ما هي أمطار الشهب ؟ كيف تحدث أمطار الشهب ؟

أمطار الشهب هو حدث فضائي فريد من نوعه تظهر فيه أعداد من الشهب و هي تومض و تنشأ من نقطة واحدة في سماء الليل ناتجة عن تيارات من الحطام الكوني المسمي بالنيازك و تدخل إلي الغلاف الجوي لكوكب لأرض بسرعات عالية جدا على مسارات متوازية و و إذا إزدادت حدتها فيطلق علي أمطار الشهب الشديدة أو غير المعتادة إسم فورات النيازك أو العواصف النيزكية و التي تنتج ما لا يقل عن 1000 نيزك في الساعة الواحدة و يشير مركز بيانات النيازك أن الأرض تشهد أكثر من 900 زخة من أمطار الشهب منهم حوالي 100 تم تأكيدهم و يتم متابعتهم بشكل جيد و يمكن رصد بعضهم من جموع الناس بالعين المجردة و في الوقت الحالي تحتفظ وكالة ناسا لعلوم الفضاء بخريطة يومية لأمطار الشهب النشطة .

و نظرًا لأن جسيمات وابل النيازك تتحرك جميعها في مسارات متوازية و بنفس السرعة فإنها تظهر للمراقبين أنها تشع بعيدًا عن نقطة واحدة في السماء و تكون هذه النقطة المشعة ناتجة عن تأثير المنظور على غرار مسارات السكك الحديدية المتوازية التي تتقارب عند نقطة تلاشي واحدة في الأفق و عادة ما يتم تسمية أمطار الشهب على إسم النجم الذي تنشأ منه و تتحرك هذه النقطة ببطء عبر السماء أثناء الليل بسبب دوران كوكب الأرض حول محوره و هو نفس سبب تحرك النجوم ببطء عبر السماء كما يتحرك الإشعاع أيضًا بشكل طفيف من الليل إلى الليل بسبب تحرك الأرض في مدارها حول الشمس و عندما يكون الشعاع المتحرك في أعلى نقطة فإنه سيصل إلى سماء الراصد في تلك الليلة و ستكون الشمس مجرد مسح للأفق الشرقي و لهذا السبب فإن أفضل وقت لمشاهدة أمطار الشهب يكون بشكل عام قبل الفجر بقليل و هو حل وسط بين الحد الأقصى لعدد الشهب المتاحة للعرض و السماء الساطعة التي يجعل رؤيتها أكثر صعوبة .

أمطار الشهب

و تنتج أمطار الشهب من تفاعل بين كوكب مثل الأرض و تدفقات من الحطام القادمة من مذنب حيث يمكن للمذنبات أن تنتج الحطام عن طريق سحب بخار الماء كما أوضح “فريد ويبل” عام 1951 و الذي وضع تصور بأنها كرات ثلجية متربة مكونة من صخور مغروسة في الجليد تدور حول الشمس و قد يكون ذلك الجليد عبارة عن ماء أو ميثان أو أمونيا أو مواد متطايرة أخرى بمفردها أو مجتمعة و قد يتفاوت أحجام تلك الصخور ما بين ذرة غبار إلى صخرة صغيرة و تكون المواد الصلبة ذات حجم ذرات الغبار هي الأكثر شيوعًا من تلك التي تكون بحجم حبيبات الرمل و التي بدورها أكثر شيوعًا من تلك التي بحجم الحصى و ما إلى ذلك و حين يسخن ذلك الجليد عند إقتراب المذنب من الشمس يتصاعد منه البخار يقوم بسحب ذلك الغبار و الرمل و الحصى و يتساقط عدد معين من النيازك التي تنتشر على طول مسار المذنب بالكامل لتشكيل تيار نيزكي يُعرف أيضًا بإسم “مسار الغبار” .

أمطار الشهب

و ربما يكون تفسير ” فريد ويبل ” لظاهرة أمطار الشهب منطقي إلا أن العالم “بيتر جينيسكنز” قد وضع نظرية أخري مفادها أن معظم زخات الشهب قصيرة المدى ليست ناتجة عن سحب بخار الماء العادي للمذنبات النشطة و لكنها عن عمليات تفكك غير متكررة فعندما تنكسر قطع كبيرة من مذنبًا خامدًا في الغالب تميل الشظايا للإنهيار بسرعة إلى الغبار و الرمل و الحصى و تنتشر على طول مدار المذنب لتشكيل تيار نيزكي كثيف و الذي يتطور لاحقًا إلى مسار الأرض .

و بعد وقت قصير من فرضية ” فريد ويبل ” بأن جزيئات الغبار تنتقل بسرعات منخفضة بالنسبة للمذنب كان العالم “ميلوس بلافيك” هو أول من قدم فكرة مسار الغبار عندما حسب كيف أن النيازك بمجرد تحريرها من المذنب سوف تنجرف في الغالب أمامه أو خلفه بعد إكمال دورة واحدة و أثناء ذلك تنجرف بعض من تلك المواد بشكل جانبي قليلاً بعيدًا عن المذنب لأن بعض الجسيمات تصنع مدارًا أوسع من غيرها و تُلاحظ مسارات الغبار هذه أحيانًا في صور المذنبات الملتقطة بأطوال موجية متوسطة للأشعة تحت الحمراء حيث تنتشر جزيئات الغبار من العودة السابقة للشمس على طول مدار المذنب و بعد ذلك تحدد قوة الجاذبية للكواكب المكان الذي سيمر فيه مسار الغبار مثل البستاني الذي يوجه خرطومًا لسقي نبات بعيد و في معظم السنوات تفوت هذه المسارات الأرض تمامًا و في سنوات أخري تمطر الأرض بالنيازك .

أمطار الشهب

و عندما تمر النيازك بالقرب من الأرض يتم تسريع بعضها لتكون ذات مدارات أوسع حول الشمس و البعض الآخر يتباطأ ليكون بمدارات أقصر مما يؤدي إلي حدوث فجوات في مسار الغبار في العودة التالية كما يمكن أن يؤدي إضطراب كوكب المشتري إلى تغيير أجزاء مسار الغبار بشكل كبير خاصة بالنسبة للمذنبات ذات المدارات القصيرة كما تقع أمطار الشهب أيضا تحت تأثير الضغط الإشعاعي الذي سيدفع الجسيمات الأقل كتلة إلى مدارات أبعد عن الشمس في حين أن الأجسام الأكثر ضخامة سوف تتأثر بدرجة أقل و هذا يجعل بعض آثار الغبار غنية بالنيازك الساطعة و البعض الآخر غني بالنيازك الخافتة و بمرور الوقت تشتت هذه التأثيرات النيازك و تخلق تيارًا أوسع .

و في معظم السنوات تعد البرشاويات هي أمطار الشهب الأكثر وضوحا علي كوكب الأرض و التي تبلغ ذروتها في 12 أغسطس من كل عام و تكون بأكثر من نيزك واحد في الدقيقة و تمتلك وكالة ناسا أداة لحساب عدد النيازك المرئية من موقع المراقبة لكل ساعة أما أمطار الشهب ” ليونيد ” فتبلغ ذروتها في 17 نوفمبر من كل عام و في بعض السنوات قد تنتج عاصفة نيزكية بمعدل آلاف النيازك في الساعة الواحدة و كانت آخر عواصف ليونيد في أعوام 1999 و 2001 (اثنان) و 2002 (اثنان) و قبل ذلك كانت هناك عواصف في أعوام 1767 و 1799 و 1833 و 1866 و 1867 و 1966 و عندما لا تكون أمطار الشهب ليونيد علي هيئة عاصفة فتكون أقل نشاطًا من البرشاويات .

و لا تقتصر أمطار الشهب علي كوكب الأرض فحسب و لكن يمكن لأي جسم آخر في المجموعة الشمسية و له جو شفاف بشكل معقول أن يحتوي أيضًا على أمطار الشهب و نظرًا لأن القمر يقع بالقرب من الأرض فإنه يمكن أن يتعرض لنفس الزخات و لكن سيكون له ظواهره الخاصة بسبب إفتقاره للغلاف الجوي و تحتفظ وكالة ناسا الآن بقاعدة بيانات مستمرة للتأثيرات المرصودة على القمر كما أن العديد من الكواكب و الأقمار الأخري لها فوهات أثرية تعود إلى فترات زمنية طويلة بسبب تلك الظاهرة و من الممكن أيضا أن تنشأ حفر جديدة عند حدوثها و من المعروف أن كوكب المريخ و أقماره يواجهون أمطار الشهب بإستمرار و علي الرغم من أنه لم يتم رصد تلك الظاهرة على الكواكب الأخرى حتى اللحظة إلا أنه يُفترض أنها موجودة بالفعل و بالنسبة للمريخ على وجه الخصوص فرغم إختلاف مظاهر أمطار الشهب عن تلك التي نراها على الأرض بسبب إختلاف مداراته بالنسبة إلى مدارات المذنبات و إحتواء غلافه الجوي على أقل من 1٪ من كثافة الأرض إلا أن التأثيرات تكاد تكون متشابهة بإستثناء أن حركة النيازك قد تكون بطيئة نسبيا بسبب المسافة المتزايدة عن الشمس و هو ما يقلل بشكل هامشي من سطوع تلك النيازك عن ما تظهر عليه في الأرض .

شارك الموضوع

عمرو عادل

فى الحياة الواقعيه مهندس ميكانيكا قوى اما فى الحياه الافتراضيه فباحث و كاتب و مدير الموقع دا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *