قصة شركة أديداس و بوما

لا يوجد أى حدث رياضى الا و نرى المشاركين فيه يرتدون أطقم رياضيه تحمل واحدا من شعارين نتعرف عليهم فور رؤيتهم الأول لشركة أديداس اما الثانى فشركة بوما و المعروفين عالميا بانهم أشهر شركتين منتجتين للملابس و المستلزمات الرياضية فى العالم و الشركاء الرسميين للعديد من البطولات الدوليه اضافة الى رعايتهم للعديد من المنتخبات و الأنديه , و رغم نجاح الشركتين فى وقتنا الحالى الا أن نشأتهم لها قصه لديها مقومات أن تكون رواية او فيلم حيث استندا فى البداية على شركة عائلية ناجحه كانت بين شقيقين سرعان ما انقسمت و تحولت إلى منافسة شرسة امتدت على مدار القرن العشرين بما في ذلك خلال الحقبة النازية فضلاً عن تسببهم فى حدوث انقسام كبير بين سكان مدينة كامله احتوت على مقرى الشركتين و فى تلك المقاله نستعرض معا قصة انشاء شركة أديداس و بوما و طبيعة الصراع الذى دار بينهم و لا يزال موجودا حتى وقتنا الحالى .

بدأ كل شيء في منطقة حضرية صغيرة في “ألمانيا” تدعى ” هرتسوجيناوراخ” بعشرينيات القرن الماضي حيث كان يمتلك أخوين شركة صغيرة تسمى ” شركة الاخوان داسلر للأحذية الرياضيه ” و التى بدأت عام 1919 عندما كانوا يعملون معا من داخل منزل والديهم فى حياكة الأحذية حيث كان الأخ الأكبر “رودلف” المعروف باسم “رودي” شخصية منفتحه تحب العمل فى مجال المبيعات بينما كان الأخ الأخر ” أدولف ” أو كما يطلق عليه ” أدى ” حرفيًا هادئًا يقوم بتصميم و إنتاج الأحذية الرياضيه و بحلول عام 1927 توسعت الشركة إلى 12 عاملاً إضافيًا مما أجبر الأخوين على إيجاد أماكن عمل أكبر , و مثل العديد من مواطنيهم انضم ” رودلف و أدولف ” إلى الحزب النازي بعد وصول “هتلر” إلى السلطة عام 1933 و ظلت تجارة الأحذية الخاصة بهم متواضعة حتى عام 1936 و الذى استضافت فيه “ألمانيا” بطولة الألعاب الأولمبية حيث استطاع الاخوان الحصول على موافقة العداء الأسطوري الأمريكي من أصل أفريقي “جيسي أوينز” لارتداء حذاء الجري الخاص بهم أثناء إجراء المنافسات و لحسن حظهم فاز “أوينز” بأربع ميداليات ذهبية خلال البطولة مما أعطى دفعة كبيرة لمبيعات ” أحذية داسلر ” فى الأسواق .

الأخين رودلف و أدولف داسلر مؤسسى شركتى بوما و أديداس

و رغم التناغم الذى كان بين الأخوين الا أنه ازدادت التوترات بينهم على ما يبدو و لا أحد يعرف السبب و لا حتى أحفادهم و لا يوجد سوى بعض من الفرضيات التى ترجح ذلك ربما بسبب نجاح الشركة أو نتيجة انه لم تكن زوجاتهم يحبون بعضهم البعض أو روايات ترددت عن أحداث وقعت بينهم أسهمت فى الابتعاد عن بعضهم البعض حيث تقول احداها أنه أثناء قصف الحلفاء كان “رودي” و زوجته جالسين بالفعل في ملجأ عندما وصل “أدى” و زوجته و أدلى بتعليق حول تعرض المدينة للقصف مرة أخرى و الذى فهمه ” رودى ” بأنه يقصده بذلك الكلام لينشب شجار بينهم و في وقت لاحق يقال ان ” رودى ” تم استدعاءه للقتال في الجيش الألماني عام 1943 و ذلك بترتيب من ” أدى ” و زوجته كوسيلة لإخراجه من العمل و قتله رغم السجلات التى تشير الى انه قد تطوع للانضمام للجيش حيث تم القبض على “رودي” مرتين الأولى من قبل النازيين لتركه موقعه ثم فيما بعد من قبل الحلفاء و الذى قيل انه كان بوشاية من أخيه بعد الابلاغ عن مكانه , و في تلك الأثناء و بينما كان “رودي” عالقًا كأسير حرب بدأ ” أدى ” في بيع الأحذية للجنود العسكريين الأمريكيين و حتى بعد انتهاء الحرب و حظر النازية فى البلاد كان كلا الاخوين يتهمان بعضهم بأن احدهم هو أكثر نازية من الأخر .

شعار شركة داسلر قبل انفصالها الى شركتى بوما و أديداس

و أستمرت المشاعر السيئة بين الأخوين و تم تقسيم الشركة إلى نصفين عام 1948 شملت الأصول و حتى الموظفين و أطلق ” أدى ” على شركته الجديدة اسم “أديداس” و هو مزيج من أسمه الأول و الأخير و أطلق “رودي” على شركته اسم “رودا ” أولاً ثم قام بتغييره إلى “بوما” لتكون ذات ايقاع رياضي و تم بناء مصنعي أحذية متنافسين على جانبي المدينة سرعان ما سيطرت الشركتين المتنافستين على اقتصاد مدينة “هيرتسوجيناوراخ” نظرا لعمل معظم سكان المدينة في ذلك التوقيت لصالح شركتى “أديداس” أو “بوما” حيث أدى ذلك الى تقسيم المدينة بشكل صارم حسب الولاء الى احدى الشركتين لدرجة حظر الزواج أو المواعدة مع أي شخص من الشركة المنافسة كما كانت هناك شركات و محلات و مخابز تخدم عملاء ” أديداس ” أو ” بوما ” فقط حيث كان يقال إن الناس في “هيرتسوجيناوراخ” ينظرون أولاً إلى الأسفل و يفحصون ماركة الأحذية الخاصة بك قبل أن يقرروا عما إذا كانوا سيبدأون الحديث معك أم لا حتى بعد وفاة مؤسسى الشركتين ” رودلف و أدولف ” فى السبعينيات و الذان تم دفنهم على طرفى نقيض من نفس المقبرة كما و لو أن الخلاف لا يزال ساريا حتى بعد الموت .

مدينة هيرتسوجيناوراخ

و رغم المنافسة الشديدة بين الشركتين الا انهم ازدهرا فى وقت واحد حيث كان لدى “رودي” و شركته ” بوما ” طاقم مبيعات أفضل بينما كان “أدي” و شركته “أديداس” أقوى في المكونات الفنية و العلاقات مع الرياضيين و هو الأمر الذى جعل لـ “أديداس” عمومًا اليد العليا مالياً على “بوما” حيث يبلغ رأس مال ” أديداس ” فى البورصه ما يقارب من 51 مليار دولار و يعمل لديها 5700 موظف من 100 دوله بينما “بوما” يبلغ رأس مالها فى البورصه 7 مليارات دولار و يعمل لديها 1300 موظف و رغم شهرة الشركتان عالميا و المنافسة بينهم الا أنه ظهرت فى الأسواق شركة جديدة بدأت فى المنافسة على صناعة الأحذية الرياضية حيث كانت الشركة الناشئة هي “نايكى” و التى احتلت المركز الثانى عالميا بعد ” أديداس ” .

منشئات شركة أديداس

و حتى الأن فى مدينة “هيرتسوجيناوراخ” فإن عدد الأشخاص الذين يرتدون الملابس و الاحذيه ذات العلامتين التجاريتين مذهل حقًا فكل ساكن تقريبًا صغيرًا كان أم كبيرًا يرتدي إما ” بوما أو أديداس” كما يقوم موظفو الشركتين بمضايقة بعضهم البعض بشأن ملابسهم عندما يجتمعون في الشارع بشكل ساخر و يجبر عمدة المدينة على ارتداء الملابس التابعة للشركتين و ذلك لاسباب سياسيه ليكون محايدا رغم انتماءه لاحدى الأسر التى تدين بالولاء لاحد العلامات التجاريه حتى انه في عام 2009 اضطر الى ارتداء حذاءين مختلفين يتبعان كلا الشركتين خلال مشاركته فى مباراة ودية لكرة القدم جمعت بينهم لاحلال السلام بعد حرب تجارية استمرت لعقود .

شارك الموضوع

عمرو عادل

فى الحياة الواقعيه مهندس ميكانيكا قوى اما فى الحياه الافتراضيه فباحث و كاتب و مدير الموقع دا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *