هوليوود

منطقة تقع فى مدينة لوس أنجلوس بولاية كالفورنيا الأمريكيه و يعتبرها البعض عاصمة السينما و ذلك لأنها تحتضن أشهر الاستوديوهات العالميه التى يلتقى فيها نجوم الفن مع العاملين فى ذلك المجال لتصوير العديد من الأفلام السينمائية المتنوعه و رغم بدايتها التاريخية البسيطة الا أنها تحولت مع مرور السنوات الى وجهة سياحية شهيره حيث يزورها سنويا أعداد غفيرة من السائحين نظرا لامتلاكها العديد من عوامل الجذب السياحى المختلفة و التى من أشهرها ممشى المشاهير كما تعد هوليوود واحدة من أبرز الأماكن الترفيهية فى الولايات المتحدة حيث تستخدم العديد من مسارحها التاريخية كأماكن لاحياء الحفلات الموسيقية و عرض المسرحيات الفنيه و فيها أيضا تتركز أنظار العالم لمتابعة حفل توزيع جوائز الأوسكار السنوى و الذى ينظم على مسرح دولبى الشهير و يعتبر واحد من أهم معالمها .

تاريخ هوليوود

تأسيس البلديه

بدأت قصة ” هوليوود ” عام 1853 حيث كان يوجد فى ذلك المكان كوخ صغير مبني من الطوب اللبن و خلال العقدين التاليين أصبحت المنطقة مجتمعًا زراعيًا مزدهرًا يسمى “وادي كاهوينجا” و فى عام 1883 انتقل السياسي و المطور العقاري “هارفي هنري ويلكوكس” و زوجته الثانية “دايدا” إلى مدينة “لوس أنجلوس” قادمين من ولاية “كانساس” حيث قام بشراء 150 فدانًا من الأراضي الواقعة فى ذلك المكان و تحويلها الى مزرعه و لكن لم تسر جهوده بشكل جيد لذلك في عام 1887 قدم خططًا إلى مكتب التسجيل العقارى فى منطقة ” لوس أنجلوس ” بتقسيم تلك الأرض الى منطقة سكنية و أطلق عليها اسم ” هوليوود ” بعد أن أشارت زوجته بهذا الاسم نظرا لامتلاك احد معارفها لعقار يحمل نفس الاسم فى ولاية ” إلينوى ” حيث نُقل عن السيدة ” دايدا ” أنها اختارته لمجرد أنه يبدو لطيفًا و لأنها تؤمن بالخرافات و أن اسم “هولي” يجلب الحظ السعيد و بحلول نهاية القرن كان لدى “هوليوود” مكتب بريد و أسواق و فندق و شوارع تمشى عليها السيارات و في عام 1902 قام قطب العقارات ” هوبرت وايتلي ” و المعروف باسم “أبو هوليوود” بتحويلها إلى منطقة سكنية ثرية و شعبية و قام بإفتتاح “فندق هوليوود” الذى كان مركز الحياة المدنية و الاجتماعية فى البلده و موطن النجوم لسنوات عديدة و هو فندق يحتل مكانه حاليا “مسرح دولبي” الذي يستضيف حفل توزيع جوائز الأوسكار السنوي كما قام بتطوير ” أوشن فيو تراكت ” و هو حي سكني راقي فى البلده و ساهم في تمويل بناء بنك و توصيل الكهرباء إلى المنطقة .

و فى عام 1903 تأسست البلدية بشكل رسمى و قرر سكانها منع بيع الخمور داخل المدينة باستثناء الأغراض الطبية و لم يُسمح لأي من الفنادق أو المطاعم بتقديم النبيذ أو الخمور قبل أو بعد الوجبات و فى عام 1910 اندمجت البلدية مع مدينة “لوس أنجلوس” و أصبح شارع “بروسبكت” الموجود فيها هو أشهر شارع فى “هوليوود” الآن .

مدينة هوليوود عام 1907

و نظرا لاعتبار ” هوليوود ” داخل حدود مدينة “لوس أنجلوس ” فهى ليس لديها حكومة خاصة بها حيث يتم تعيين شخص من قبل غرفة تجارة هوليوود ليكون بمثابة “عمدة هوليوود” الفخري لأغراض احتفالية حيث شغل “جوني جرانت” هذا المنصب منذ عام 1980 و حتى وفاته في يناير 2008 و فى عام 2002 بدأ بعض ناخبي “هوليوود” محاولة للانفصال عن “لوس أنجلوس” و تصبح بلدية منفصلة الا ان ذلك المسعى لم يكتب له النجاح .

هوليوود و صناعة السينما

فى عام 1908 بدأت ما لا يقل عن 30 شركة انتاج للأفلام و الصور المتحركة بالعمل حول “جاكسونفيل” بولاية “فلوريدا” حيث اجتذبهم مناخ الشتاء الأكثر دفئًا و سهولة الوصول إلى السكك الحديدية و العمالة الأرخص عن مدينة “نيويورك” الا أنها لم تستمر فيها طويلا بسبب التقلبات المناخية و بدأوا فى البحث عن مكان أخر و كانت ” استوديوهات كاليم ” هى أول من وصل الى تلك المنطقة عام 1908 ثم في عام 1911 كانوا أول من بدأ الإنتاج بالقرب من “لوس أنجلوس” .

و بحلول عام 1912 كانت شركات انتاج الأفلام و الصور المتحركة الكبرى قد أقامت بالقرب من “لوس أنجلوس” أو في داخلها و كان السبب فى ذلك هو أنه في أوائل القرن العشرين كانت معظم براءات اختراع لأدوات الصور المتحركة مملوكة لشركة ” توماس أديسون للصور المتحركة ” في “نيوجيرسي” و غالبًا ما كان يتم مقاضاة صانعي الأفلام لوقف إنتاجهم لانتهاكهم تلك الحقوق و للهروب من تلك المشاكل بدأ صانعو الأفلام في الانتقال إلى “لوس أنجلوس” حيث كان من السهل فيها تجنب محاولات إنفاذ براءات اختراع ” توماس إديسون ” اضافة الى أن الطقس كان مثاليًا بها كما جعل انخفاض أسعار الأراضي فى “هوليوود” مكانًا جيدًا لإنشاء استوديوهات الأفلام اضافة الى امتلاك المنطقة لجبال و سهول و مناظر طبيعية خلابه تضفى حيوية فى اماكن تصوير مشاهد الأفلام .

استوديو نيستور أول استوديو أفلام يتم انشاءه فى هوليوود

و فى عام 1908 كان أول فيلم تم الانتهاء منه في “هوليوود” بعنوان ” الكونت دى مونت كريستو ” على الرغم من أن إنتاجه بدأ في “شيكاغو” أما أول فيلم تم إنتاجه بالكامل في “هوليوود” كان عام 1910 بعنوان ” فى كالفورنيا القديمه ” للمخرج ” دافيد جريفث ” و الذى كان قصيرا و مدته 17 دقيقة و فى عام 1911 تم إنشاء أول استوديو في “هوليوود” و هو ” نيستور فيلم كومبانى ” من قبل شركة “سنتور فيلم” و بعدها قامت أربع شركات كبرى لانتاج الأفلام و هى “باراماونت و وارنر براذرز و RKO و كولومبيا ” بتشييد استوديوهاتها في “هوليوود” و التى أصبحت خامس أكبر مكان لصناعة السينما في البلاد خلال عشرينيات القرن الماضي و بحلول الثلاثينيات أصبحت استوديوهات “هوليوود” هى المسيطرة تماما على سوق الإنتاج و التوزيع و العرض للافلام السينمائيه حيث كانت تنتج ما لا يقل عن 600 فيلم سنويا و أصبحت تعرف بإسم “تينسلتاون” و “مصنع الأحلام” بسبب الصورة المتألقة لصناعة السينما فيها .

علامة هوليوود و ممشى المشاهير

تعد علامة “هوليوود” من المعالم السياحية التي يجب مشاهدتها رغم أنها لم تبدأ على هذا النحو حيث كانت في الأصل لوحة إعلانية كهربائية ذكية تعلن عن حي راقٍ في الضواحي يعرف حاليا بـ “هوليوود هيلز” حيث كانت اللافتة مكتوب عليها في الأصل “Hollywoodland” و قد نصبها المطور العقاري “هاري تشاندلر” عام 1923 بتكلفة 21 ألف دولار و كان عرض كل حرف أصلي 9 أمتار و بطول 13 مترا و تحتوى على ما يقارب من أربعة آلاف مصباح كهربائي حيث كان من المفترض أن تدوم العلامة لسنة و نصف فقط و مع ذلك فقد أصبحت جزءًا من ثقافة “هوليود” و ظلت كذلك , و خلال فترة الكساد العظيم تدهورت العلامة و تم ترميمها جزئيًا عام 1949 و أزيلت الأحرف الأربعة الأخيرة منه في أواخر السبعينيات .

علامة هوليوود

اما بالنسبة لممشى المشاهير فهو يعد معلمًا تاريخيًا يتكون بأكثر من 2700 نجمة نحاسية خماسية الشكل مثبتة في الأرصفة على طول 15 مبنى في منطقة “هوليوود بوليفارد” و ثلاث مبانى من شارع “فاين” و هى نجوم تحمل أسماء مزيج من الموسيقيين و الممثلين و المخرجين و المنتجين و الفرق الموسيقية و المسرحية و الشخصيات الخيالية و غيرها و يتم إدارة الممشى المشاهير من قبل غرفة التجارة في “هوليوود” و يعتبر مقصد سياحي شهير حيث يزوره سنويا ما يزيد عن 10 ملايين زائر .

ممشى المشاهير

التاريخ الذهبى لهوليوود فى صناعة السينما

بدأ العصر الذهبي لهوليوود مع عصر الفيلم الصامت على الرغم من أن بعض الناس يقولون إنه بدأ في نهاية عصر الفيلم الصامت حيث لاقت الأفلام الدرامية و الكوميدية مثل The Kid (1921) و الذى كان من بطولة “تشارلي تشابلن” رواجًا كبيرا على مستوى البلاد و سرعان ما أصبح نجوم السينما العاملين فى ” هوليوود ” محبوبين و لهم الكثير من المعجبين فى كل مكان .

و مع إدخال تقنية الصوت الى الأفلام قامت الشركات المنتجة بصناعة أفلامًا متنوعه سواء كانت درامية أو رومانسية أو رعب أو وثائقيه مما زاد من سمعة “هوليوود” كأرض الثراء و الشهرة حيث سيطرت خمس استوديوهات أفلام معروفة باسم “الخمسة الكبار” و هى “وارنر براذرز و آر كيه أو و فوكس و مترو جولدن ماير و باراماونت ” على صناعة الأفلام فى تلك البلدة اضافة الى استوديوهات أصغر مثل “كولومبيا و يونيفرسال و يونايتد أرتيستس ” .

الحرب العالمية الأولى و الثانيه

خلال الحرب العالمية الأولى و بعد إعلان الرئيس الأمريكى “ويلسون” الحرب على “ألمانيا” قفز الخمسة الكبار في عربة الدعاية السياسية للحرب و الذين قاموا في كثير من الأحيان تحت ضغط أو توجيه من إدارة “ويلسون” على انتاج أفلام دعائيه حول الاستعداد للحرب و التجنيد العسكري كما قاموا بوضع قائمة واسعة من الممثلين المشهورين للترويج لجهود الحرب الأمريكية اما مع اندلاع أحداث الحرب العالمية الثانيه و سيطرة أخبارها على عناوين الأخبار احتاج الناس إلى الضحك أكثر من أي وقت مضى و كانت “هوليوود” عند الظن حيث أنشأت استوديوهات الأفلام نصوصًا لأطرف الممثلين الكوميديين مثل “بود أبوت و لو كوستيلو و بوب هوب و جاك بيني ” كما تركت أفلام الرسوم المتحركة التى كانت تعرض الى الجماهير قبل الفيلم ضحكات كبيرة و غالبًا ما كانت تستخدم للترويج للدعاية الحربية بطريقة مرحة و كانت ” هوليوود ” تلتزم بالقوانين التى فرضت خلال الحرب حيث كانت استوديوهات الأفلام تنشأ ملاجئ متقنة ضد القنابل و التزمت بحظر التصوير فى البحر أو بالقرب من المنشآت العسكرية و عدم التصوير ليلا لتنفيذ قواعد التعتيم الليلي .

و في عام 1942 بدأ مجلس الإنتاج الحربي بوضع ميزانية بحد أقصى 5000 دولار لمجموعات الأفلام الجديدة مما أجبر استوديوهات الأفلام على إيجاد طرق إبداعية و رخيصة لإنتاج الأفلام كما تم تجنيد العديد من نجوم السينما في القوات المسلحة بما في ذلك “كلارك جيبل” و “هنري فوندا” و “جيمس ستيوارت” و “ميكي روني” و استغل معظم نجوم السينما في “هوليوود” شهرتهم للمساعدة في بيع ملايين من سندات الحرب .

أقرأ أيضا : كلارك جيبل الممثل الاسطورى الذى افرد هتلر مكافاءة سخيه لمن ينجح فى اختطافه و احضاره الى برلين حيا

و بحلول عام 1948 قضت المحكمة العليا بأن الاستوديوهات لا يمكنها امتلاك دور سينما تعرض أفلامها فقط و هو حكم أجبر الخمسة الكبار على بيع دور السينما الخاصة بهم و أصبحوا أكثر انتقائية فيما يتعلق بالأفلام التي ينتجونها حيث كان هذا هو بداية نهاية العصر الذهبي لهوليوود خاصة بعد ازدياد شعبية التلفزيون في الخمسينيات من القرن الماضي و الذى ساهم فى قلة الحضور السينمائى بالاضافة الى استدعاء العديد من نجوم هوليوود بسبب الفضائح و سلوكيات مشكوك فيها و الذى ساهم فى القضاء على صورهم السليمة أمام الجمهور .

الحرب الباردة

خلال الحرب الباردة نما جنون الشك في “هوليوود” و بقية “الولايات المتحدة” بسبب الأيديولجية الشيوعية حيث قررت لجنة الأنشطة غير الأمريكية في مجلس النواب و هي مجموعة مكونة من أعضاء بالمجلس عام 1947 بالتحقق من أى أفكار شيوعية في الأفلام حيث تم استدعاء ما لا يقل عن 40 شخصًا لهم صلة بصناعة السينما للإدلاء بشهادتهم و هو الامر الذى دفع عشرة مخرجين و كتاب سيناريو و الذين عرفوا بإسم ” هوليوود العشرة ” تحدي شرعية أفعال تلك اللجنه حيث زعموا أن التحقيق معهم قد انتهك حقوقهم المدنية و مع ذلك فإن جهودهم جاءت بنتائج عكسية عندما احتُجزوا بتهمة ازدراء الكونجرس و فُرضت عليهم غرامة و سجنوا في نهاية المطاف حيث كان أحدهم هو ” إدوارد دمتريك ” و الذى اختار لاحقًا التعاون مع السلطات و حدد 20 من أقرانه ممن لهم علاقات شيوعية محتملة .

أقرأ أيضا : مشاهير من هوليوود تم وضعهم فى القائمة السوداء بدعوى تعاطفهم مع الشيوعيه

و نتيجة للفشل الذريع الذى لحق بنشاط أعضاء ” هولييود العشرة ” تم وضعهم بما في ذلك “ديمتريك” و أي شخص آخر في الصناعة يشتبه في دعمه للشيوعية على القائمة السوداء و رفض العمل معه مع وضع المئات من الممثلين و الموسيقيين و الكتاب و المنتجين و المخرجين في القائمة المخزية بما في ذلك “لينا هورن” و “أورسون ويلز” و “تشارلي تشابلن” و “لويد بريدجز” و “بيرل آيفز” و “آن ريفير” .

العصر الذهبى الثانى

يعتبر بعض النقاد و محبي أفلام الستينيات و السبعينيات من القرن الماضي ان تلك الفترة كانت بمثابة العصر الذهبي الثاني لـ “هوليوود” حيث انهار نظام الاستوديو القديم في الثلاثينيات تمامًا وخففت القيود المفروضة على بعض من المحتوى السينمائى حيث منحت تلك التغييرات مخرجين رائدين مثل “مارتن سكورسيزي” و “ستانلي كوبريك” و “مايك نيكولز” و “فرانسيس فورد كوبولا” و آخرين حرية مناقشة المحتويات المثيرة للجدل و التى لم تكن مناسبة للعائله مثل أفلام “إيزي رايدر” و 2001: سبيس اوديسى و العراب و كل رجال الرئيس .

هوليوود و الجانب المظلم

تعتبر “هوليوود” مثل جبل الجليد الذى يظهر منه الى الناس جزء صغير فقط و هو المتعلق بالبهجة و الترفيه و المرح بينما يوجد جزء أخر مظلم و مغمور أسفل المياه و لا يراه أحد ففى كل عام يجذب حلم الشهرة الآلاف من الناس إلى “هوليوود” لتجريب حظهم حيث ينفق الكثيرون ما لديهم من المال على دروس التمثيل و الوكلاء و عندما تنفذ الأموال غالبًا ما يصبح هؤلاء النجوم المحتملين يائسين و حتى بلا مأوى و يلجأ البعض منهم إلى المخدرات أو الدعارة أو صناعة الإباحية المزدهرة في المنطقة .

و حتى بين مشاهير ” هوليوود “لطالما انتشر بينهم تعاطي المخدرات و الكحول و غالبًا ما يُلقى باللوم على ضغوط الشهرة و تدفق الأموال بلا توقف حيث مئات المشاهير من الوفيات المرتبطة بالمخدرات أو الكحول بما في ذلك “مارلين مونرو ” و “جودي جارلاند” و “ويليام هولدن” و “ترومان كابوتي” و “هيث ليدجر” و “ويتني هيوستن ” و بجانب الكحول و المخدرات يوجد تفشى ظاهرة الاعتداء الجنسي حيث كشفت صحيفة “نيويورك تايمز” أن قطب الاستوديو السينمائي “هارفي وينشتاين” قد اعتدى جنسيًا على الممثلين و الموظفين لعقود و تم فصله من الاستوديو الخاص به حيث تقدم عشرات الضحايا ضده ببلاغات لاتهامه.

شارك الموضوع

عمرو عادل

فى الحياة الواقعيه مهندس ميكانيكا قوى اما فى الحياه الافتراضيه فباحث و كاتب و مدير الموقع دا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *