صورة جرت أحداثها فى أواخر الحرب العالمية الثانية عقب دخول قوات الحلفاء الى المدن الفرنسية و تحريرها من النازيين حيث بدأ المواطنين الفرنسيين السعى نحو الإنتقام من كل شخص ثبت تعاونه مع القوات الألمانية خلال فترة إحتلالها للبلاد واحدة منها هى سيمون توسو بطلة تلك الصورة التى تم قص شعرها و وشمها بمكواة ساخنة على جبهتها و هى تحمل رضيعها وسط صيحات الإستهجان من الحشد المحيط بها و نشرت تلك الصورة عالميًا في المجلة الأمريكية الشهيرة لايف و تداولتها العديد من الصحف كرمزًا للتطهير الوحشي في فرنسا .
التاريخ : 16 أغسطس عام 1944 .
المصور : روبرت كابا – مصور حربي أمريكي
التفاصيل : فى اعقاب هزيمة ألمانيا و دخول قوات الحلفاء الى فرنسا و وسط سعادة ممزوجة بالرغبة فى الانتقام بدأ الفرنسيين فى إنشاء لجان عرفية مدنية مكونة من مقاتلي المقاومة الفرنسية و السكان لتصفية الحسابات مع المتعاونين مع القوات الألمانية التى أحتلت بلادهم و بدأت عملية تطهير ضخمة حيث تم القبض على العديد من النساء الذين تعاونوا أو ناموا مع الألمان و عرضهن فى الشوارع و التنكيل بهن بحلاقة شعورهن و إهانتهن و فى بعض الاحوال تعريضهن للضرب و التعذيب و حتى الأغتصاب أو القتل .
و فى تلك الأثناء كان المصور الحربي ” روبرت كابا ” متواجدا مع الفرقة الأمريكية المدرعة السابعة التى تقدمت نحو “فرنسا” و تمكنت من تحرير منطقة شارتر فى اليوم الذى سبق التقاط تلك الصورة بيوم واحد حيث كان القتال لا يزال مستمرا فيها و بعد انتهاء العمليات و سيطرة الحلفاء على المكان بدء فى رصد ما يحدث فيه حيث قام الفرنسيين بتجميع النساء الذين تعاونوا مع الالمان فى فناء مبنى البلديه و استدعوا احد مصففى الشعر الذى قام بحلق رؤوسهن و كانت “سيمون توسو” الظاهرة فى تلك الصورة هى الوحيدة فيهن التى تم وشم جبهتها بالمكواة ثم بعد ذلك تقرر اعادتهم الى منازلهم فى موكب اذلالى يحيط بهن الناس من جميع الجهات و بدء المصور فى متابعة ذلك الموكب و فى منتصف الطريق التقط صورة ” سيمون توسو ” و هى تحمل إبنتها ” كاثرين ” التى أنجبتها قبل بضعة أشهر نتيجة علاقتها بجندي ألماني و امامها والدها ” جورج ” و خلفه بشكل جزئى والدتها ” جيرمين ” برفقة ظباط من الشرطة و مجموعه من المواطنين .
كانت صورة مميزة و ظهرت لأول مرة فى ” الولايات المتحدة ” بعدد مجلة لايف الأمريكية بعد مرور ثلاثة أسابيع من إلتقاطها و بدأ الناس يتسألون عن هوية تلك المرأة و قصتها حيث كانت ” سيمون توسو ” شابه فرنسيه جميلة تبلغ من العمر وقت التقاط الصورة 23 عاما و هى الابنة الصغرى لزوجين كانا يديران محلًا لبيع منتجات الألبان و الأسماك في ثلاثينيات القرن الماضي أثناء فترة الكساد العظيم و تلقت تربية كاثوليكية محافظة و رغم أن والديها غير مسيسين الا أنهم واجهوا صعوبات فى الحياة نتيجة إفلاسهم مما أدى الى تدهور حالتهم الإجتماعية و جعلتهم يؤمنون بالأفكار اليمنية المتطرفة و بالتالى أصبحت سيمون مولعة بالأفكار النازية و أصبحت تخبر رفاقها الى أن “فرنسا” فى حاجة الى هتلر خاص بها .
و مع إندلاع الحرب العالمية الثانية و غزو ألمانيا لفرنسا تعلمت ” سيمون توسو ” اللغة الألمانية و عملت كسكرتيرة و مترجمة و تقابلت مع الجندى الألمانى “إيريك أوز” الذي كان يبلغ من العمر 32 عامًا و وقع الاثنان في الحب و بدأوا علاقة مفتوحة و الظهور معًا في شوارع المدينة ثم انتقل ذلك الجندى الى الجبهه الشرقيه حيث اصيب و عاد الى بلدته ببفاريا للنقاهه و ذهبت “سيمون توسو” اليه فى “المانيا” و تطوعت للعمل كممرضه فى “ميونيخ” و اصبحت حاملا منه فى طفلتها و عند محاولة اتمام الزواج رفضت السلطات الالمانيه و قرروا اعادتها مرة اخرى الى “فرنسا” حيث كاد والدها ان يقتلها لتلطيخ شرف عائلته بالعار و لكنها على أى حال أنجبت أبنتها ” كاثرين ” فى الوقت الذى عاد فيه حبيبها ” إيريك ” الى الجبهة مجددا و يلقى مصرعه بالقرب من “مينسك” في “بيلاروسيا” و لسوء حظها و بعد عودتها بفترة كان قد تم القاء القبض على اسرة فرنسيه تقيم بجوارهم من قبل النازيين بتهمة معاداة “المانيا” و تم ترحيلهم لمعسكرات الاعتقال و توجهت اصابع الاتهام الى اسرتها بالتسبب فى الوشايه بهم و الابلاغ عنهم و التى كانت سبب من اسباب معاقبتها هى و اسرتها .
و بعد أيام قليلة من حلقها و تعرضها لإدانة شعبية كما ظهرت فى الصورة تم القاء القبض عليهم حيث اتُهمت “سيمون توسو” و والدتها “جيرمين” بإدانة خمسة من سكان منطقتهم في شارع “دو بوفيه” بعد الإبلاغ عنهم للسلطات الألمانية التى قامت بإلقاء القبض عليهم و وصفهم بأنهم “أعداء ألمانيا” و الاستماع إلى راديو هيئة الإذاعة البريطانية بي بي سي حيث تم ترحيلهم إلى محتشد ماوتهاوزن في “النمسا” و توفي اثنان منهم فيه و على إثر ذلك تم سجن المرأتين و ترك والدهم حرا على اعتبار أنه رجل طيب لا يعرف كيفية السيطرة على نساء أسرته و كذلك تركت “أنيت” الأخت الكبرى للاعتناء بالطفلة و بعد جلسات طويلة من المحاكمات أستمرت قرابة ثلاثة سنوات أطلق سراح المرأتين المحتجزتين لعدم كفاية الأدلة و أثناء سجنها علمت “سيمون توسو” بوفاة “إيريك أوز” و على الرغم من أنها أصبحت حرة الا أنها مثلت مجددا أمام محكمة مدنية و حُكم عليها بالسجن لمدة عشر سنوات مع إيقاف التنفيذ .
بعد ذلك غادرت عائلة “سيمون توسو” منطقة شارتر و استقرت فى مكان أخر و عثرت على وظيفة في صيدلية و تزوجت في نوفمبر عام 1954 من محاسب و رزقت منه بطفلان و ذهبت عدة مرات مع إبنتها ” كاثرين ” الى “ألمانيا” لرؤية عائلة ” إيريك ” و بعد ذلك فقدت وظيفتها و تفككت أسرتها و أصبحت مسرفة فى شرب الكحوليات و أصيبت بالإكتئاب حتى توفيت عام 1966 عن عمر يناهز 44 عامًا أما إبنتها ” كاثرين ” فأصبحت ترفض الحديث حول الماضى و أخبرت أحد الصحفيين الذين وافقت على الحديث معهم عام 2010 أنها دمرت الصور و خطابات المراسلات التى كانت بين والدتها و “إيريك أوز” و أبقت أطفالها بعيدا تماما عن ذلك الماضى .