تضم منظمة الأمم المتحدة أكثر من 190 دولة تم الإعتراف بها و الموزعين علي قارات العالم الست و المتفاوتين فى بعض من الخصائص مثل المساحة و التضاريس و عدد السكان المختلفين فى الأعراق و اللغات و العادات و الديانات و لكن بجانب هؤلاء توجد بعض من الدول الصغيرة الأخري التى أعلن قيامها و لكننا لا نسمع عنها شيئا و لا تلقى إعترافا من الدول الأخري واحدة منها يطلق عليها إسم سي لاند و التى إذا تم إعتمادها بشكل رسمي فستصبح أصغر دولة فى العالم و الغريب في الأمر أنها تمتلك دستور و علم و نشيد و عملات و شعارات و جوازات سفر لمواطنيها حتي أن لديها فريقها الخاص في لعبة كرة القدم و الأغرب أنها تعرضت في السابق لمحاولات الإستيلاء عليها و إحتلالها و تم عرضها للبيع مؤخرا بمبلغ يصل الى مليار دولار أمريكي عام 2007 .
و تقع دولة ” سي لاند ” على بعد أكثر من 10 كيلومترات من السواحل الشرقية الإنجليزية و تبلغ مساحتها أربعة ألاف مترا مربعا أى ما يقارب ملعب لكرة القدم و تم إستغلال تلك المساحة خلال إندلاع الحرب العالمية الثانية لتشييد أحد الحصون عليها للتصدى لأى محاولة هجوم ألمانى علي السواحل الإنجليزية حيث دأب الجيش البريطانى في تلك الفترة على إقامة الحصون فى تلك المناطق لضمان تأمين شواطئه و بعد إنتهاء الحرب و خلال فترة الخمسينيات تم إيقاف العمل بتلك الحصون و إهمالها تماما و تصبح مستقرا لأصحاب المحطات الإذاعية المقرصنة و هى محطات شعبية يقوم بإدارتها مجموعة من الأفراد و ليست المؤسسات بغرض الخروج من نمط الإذاعات التقليدية .
و كان من بين هؤلاء الأشخاص عسكري متقاعد يدعي ” بادي روي بيتس ” و يقوم ببث قناة إذاعية من داخل أحد تلك الحصون القديمة يدعى ” نوك جون ” عام 1965 و لكن بعد أن بدأت السلطات الإنجليزية فى التضييق على تلك المحطات قام ” بيتس ” بنقل محطته إلى برج “فورت روفس” الذى يقع خارج نطاق المياه الاقليمية البريطانية لإستكمال بث إذاعته و فى عشية عيد ميلاد عام 1966 قرر تسمية ذلك المكان بـ ” سي لاند ” و إهدائه إلى زوجته ” جوان ” و مع إستمرار تشديد القيود على تلك الإذاعات قرر ” بيتس ” إيقاف المحطة الا أنه تمسك بوجوده فى ذلك المكان الذي أعلنه إمارة ” سى لاند ” فى 2 سبتمبر عام 1967 و هو اليوم الموافق لعيد ميلاد زوجته حيث أتت هى و ولديها لتعيش و تستقر معه فى تلك الإمارة المزعومة بصفتهم حكام عليها .
و رغم هزلية الفكرة الا أن الحكومة الإنجليزية قد أخذت الأمر على محمل الجد حتى أنها أطلقت علي ” سي لاند ” اسم “كوبا” التى تقع قبالة الساحل الشرقى لبريطانيا و حدث الصدام الأول بينهم عام 1968 عندما قررت السلطات هدم تلك الحصون المحيطة بـ ” سي لاند ” لعدم إستغلالها من قبل أفراد أخرين و أرسل الجيش البريطاني مروحيات و زوارق حربية من أجل تفجيرها و كانت الإنفجارات قريبة منهم الأمر الذى أعتبرته تلك الدولة تهديدا صريحا لوجودها و من أجل الدفاع عنها قام الأمير ” مايكل بيتس ” بإطلاق طلقات نارية تحذيرية فى الهواء لعدم إقتراب القوارب منهم باعتباره إنتهاك لمياههم الإقليمية و بالفعل تراجعت القوات و إنسحبت للأراضي الإنجليزية و رغم ما حدث الا أنه لم يمر مرور الكرام أمام السلطات البريطانية حيث تم إستدعائه هو و نجله للمثول أمام المحكمة بتهمة حيازة أسلحة نارية الا أنه تم إطلاق سراحهم لاحقا نظرا لأن “سي لاند ” تقع خارج المياه الإقليمية البريطانية و بالتالى لا يجوز مثولهم أمام محاكم إنجليزية و هو الأمر الذى اعتبرته عائلة ” بيتس ” إعترافا رسميا بـ ” سي لاند ” كدولة مستقلة .
و خلال فترة السبعينيات بدء عدد سكان ” سي لاند ” فى الإزدياد بعد أن جاء 50 شخصا للإقامة فيها و كانوا من أصدقاء ” بيتس ” الذين أرادوا الإبتعاد عن الحياة فى بريطانيا حيث كان يحتوى الحصن على عشرة غرف تشمل المعيشة و كنيسة للعبادات و مطبخ و أماكن مخصصة للنوم كما تم إضافة مولد لتوليد الكهرباء يعمل بطاقة الرياح و كانت تأتى المؤن و الإمدادات مثل الطعام و الشراب و الصحف و باقى السلع عبر القوارب من البر الإنجليزى و بدأت الحياة تميل نحو الإستقرار حتى عام 1978 عندما جاء رجلا ألمانيا على متن مروحية و يدعى “ألكسندر آخنباخ” و الذى كان يوما شريكا لبيتس بصحبة مجموعة من المرتزقة ليقوم بإحداث إنقلاب مدعيا أنه رئيس الوزراء الحقيقى لـ “سي لاند ” و أتخذ الأمير ” مايكل ” رهينة لعدم وجود الأب الذى عاد و معه قوة مسلحة هو الأخر و يشن هجوما مضادا و خاطفا أدى إلى فرار المرتزقة و تحرير نجله و سقوط أسير ألمانى فى قبضتهم الأمر الذى دفع السفارة الألمانية فى “بريطانيا” إلى تكليف أحد ديبلوماسييها للسفر بمروحية إلى ” سي لاند ” من أجل التفاوض لإطلاق سراحه و هو الأمر الذى أعتبرته عائلة ” بيتس ” مؤشرا قويا للإعتراف بهم كدولة الا أن الأمر لم يكن بتلك السهولة حيث بدأت مشكلة جديدة فى الظهور تمثلت فى موافقة الأمم المتحدة لبريطانيا على توسيع نطاق مياهها الإقليمية بشكل يجعل ” سي لاند ” داخل ذلك الحيز و هو الأمر الذى أتخذته وزارة الخارجية البريطانية كذريعة لعدم الاعتراف بدولة ” سي لاند ” لأنها لا تتمتع بخصائص الدولة .
أقرأ أيضا : باساج دو جوا الطريق الذى يختفى مرتين يوميا عن الأنظار
و إلي الأن لا تزال تلك الدولة المزعومة موجوده حتى بعد وفاة المؤسس ” بادي روي بيتس ” عام 2012 ثم زوجته ” جوان ” التى لحقت به بعد أربعة سنوات و تصير أمور الإدارة فى أيدى الإبن ” مايكل ” الذى أصبح يديرها و هو يعيش فى “إنجلترا” و يقوم بزيارتها مرتين أو ثلاثة سنويا و من أجل ضمان إستمرارها قام هو و مواطنى تلك الدولة فى إتخاذ بعض من الإجرائات من أجل دعمها ماديا مثل بيع الألقاب كلورد أو ليدى عبر موقعهم الإليكترونى و بيع هدايا تذكارية تتبع تلك الدولة مثل الطوابع و العملات و التى شيرتات و حاليا يعيش فى دولة ” سي لاند ” فردي أمن فقط يقومان بتقديم الرعاية إلى ذلك المكان الذى لا يمكن زيارته سوى بدعوة شخصية من قبل الأمير الذى يتلقى رسائل من مختلف دول العالم لأفراد يعلنون ولائهم التام له و لتلك الدولة و علمها .