تسلق الجبال أكثر الرياضات خطورة فى تاريخ الألعاب الأوليمبية

من بين الرياضات العديدة التي عرضت فى بطولة الألعاب الأوليمبية بمدينة طوكيو فى اليابان هى رياضة التسلق و التي أعتمدت على السرعة من خلال تسلق جدارن مرتفعة في أقل فترة زمنية ممكنة و قد يظن البعض أن تلك الرياضة تعتبر جديدة على الأولمبياد لأنها كانت أول مرة يتم مشاهدتها الا أنه و على العكس كانت قديمة من قدم البطولة ذاتها و بشكل أكثر خطورة من الحالية حيث كانت تنظم فى أواخر القرن التاسع عشر و أوائل القرن العشرين من خلال تسلق الجبال الصعبة و الشهيرة حول العالم حيث تميزت بأن المشاركين فيها لم يهتموا كثيرا للفوز بالميداليات الأوليمبية قدر حب المغامرة و إنجاز الوصول الى قمم الجبال كمجد أوليمبى و تحدى مصاعبه كأماكن يصعب الوصول إليها .

بدأ الإعتراف برياضة تسلق الجبال رسميا كرياضة أوليمبية عام 1894 الا أن منح ميداليتها الأولى لم يحدث الا بعد مرور 30 عاما في 5 من فبراير عام 1924 في الألعاب الأولمبية الشتوية الأولى التى نظمت بشاموني فى “فرنسا” عندما منحت اللجنة الأولمبية الدولية (IOC) ميداليات أوليمبية لفريق تسلق تكون من 12 رياضيا من “المملكة المتحدة” و رياضيا واحدا من “أستراليا” و الذين شكلوا بعثة زارت جبل إيفرست عام 1922 تحت قيادة الجنرال “تشارلز جرانفيل بروس” و نائبه الثاني الكولونيل “إدوارد شتروت” إلى جانب المتسلق الشهير “جورج مالوري ” حيث كانت تلك هي المرة الأولى التي يبذل فيها جهودًا حقيقية و مكثفة للوصول إلى القمة و حظي ذلك الطموح باهتمام عالمي لكن الحملة لم تكن بالسهولة المتخيلة نظرا الى غياب وسائل الراحة و الأمان مثل السترات الشتوية المتطورة أو الحبال المناسبة مما أدى الى حدوث مشاكل جمة منها حدوث انهيار جليدي على الفريق أدى الى وفاة ثمانية أفراد منهم 7 من قبائل الشيربا من ” الهند ” و أحد الجنود النيباليين و هو ما أدى الى تسليم ميداليات جديدة لهم في وقت لاحق تكريما لذكراهم حيث روى عضو الفريق الدكتور “آرثر ويكفيلد” عن ذلك الحادث في رسالة إلى زوجته قائلا بأنه عندما نظر إلى الوراء كان الجدار كله أبيضًا و لم يكن هناك سلسلة من المتسلقين الصاعدين حيث اعتقد أن الانهيار قد قضى على كل شيء و لكن بينما ظل يبحث استقر زغب الثلج و رسم تدريجياً بعض من الشخصيات التي لا تزال على المنحدر و على قيد الحياة .

فريق تسلق الجبال الحاصل على الميداليات الأولمبية لمحاولاته تسلق جبل إيفرست

و إضافة إلى شرف الحصول على ميداليات أولميبية فى تسلق الجبال الا أنه كانت هناك حقيقة أنها كانت المرة الأولى و الوحيدة التي تُمنح فيها ميدالية لفريق متعدد الجنسيات حيث تشهد الألعاب الأولمبية عادةً تنافس الدول ضد بعضها البعض و لكن ذلك الإستثناء قد حدث بعد أن قال رئيس اللجنة الأولمبية الدولية حينها “بيير دي كوبرتان” إن الحائزين على تلك الميداليات أظهروا بطولة مطلقة نيابة عن جميع دول العالم حيث حصل الملازم “شتروت” على تلك الميداليات نيابة عن الفريق و تعهد بالوصول إلى قمة إيفرست و واحدة من تلك الميداليات فى يده لكن هذا لم يحدث قط حيث كان أول شخصين يصلان إلى قمة “إيفرست” هما ” تينزينج نورجاى ” و “إدموند هيلارى” عام 1953 و لسوء الحظ لم يعش “جورج مالوري” ليرى ميداليته أيضًا حيث لم يمضى وقت طويل على قبول ” شتروت ” الجوائز نيابة عن الفريق حتى فُقد “مالوري” خلال محاولة أخرى لتسلق قمة “إيفرست” عام 1924 و لم يتم العثور على جثته حتى عام 1999 .

“تينزينج نورجاى ” و “إدموند هيلارى” أول شخصين يصلون الى قمة جبل إيفرست عام 1953

و بعد ذلك التكريم تبع ذلك المزيد من الميداليات في جائزة تسلق الجبال الأولمبية للمتسلقين الذين ما زالوا على قيد الحياة بما في ذلك الأخوين “فرانز و توني شميدت” الذين تسلقوا جبل “ماترهورن الشمالي” بألعاب لوس أنجلوس فى “الولايات المتحدة” عام 1932 و الزوجين “جونتر و هيتي ديهرنفورث” لاستكشاف جبال “الهيمالايا” عام 1934 و الذي تم الاعتراف بإنجازهم خلال ألعاب 1936 ببرلين فى ” ألمانيا ” و بحلول ذلك الوقت بدأت تتولد داخل أعضاء اللجنة الأولمبية الدولية مخاوف حول ازدياد معدل وفيات الحاصلين على ميداليات تسلق الجبال و بدأوا في التعبير عن قلقهم من أن توزيع الميداليات على تلك اللعبة قد يشجع المزيد من الناس على تحمل مخاطر تهدد حياتهم .

أقرأ أيضا : ألعاب غريبه لن تصدق أنها كانت مدرجة فى بطولات الألعاب الاوليمبية

و لكن ذلك القلق لم يكن مهما بشكل كبير حينها حيث أوقفت الحرب العالمية الثانية المنافسة الأولمبية و بعدها تم اهمالها و رغم ذلك الا انه لم يتم نسيان تضحيات المشاركين في تسلق الجبال عام 1922 لذلك و في عام 2012 حصل المتسلق “كينتون كول” الذي صعد إلى قمة “إيفرست” تسع مرات على احدى الميداليات الذهبية الأولمبية خلال رحلاته إلى قمة جبل “إيفرست” تكريما لـ ” شتروت ” الذي تعهد بالعودة إلى القمة الأسطورية مع جائزة الفريق في يده حيث كانت تلك الميدالية ملكًا لـ “تشارلز ويكفيلد” حفيد الدكتور “آرثر ويكفيلد” أحد الحاصلين القلائل على الجائزة الأولمبية الأكثر خطورة في التاريخ و على الرغم من عدم وجود أحفاد مباشرة لباقى أبطال تسلق الجبال إلا أن الرياضيين في رياضة التسلق اليوم يصعدون فى نفس الطريق الذى مهده هؤلاء الأبطال الشجعان .

شارك الموضوع

عمرو عادل

فى الحياة الواقعيه مهندس ميكانيكا قوى اما فى الحياه الافتراضيه فباحث و كاتب و مدير الموقع دا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *