأن القضايا الاقتصادية و الاجتماعية و تعزيز الاحترام العالمي لحقوق الإنسان و العمل من أجل التعاون في مجالات الصحة و التعليم و الثقافة و المجالات ذات الصلة كما يجري دراسات تصوغ القرارات و التوصيات و الاتفاقيات لتنظر فيها الجمعية العامة و يتم تنفيذ معظم أعمال المجلس الاقتصادي و الاجتماعي في لجان وظيفية حول موضوعات مثل حقوق الإنسان و المخدرات و السكان و التنمية الاجتماعية و الإحصاءات و وضع المرأة و العلوم والتكنولوجيا كما يشرف أيضًا على اللجان الإقليمية لأوروبا و آسيا والمحيط الهادئ و غرب آسيا و أمريكا اللاتينية و أفريقيا.

و يخول ميثاق الأمم المتحدة المجلس الاقتصادي والاجتماعي (ECOSOC) منح صفة استشارية للمنظمات غير الحكومية و هناك ثلاث فئات من الوضع الاستشاري معترف بها من قبل المنظمة أولها المنظمات غير الحكومية من الفئة العامة (الفئة الأولى سابقًا) و تشمل المنظمات ذات الأهداف و الأنشطة المتعددة و ثانيها المنظمات غير الحكومية من الفئة الخاصة (الفئة الثانية سابقًا) و المتخصصة في مجالات معينة من أنشطة المجلس الاقتصادي والاجتماعي و الثالثة هى المنظمات غير الحكومية التى لديها اهتمام عرضي فقط بأنشطة الأمم المتحدة حيث يتيح الوضع الاستشاري لتلك المنظمات غير الحكومية حضور اجتماعات المجلس الاقتصادي و الاجتماعي و إصدار التقارير و الإدلاء بشهاداتهم من حين لآخر في الاجتماعات و منذ منتصف التسعينيات تم اتخاذ تدابير لزيادة نطاق مشاركة المنظمات غير الحكومية في المجلس الاقتصادي والاجتماعي و في المؤتمرات العالمية المخصصة و في أنشطة الأمم المتحدة الأخرى و بحلول أوائل القرن الحادي والعشرين منح المجلس الاقتصادي والاجتماعي مركزًا استشاريًا لأكثر من 2500 منظمة غير حكومية .

و في البداية كان المجلس الاقتصادي و الاجتماعي يتألف من ممثلين من 18 دولة و لكن تم تعديل الميثاق في عام 1965 و 1974 لزيادة عدد الأعضاء إلى 54 و يتم فيه انتخاب الأعضاء لمدة ثلاث سنوات من قبل الجمعية العامة و كان أربعة من الدول الأعضاء الخمسة الدائمين في مجلس الأمن ( الولايات المتحدة و المملكة المتحدة و الاتحاد السوفيتي و فرنسا ) أعيد انتخابهم باستمرار لأنهم يوفرون التمويل لمعظم ميزانية المجلس الاقتصادي والاجتماعي و التى تعتبر الأكبر بين أي هيئة تابعة للأمم المتحدة و الذى تتخذ القرارات فيه بأغلبية الأصوات.

مجلس الوصاية

مجلس الوصاية

تم تأسيس مجلس الوصاية للإشراف على مناطق الوصاية و قيادتها التى سوف تنتقل إلى الحكم الذاتي أو الاستقلال حيث تم إنشاء نظام الوصاية ليكون مثل نظام الانتداب في ظل “عصبة الأمم” و الذى كان يتحدث عن أن الأراضي الاستعمارية المأخوذة من البلدان المهزومة في الحرب لا ينبغي ضمها من قبل القوى المنتصرة و لكن يجب أن تدار تحت إشراف دولي حتى تقرير مستقبلها و لكن على عكس نظام الانتداب دعا نظام الوصاية الى النظر فى الالتماسات القادمة من الأقاليم الخاضعة للوصاية بشأن استقلالها و تطلب بعثات دولية دورية إلى تلك الأراضي حيث كان في عام 1945 لا يزال متبقيا 12 انتدابًا فقط من عصبة الأمم و هم “ناورو و غينيا الجديدة و رواندا-أوروندي و توجولاند والكاميرون (تحت الإدارة الفرنسية) و توغولاند والكاميرون (تحت الإدارة البريطانية) و جزر المحيط الهادئ (كارولين ومارشال وماريانا) و ساموا الغربية و جنوب غرب إفريقيا و تنجانيقا و فلسطين” و أصبحت كل هذه الولايات مناطق خاضعة للوصاية باستثناء جنوب غرب إفريقيا (ناميبيا الآن) و التي رفضت جنوب إفريقيا دخولها في نظام الوصاية.

و يتألف مجلس الوصاية الذي يجتمع مرة كل عام من الدول التي تدير الأراضي المشمولة بالوصاية و الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن الذين لم يديروا الأراضي المشمولة بالوصاية بالاضافة الى أعضاء آخرين في الأمم المتحدة تنتخبهم الجمعية العامة و يكون لكل عضو صوت واحد و يتم اتخاذ القرارات بالأغلبية البسيطة للحاضرين و مع استقلال بالاو كآخر إقليم خاضع للوصاية في عام 1994 أنهى ذلك المجلس عملياته و لم يعد من الضروري أن يجتمع سنويًا الا أنه قد يجتمع بناءً على قرار رئيسه أو بناءً على طلب من أغلبية أعضائه أو من الجمعية العامة أو من مجلس الأمن و منذ عام 1994 تم اقتراح أدوار جديدة للمجلس بما في ذلك إدارة المشاعات العالمية (مثل قاع البحر و الفضاء الخارجي) و العمل كمنتدى للأقليات و الشعوب الأصلية .

محكمة العدل الدولية

محكمة العدل الدولية و المعروفة باسم المحكمة العالمية هي الجهاز القضائي الرئيسي لمنظمة الأمم المتحدة و ترجع أصول تلك المحكمة حتى قبل انشاء عصبة الأمم حيث نشأت فكرة إنشاء محكمة دولية للتحكيم في النزاعات الدولية خلال مؤتمر دولي عقد في “لاهاي” عام 1899 و قد أدرجت هذه المؤسسة في إطار عصبة الأمم عام 1919 باسم المحكمة الدائمة للعدل الدولي و اعتمدت اسمها الحالى مع تأسيس الأمم المتحدة في عام 1945 و يتم انتخاب قضاة المحكمة الخمسة عشر من قبل الجمعية العامة و يصوت مجلس الأمن عليهم بشكل مستقل و لا يجوز أن يكون هناك قاضيان من رعايا نفس الدولة و يجب على القضاة تمثيل قطاع عريض من الأنظمة القانونية الرئيسية في العالم و يخدمون فيها لمدة تسع سنوات و هم مؤهلين لإعادة انتخابهم و يقع مقر المحكمة فى مدينة “لاهاي ” الهولندية .

و قرارات محكمة العدل الدولية ملزمة و يشمل اختصاصها الواسع جميع القضايا التي يشير إليها الأطراف و جميع المسائل المنصوص عليها بشكل خاص في ميثاق الأمم المتحدة أو في المعاهدات و الاتفاقيات السارية و الأهم من ذلك أن الدول قد لا تكون أطرافًا في نزاع دون موافقتها و على الرغم من أنها تقوم بدورها في فئات محددة من النزاعات الا انه يجوز لها أن تعطي آراء استشارية بناء على طلب من الجمعية العامة أو مجلس الأمن أو بناء على طلب الهيئات و الوكالات المتخصصة الأخرى التي أذنت لها الجمعية العامة و على مدار تاريخها نجحت بالتحكيم في بعض القضايا مثل النزاع الحدودي بين “هندوراس و السلفادور” في عام 1992 , و في بعض الأحيان ترفض الدول أيضًا الاعتراف بالاختصاص القضائي أو النتائج التي توصلت إليها تلك المحكمة مثلما حدث عندما رفعت “نيكاراجوا” دعوى قضائية ضد “الولايات المتحدة” في المحكمة عام 1984 بتهمة تعدين موانئها و حكمت المحكمة لصالح “نيكاراجوا” لكن “الولايات المتحدة” رفضت قبول قرار المحكمة و منعت استئناف “نيكاراجوا” أمام مجلس الأمن و انسحبت من الولاية القضائية الإجبارية أو العامة للمحكمة و التي كانت قد قبلتها منذ عام 1946.

السكرتارية

يُنتخب الأمين العام الذى يعد المسؤول الإداري الرئيسي فى الأمم المتحدة لمدة خمس سنوات قابلة للتجديد بأغلبية ثلثي أصوات الجمعية العامة و بتوصية من مجلس الأمن و موافقة أعضائه الدائمين و يأتي الأمناء العامون عادة من دول محايدة و يعمل الأمين العام بصفته المسؤول الإداري الأول في جميع الاجتماعات و يضطلع بأية مهام يكلف بها من تلك الأجهزة إلى الأمانة كما يشرف على إعداد ميزانية الأمم المتحدة و له وظائف سياسية مهمة فهو مكلف بعرض أي مسألة قد تهدد السلم و الأمن الدوليين أمام المنظمة و غالبًا ما يكون الأمين العام المتحدث الرئيسي باسم الأمم المتحدة و الشخصية الأكثر وضوحًا و سلطة بداخلها في الشؤون العالمية و يعتبر مفاوضًا رفيع المستوى و إثباتًا لأهمية المنصب مُنح أمينان عامان جائزة نوبل للسلام و هم “داغ همرشولد” في عام 1961 و “كوفي عنان” كشريك مع الأمم المتحدة في عام 2001 .

و تؤثر الأمانة العامة على عمل الأمم المتحدة بدرجة أكبر بكثير مما هو مذكور في ميثاق الأمم المتحدة فهي مسؤولة عن إعداد العديد من التقارير و الدراسات و التحقيقات بالإضافة إلى المهام الرئيسية المتمثلة في الترجمة التحريرية و الشفوية و تقديم الخدمات لعدد كبير من الاجتماعات و غيرها من الأعمال و بموجب الميثاق يتم تعيين الموظفين بشكل أساسي على أساس الجدارة حيث تبذل جهود كبيرة لتعيين أفراد من مناطق جغرافية مختلفة كما يعمل بعض أعضاء الأمانة العامة بموجب عقود دائمة بينما يعمل البعض الآخر بمهمة مؤقتة من حكوماتهم الوطنية و في كلتا الحالتين يجب عليهم أداء قسم الولاء للأمم المتحدة و لا يُسمح لهم بتلقي تعليمات من الحكومات الأعضاء و يمكن أن يُعزى تأثير الأمانة العامة إلى حقيقة أن حوالي 9000 شخص من موظفيها هم خبراء دائمون و موظفون مدنيون دوليون و ليسوا معينين سياسيًا من الدول الأعضاء و يقع مقر الأمانة العامة في نيويورك و جنيف و فيينا و نيروبي (كينيا) و أماكن أخرى .

الهيئات الفرعية

تضم شبكة الأمم المتحدة أيضًا الأجهزة الفرعية التي أنشأتها الجمعية العامة و الوكالات المتخصصة المستقلة حيث تقدم الهيئات الفرعية تقاريرها إلى الجمعية العامة أو المجلس الاقتصادي والاجتماعي أو كليهما و يتم تمويل بعض من هذه الهيئات مباشرة من قبل الأمم المتحدة و يتم تمويل البعض الآخر من خلال المساهمات الطوعية من الحكومات أو المواطنين العاديين بالإضافة إلى ذلك فلدى المجلس الاقتصادي والاجتماعي علاقات استشارية مع المنظمات غير الحكومية العاملة في المجالات الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و التعليمية و الصحية و المجالات ذات الصلة حيث لعبت المنظمات غير الحكومية دورًا متزايد الأهمية في عمل وكالات الأمم المتحدة المتخصصة لا سيما في مجالات الصحة و حفظ السلام و قضايا اللاجئين و حقوق الإنسان .

الوكالات المتخصصة

تقدم الوكالات المتخصصة تقارير سنوية إلى المجلس الاقتصادي والاجتماعي و غالبا ما تتعاون مع بعضها البعض و مع مختلف أجهزة الأمم المتحدة ومع ذلك فإن لديهم أيضًا مبادئهم و أهدافهم و قواعدهم الخاصة و التي قد تتعارض أحيانًا مع تلك الخاصة بأجهزة و وكالات الأمم المتحدة الأخرى و تتمتع الوكالات المتخصصة بالاستقلالية بقدر ما تتحكم في ميزانياتها الخاصة و لديها مجالس إدارة خاصة بها و التي تعين رؤساء الوكالات بشكل مستقل عن الجمعية العامة أو الأمين العام و تشمل الوكالات المتخصصة الرئيسية و الأجهزة ذات الصلة في الأمم المتحدة منظمة العمل الدولية ( ILO ) و منظمة الأغذية و الزراعة للأمم المتحدة (الفاو) و منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) و منظمة الصحة العالمية ( WHO ) بالاضافة الى اثنتان من أقوى الوكالات المتخصصة و هما أيضًا الأكثر استقلالية فيما يتعلق باتخاذ قرارات عن الأمم المتحدة و هما البنك الدولي و صندوق النقد الدولي (IMF) و كثيرا ما يشار إلى الأمم المتحدة إلى جانب وكالاتها المتخصصة بشكل جماعي باسم منظومة الأمم المتحدة.

الادارة

المالية

يجب على الأمين العام تقديم ميزانية سنتين إلى الجمعية العامة للموافقة عليها حيث ينص الميثاق على أن يتحمل الأعضاء نفقات المنظمة على النحو الذي تحدده الجمعية العامة و تقوم لجنة الاشتراكات بإعداد جدول أنصبة لجميع الأعضاء بناءً على المستوى الاقتصادي العام و قدرة كل دولة و الذي يتم تقديمه أيضًا إلى الجمعية العامة للموافقة عليه و تعتبر “الولايات المتحدة” هي أكبر مساهم على الرغم من أن نسبة مساهماتها قد انخفضت باستمرار حيث أصبحت مساهمتها قضية مثيرة للجدل خلال التسعينيات عندما رفضت الدولة سداد التزاماتها بالكامل و اعترضت على مستوى التمويل المطلوب توفيره و في عام 1999 أقر الكونجرس الأمريكي مشروع قانون لإصلاح الأمم المتحدة و بعد مفاوضات مكثفة وافق أعضاء الأمم المتحدة على خفض حصة الولايات المتحدة في الميزانية و زيادة المساهمات من الدول الأخرى لتعويض النقص.

و عندما تضاف تكلفة البرامج الخاصة و الوكالات المتخصصة و عمليات حفظ السلام إلى الميزانية العادية تزداد التكلفة السنوية الإجمالية لمنظومة الأمم المتحدة زيادة كبيرة (يتم تمويل البرامج الخاصة من خلال المساهمات الطوعية من أعضاء الأمم المتحدة والوكالات المتخصصة اما عمليات حفظ السلام فلها ميزانياتها الخاصة) ويرجع ذلك جزئيًا إلى الزيادة السريعة في عدد النداءات الموجهة إلى الأمم المتحدة من أجل حفظ السلام و المساعدات الأخرى بعد نهاية الحرب الباردة و جزئياً بسبب فشل بعض الدول الأعضاء في سداد مدفوعات المنظمة في الوقت المناسب و لذلك عانت الأمم المتحدة من أزمات مالية مستمرة وشديدة.

المقر و العلم

قررت الجمعية العامة خلال الجزء الثاني من دورتها الأولى في “لندن” تحديد مقرها الدائم بأن يكون في “نيويورك” حيث تبرع رجل الأعمال “جون دي روكفلر جونيور” بقطعة أرض لبناء موقع في “مانهاتن” و تم إنشاء مقر مؤقت في “ليك سكسيس” في منطقة “لونج آيلاند” حتى تم الانتهاء من بناء مبنى الأمانة العامة الدائم و شغره خلال عامى 1951-1952.

و يتكون علم الأمم المتحدة المعتمد عام 1947 من الشعار الرسمي للمنظمة و هو خريطة دائرية للعالم كما تُرى من القطب الشمالي محاطة بإكليل من أغصان الزيتون باللون الأبيض في وسط خلفية زرقاء فاتحة و حددت الجمعية العامة يوم 24 أكتوبر ليكون يوما للأمم المتحدة.

علم الامم المتحدة

مهام الأمم المتحدة

صون السلم والأمن الدوليين

تعتبر الوظيفة الرئيسية للأمم المتحدة هي الحفاظ على السلم و الأمن الدوليين حيث ينص الفصل السادس من الميثاق على التسوية السلمية للنزاعات من خلال تدخل مجلس الأمن بوسائل مثل التفاوض و الوساطة و التحكيم و القرارات القضائية و يجوز لمجلس الأمن التحقيق في أي نزاع أو موقف لتحديد ما إذا كان من المحتمل أن يعرض السلم و الأمن الدوليين للخطر و في أي مرحلة من مراحل النزاع قد يوصي المجلس بإجراءات أو طرق مناسبة للتسوية و إذا فشل الأطراف في تسوية النزاع بالوسائل السلمية فقد يوصي المجلس بشروط التسوية و اذا لم ينجح يتم الإنتقال الى الفصل السابع من الميثاق الذي يمنح مجلس الأمن السلطة لاتخاذ تدابير قسرية تتراوح بين العقوبات الدبلوماسية و الاقتصادية و العسكرية إلى استخدام القوة المسلحة في الحالات التي فشلت فيها محاولات التسوية السلمية و نادراً ما تم تطبيق مثل هذه الإجراءات خلال الحرب الباردة بسبب التوترات بين “الولايات المتحدة” و “الاتحاد السوفيتي” و في فترة ما بعد الحرب الباردة زادت النداءات الموجهة إلى الأمم المتحدة من أجل حفظ السلام و الأنشطة ذات الصلة بشكل كبير التى تعتبر توجه تهديدات جديدة للسلم والأمن الدوليين بما في ذلك الإيدز و الإرهاب الدولي.

و على الرغم من الدور الأساسي لمجلس الأمن فينص ميثاق الأمم المتحدة على مشاركة الجمعية العامة و الدول غير الأعضاء في القضايا الأمنية و يجوز لأي دولة سواء كانت عضوًا في الأمم المتحدة أم لا أن تلفت انتباه مجلس الأمن أو الجمعية العامة إلى أي نزاع أو موقف يعرض السلم و الأمن الدوليين للخطر و يخول الميثاق الجمعية العامة مناقشة أي مسائل تتعلق بالحفاظ على السلم و الأمن الدوليين و تقديم توصيات فيما يتعلق بأية مسائل من هذا القبيل إلى الدولة أو الدول المعنية أو إلى مجلس الأمن أو كليهما و هذا التفويض مقيد بالنص الذي ينص على أنه أثناء قيام مجلس الأمن بواجباته بصدد نزاع أو موقف ما فلا يجوز للجمعية العامة أن تقدم أية توصية فيما يتعلق بهذا النزاع أو الموقف ما لم يكن مجلس الأمن يطلب ذلك و على ذلك فيكون دور الجمعية العامة ثانويًا نظرا لأن قرارات مجلس الأمن تلزم جميع الأعضاء في حين أن الجمعية العامة يمكنها فقط تقديم توصيات.

حفظ السلام وصنع السلام وبناء السلام

تم استخدام القوات المسلحة الدولية لأول مرة في عام 1948 لمراقبة وقف إطلاق النار في منطقتى كشمير و فلسطين و على الرغم من عدم ذكر تلك القوات على وجه التحديد في ميثاق الأمم المتحدة فإن استخدام مثل هذه القوات كحاجز بين الأطراف المتحاربة في انتظار انسحاب القوات و المفاوضات هى ممارسة تُعرف باسم حفظ السلام و تم إضفاء الطابع الرسمي عليها في عام 1956 أثناء أزمة السويس بين مصر و إسرائيل و فرنسا و الولايات المتحدة و بريطانيا و على الرغم من أنها تشترك في حقيقة أنها مصممة لتكون سلمية لكنها تضم قوات عسكرية من عدة دول و أن القوات تعمل تحت سلطة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة و في عام 1988 مُنحت قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة جائزة نوبل للسلام .

و خلال الحرب الباردة تم استخدام ما يسمى بالجيل الأول أو “الكلاسيكي” من عمليات حفظ السلام في النزاعات في الشرق الأوسط و أفريقيا و في النزاعات الناجمة عن إنهاء الاستعمار في آسيا بين عامي 1948 و 1988 و اضطلعت الأمم المتحدة بـ 13 مهمة لحفظ السلام تضمنت بشكل عام قوات مسلحة بأسلحة خفيفة من دول محايدة من غير الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن و في أغلب الأحيان من كندا و السويد و النرويج و فنلندا و الهند و أيرلندا و إيطاليا و لا يُسمح للقوات في هذه المهمات و المسماة “الخوذ الزرق” باستخدام القوة إلا للدفاع عن النفس و مع نهاية الحرب الباردة أصبحت تحديات حفظ السلام أكثر تعقيدًا و من أجل الاستجابة للحالات التي انهارت فيها الأنظمة الداخلية و أدت الى معاناة سكانها المدنيين تم تطوير “الجيل الثاني” من عمليات حفظ السلام لتحقيق أهداف سياسية و اجتماعية متعددة فعلى عكس الجيل الأول من عمليات حفظ السلام غالبًا ما يشتمل الجيل الثاني من عمليات حفظ السلام على خبراء مدنيين و متخصصين في مجال الإغاثة بالإضافة إلى جنود عسكريين كما أن هناك اختلاف آخر بين الجيل الثاني و الأول فى أن الجنود في بعض مهام الجيل الثاني مخولون باستخدام القوة لأسباب أخرى غير الدفاع عن النفس و لأن أهداف الجيل الثاني من عمليات حفظ السلام يمكن أن تكون متغيرة و يصعب تحديدها فقد صاحب الكثير من الجدل استخدام تلك القوات .

و خلال فترة التسعينيات تم تنفيذ الجيل الثاني من بعثات حفظ السلام في كمبوديا (1991-1993) و يوغوسلافيا السابقة (1992-1995) و الصومال (1992-1995) و في أماكن أخرى و شملت قوات من الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن أيضًا و من العالم المتقدم و النامي مثل أستراليا و باكستان و غانا و نيجيريا و فيجي و الهند في إقليم البوسنة والهرسك اليوغوسلافي السابق و أنشأ مجلس الأمن مناطق آمنة لحماية السكان المسلمين من الهجمات الصربية و تم تفويض قوات الأمم المتحدة بالدفاع عن تلك المناطق بالقوة و خلال الفترة ما بين عامي 1988 و 2000 تم التصريح بأكثر من 30 عملية من جهود حفظ السلام و بلغت ذروتها في عام 1993 بعد أن تم نشر أكثر من 80000 من قوات حفظ السلام و يمثلون 77 دولة في بعثات في جميع أنحاء العالم و في السنوات الأولى من القرن الحادي والعشرين تجاوز الإنفاق السنوي للأمم المتحدة على عمليات حفظ السلام 2 مليار دولار.

و بالإضافة إلى عمليات حفظ السلام التقليدية و الدبلوماسية الوقائية في حقبة ما بعد الحرب الباردة تم توسيع مهام قوات الأمم المتحدة بشكل كبير لتشمل صنع السلام و بناء السلام فعلى سبيل المثال منذ عام 1990 أشرفت قوات الأمم المتحدة على الانتخابات في أجزاء كثيرة من العالم بما في ذلك نيكاراجوا و إريتريا و كمبوديا و شجعت مفاوضات السلام في السلفادور و أنجولا و الصحراء الغربية و قامت بتوزيع المواد الغذائية في الصومال و أدى وجود قوات الأمم المتحدة في يوغوسلافيا أثناء التفكك العنيف و الممتد لهذا البلد إلى تجديد النقاش حول دور قوات الأمم المتحدة في إعادة توطين اللاجئين و في عام 1992 أنشأت الأمم المتحدة إدارة عمليات حفظ السلام (DPKO) و التي تقدم الدعم الإداري و الفني للبعثات السياسية و الإنسانية و تنسق جميع أنشطة إزالة الألغام التي تتم تحت رعاية الأمم المتحدة .

العقوبات والعمل العسكري

بالتوقيع على الميثاق يتعهد جميع الأعضاء الموجودين فى الأمم المتحدة بأن يضعوا تحت تصرف مجلس الأمن القوات المسلحة و المرافق لفرض عقوبات عسكرية على المعتدين أو المخربين بالسلام و مع ذلك خلال الحرب الباردة لم يتم إبرام أي اتفاقيات لإعطاء تأثير لهذا الإجراء و بعد نهاية الحرب الباردة تم إحياء إمكانية إنشاء قوات دائمة للأمم المتحدة .

و خلال الحرب الباردة تم التذرع بأحكام الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة مرتين فقط بدعم من جميع الأعضاء الخمسة الدائمين في مجلس الأمن ضد روديسيا الجنوبية في عام 1966 و ضد جنوب إفريقيا في عام 1977 و بعد اندلاع القتال بين كوريا الشمالية والجنوبية في يونيو 1950 حصلت الولايات المتحدة على قرار من مجلس الأمن يصرح باستخدام القوة لدعم حليفتها كوريا الجنوبية و رد القوات الكورية الشمالية نظرًا لأن الاتحاد السوفيتي كان في ذلك الوقت يقاطع جلسات مجلس الأمن بسبب رفضه تعيين جمهورية الصين الشعبية و لم يكن هناك حق النقض ضد الإجراء الأمريكي و نتيجة لذلك قاتلت قوة متعددة الجنسيات بقيادة الولايات المتحدة تحت راية الأمم المتحدة حتى تم التوصل إلى وقف إطلاق النار في 27 يوليو عام 1953.

و صوت مجلس الأمن مرة أخرى على استخدام القوات المسلحة للأمم المتحدة لصد العراق بعد غزوها للكويت في أغسطس عام 1990 و ذلك بعد إدانة العدوان و فرض عقوبات اقتصادية على العراق حيث فوض المجلس الدول الأعضاء باستخدام جميع الوسائل اللازمة لإعادة السلام و الأمن إلى الكويت و استمرت حرب الخليج ستة أسابيع حتى وافق العراق على الامتثال لقرارات الأمم المتحدة و الانسحاب و واصلت الأمم المتحدة مراقبة التزام العراق بقراراتها و التي تضمنت مطالبة العراق بإزالة أسلحة الدمار الشامل و وفقًا لهذا القرار أنشأ مجلس الأمن بعثة خاصة للأمم المتحدة للتفتيش و التحقق من تنفيذ العراق لشروط وقف إطلاق النار لكن الولايات المتحدة استمرت في قصف منشآت الأسلحة العراقية من وقت لآخر متذرعة بانتهاكات عراقية لمناطق حظر الطيران في المناطق الشمالية و الجنوبية من البلاد و استهداف الطائرات العسكرية الأمريكية بالرادار العراقي و عرقلة جهود التفتيش التي قامت بها اللجنة الخاصة .

و من أجل تقييم دور الأمم المتحدة الموسع في ضمان السلام و الأمن الدوليين من خلال تسوية المنازعات و حفظ السلام وبناءه و إجراءات الإنفاذ تم إجراء مراجعة شاملة لعمليات السلام التابعة للأمم المتحدة وقد أوجز تقرير صادر في عام 2000 الحاجة إلى تعزيز قدرة الأمم المتحدة على الاضطلاع بمجموعة متنوعة من المهام و من بين التوصيات العديدة الواردة فيه أن تحتفظ الأمم المتحدة بقوات بحجم لواء قوامه 5000 جندي يكون جاهز للنشر في غضون فترة تترواح ما بين 30 إلى 90 يومًا و أن يتم تزويد مقر الأمم المتحدة بمحترفين عسكريين مدربين قادرين على استخدام تقنيات المعلومات المتقدمة و التخطيط للعمليات مع فريق يضم خبراء سياسيين و تنمويين و خبراء في حقوق الإنسان.

الحد من التسلح ونزع السلاح

كان مؤسسو الأمم المتحدة يأملون في أن يؤدي الحفاظ على السلم و الأمن الدوليين إلى السيطرة على الأسلحة و تقليصها في نهاية المطاف لذلك يخول الميثاق الجمعية العامة النظر في مبادئ الحد من التسلح و نزع السلاح و تقديم توصيات إلى الدول الأعضاء و مجلس الأمن كما يعطي الميثاق مجلس الأمن مسؤولية صياغة خطط لتحديد الأسلحة و نزع السلاح و على الرغم من أن هدف الحد من التسلح و نزع السلاح قد ثبت أنه بعيد المنال الا ان الأمم المتحدة قد سهلت التفاوض بشأن عدة معاهدات متعددة الأطراف للحد من التسلح .

بسبب القوة التدميرية الهائلة التي تحققت مع تطوير و استخدام القنبلة الذرية خلال الحرب العالمية الثانية أنشأت الجمعية العامة في عام 1946 هيئة الطاقة الذرية للمساعدة في النظر العاجل للتحكم في الطاقة الذرية و الحد من أسلحتها و روجت “الولايات المتحدة” لخطة باروخ التي اقترحت إزالة المخزونات الحالية من القنابل الذرية فقط بعد إنشاء نظام رقابة دولية و حظر حق النقض في مجلس الأمن على قرارات اللجنة بعد أن أراد “الاتحاد السوفيتي” الذي اقترح خطة جروميكو ضمان تدمير المخزونات قبل الموافقة على خطة إشراف دولية و نتيجة المواقف المتضاربة للقوتين العظميين حال ذلك دون التوصل إلى أى اتفاق بشأن الرقابة الدولية على الأسلحة النووية و الطاقة.

و في عام 1947 نظم مجلس الأمن لجنة الأسلحة التقليدية للتعامل مع أسلحة أخرى غير أسلحة الدمار الشامل لكن التقدم في هذه القضية تعطل أيضًا بسبب الخلاف بين “الاتحاد السوفيتي” و القوى الغربية و نتيجة لذلك صوتت الجمعية العامة في عام 1952 على استبدال كلتا اللجنتين بهيئة نزع سلاح جديدة و تتكون هذه اللجنة من أعضاء مجلس الأمن و “كندا” و قد تم توجيه هذه اللجنة لإعداد مقترحات من شأنها أن تنظم و تحد و توازن تخفيض جميع القوات المسلحة و التسليح و القضاء على جميع أسلحة الدمار الشامل و ضمان المراقبة الدولية و استخدام الطاقة الذرية للأغراض السلمية فقط و بعد خمس سنوات من الجهد النشط و القليل من التقدم تم في عام 1957 إنشاء الوكالة الدولية للطاقة الذرية لتعزيز الاستخدامات السلمية للطاقة الذرية و في عام 1961 تبنت الجمعية العامة قرارًا يعلن أن استخدام الأسلحة النووية أو النووية الحرارية يتعارض مع القانون الدولي و ميثاق الأمم المتحدة و القوانين الإنسانية و بعد ذلك بعامين في 5 من أغسطس عام 1963 تم التوقيع على معاهدة حظر التجارب النووية من قبل الاتحاد السوفيتي و المملكة المتحدة و الولايات المتحدة حيث تحظر المعاهدة التي التزمت بها أكثر من 150 دولة فيما بعد التجارب النووية أو التفجيرات في الغلاف الجوي و في الفضاء الخارجي و تحت الماء و في عام 1966 وافقت الجمعية العامة بالإجماع على معاهدة تحظر وضع أسلحة الدمار الشامل في المدار أو على القمر أو على الأجرام السماوية الأخرى و تعترف باستخدام الفضاء الخارجي للأغراض السلمية فقط .

و في يونيو 1968 صادق المجلس على معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية التي تحظر انتشار الأسلحة النووية من القوى النووية إلى القوى غير النووية و تلتزم الدول غير النووية الموقعة على عدم تطوير أو نشر أسلحة نووية مقابل المساعدة التقنية في تطوير الطاقة النووية للأغراض السلمية و التزام القوى النووية بالمشاركة في تدابير نزع السلاح و مع ذلك و لسنوات عديدة لم يتم التصديق على المعاهدة التي دخلت حيز التنفيذ في عام 1970 من قبل قوى نووية كبيرة (بما في ذلك الصين وفرنسا) و العديد من الدول “شبه النووية” (بما في ذلك الأرجنتين و البرازيل و مصر و إسرائيل و باكستان و جنوب أفريقيا) الا ان بعض من تلك الدول وقعت على المعاهدة في أوائل التسعينيات حيث وقعت جنوب إفريقيا عام 1991 تلتها فرنسا و الصين عام 1992 كما كانت الأمم المتحدة نشطة في محاولة القضاء على أسلحة الدمار الشامل الأخرى بمختلف أنواعها ففي عام 1970 وافقت الجمعية العامة على معاهدة تحظر نشر أسلحة الدمار الشامل في قاع البحر و تمت الموافقة على اتفاقية تحظر تصنيع و تخزين و استخدام الأسلحة البيولوجية من قبل الجمعية العامة في عام 1971 و دخلت حيز التنفيذ عام 1975 على الرغم من أن العديد من الدول لم تنضم إليها مطلقًا و في عام 1991 أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارًا بشأن تسجيل الأسلحة التقليدية يطلب من الدول تقديم معلومات عن عمليات نقل الأسلحة الدولية الرئيسية و خلال السنوات العديدة الأولى من التسجيل قدم أقل من نصف أعضاء الأمم المتحدة المعلومات المطلوبة و بحلول عام 2000 قدمت حوالي ثلاثة أخماس الحكومات تقارير سنوية أما بالنسبة الى الأسلحة الكيميائية ففى عام 1993 فُتح باب التوقيع على اتفاقية الأسلحة الكيميائية التي حظرت تطوير و إنتاج و تخزين و استخدام الأسلحة الكيميائية و دعت إلى تدمير المخزونات الموجودة في غضون 10 سنوات و في عام 1996 تم التوقيع على معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية التي تحظر تجارب الأسلحة النووية على الرغم من أنها لم تدخل حيز التنفيذ بعد و بعد ذلك بعامين تم التوقيع على معاهدة تحظر إنتاج و تصدير الألغام الأرضية المضادة للأفراد و على الرغم من الضغوط الدولية رفضت الولايات المتحدة التوقيع على كل من حظر التجارب و اتفاقيات الألغام الأرضية.

التعاون الإقتصادى

تعتبر الجمعية العامة و المجلس الاقتصادي والاجتماعي و الأمانة العامة و العديد من الهيئات الفرعية و الوكالات المتخصصة مسؤولة عن تعزيز التعاون الإقتصادى في مجالات مثل إعادة الإعمار بعد الحرب و المساعدة الفنية و التجارة و التنمية .

إعادة البناء الاقتصادي

أدى الدمار الذي لحق بمناطق واسعة من العالم و تعطيل العلاقات الاقتصادية خلال الحرب العالمية الثانية إلى إنشاء (قبل تأسيس الأمم المتحدة) إدارة الأمم المتحدة للإغاثة و إعادة التأهيل في عام 1943 و قد خلفتها منظمة اللاجئين التي عملت من عام 1947 و حتى عام 1951 للمساعدة في التعامل مع المشاكل الإقليمية و أنشأ المجلس الاقتصادي والاجتماعي في عام 1947 اللجنة الاقتصادية لأوروبا و اللجنة الاقتصادية لآسيا و الشرق الأقصى و تم إنشاء لجان مماثلة لأمريكا اللاتينية في عام 1948 و لإفريقيا في عام 1958 و مع ذلك تم تفويض العمل الرئيسي لإعادة البناء الاقتصادي إلى البنك الدولي للإنشاء والتعمير (البنك الدولي) و هو أحد المؤسسات المالية الرئيسية التي تم إنشاؤها عام 1944 في مؤتمر الأمم المتحدة النقدي و المالي (المعروف باسم مؤتمر بريتون وودز) و على الرغم من أن البنك الدولي مستقل رسميًا عن الأمم المتحدة الا أنه يقدم تقاريره إلى المجلس الاقتصادي والاجتماعي باعتباره إحدى الوكالات المتخصصة التابعة للأمم المتحدة حيث يعمل البنك الدولي بشكل وثيق مع الدول المانحة و برامج الأمم المتحدة و الوكالات المتخصصة الأخرى.

تمويل التنمية الاقتصادية

يعتبر البنك الدولي هو المسؤول أيضًا بشكل أساسي عن تمويل التنمية الاقتصادية ففي عام 1956 تم إنشاء مؤسسة التمويل الدولية كذراع للبنك الدولي خصيصًا لتحفيز تدفقات الاستثمار الخاص و تتمتع المؤسسة بصلاحية تقديم قروض مباشرة للمؤسسات الخاصة دون ضمانات حكومية و يسمح لها بتقديم قروض بخلاف العوائد الثابتة و في عام 1960 تم إنشاء المؤسسة الدولية للتنمية (IDA) لتقديم القروض إلى البلدان الأقل نمواً بشروط أكثر مرونة من القروض المصرفية اما الأمم المتحدة نفسها فقد لعبت دورًا محدودًا في تمويل التنمية الاقتصادية حيث تقدم الجمعية العامة التوجيه و الإشراف على الأنشطة الاقتصادية و ينسق المجلس الاقتصادي والاجتماعي مع الوكالات و البرامج المختلفة و تتألف جهود التنمية التي تبذلها الأمم المتحدة من نشاطين أساسيين أولها هو أن تقوم عدة لجان إقليمية (لأوروبا وآسيا والمحيط الهادئ وأمريكا اللاتينية وأفريقيا) بتعزيز النهج الإقليمي للتنمية و تضطلع بالدراسات و المبادرات الإنمائية للمشاريع الاقتصادية الإقليمية و ثانيًا تعمل على تقديم برامج المساعدة الفنية التي ترعاها الأمم المتحدة و الممولة منذ عام 1965 من خلال برنامج الأمم المتحدة الإنمائي كمساعدة في المجالات الأساسية للتنمية التقنية والاقتصادية والاجتماعية في البلدان الأقل نموًا و يقوم الممثلون المقيمون لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في البلدان المستفيدة بتقييم الاحتياجات و الأولويات المحلية و إدارة برامج التنمية التابعة للأمم المتحدة.

التجارة والتنمية

بعد إنهاء الاستعمار الهائل في الخمسينيات و أوائل الستينيات من القرن الماضي أصبحت الدول الأقل تقدمًا أكثر عددًا و تنظيمًا و قوة في الجمعية العامة و بدأت في إنشاء أجهزة لمعالجة مشاكل التنمية و التنويع في الاقتصادات النامية لأن النظام التجاري الدولي و الاتفاقية العامة للتعريفات و التجارة تعالج في المقام الأول تعزيز التجارة بين البلدان الصناعية المتقدمة و في عام 1964 أنشأت الجمعية العامة مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد) لمعالجة القضايا التي تهم البلدان النامية و تحقيقا لهذه الغاية حاول الأونكتاد و مجموعة الـ 77 من البلدان الأقل نموا التي روجت لإنشائه تقنين مبادئ التجارة الدولية و ترتيب اتفاقات لتثبيت أسعار السلع الأساسية و أسفرت مناقشات الأونكتاد عن اتفاقات بشأن نظام أفضليات معمم ينص على معدلات تعريفية أقل لبعض صادرات البلدان الأفقر و إنشاء صندوق مشترك للمساعدة في تمويل المخزونات الاحتياطية لاتفاقات السلع الأساسية كما ناقش الأونكتاد مسائل تتعلق بالشحن و التأمين و السلع و نقل التكنولوجيا و وسائل مساعدة صادرات البلدان النامية.

و حاولت البلدان الأقل نموًا بذل جهود أكثر تضافرًا و اتساعًا لإعادة توزيع الثروة و الفرص الاقتصادية من خلال المطالبة بنظام اقتصادي دولي جديد و قدمتها في عام 1974 مجموعة الـ 77 ( أصبحت في النهاية تضم أكثر من 120 دولة) و شجعها على ذلك العرض الناجح للقوة الاقتصادية من قبل الدول المنتجة للنفط خلال الحصار الذي وقع في 1973-1974 و طالبت الدول النامية بفرص أكبر لتمويل التنمية و زيادة نسبة الناتج القومي الإجمالي التي تخصصها الدول الصناعية المتقدمة للمساعدات الخارجية و مشاركة أكبر في الوكالات المتخصصة المنشأة للتعامل مع القضايا النقدية والإنمائية بما في ذلك البنك الدولي و صندوق النقد الدولي و أسفرت هذه المطالب عن تعديل محدود في تدفقات المعونة و ممارسات الوكالات المتخصصة و أثارت نقاشا و دعاية أكبر بكثير حول قضايا التنمية.

الرعاية الاجتماعية والتعاون

تهتم الأمم المتحدة بقضايا حقوق الإنسان بما في ذلك حقوق النساء و الأطفال و إعادة توطين اللاجئين و مكافحة المخدرات رغم الضغوط الشديدة على موارد برامج و وكالات الأمم المتحدة الإنمائية الناتجة عن تحركات اللاجئين الهائلة و الأزمات الإنسانية مما دفع المنظمة الأممية الى زيادة تركيزها على التنمية الاجتماعية .

اللاجئين

بعد الحرب العالمية الثانية نجحت المنظمة الدولية للاجئين في إعادة توطين أكثر من مليون لاجئ أوروبي و آسيوي و إعادتهم إلى الوطن و نقلهم أو الإبقاء عليهم و تم إلغاؤها في عام 1952 و استبدالها بهيكل دولي جديد للاجئين و في عام 1951 وافقت الجمعية العامة على اتفاقية تتعلق بوضع اللاجئين ثم تم تعيين المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR) و توجيهها للعمل بموجب هذه الاتفاقية و عين المجلس الاقتصادي والاجتماعي لجنة استشارية لمساعدة المفوض السامي حيث أصبح عمل المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين مهمًا بشكل متزايد منذ أواخر الثمانينيات بما في ذلك عمليات الإغاثة الرئيسية في إفريقيا و آسيا (خاصة جنوب شرق و وسط آسيا) و أمريكا الوسطى و غرب و وسط أوروبا و منطقة البلقان و في نهاية التسعينيات أُجبر ما يقرب من 20 مليون شخص على الهجرة أو فروا من الاضطهاد و العنف و المجاعة و تعمل المفوضية في أكثر من 120 دولة و تتعاون مع أكثر من 450 منظمة غير حكومية لتقديم الإغاثة و المساعدة في إعادة التوطين و حصل مكتب المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين على جائزة نوبل للسلام في عامي 1954 و 1981 لخدماته لصالح اللاجئين كما أنه يوجد منظمة منفصلة و هى وكالة الأمم المتحدة لإغاثة و تشغيل لاجئي فلسطين (الأونروا) .

حقوق الإنسان

على عكس عصبة الأمم أدرجت الأمم المتحدة مبدأ احترام حقوق الإنسان في ميثاقها مؤكدة احترام الحريات الأساسية للجميع بغض النظر عن العرق أو الجنس أو اللغة أو الدين و وفقًا للميثاق فإن الجمعية العامة مكلفة بإجراء الدراسات و تقديم التوصيات و المجلس الاقتصادي والاجتماعي مسؤول عن إنشاء لجان لتحقيق هذا الغرض و نتيجة لذلك تم إنشاء لجنة حقوق الإنسان التي ترأستها في بادئ الأمر “إليانور روزفلت” زوجة الرئيس الأمريكى في عام 1946 لوضع اتفاقيات حول مجموعة واسعة من القضايا بما في ذلك الشرعة الدولية للحقوق و الحريات المدنية و وضع المرأة و حرية المعلومات و حماية الأقليات و منع التمييز على أساس العرق أو الجنس أو اللغة أو الدين وأي مخاوف أخرى تتعلق بحقوق الإنسان و أعدت اللجنة الإعلان العالمي غير الملزم لحقوق الإنسان والذي اعتمدته الجمعية العامة في عام 1948.

و بعد الإعلان بدأت اللجنة في صياغة عهدين أحدهما بشأن الحقوق المدنية والسياسية و الآخر بشأن الحقوق الاقتصادية و الثقافية لكن أعاقت الاختلافات في الفلسفات الاقتصادية والاجتماعية الجهود المبذولة للتوصل إلى اتفاق لكن الجمعية العامة اعتمدت في نهاية المطاف العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية و العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية و السياسية في عام 1966 و العهدان اللذان بدأ تنفيذهما في عام 1976 تُعرف مجتمعة جنبًا إلى جنب مع الإعلان العالمي لحقوق الإنسان باسم الشرعية الدولية للحقوق و على الرغم من أن جميع الدول قد أعربت عن دعمها لإعلان عام 1948 إلا أنه لم تلتزم جميعها بالعهدين أو صدقت عليهما , و بشكل عام فضلت الدول الغربية الحقوق المدنية و السياسية (الحق في الحياة و الحرية و التحرر من العبودية و الاعتقال التعسفي و حرية الرأي و التجمع السلمي و الحق في التصويت) و شددت الدول النامية على الحقوق الاقتصادية والثقافية مثل الحق في العمل و المأوى و التعليم و مستوى معيشي لائق .

و تجتمع لجنة حقوق الإنسان و لجنتها الفرعية سنويًا في جنيف للنظر في مجموعة واسعة من قضايا حقوق الإنسان و يتم التحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان من قبل لجنة حقوق الإنسان المشكلة وفقا لأحكام العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية كما تضطلع اللجنة و اللجنة الفرعية بمسؤوليات خاصة تفوضها الجمعية العامة أو المجلس الاقتصادي والاجتماعي و عززت اللجنة و اللجنة الفرعية معايير حقوق الإنسان و وسعت نطاق الحقوق المعترف بها جزئيًا عن طريق صياغة اتفاقيات إضافية بشأن مسائل مثل حقوق المرأة و التمييز العنصري و التعذيب و قوانين العمل و الفصل العنصري و حقوق الشعوب الأصلية و تراقب الأمم المتحدة من خلال المقررين الخاصين و مجموعات العمل الامتثال لمعايير حقوق الإنسان و في عام 1993 أنشأت الجمعية العامة منصب مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان .

و على وجه الخصوص عملت الأمم المتحدة على تعزيز الاعتراف بحقوق النساء و الأطفال و أنشأت اتفاقية خاصة للقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة و التي تمت الموافقة عليها في عام 1979 و صدقت عليها حوالي 170 دولة و اتفاقية حقوق الطفل لعام 1989 و التي صادقت عليها أكثر من 190 دولة و في عام 1995 وضع المؤتمر العالمي الرابع المعني بالمرأة و الذي عقد في “بكين” منهاج عمل للاعتراف بحقوق المرأة و تحسين معيشتها في جميع أنحاء العالم و رصدت اجتماعات المتابعة التقدم نحو تحقيق هذه الأهداف حيث يعمل صندوق الأمم المتحدة الإنمائي للمرأة منذ عام 1995 على تنفيذ قرارات مؤتمر ” بيكين “.

مكافحة المخدرات

أذنت الجمعية العامة للجنة المخدرات في عام 1946 بتولي مهام اللجنة الاستشارية لعصبة الأمم المعنية بالاتجار في الأفيون و المخدرات الخطرة الأخرى بالإضافة إلى إعادة إنشاء نظام مكافحة المخدرات قبل الحرب العالمية الثانية و الذي تعطل بسبب الحرب كما عالجت الأمم المتحدة المشاكل الجديدة الناتجة عن تطوير العقاقير الاصطناعية و بُذلت جهود لتبسيط نظام الرقابة من خلال صياغة اتفاقية واحدة تضم جميع الاتفاقات السارية و أنشأت مكتب مراقبة المخدرات و منع الجريمة (ODCCP) في عام 1997 لمعالجة المشاكل المتعلقة بالمخدرات و الجريمة و الإرهاب الدولي .

قضايا الصحة والرعاية

تعمل الأمم المتحدة من خلال منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) و الوكالات المتخصصة مثل منظمة الصحة العالمية (WHO) على تحسين الظروف الصحية و الرفاهية في جميع أنحاء العالم حيث تأسست اليونيسف التي كانت تسمى في الأصل صندوق الطوارئ الدولي للأطفال التابع للأمم المتحدة من قبل الجمعية العامة في ديسمبر عام 1946 لتوفير احتياجات الأطفال في المناطق التي دمرتها الحرب العالمية الثانية و أصبحت اليونيسف منظمة دائمة تابعة للأمم المتحدة عام 1953 و بتمويل كبير من مساهمات الدول الأعضاء و ساعدت المنظمة في إطعام الأطفال في أكثر من 100 دولة و قدمت لهم الملابس و الضروريات الأخرى و سعت إلى القضاء على أمراض مثل السل و السعال الديكي و الدفتيريا و تشجع اليونيسف تدابير الرعاية الصحية الوقائية منخفضة التكلفة للأطفال بما في ذلك الرضاعة الطبيعية للرضع و استخدام علاج الجفاف الفموي لعلاج الإسهال الذى يعد السبب الرئيسي لوفاة الأطفال كما تضطلع اليونيسف بمسؤوليات رصد رئيسية بموجب اتفاقية حقوق الطفل .

و تعتبر منظمة الصحة العالمية هي وكالة الأمم المتحدة الرئيسية المسؤولة عن الأنشطة الصحية و من بين مبادراتها الرئيسية حملات التحصين و التطعيم لحماية السكان في العالم النامي و تنظيم صناعة الأدوية للتحكم في جودتها و ضمان توافرها اضافة الى الجهود المبذولة لمكافحة انتشار فيروس نقص المناعة البشرية / الإيدز حيث استجابت المنظمة للمطالبات بمكافحته من خلال إنشاء برنامج الأمم المتحدة المشترك و المعني بفيروس نقص المناعة البشرية / الإيدز و هو برنامج مقام بالتنسيق بين الوكالات الراعية بما في ذلك اليونيسف و منظمة الصحة العالمية و برنامج الأمم المتحدة الإنمائي و اليونسكو و البنك الدولي و الذى يهدف الى دعم البرامج لمنع انتقال المرض و توفير الرعاية للمصابين و العمل على الحد من ضعف فئات معينة من السكان و تخفيف الآثار الاقتصادية و الاجتماعية للمرض و في عام 2001 نسق برنامج الأمم المتحدة المشترك المعني بفيروس نقص المناعة البشرية / الإيدز جلسة استثنائية للجمعية العامة بشأن المرض .

البيئة

استجابة للقلق المتزايد في جميع أنحاء العالم بشأن القضايا البيئية فقد نظمت الجمعية العامة مؤتمر الأمم المتحدة المعني بالبيئة البشرية و الذي عقد في ستوكهولم عام 1972 و أدى إلى إنشاء برنامج الأمم المتحدة للبيئة في نفس العام حيث حاول البرنامج إيجاد حلول لمختلف المشاكل البيئية بما في ذلك التلوث في البحر الأبيض المتوسط و التهديد الذي يشكله النشاط الاقتصادي البشري على الموارد المائية و إزالة الغابات و التصحر و الجفاف و استنفاد طبقة الأوزون على الأرض بسبب المواد الكيميائية التي ينتجها الإنسان و الاحتباس الحراري حيث نشأ الكثير من الخلاف حول الأسس العلمية للشواغل البيئية و مسألة الجمع بين أهداف حماية البيئة و التنمية على الرغم من أن كل من البلدان المتقدمة و النامية تدرك الحاجة إلى الحفاظ على الموارد الطبيعية و لكن البلدان النامية غالبًا ما تتهم أن البيئة قد تعرضت للنهب في المقام الأول من قبل الدول الصناعية المتقدمة و في حالات أخرى اعترضت البلدان المتقدمة على فرض المعايير البيئية خوفًا من أن هذه اللوائح ستعيق النمو الاقتصادي وتقوض مستوى معيشتهم .

و نجح برنامج الأمم المتحدة للبيئة في إنشاء لجنة عالمية للبيئة و التنمية من خلال الجمعية العامة و في عام 1988 وضع الخطوط العريضة لبرنامج بيئي لتحديد الأولويات للفترة ما بين عامى 1990-1995 و استمرت المؤتمرات الدولية مثل مؤتمر الأمم المتحدة المعنية بالبيئة و التنمية (“قمة الأرض”) الذي عقد في ريو دي جانيرو عام 1992 في تركيز الاهتمام على القضايا البيئية و تضمنت قمة الأرض التي كانت أكبر بكثير من أي مؤتمر دولي حكومي دولي سابق مدخلات من العديد من المنظمات غير الحكومية و أخرجت اتفاقية بشأن التنوع البيولوجي و اتفاقية إطارية بشأن تغير المناخ و إعلان ريو بشأن البيئة و التنمية (إعلان ريو) و بيان المبادئ المتعلقة بالغابات و خطة للتنمية المستدامة لموارد الأرض في القرن الحادي والعشرين و تم تعديل اتفاقية الاحتباس الحراري في عام 1997 بموجب بروتوكول “كيوتو” و في عام 2015 بموجب اتفاقية “باريس” بشأن تغير المناخ و كلاهما يهدف إلى الحد من متوسط ​​الزيادات في درجات الحرارة العالمية من خلال خفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري .

المناطق التابعة

أعربت الأمم المتحدة عن قلقها بشأن الأشخاص الذين يعيشون في أقاليم غير متمتعة بالحكم الذاتي حيث سهلت استقلال المستعمرات السابقة و وصلت الحركة المناهضة للاستعمار في الأمم المتحدة إلى ذروتها عام 1960 عندما تبنت الجمعية العامة قرارًا برعاية أكثر من 40 دولة أفريقية و آسيوية و المسمى إعلان منح الاستقلال للبلدان و الشعوب المستعمرة و الذى أدان إخضاع الشعوب لاستعباد الغرب و سيطرته و استغلاله و أعلن أنه يجب اتخاذ خطوات فورية لنقل جميع السلطات إلى الشعوب في المستعمرات دون أي شروط أو تحفظات وفقًا لإرادتها و رغبتها التي تعبر عنها بحرية من أجل تمكينها من التمتع بالاستقلال و الحرية الكاملين و بعد فترة إنهاء الاستعمار في الخمسينيات و الستينيات من القرن الماضي مارست الدول الجديدة نفوذًا في الجمعية العامة و مع قبول الدول الجديدة من إفريقيا وآسيا في الأمم المتحدة في الستينيات والسبعينيات و نهاية الحرب الباردة في عام 1991 تغيرت السياسة داخل الجمعية العامة و مجلس الأمن حيث شكلت الدول كتل تصويت إقليمية للتعبير عن أصواتهم .

و كانت جهود الأمم المتحدة لنيل استقلال ناميبيا عن جنوب إفريقيا ربما تمثل المحاولة الأكثر ديمومة و تضافرًا من قبل المنظمة لتعزيز الحرية لمستعمرة سابقة ففي عام 1966 اتخذت الجمعية العامة إجراءات لإنهاء تفويض عصبة الأمم لجنوب غرب إفريقيا حيث نصت على إنشاء مجلس للأمم المتحدة لجنوب غرب إفريقيا في عام 1967 لتولي المسؤوليات الإدارية في الإقليم و إعداده للاستقلال بحلول عام 1968 و لكن جنوب إفريقيا رفضت الاعتراف بالمجلس و واصلت الجمعية العامة و الأمين العام و مجلس الأمن ممارسة الضغوط عليها خلال السبعينيات و في عام 1978 تبنت الجمعية العامة برنامج عمل من أجل استقلال ناميبيا حيث وافقت جنوب إفريقيا أخيرًا على الانسحاب من ناميبيا عام 1989 و أشرفت قوة تابعة للأمم المتحدة على الانتخابات و ساعدت في إعادة اللاجئين إلى أوطانهم و حصلت ناميبيا على وضع مستقل رسمي في عام 1990.

تطوير القانون الدولي

لعبت الأمم المتحدة مثل عصبة الأمم دورًا رئيسيًا في تحديد و تدوين و توسيع مجال القانون الدولي حيث أنشأت الجمعية العام عام 1947 لجنة القانون الدولي و هي المؤسسة الرئيسية المسؤولة عن هذه الأنشطة حيث تتلقى اللجنة القانونية للجمعية العامة تقارير اللجنة و تناقش توصياتها و بعد ذلك قد تعقد إما مؤتمرًا دوليًا لوضع اتفاقيات رسمية بناءً على المسودة أو مجرد التوصية بالمسودة إلى الدول و تعزز محكمة العدل الدولية القواعد القانونية من خلال أحكامها و كان لتلك اللجنة تأثيرات كبيرة فى قوانين الحرب و قانون البحار و حقوق الإنسان و الإرهاب الدولي.

فمع إنشاء المنظمة كان الشاغل الأول لها بعد الحرب العالمية الثانية هو معاقبة مجرمي الحرب النازيين المشتبه بهم لذلك وجهت الجمعية العامة لجنة القانون الدولي إلى صياغة مبادئ القانون الدولي المعترف بها في محاكمات نورنبرج والتي حوكم فيها مجرمو الحرب الألمان و إعداد مشروع قانون للجرائم ضد السلام و أمن البشرية و في عام 1950 قدمت اللجنة صياغتها لمبادئ نورنبرج و التي تغطي الجرائم ضد السلام و جرائم الحرب و الجرائم ضد الإنسانية و في العام التالي قدمت اللجنة إلى الجمعية العامة مشاريع تعدد الجرائم ضد القانون الدولي و التى كانت حول أي عمل أو تهديد بالعدوان و ضم الأراضي و الإبادة الجماعية و على الرغم من أن الجمعية العامة لم تعتمد هذه التقارير إلا أن عمل اللجنة في صياغة مبادئ نورنبرج أثر في تطوير قانون حقوق الإنسان .

و تناولت الأمم المتحدة مشكلة تعريف العدوان و هي مهمة حاولت عصبة الأمم تعريفها دون جدوى و عليه قامت كل من لجنة القانون الدولي و الجمعية العامة بجهود مطولة أسفرت في نهاية المطاف عن اتفاق في عام 1974 حيث شمل تعريف العدوان و الذي مر دون معارضة هو شن هجمات عسكرية و إرسال مرتزقة مسلحين ضد دولة أخرى اضافة الى ارتكاب عمل من أعمال العدوان على دولة أخرى و في عام 1987 اعتمدت الجمعية العامة سلسلة من القرارات لتعزيز القواعد القانونية لصالح الحل السلمي للنزاعات و ضد استخدام القوة كما أحرزت الأمم المتحدة تقدمًا كبيرًا في تطوير و تدوين قانون البحار حيث تبنت لجنة القانون الدولي قانون البحار كأحد اهتماماتها الأولى و في عامي 1958 و 1960 على التوالي عقدت الجمعية العامة مؤتمري الأمم المتحدة الأول و الثاني لقانون البحار حيث وافق المؤتمر الأولي على الاتفاقيات المتعلقة بالجرف القاري و صيد الأسماك و أعالي البحار و المياه الإقليمية و المناطق المتاخمة لها و التي تم التصديق عليها جميعًا بحلول منتصف الستينيات و خلال السبعينيات أصبح من المقبول أن قاع البحار العميقة هي “تراث مشترك للبشرية” و يجب أن تدار من قبل سلطة دولية و في عام 1973 دعت الجمعية العامة لاتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار الثالثة لمناقشة المواقف المتضاربة حول هذه القضية و كذلك حول القضايا المتعلقة بالملاحة و التلوث و اتساع المياه الإقليمية و تم التصديق على معاهدة قانون البحار الناتجة عام 1982 من قبل حوالي 140 دولة و لم يتم التوقيع على المعاهدة الأصلية من قبل الولايات المتحدة التي اعترضت على قيود المعاهدة بالتعدين في قاع البحار و لكنها وقعت على معاهدة معدلة بعد التوصل إلى حل وسط في عام 1994 و لم تصدق بعد من قبل مجلس الشيوخ الأمريكي.

و منذ عام 1963 كانت الأمم المتحدة نشطة في تطوير إطار قانوني لمكافحة الإرهاب الدولي و أبرمت الجمعية العامة و الوكالات المتخصصة مثل منظمة الطيران المدني الدولي و الوكالة الدولية للطاقة الذرية اتفاقيات بشأن قضايا مثل الجرائم المرتكبة على متن الطائرات و الأفعال التي تهدد سلامة الطيران المدني و أخذ الرهائن بشكل غير قانوني و السرقة أو النقل غير المشروع لتكنولوجيا الأسلحة النووية و في عام 2001 في أعقاب الهجمات الإرهابية المدمرة التي قتلت الآلاف في الولايات المتحدة واصلت اللجنة المخصصة للإرهاب التابعة للجمعية العامة العمل على وضع اتفاقية شاملة لقمع الإرهاب.

شارك الموضوع

عمرو عادل

فى الحياة الواقعيه مهندس ميكانيكا قوى اما فى الحياه الافتراضيه فباحث و كاتب و مدير الموقع دا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *