والت ديزنى

رسام و منتج سينمائى و رجل أعمال أمريكى و من أحد القلائل الذين كان لهم تأثير كبير فى صناعة الترفيه و الثقافة في القرن العشرين و من أشهر رواد أفلام الرسوم المتحركه و الذى ساهم بخبراته و ابداعاته باضافة العديد من التطويرات فى ذلك المجال كما أنه صاحب الفضل فى ابتكار شخصيات كارتونية تعد أيقونية حتى اللحظة داخل وجدان الكثيرين و يتعلق بها الصغار و الكبار أشهرها ميكى ماوس الذى أصبح رمزا ثقافيا معترف به عالميًا , كما أنه صاحب بصمة كبيرة فى عالم السينما بعد أن أصبح أول صانع فيلم طويل للرسوم المتحركة و أشهر من نقل الروايات العالمية من صفحات القصص الى الشاشات ليشاهدها الجمهور متجسدة أمامهم لذلك ليس بالغريب بعد كل تلك الاسهامات أن يحصل والت ديزنى على الرقم القياسى فى حصد جوائز الأوسكار بعد أن فاز بـ 22 جائزة من أصل 59 ترشيحًا كما توسعت اهتماماته بعالم الترفيه بشكل أكبر بعد قيامه بتأسيس أشهر المتنزهات فى العالم و هى ديزني لاند و ديزني وورلد التى تعتبر من أبرز المعالم السياحية الترفيهية فى الولايات المتحدة و أوروبا و أسيا و تشهد حتى اللحظة إقبال الكثيرين على زيارتها و الاستمتاع بأوقاتهم فيها كما تعد شركته السينمائيه التى تحمل اسمه واحدة من أشهر الشركات فى عالم صناعة الأفلام السينمائيه و التى أنتجت عددا من الأفلام نالت الكثير من الشهرة عالميا و المدرج منها البعض في السجل الوطني للأفلام بمكتبة الكونجرس باعتبارها أفلام تراثية و ذات تأثير كبير على عموم المشاهدين .

نشأته

ولد ” والتر إلياس ديزنى ” في 5 ديسمبر عام 1901 في “شيكاغو ” بولاية “إلينوي” من أب ينحدر من أصول أيرلنديه و أم ” فلورا ” من أصول ألمانية و انجليزية و عاش معظم طفولته في “مارسيلين” بولاية “ميسوري” حيث بدأت هوايته بالرسم فى الظهور منذ الطفولة و كان يبيع رسوماته الى الجيران و أصدقاء العائلة و فى عام 1911 انتقلت عائلته إلى مدينة “كانساس” حيث أحب “ديزني” القطارات نتيجة تأثره بعمه “مايك مارتن” الذى كان مهندس قطار يعمل على الطريق بين “فورت ماديسون” بولاية “أيوا” و “مارسيلين” ثم عمل ” والت ” في وظيفة صيفية بالسكك الحديدية و كان يقوم ببيع الوجبات الخفيفة و الصحف للمسافرين .

و بعد أنتقلت أسرته مجددا الى مدينة ” شيكاغو ” و ألتحق ” والت ديزنى ” بمدرسة “ماكينلي” الثانوية حيث أخذ دروسًا في الرسم و التصوير و كان رسامًا كاريكاتوريًا مساهمًا في الجريدة المدرسية و خلال فترته الليليه داوم على أخذ دورات في معهد شيكاغو للفنون و مع وصوله الى سن السادسة عشرة ترك المدرسة لمحاولة الانضمام إلى الجيش و لكن تم رفضه لكونه أقل من السن القانونية للتجنيد و بدلاً من ذلك انضم إلى الصليب الأحمر و أرسل إلى “فرنسا” لمدة عام خلال الحرب العالمية الأولى لقيادة سيارة إسعاف ثم عاد إلى “الولايات المتحدة” مرة أخرى عام 1919.

أول فيلم كارتونى لوالت ديزنى

في عام 1919 و بعد عودته الى الوطن انتقل ” والت ديزنى” إلى مدينة “كانساس سيتي” ليعمل فنان فى أحد الصحف و حصل شقيقه “روي” على وظيفة في ستوديو ” بيسمين روبين للفنون ” حيث التقى رسام الكاريكاتير ” اوبى إيرت إيوركس ” و من خلاله عمل ” والت ” فى احدى الوكالات الإعلانيه و استطاع صناعة إعلانات تجارية تعتمد على الرسوم المتحركة المتقطعة و في هذا الوقت تقريبًا بدأ في تجربة الكاميرا و صناعة الرسوم المتحركة المرسومة باليد و قرر العمل فى مجال الرسوم المتحركة فى شركة خاصة به أطلق عليها اسم Laugh-O-Gram و قام بتعيين “فريد هارمان” الذى كان يعمل معه فى شركته السابقه ليكون أول موظف له حيث عقد “والت ديزني” و “هارمان” صفقة مع مسرح محلي في مدينة “كانساس” لعرض رسومهم الكرتونية و التي نالت شعبية كبيرة و بعدها تمكن “ديزني” من الحصول على الاستوديو الخاص به و الذي أطلق عليه اسمه و نظرا لنجاح الشركة قامت بتوظيف أعدادا أكبر من الموظفين منهم الرسام ” أوبى إيوركس ” و قاموا بإنتاج سلسلة من القصص الخيالية مدتها سبعة دقائق جمعت بين كل من الحركة الحية و الرسوم المتحركة و أطلقوا عليها اسم “أليس في أراضى الرسوم المتحركه ” و بحلول عام 1923 أصبح الاستوديو مثقلًا بالديون و اضطر “ديزني” إلى إعلان إفلاسه.

استوديوهات والت ديزنى للرسوم المتحركة

بعد إشهار إفلاسه انتقل ” والت ديزنى ” و شقيقه “روي” إلى “هوليوود” عام 1923 برفقة رسام الكاريكاتير ” أوبى إيوركس ” و من هناك بدأ الثلاثة فى انشاء ” استوديو الأخوة ديزنى للرسوم المتحركة ” و سرعان ما غيرت الشركة اسمها إلى استوديوهات “والت ديزنى ” بناء على اقتراح “روي” و كانت أول صفقة للشركة مع الموزعه “مارجريت وينكلر” من مدينة “نيويورك” لتوزيع رسوم “أليس” الكرتونية كما ابتكروا شخصية تسمى ” الأرنب المحظوظ أوزوالد ” و في أواخر العشرينيات انفصلت استوديوهات ديزنى عن موزعيها و بدأوا فى ابتكار رسومًا متحركة تصور “ميكي ماوس” و أصدقائه و في ديسمبر عام 1939 افتتح مقر جديد لاستوديوهات “والت ديزنى ” للرسوم المتحركة في “بوربانك” و في عام 1941 حدثت انتكاسة للشركة عندما أضرب رسامو الرسوم المتحركة العاملين فى الشركة عن العمل و استقال الكثير منهم مما أحدث هزة كبيرة للاستوديوهات لم تتعافى منها بشكل كامل سوى بعد مرور سنوات .

و كانت لأفلام ” والت ديزنى ” الكارتونية بالغ الأثر حيث يعتبر فيلم الرسوم المتحركة ” الزهور و الأشجار ” Flowers and Trees و الذى أنتج عام 1932 واحدا من أشهر الأفلام التى قامت استوديوهات “ديزنى” بانتاجه نظرا الى أنه كان أول فيلم تمت صناعته بالألوان و استطاع الفوز بـ جائزة الأوسكار و في عام 1933 أصدرت الاستوديوهات فيلم ” الخنازير الثلاثة الصغيرة ” The Three Little Pigs و الذى أحتوى على أغنية شهيرة و هى “من يخاف من الذئب الكبير السيئ؟” التى أصبحت أيقونية لدى الشعب الأمريكى في خضم فترة الكساد العظيم .

ميكى ماوس و الشخصيات الأخرى

كان أول فيلم ناجح لشركة “ديزني” من بطولة “ميكي ماوس” و الذى كان فيلما قصيرا للرسوم المتحركة مزود بالصوت و الموسيقى يسمى ” السفينة ويلى ” Steamboat Willie و تم افتتاحه في سينما “كولوني” بمدينة “نيويورك” في 18 من نوفمبر عام 1928 و هى فترة كان الصوت فى عالم الأفلام السينمايئة لا يزال جديدا و كان ” والت ديزنى ” هو صاحب صوت “ميكي” و هى الشخصية التي طورها و رسمها كبير رسامى الرسوم المتحركة ” أوبى إيوركس ” و التى أحدثت ضجة كبيرة فور صدورها و بعدها أنتج الأخوان “ديزنى” و زوجاتهم و “إيوركس” فيلمين أخرين قصيرين و صامتين للرسوم المتحركة من بطولة “ميكي ماوس” الا أنهما فشلا في العثور على التوزيع لهما لأنهما كانوا صامتين فى وقت كان الصوت قد أحدث ثورة بالفعل في صناعة السينما و بعدها صدم فريق عمل ” ديزنى ” بعد اكتشافهم أن موزعة أفلامهم فى ” نيويورك ” “مارجريت وينكلر” و زوجها قد قاموا بسرقة حقوق الملكية الفكرية لشخصية ” الأرنب أوزوالد “و ضموا جميع رسامي الرسوم المتحركة العاملين فى استوديوهات “ديزنى ” باستثناء “إيوركس” .

و في عام 1929 أنشأت ديزني سلسلة أفلام رسوم متحركة بعنوان Silly Symphonies و التي ضمت أصدقاء :ميكي” الذين تم ابتكارهم حديثًا مثل “ميني ماوس/ ميمى ” و “دونالد داك / بطوط ” و ” جوفي / بندق ” و الكلب بلوتو .

أفلام والت ديزنى

أنتجت استوديوهات ” والت ديزنى ” أكثر من 100 فيلم روائي طويل حيث كان أول فيلم رسوم متحركة طويل له هو ” بياض الثلج و الأقزام السبعة “الذي عرض لأول مرة في “لوس أنجلوس” في 21 من ديسمبر عام 1937 و بلغت ميزانيته مبلغ ضخم لا يمكن تصوره و هو 1.5 مليون دولار رغم أنه كان فى فترة ” الكساد العظيم ” و فاز بثماني جوائز أوسكار و أدى ذلك إلى قيام ” استوديوهات والت ديزنى ” بإنتاج سلسلة أخرى من أفلام الرسوم المتحركة الطويله على مدار السنوات الخمس اللاحقه و كانت آخر نجاحات “ديزنى ” الرئيسية هو الفيلم السينمائى ” مارى بوبينز ” Mary Poppins و الذى أنتجه بنفسه و صدر عام 1964 و كان مزيجًا من الحركة الحية و الرسوم المتحركة و من أشهر أفلامه هى :

  • بينوكيو Pinocchio (1940)
  • فانتازريا Fantasia (1940)
  • دامبو Dumbo (1941)
  • بامبىى Bambi (1942)
  • سندريلا Cinderella (1950)
  • جزيرة الكنز Treasure Island (1950)
  • أليس فى بلاد العجائب Alice in Wonderland (1951)
  • بيتربان Peter Pan (1953)
  • السيدة و الصعلوك Lady and the Tramp (1955)
  • الجمال النائم Sleeping Beauty (1959)

مسلسلات ديزني التلفزيونية

كانت ” والت ديزنى ” أيضًا من بين أوائل الأشخاص الذين استخدموا التلفزيون كوسيلة ترفيهية حيث حظيت سلسلة ” زورو ” و ” دافى كروكيت ” بشعبية كبيرة لدى الأطفال و كذلك كان ” نادى ميكى ماوس ” و هو عرض متنوع يضم مجموعة من المراهقين المعروفين اضافة الى عرض ” عالم رائع من الألوان ” الذى كان يعرض ليلة يوم الأحد و الذي استخدمه “ديزنى ” في الترويج لمنتزهه الترفيهي الجديد الخاص به.

متنزهات والت ديزنى

افتتحت حديقة “ديزنى لاند” الترفيهية و التي تبلغ تكلفتها 17 مليون دولار في 17 من يوليو عام 1955 في “أنهايم” بولاية “كاليفورنيا” و التى كانت منطقة ذات يوم بستان للبرتقال و ترأس الممثل (و الرئيس الأمريكي المستقبلي) “رونالد ريجان” أنشطة حفل الافتتاح و بعد يوم صاخب اشتمل على العديد من الحوادث المؤسفة (بما في ذلك توزيع آلاف الدعوات المزيفة) أصبح المنتزه معروفًا بأنه مكان يستطيع للأطفال و عائلاتهم استكشافه و الاستمتاع بركوب الخيل و مقابلة شخصيات ديزني و خلال وقت قصير جدا ازدادت الاستثمارات فى المنتزه لنحو عشرة أضعاف و كانت تستقبل ألاف السياح من جميع أنحاء العالم و مع مرور السنوات بدأت ” ديزنى لاند ” فى التوسع و التشعب عالميا بعد افتتاح ” عالم ديزنى ” بالقرب من “أورلاندو” فى ولاية “فلوريدا” و التى كانت لا تزال قيد الانشاء عندما توفى ” والت ديزنى ” ليواصل شقيقه “روي” خططه لإنهائها الى أن تم افتتاحها رسميا عام 1971 بالاضافة الى متنزهات في دول أخرى خارج الولايات المتحدة مثل “طوكيو” و “باريس” و “هونج كونج” و شنغهاي.

والت ديزنى خلال استعراضه مخططات ديزنى لاند

وفاة والت ديزنى

توفى ” والت ديزنى ” في 15 من ديسمبر عام 1966 عن عمر يناهز 65 عامًا بعد اصابته بسرطان الرئه و تم حرق جثمانه و دفن رماده في مقبرة فورست لون في “لوس أنجلوس” فى ولاية “كاليفورنيا” و بعد فترة وجيزة من وفاته بدأت القصص تنتشر في الصحف الشعبية و التي تفيد بأنه قد تم حفظه بالتبريد أي أنه تم تجميده على أمل أن العلم قد يتيح له يومًا ما إمكانية إعادته إلى الحياة و هذا بالطبع أمرا غير صحيح .

مقتطفات من حياة والت ديزنى

  • تزوج ” والت ديزنى ” من ” ليليان باوندز ” التى تعرف عليها عام 1925 بعد أن عملت معه فى استوديوهاته كفنية تحبير و تلوين و لديهما ابنتان احدهما بالانجاب و هى ” ديان ديزنى ” التى ولدت عام عام 1933 و طفلة أخرى بالتبنى “شارون ديزني” و التى تبنوها بعد وقت قصير من ولادتها عام 1936 و كان الوالدين حريصين جدا على إبقاء بناتهم بعيدًا عن أعين الجمهور و الصحافة قدر الإمكان.
  • خلال الحرب العالمية الثانية ابتكر موظفو ديزني أفلامًا تعليمية للعديد من الوكالات الفيدرالية بما في ذلك فيلم رسوم متحركة قصير عام 1942 بعنوان “الروح الجديدة” بتكليف من وزارة الخزانة لتشجيع الناس على دفع ضرائبهم لدعم المجهود الحربي و تم عرض الفيلم الذي قام ببطولته “دونالد داك” في آلاف دور العرض السينمائية و حصل حتى على ترشيح لجائزة الأوسكار كما أنتجت استوديوهاته أفلامًا تدريبية للجيش الأمريكي و أنتج مجانًا أكثر من ألف شارة للوحدات العسكرية و قام فريقه بإخراج أفلام الرسوم المتحركة القصيرة مثل “وجه دير فورهير” عام 1943 والذى سخر من النازيين و من بطولة ” دونالد داك ” أيضا .
  • التقى اثنان من أكثر الفنانين تأثيراً في القرن العشرين و هم “سلفادور دالي” و “والت ديزنى ” في حفل عشاء في منزل جاك وارنر من شركة وارنر براذرز حيث كان “دالي” من أشد المعجبين بشركة “ديزني” و ظلوا أصدقاء حميمين طوال الفترة المتبقية من حياتهم و فى الأربعينيات توصل الاثنان إلى فكرة التعاون في الفيلم القصير Destino و الذي تم إصداره عام 2003 حيث بدأ “دالي” عمله في الفيلم برسم مجموعة من اللوحات في عام 1946 و أنتج استوديو ديزني بعد ذلك حوالي 20 ثانية فقط من الرسوم المتحركة الأصلية بناءً على هذه الأفكار و لكن نتيجة الحرب العالمية الثانية تسبب الضغوط المالية فى ارجاء ذلك المشروع و بعد مرور خمسون عاما اى بعد وفاة ديزنى و دالى تم استكمال الفيلم و الانتهاء منه حيث كان مدته 6 دقائق و 40 ثانية فقط .
شارك الموضوع

عمرو عادل

فى الحياة الواقعيه مهندس ميكانيكا قوى اما فى الحياه الافتراضيه فباحث و كاتب و مدير الموقع دا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *