بحيرة فيكتوريا هي إحدى البحيرات الأفريقية الكبرى إن لم تكن أكبرهم علي الإطلاق داخل قارة إفريقيا كما أنها أكبر بحيرة إستوائية في العالم و ثاني أكبر بحيرة للمياه العذبة في العالم من حيث المساحة بعد بحيرة سوبيريور الواقعة في قارة أمريكا الشمالية و هي معروفة أنها مصدر مياه النيل الأبيض أطول فرع في نهر النيل و علي مر التاريخ لعبت بحيرة فيكتوريا دورًا حيويًا في دعم ملايين الأشخاص الذين يعيشون حول ضفافها في واحدة من أكثر المناطق كثافة سكانية على وجه الأرض و لكن لسوء الحظ كان لإدخال الأنواع الغازية من النباتات و الحيوانات إضافة إلي إنتشار الملوثات على نطاق واسع تأثير ضار على بيئة تلك البحيرة و علي تنوعها البيولوجي فضلاً عن كمية الأسماك التي يتم صيدها كما أنه في السنوات الأخيرة أنخفض مستوى المياه في البحيرة و يُعزى العلماء ذلك نتيجة الجفاف الإقليمي و زيادة التدفقات للطاقة الكهرومائية في أوغندا .
جغرافيا تبلغ مساحة بحيرة فيكتوريا 68.8 ألف كيلومتر مربع و هي مساحة تكافئ “أيرلندا” تقريبا و يبلغ طولها 410 كم و عرضها 250 كم و هي بحيرة ضحلة نسبيًا بالنسبة لحجمها حيث يبلغ أقصى عمق لها 84 مترًا و بمتوسط عمق 40 مترًا و تصنف على أنها سابع أكبر بحيرة للمياه العذبة من حيث الحجم حيث تحتوي على 2750 كيلومترًا مكعبًا من الماء و تقع بحيرة فيكتوريا داخل هضبة مرتفعة في الجزء الغربي من وادي الصدع العظيم بأفريقيا و تخضع للإدارة الإقليمية من قبل ثلاث دول و هم “تنزانيا” و “أوغندا” و “كينيا” و هي لديها خط ساحلي يبلغ طوله 3440 كم و تضم أكثر من ثلاثة آلاف جزيرة العديد منها مأهول بالسكان أبرزها جزر ” سسيسي ” و هي مجموعة كبيرة من الجزر تقع في المنطقة الشمالية الغربية من البحيرة و تعد وجهة شهيرة للسياح .
جيولوجيا تعتبر بحيرة فيكتوريا صغيرة نسبيًا حيث تشكل حوضها الحالي قبل 400000 عام فقط عندما تم سد الأنهار المتدفقة غربًا بواسطة كتلة قشرية صاعدة و نتيجة ضحالة البحيرة و تدفق النهر المحدود و المساحة السطحية الكبيرة بالنسبة لحجمها فقد جعلها ذلك عرضة للتغيرات المناخية و تظهر العينات المأخوذة من قاعها أن بحيرة فيكتوريا قد جفت تمامًا ثلاثة مرات منذ تشكلها و من المحتمل أن تكون دورات التجفيف هذه مرتبطة بالعصور الجليدية الماضية و هي أوقات إنخفض فيها هطول الأمطار على مستوى العالم و يقدر أن البحيرة قد جفت آخر مرة منذ 17300 عام ثم امتلأت مرة أخرى منذ 14700 عام .
تاريخيا جائت المعلومات الأولي المسجلة عن بحيرة فيكتوريا من التجار العرب الذين جابوا الطرق الداخلية بحثًا عن الذهب و العاج و السلع الثمينة الأخرى و العبيد كما أظهرت خريطة يرجع زمنها إلي ستينيات القرن الحادي عشر الميلادي و تُعرف بإسم خريطة الأدريسي تمثيلاً دقيقاً لبحيرة فيكتوريا و تصفها بأنها مصدر نهر النيل و في القرن التاسع عشر شاهد الأوروبيين بحيرة فيكتوريا لأول مرة عام 1858 حين وصل المستكشف البريطاني “جون هانينج سبيك” إلى شاطئها الجنوبي أثناء رحلته مع “ريتشارد فرانسيس بيرتون” لإستكشاف وسط إفريقيا و إعتقادًا منه أنه وجد مصدر نهر النيل عند رؤية هذا الإمتداد الشاسع للمياه المفتوحة لأول مرة و أطلق “سبيك” عليها ذلك الإسم نسبة إلي ” الملكة فيكتوريا ” ملكة “المملكة المتحدة” و كان “بيرتون” الذي كان يتعافى من المرض في ذلك الوقت و يستريح في أقصى الجنوب على شواطئ بحيرة تنجانيقا غاضبًا لأن “سبيك” أدعى أنه أثبت أن إكتشافه كان المصدر الحقيقي لنهر النيل الذي أعتبره “بيرتون” لا يزال غير مستقر و تلا ذلك جدال كبير أثار إهتمام المستكشفين الآخرين الحريصين على تأكيد أو دحض ذلك و في النهاية كان “هنري مورتون ستانلي” هو من أكد حقيقة إكتشاف “سبيك” بعد أن طاف حول البحيرة و أبلغ عن التدفق الكبير في شلالات “ريبون” على شاطئها الشمالي .
إقتصاديا يتشارك في بحيرة فيكتوريا دولة كينيا (6 في المائة) و أوغندا (43 في المائة) و تنزانيا (51 في المائة) و تبلغ مساحة مستجمعات المياه 193000 كيلومتر مربع و التي تمتد إلى دولتي “رواندا” و “بوروندي” و هو ما يجعلها هي و حوضها يتمتعان بموارد طبيعية وفيرة تدعم سبل عيش حوالي 33 مليون نسمة يعيشون علي ضفافها و تعد الموارد السمكية مصدرًا رئيسيًا لإيرادات الحكومات و مصدرًا للعمالة حيث يعمل ما يقرب من 3 ملايين شخص في صيد الأسماك و صناعتها و تجارتها و تشير التقديرات إلى أن النشاط السنوي لصيد الأسماك يبلغ حوالي 750.000 طن متري و يدر أكثر من 400 مليون دولار أمريكي سنويًا منهم 250 مليون دولار كصادرات للخارج كما أن بحيرة فيكتوريا تعد رابط نقل مائي داخلي لدول شرق إفريقيا الثلاث كما أنها خزانًا رئيسيًا و مصدرًا للمياه للأغراض المنزلية و الصناعية و التجارية حيث تتلقى مدن “موانزا” و “كمبالا” و “كيسومو” بالإضافة إلى العديد من المدن الكبرى و المراكز الحضرية داخل الحوض التي يبلغ إجمالي عدد سكانها ما يقرب من 5 ملايين نسمة إمدادات المياه مباشرة من البحيرة التي تعتبر أيضا خزانًا رئيسيًا للطاقة الكهرومائية للدول الثلاث .
بيئيا تواجه بحيرة فيكتوريا حاليًا تهديدات خطيرة من بينها إنخفاض مستويات المياه و الجفاف لفترات طويلة في الحوض بأكمله و نتيجة لذلك أصبح لم يعد في إستطاعة السفن الرسو علي الأرصفة في معظم الموانئ كما إنخفض إنتاج الكهرباء في منطقة “جينجا” و تأثرت بشدة مآخذ محطات معالجة المياه في “كيسومو” و “عنتيبي” و “موانزا” و المدن المشاطئة الأخرى مما أدى إلى إنخفاض كمية إمدادات المياه و تحقيق خسائر بلغت ملايين الدولارات كما تأثرت بحيرة فيكتوريا بشدة بالتأثير البشري ففي عام 1954 تم إدخال سمك الفرخ النيلي لأول مرة في النظام البيئي للبحيرة في محاولة لتحسين المحاصيل السمكية في البحيرة و كان هذا النوع موجودًا بأعداد صغيرة حتى أوائل إلى منتصف الثمانينيات و مع مرور السنوات أصبح يهيمن على مجتمع الأسماك و أدي ذلك إلى تحول هائل في النظام البيئي للبحيرة و إلي إختفاء مئات الأنواع المستوطنة من البلطي كما أثبت نبات ورد النيل أنه مدمر بيئيًا و إجتماعيًا و إقتصاديًا جنبًا إلى جنب مع التلوث الناجم عن إزالة الغابات و الإكتظاظ السكاني إلا أنه تجري حاليا محاولات لإزالته و التخلص منه و لحسن الحظ تسير تلك العملية بشكل إيجابي .