طائفة التنفسيين التى تتحدي العلم و الطب من خلال تغذيهم على ضوء الشمس و الهواء و إبتعادهم عن تناول الطعام و الماء

هناك أشياء معينة في تلك الحياة تبدو و كأنها حقائق لا مفر منها و لا جدال فيها أهمها إحتياج الإنسان أو معظم الكائنات الحية فى العموم إلى الطعام و الماء لإستكمال معيشتهم على سطح كوكب الأرض و رغم أن ذلك يعتبر أمر بديهي و يتفق الجميع عليه الا أن هناك بعض من الأفراد قد قاموا بتشكيل طائفة سميت الإينيديا او كما يطلق عليهم بشكل شائع التنفسيين و فيها يعترضون على تلك الحقيقة و يؤمنون بأنه من الممكن أن يعيش الإنسان فى حالة جيدة بعيدا عن تلك الأساسيات و أنه إذا دخل فى حالة من الصوم المتطرف فإن ذلك سيساعده على الوصول الى حالة أعلى من النقاء النفسي و يقتصر غذاء الجسم فقط على تنفس الهواء و التعرض لأشعة الشمس و هى مزاعم يرفضها بإصرار الأطباء و العلماء الذين يعتبرون مثل تلك العادات بأنها مدمرة للصحة و البدن .

و رغم ان الصوم موجود فى العديد من الأديان السماوية مثل الإسلام و المسيحية و اليهودية بالإضافة الى الأديان الأخرى إلا أن صوم التنفسيين يعتبر متطرفا للغاية حيث يعتقدون أن تلك العادة ترجع أهميتها إلى استغلال طاقة صوفية فى الديانة الهندوسية تسمى “برانا” و هي كلمة سنسكريتية تعني “هواء الحياة” أو “قوة الحياة” و وفقا لمعتقداتهم فإن تلك الطاقة تتغلغل في الكون كله و تتدفق عبر جميع الكائنات الحية و الجامدة و تستخدم في العديد من الممارسات التقليدية مثل اليوجا و الطب الهندي و فنون الدفاع عن النفس أما بالنسبة الى التنفسيين تحديدا فهم يعتبروها مصدر للطاقة التى من الممكن التغذي عليها و الإستفادة منها و التى تؤدي على حد زعمهم إلى حياة أكثر صحة و سعادة و حيوية و يمكن حتى أن تحل مشكلة الجوع في العالم و من أجل التعامل مع ذلك الأمر فيقوم الشخص التنفسي المبتدئ بالقيام بسلسلة من الخطوات التدريجية للابتعاد عن تناول الطعام و الشراب المعتاد للبدء فى التغذى على تلك الطاقة و الاستمرار فيها .

و للانضمام الى تلك الطائفة فيكون أول شئ ينبغى على التنفسيين المبتدئين فعله هو أن يصبحون نباتيين ثم تجنب أي شيء يتم طهيه أو معالجته و بعدها يجب اتباع نظام غذائي كامل مكون من الفاكهة و السوائل ثم تقليص كمياتها شيئًا فشيئًا و عندما يصل المرء إلى مرحلة تناول الفاكهة فقط فمن المفترض أن يبدأ صيام طويل بشكل متزايد و الذي يهدف فيه إلى الذهاب لأطول فترة ممكنة دون أي طعام أو سوائل و بعدها يتم التوقف عن تناول قطع الفاكهة و العصائر المخففة و يتم التعويض عنهم بشئ يسمى ” التشمس ” و فيه يحدقون حرفيًا في الشمس لفترات طويلة اعتقادا منهم أنها توفر لهم أكبر قدر من “البرانا” و يكون أفضل عضو فى جسم الإنسان قادرا عن امتصاص تلك الطاقة هى العين و مع التفاني فى تلك الممارسة لسنوات يزعم التنفسيين بأنه من الممكن الوصول أخيرًا إلى المرحلة الأخيرة حيث يمكن الحصول على الغذاء الكامل من خلال “البرانا” وحدها و وفقًا لهم فهناك العديد من الأمثلة لأشخاص قد حققوا ذلك بالفعل .

خطوات التحول التدريجي لتكون من التنفسيين

و عادة ما يستشهد ” التنفسيين ” ببعض الأشخاص كدليل على أن أسلوب حياتهم و من أبرزهم الراهب الهندي “براهلاد جاني” الذي يدعي أنه أستطاع العيش من دون أي طعام أو ماء لمدة 70 عامًا و على ما يبدو كانت هناك عدد من التجارب الطبية التى أجريت عليه للتحقق من صحة تلك المزاعم حيث تمت مراقبته على مدار 24 ساعة في اليوم و رغم وجود بعض من الشكوك حول أن ذلك الراهب الهندى قد قام ببعض من الحيل للحصول على الطعام و الشراب طوال تلك الفترة الا أنه ثبت أمامهم أنه يمكن أن يعيش بسهولة لمدة أسبوعين على الأقل دون أي طعام أو ماء و لكن لم يتم التأكد عما اذا كان قادر على الاستمرار و الحفاظ على هذا الأمر لعقود كما يوجد شخص أخر من مشاهير التنفسيين و يدعي “راي ماور” و الذى ظهر فى احد البرامج الحوارية و أثبت أنه يمكن أن يعيش بدون طعام أو ماء لمدة ثمانية أيام دون ظهور أي آثار سلبية عليه و هو الأمر الذي حير على ما يبدو جميع الحاضرين فى ذلك البرنامج بالإضافة الى شخصية أخرى و هى ” إلين جريف ” التى تعيش فى ” أستراليا ” و تعتبر واحدة من مؤسسى تلك الطائفة و كبار قادتها و تعرف بإسم ” ياسموهيين ” حيث تدعي أنها قادرة على الاستمرار دون طعام و شراب لفترة تمتد الى شهور كاملة و كتبت العديد من الكتب حول كيفية القيام بذلك بما في ذلك كتابها الأكثر مبيعًا “العيش في الضوء” كما يدعي “وايلي بروكس” مؤسس معهد ” التنفسيين ” فى ” الولايات المتحدة ” بأنه قادر على استخدام قوة الهواء و ضوء الشمس وحدهما كمصادر للغذاء إلى أجل غير مسمى و هناك أيضا الزوج و الزوجة ” أكاهى ريكاردو و كاميلا كاستيلو ” الذان ادعيا أنهما كانا يعيشان بأسلوب حياة خالٍ من الطعام لمدة 9 سنوات كاملة و أن الزوجة تناولت الطعام خمس مرات فقط عندما كانت حاملاً بابنها و التى قالت بأنها كانت تعلم أن ابنها سيتغذى بما يكفي من حبها و هذا سيسمح له بالنمو بشكل صحي داخل رحمها و عندما ذهبت لاجراء الفحوصات طمأنها طبيبها بأنه بصحة جيدة .

أكاهي ريكاردو و كاميلا كاستيلو

و لسوء الحظ لا يتفق العلم مع مزاعم ” التنفسيين ” فبدون طعام أو ماء يبدأ جسد الانسان في الانهيار و يصبح الدم أكثر سمكًا و تبدأ الكلى في التعطل و يبدء الجسم فى التغذى على نفسه من خلال احتياطيات الجليكوجين و دهون الجسم و العضلات للبقاء على قيد الحياة و يتبع ذلك فشل أعضاء متعددة مما يؤدي إلى مشاكل صحية خطيرة و غيبوبة و موت في النهاية و يضيف الأطباء الى أنه يمكن للبشر أن يعيشوا لفترة تتراوح ما بين 7 إلى 10 أيام فقط بدون ماء اعتمادًا على المناخ و الظروف و حوالي 21 يومًا على الأكثر بدون طعام في ظل ظروف مثالية قبل أن تصيبنا مشاكل صحية خطيرة قد تؤدى الى الوفاة و يضيفون أنه حتى النباتات لا تستطيع البقاء على قيد الحياة من خلال التغذى على ضوء الشمس وحده فهي تتطلب مغذيات من التربة و مصادر أخرى و كذلك الماء و لا يوجد شكل حياة معروف على هذا الكوكب يمكنه فعل ذلك و هذه تعتبر حقيقة علمية لا جدال فيها .

إيلن جريف التنفسيين
ياسموهيين

و مع الحقيقة التى يقولها الأطباء حول المتغيرات التى تحدث للجسم حال اتباع أساليب تلك الطائفة إذن فكيف يعيش التنفسيين ؟ و تكون الإجابة بإختصار هي أن بعضهم لا يغشون أو يبالغون أو يكذبون مباشرة بشأن مآثرهم حيث اعترف الكثيرون بأنهم يتناولون بعض من السوائل و الطعام من وقت لآخر أما من يبالغ فى قدراته فبكل تأكيد تحوم حوله الشبهات خاصة بعد أن تم القبض على زعيمة التنفسيين “ياسموهيين ” و برفقتها مخزون كامل من الطعام على الرغم من أنها ادعت أن هذا كان لزوجها و عندما تم اختبارها في ظل ظروف خاضعة للرقابة المشددة قالت إنها لا تستطيع اجتياز تلك الاختبارات بزعم انها تمنعها من امتصاص ما تحتاجه من الهواء و عندما تم نقل اختبارها في بيئة مشبعة بالهواء نقي استمرت 4 أيام فقط قبل أن تتدهور صحتها و يأمر الأطباء بإيقاف الاختبارات و بالمثل تم العثور على ” ويلي بروكس ” أيضًا يغش عندما شوهد فى المطاعم و هو يتناول وجباته العادية كما يمكن العثور على أدلة دامغة أخرى ضد التنفسيين في العديد من الحالات الموثقة لأشخاص عانوا من ظروف تهدد حياتهم أو انزلقوا في غيبوبة أو حتى ماتوا من خلال محاولة التقيد الصارم بمبادئها.

أقرأ أيضا : ما هى متلازمة باريس التى يصاب بها زوار تلك المدينة العريقة ؟

و من الصعب حقًا فهم لماذا يتم وضع تلك المعتقدات أو لماذا يواصل الناس محاولة القيام بها على الرغم من أنه من الواضح تمامًا أننا لا نستطيع ذلك لأنه يتعارض مع المبادئ الأساسية لعلم الأحياء و الطب حيث قد يساعد ذلك الأسلوب عند مدى معين فى انقاص الوزن و لكن أكثر من ذلك ستكون نتيجته الحتمية هى الموت و لحسن الحظ فإن أعداد التنفسيين قليلة للغاية لأنه يتضح أننا بحاجة دائمة إلى الطعام و الماء للبقاء على قيد الحياة .

شارك الموضوع

عمرو عادل

فى الحياة الواقعيه مهندس ميكانيكا قوى اما فى الحياه الافتراضيه فباحث و كاتب و مدير الموقع دا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *