كثيرا ما يمتلئ عالمنا بالعديد من الغرائب خاصة فى عالم الحيوان الذى ينتمى اليه واحد من أقدم الكائنات الحية التى تعيش على الأرض و هو السلحفاة جوناثان الذى بدأ حياته بالنصف الاول من القرن التاسع عشر و يقترب عمره حاليا من 190 عاما حيث لا ترجع قيمته على أنه مجرد حيوان معمر فقط بل ينظر إليه كشاهد على تاريخ العالم و متغيراته بعد أن عاصر الحربين العالميتين الاولى و الثانية و تغير فى عهده 40 رئيسا للولايات المتحدة و حضر انهيار عصر القياصرة فى روسيا و صعود البلاشفة الى الحكم مكانهم و سيطرة أدولف هتلر على ألمانيا و اجتياحه لأوروبا حتى سقوطه لذلك فيعتبر جوناثان هدفا للكثير من علماء الأحياء لمحاولة التعرف على سر وصوله الى ذلك العمر .
و يعيش ” السلحفاة جوناثان ” مع عدة سلاحف وسط أشجار الصمغ التي تنبض بالحياة بتغريدات الطيور و الموجودة فى “بلانتيشن هاوس” المقر الرسمي لحاكم أقاليم ما وراء البحار البريطانية جنوب المحيط الأطلسي بجزيرة “سانت هيلينا” التى كانت يوما منفى القائد الفرنسى الشهير نابليون بونابرت و كان العديد من ضحايا تجارة الرقيق المرضى منهم و المحتضرين يقضون ساعاتهم الأخيرة على شواطئها و بمثابة مركزًا تجاريًا لشركة الهند الشرقية في القرن السابع عشر و يعيش فيها مجموعة مختلفة من الأعراق ما بين أوربيين و امريكيين و أفارقة و أسيويين و لا أحد يعرف لماذا انتهى المطاف بجوناثان في تلك الجزيرة نظرا لأنه سلحفاة نادرة من فصيلة فرعيه من سلاحف الدابرا العملاقه التى تعيش فى جزيرة سيشل الواقعه فى المحيط الهندى لكنه يعتقد ان السفن التى كانت تأتى الى ” سانت هيلينا ” كانت تحتوي على مئات السلاحف التي كانت مكدسة بها كنوع من الوجبات الا انه لحسن حظ تلك السلحفاة أنها أصبحت من ممتلكات ” هودسون يانيش ” حاكم الجزيرة في ثمانينيات القرن التاسع عشر .
و رغم توالى الحكام على تلك الجزيرة و الذين بلغ عددهم ثلاثة و ثلاثون شخصا أخر بقى ” السلحفاة جوناثان ” فى مقر الحكم حيث يلقى كثير من الاهتمام و الرعاية التي يستحقها بالتأكيد و حتى اللحظة لا احد يعرف تحديدا تاريخ ميلاده و لكن الاعتقاد السائد هو أنه تم إحضاره إلى الجزيرة و هو بعمر 50 عامًا في عام 1882 مما يجعل تاريخ فقسه عام 1832 اى قبل خمس سنوات من تتويج الملكة فيكتوريا على عرش المملكة المتحدة حيث تكثر القصص حول أنه التقى بـ “نابليون بونابرت” في تلك الجزيرة الا أنه لم يكن أمرا دقيقا على الرغم من أنه كانت هناك سلحفاة عملاقة خلال فترة وجود “نابليون” لكنها لم تكن “جوناثان” و لا توجد وثائق تشير إلى أنهم التقيا على الإطلاق خاصة و أن “نابليون” لم يزر منزل الحاكم قط و لكن المؤكد أن ميلاد ” جوناثان ” سبق الكثير من الاختراعات التى عرفتها البشريه مثل اول طابع للبريد الذى ظهر بعد ثمان سنوات من ولادته و اول مصباح كهربائى عرفه العالم عند وصوله سن السابعة و الاربعون بالاضافه الى معاصرته بناء اول ناطحة سحاب عام 1885 و بعدها بعامين يكتمل بناء برج ايفل و الذى يعد معلما وطنيا فى فرنسا حيث ظلت السلحفاة مجهولة الاسم طوال مدة وجودها بالجزيرة و لم يطلق عليها ذلك الاسم إلا فى ثلاثينيات القرن العشرين من قبل الحاكم “سبنسر ديفيس” .
و يعتبر “السلحفاة جوناثان” أحد مشاهير الجزيرة لدرجة تواجد صورته على ظهر العملة المعدنية ذات الخمس بنسات لكنه لفت انتباه وسائل الإعلام العالمية عام 2008 عندما نشرت صحيفة الدايلي ميل قصته و وضعت صورة قديمة له قيل أنه تم التقاطها عام 1900 و قالت أنه حاليا في سن 176 و يعتبر أقدم حيوان حي في العالم حيث كان ” جوناثان ” أيام شبابه أكثر نشاطًا و يهرب بانتظام من مكانه و يجتاز أى سياج و يزحف الى الكنيسة الا انه بعد ذلك لوحظ بأنه بدأ يسبب المتاعب من خلال تعطيل ألعاب الكروكيت بالجلوس على الكرات و قلب المقاعد بجوار ملاعب التنس حيث تم تقدير ان ذلك السلوك العدوانى يرجع الى شعوره بالوحدة و هو ما دفع الحاكم أنذاك “ديرمود مورفي” بطلب رفقاء له من “سيشيل” و تم إرسال سلحفتين و هم “إيما و ديفيد” و الاثنان ذات 54 عاما ثم انضم اليهم لاحقا “فريدريك” ذات 31 عاما و نظرا لتقدمه فى العمر و توقع وفاته ما بين وقت الى اخر فقد وضعت خطة مفصلة للتعامل مع الوضع حال حدوث ذلك حيث تم كتابة نعيه و وضع خطط مرحلة دفنه مع الاحتفاظ بصدفته التى ستعرض في “سانت هيلينا” الا أنه حاليا و عكس التوقعات يعيش بصحة جيدة و ذات شهية قوية الا انه أعمى بسبب إعتام عدسة العين لتقدمه فى العمر كما أنه فاقد لحاسة الشم و بالتالي لا يستطيع اكتشاف الطعام لذلك يقوم زملائه بسرقة ذلك الطعام مما يدفع الناس من حوله على مساعدته فى تناول طعامه و على الرغم من فقده حاستى البصر و الشم لكنه يحتفظ بحاسة سمع ممتازة .
أقرأ أيضا : تعرف على أخطر أنواع الأفاعى السامة الموجودة على وجه الأرض
و يعتبر وزن ” السلحفاة جوناثان ” الدقيق غير معروف لأنه لا يوجد جهاز قادر على وزنه الا أن بعض العلماء قد قدروا أنه قد يتراوح ما بين 150 الى 200 كجم و رغم معيشته على تلك الجزيرة لفترة تجاوزت 140 عاما تقريبا الا انه لم ينجب اى ذرية و هو ما دفع العلماء للاعتقاد بأنه اما عقيم أو مثلى كما أنهم يعتقدون أن بلوغ “جوناثان” الى مثل هذا العمر الاستثنائي قد يكون بسبب تأثيرات “آذان القرد” و هو عشب شائع فى مراعي “سانت هيلينا” ذات أوراق مستديرة تشبه إلى حد ما آذان القرد و هو معروف بأنه عشب مُدر للبول و يزيل السموم و يقلل الالتهابات و الحمى و يعزز الشفاء و المناعة لدرجة أنه في الصين يتم استخدامه فى صنع الشاى و ربما كان هذا هو ما ساعد جوناثان في بلوغ سن الشيخوخة.