خلال القرن التاسع عشر وجدت الحكومة الأمريكية نفسها تمتلك الكثير من الأراضي الغير مستفادة في الغرب و لمحاولة حل تلك المشكلة بدأت في تقديمها بشكل مجانى لأي شخص كان على استعداد للاستقرار فيها و زراعتها و هو عرض كان مغريا للكثير من العائلات حيث جائت خمسة عائلات للاستقرار فى تلك المنطقة و تكوين مجتمع بها عام 1870 و قامت واحدة منها بتملك قطعة أرض على مساحة 160 فدان و بناء منزل لهم على طريق اوساج في مقاطعة لابيت بولاية كانساس سرعان ما قام الأب بتحويله إلى نزل لمنح المسافرين المرهقين مكانًا للراحة و التى كان من الواضح أنها سوف تكون راحتهم الأبدية لأن حظهم العاثر قد جلبهم الى منزل أصبح هو الأشهر بعالم الجريمة فى الولايات المتحدة و المسمى بمنزل عائلة بيندر الدموية .
تألفت ” عائلة بيندر ” من أربعة أفراد و هم ” جون الأب ” الذى كان احد المهاجرين القادمين من “ألمانيا” و يمتلك ملامح قاسية و زوجته ” ألميرا ” و كانت امرأة غير ودية لدرجة أن جيرانها كانوا يطلقون عليها اسم “الشيطان” و يقال ان زوجها و ابنائها كانوا يخافون منها لشراستها و ” جون الإبن ” الذى كان وسيما و نحيفا الا انه كان يميل الى الضحك بلا هدف مما دفع الكثيرين إلى الاعتقاد بأنه قد يكون مريضًا عقليًا اضافة الى الإبنة ” كيت ” التى كانت فتاة جميلة تبلغ من العمر 23 عامًا و كانت هناك بعض المؤشرات على أن تلك العائلة كانت غريبة الأطوار بعض الشيء حيث كانت العائلات التى استقرت فى تلك المنطقة مكونة من مجموعة من الروحانيين الذين آمنوا ببعض الأشياء الغير التقليدية التى تشير الى أن أرواح الموتى تستمر في العيش بعد الموت و كثيرًا ما مارسوا جلسات تحضير الأرواح للتواصل مع تلك الأشباح حيث كانت الابنة “كيت ” قد اكتسبت سمعة بأنها معالجة نفسية و تلقى محاضرات عن الروحانيات و يمكنها التحدث إلى الموتى و تزعم ان لديها القدرة على علاج الأمراض و كان لها نفوذ كبير وسط ذلك المجتمع .
أقرأ أيضا : هيلين دانكن و محاكمة أخر ساحرة بريطانية فى القرن العشرين
و كان منزل ” عائلة بيندر ” قد تم تقسيمه الى عدة أجزاء عام 1871 منها جزء خلفى مخصص لمعيشتهم و نزل صغير للمسافرين و متجر للبقالة في المقدمة مخصص للعديد من المسافرين على طول طريق “أوساج” كان به القليل من الإمدادات مثل مستلزمات البقالة و المشروبات الكحولية و التبغ و بيع وجبات الطعام اضافة بالطبع الى توفير مكان استراحة آمن للغرباء على طول الطريق حيث كان يتوقف العديد من المسافرين فيه لتناول وجبة أو للتزود بالمؤن و كثيرًا ما كانوا يحملون مبالغ نقدية كبيرة بغرض عرض تسويات أو شراء بضائع ثم يتم اختفائهم و عندما يبدأ الأصدقاء و العائلة في البحث عنهم تنتهى جهودهم الى ذلك المكان الذى بدأت تزداد فيه حالات الاختفاء و بحلول ربيع عام 1873 أصبحت المنطقة مليئة بالشائعات و بدأ المسافرين في تجنب ذلك المسار .
كانت حالات الاختفاء للمفقودين منطقية نظرا لتعرضهم لجرائم قتل من قبل ” عائلة بيندر ” حيث كانت تتم الجرائم بمجرد جلوس الضحية فى مكانه وتقوم ” كيت ” الأكثر اجتماعية من بين جميع أفراد العائلة و وجهها الجميل بصرف انتباهه خلال الحديث معه و مغازلته بينما يقترب أحد أفراد ” العائلة الآخرين من الستارة الفاصلة بين مكان اقامتهم و اقامته و بمجرد تحديد رأس الضحية من خلال القماش الرقيق يقوم على الفور بتحطيم جمجمته بمطرقة و فور التأكد من مقتله يتم إسقاط الجثة من خلال باب على الأرضية متصل بالطابق السفلى و الذى بمجرد سقوطه فيه يجتمعون حوله و يقومون بتجريده من أي ملابس أو أشياء ثمينة ثم تقوم ” كيت ” بذبحه و يدفن في مقبرة جماعية .
و رغم ان المال كان بالتأكيد سبب لارتكاب ” عائلة بيندر ” لجرائمهم و قتل ضحاياهم الا انه كان من الملاحظ أيضا أن عدد منهم كان فقيرا بشكل يوحى أن الأسرة كانت تستمتع بالقتل لمجرد القتل فقط و لكن مع استمرار اختفاء الناس بعد زيارة منزل بيندر بدأت المجتمعات المحيطة بهم في الشك فبعد أن فقدت إحدى العائلات المكونة من أب و ابنته في تلك المنطقة جاء صديق لهم يدعى الدكتور “ويليام يورك” ليسأل عما إذا كان أي شخص قد رآهم و بعد أن اختفى الدكتور “يورك” نفسه جاء شقيقه الذى كان عقيدا فى الجيش إلى نزل بيندر ليسأل عن أخيه حيث أخبروه أن شقيقه قد جاء بالفعل و بعدها غادر المكان و لذلك ربما قد يكون قتل على يد الأمريكيين الأصليين في المنطقة و لكن مع تكثيف تحقيقات العقيد “يورك” فقد كشف النقاب عن أن هناك عدة أشخاص زعموا أن “عائلة بيندر” قد هددوهم بالقتل و عندما عاد الى منزلهم لمواجهتهم وجده مهجورًا و بتفتيشه بمساعدة سكان المنطقة تم العثور على الباب الأرضى المؤدي إلى الطابق السفلي و كان مغطى ببقع من الدم و ذات رائحة كريهة و بعد الحفر حول المنزل تم العثور على 11 ضحية قتلت على يد تلك العائلة منهم جثة الدكتور ” يورك ” التى تعرضت للذبح و تهشيم الجمجمة و يبدء على الفور اطلاق حملة لملاحقة القتلة و رصد مكافأة قدرها 1000 دولار من قبل شقيق اخر للدكتور “يورك” و الذى كان يعمل محاميا و عضو فى مجلس الشيوخ مقابل اى معلومات تؤدى الى اعتقال ” عائلة بيندر ” ثم أضاف الحاكم “توماس أوزبورن” مبلغ 2000 دولار اخرين مكافأة للقبض على الأربعة .
و مع انتشار أخبار جرائم القتل المروعة تقدم المزيد و المزيد من المسافرين ليخبروا قصصهم عن الهروب من ذلك المنزل منهم رجل يدعى “ويليام بيكرينج ” أفاد انه رفض الجلوس و ظهره لستارة القماش بسبب بقعها المثيرة للاشمئزاز و اضاف انه بسبب فعلته قامت ” كيت ” بتهديده بسكين و عند هذه النقطة هرب من المبنى كما قال قس كاثوليكي إنه هرب هو الآخر عندما رأى أحد رجال العائلة يخفي مطرقة كبيرة.
و نتيجة الملاحقات التى استمرت عدة ايام سرعان ما تم العثور على عربة “عائلة بيندر” على بعد كيلومترات قليلة من المكان و كانت الخيول تتضور جوعًا لكن الأسرة قد اختفت حيث اكتشف فريق البحث أنهم قد ذهبوا إلى بلدة قريبة على بعد حوالي 19 كيلومتر و هناك قاموا بشراء تذاكر على قطار متجه الى الشمال و لا احد يعرف مصيرهم حيث يعتقد البعض أنهم ربما قتلوا على أيدي الحراس حيث زعمت إحدى مجموعات الحراسة أنها قتلت “عائلة بيندر” و أحرقت “كيت” حية لاعتقادهم أنها ساحرة و زعمت مجموعة أخرى أنهم قبضوا عليهم أثناء فرارهم إلى الجنوب و قاموا بإعدامهم قبل أن يلقوا بجثثهم في نهر “فيرديجريس” كما زعمت مجموعة أخرى أنها قتلتهم خلال معركة بالأسلحة النارية و دفنت جثثهم في البراري و مع ذلك لم يتم تأكيد أي من هذه الحكايات و لم يتم العثور على اى جثث لذلك اعتقد معظمهم أنهم تمكنوا من الفرار و لسنوات تم الإبلاغ عن مشاهدة الام و الابنة و في عام 1889 تم بالفعل تسليم امرأتين من ولاية “ميتشيجان” الا انه تم اطلاق سراحهم و إسقاط القضية في النهاية لعدم كفاية الأدلة و لا يعرف احد الى اين انتهى مصيرهم و سرعان ما تحولوا إلى أسطورة كأول عائلة قاتلة متسلسلة في أمريكا و لا تزال قصتهم جزءًا مروعًا من فولكلور ولاية “كانساس” حتى يومنا هذا .
أقرأ أيضا : كارل تانزلر الرجل الذى وقع فى حب مريضته ثم عاش مع جثتها بعد وفاتها
و نتيجة أن قصة “عائلة بندر” كانت مثيرة للغاية فقد تم إنشاء متحف “بندر” فى نفس المكان عام 1961 حيث تم بناء نسخة طبق الأصل من كابينتهم و اجتذب ذلك المكان أكثر من 2000 زائر و في عام 1967 تم إهداء المتحف بثلاثة من مطارق “بندر” الى ان تم إغلاقه عام 1978 و بناء محطة إطفاء مكانها لاعتراض السكان المحليين على أن المدينة اصبحت معروفة بفظائع تلك العائلة و في النهاية تم وضع تلك القطع الأثرية بما في ذلك المطارق و الصور و مقاطع الصحف في متحف المدينة و لا تزال موجودة حتى اليوم .