ويتير .. بلدة أمريكية نائية يعيش سكانها داخل مبني واحد به كافة المرافق الخدمية

إذا كنت تعيش لدي إحدي البلدات الموجودة بأي دولة في العالم و عليك الذهاب إلى متجر للبقالة أو مكتب بريد أو حتى مستشفى أو مركز للشرطة فمن المنطقي للتوجه إليهم أن تستخدم إحدي وسائل المواصلات سواء كانت سيارة أو حافلة أو دراجة و لكن قد يختلف الأمر كليا إذا كنت تقيم في بلدة ويتير الواقعة علي الساحل الجنوبي لولاية ألاسكا في الولايات المتحدة لأنه فيها ليس من الضروري القيام بواحدة من تلك الرحلات و لكن يمكنك زيارة جميع تلك الأماكن مرة واحدة و دون الحاجة للترحال و إرتياد الطرق و ذلك لأن البلدة تتواجد داخل مبني واحد يحتوي علي منازل سكانها و كافة مرافقها و حتي خدماتها المتنوعة .

ويتير .. بلدة أمريكية نائية يعيش سكانها داخل مبني واحد به كافة المرافق الخدمية

و يرجع سبب غرابة بلدة ويتير إلي أن الجغرافيا قد فرضت عليها أن تكون معزولة بشكل كبير حيث تقع علي بعد ما يقرب من 100 كيلومتر جنوب شرق بلدية أنكوريج أكبر مدن الولاية و تتميز بأنها محاطة بالجبال من جهة و مياه المحيط من جهة أخرى كما أنها تطل علي مضيق الأمير ويليام الذي يعد موطنًا لمجموعة من الحيوانات البرية المذهلة أبرزها النسور الصلعاء و الحيتان القاتلة و ثعالب البحر و أشتهر ذلك المضيق مؤخرا نتيجة حادث تسرب نفطي لشركة إيكسون عام 1989 و بطبيعة الحال نتيجة ذلك الموقع الفريد فهي تتعرض بإستمرار لطقس عاصف بشكل يجبر سكانها علي ضرورة التواجد في مبني واحد يشمل كل ما يريدون دون الحاجة إلي التنقل وسط تلك الأجواء الصعبة .

ويتير .. بلدة أمريكية نائية يعيش سكانها داخل مبني واحد به كافة المرافق الخدمية

و يبلغ عدد سكان ويتير 218 شخصًا فقط و نتيجة قلة ذلك العدد فجميع سكانها تقريبًا يعيشون داخل مبنى واحد مكون من 14 طابقًا يعرف بإسم أبراج بيجيتش و هو مبني تم الإنتهاء من بناءة عام 1957 ليكون بمثابة موقع إستيطاني لأفراد يتبعون الجيش الأمريكي أثناء فترة الحرب الباردة ثم تخلت عنها القوات المسلحة منتصف الستينيات و بحلول عام 1974 أصبح المبنى الضخم و المؤمن للغاية مجمعًا سكنيًا كبيرًا و مناسبًا بشكل مثالي لحماية السكان من مناخ ألاسكا القاسي لذلك يستفيد سكان ذلك المبني من حقيقة أنه هو المدينة التي تشمل المستشفى و قسم الشرطة و مكتب البريد و الكنيسة و متجر البقالة و أكثر من ذلك بكثير و جميعهم تحت سقف واحد.

ويتير .. بلدة أمريكية نائية يعيش سكانها داخل مبني واحد به كافة المرافق الخدمية

و نظرا لتعرض تلك المنطقة لرياح قوية تتراوح سرعتها ما بين 95 إلي 130 كيلومتر في الساعة مع هطول مستمر للأمطار يمتد لنحو 6 أشهر يعقبه تساقط للثلوج خلال الأشهر الستة الأخرى فمن الطبيعي أن يتواجد جميع سكان المدينة و بشكل مستمر داخل هذا المبني المحصن تماما لأن بناءة كان بغرض تحمل أي أعمال قصف و لعل ذلك هو السبب في نجاته من كارثة تسونامي التي نجمت عن زلزال وقع عام 1964 و الذي يعد أقوي زلزال تتعرض له أمريكا الشمالية عبر تاريخها كله .

و بجانب المبني الرئيسي الموجود في بلدة ويتير يوجد عدد قليل جدًا من الأكواخ و المباني الصغيرة و المطاعم المنتشرة على طول الساحل إضافة إلي مبنى رئيسي واحد أكبر من أبراج بيجيتش و هو مبني باكنر الذي تم تشييده في نفس التوقيت مثل الأبراج و لكن كمنشأة عسكرية متعددة الأغراض إلي أن تم التخلي عنه في العقد التالي و لكن بعكس أبراج بيجيتش ظل المبنى مهجورًا لعدة عقود رغم إحتوائه علي مستشفي و مسرح و صالة بولينج و سجن و مخبز و مكتبة و غير ذلك و كان دائما ما يجذب ذلك المبني تحديدا العشرات من المستكشفين الهواة من خارج المدينة و هو ما دفع السلطات الي تشديد الإجرائات الأمنية عليه و إعتقال أي شخص يفكر في الدخول إليه لحمايته من خطر السحق نتيجة الحطام المتساقط في المبني أو إستنشاق الأسبستوس السام .

مبنى باكنر

أقرأ أيضا : كوبر بيدي .. مدينة أسترالية غريبة يعيش سكانها بالكامل تحت الأرض

و للوصول إلي بلدة ويتير يوجد طريق بري واحد فقط به نفق أنطون أندرسون التذكاري و يبلغ طوله 4 كيلومترات و يعد ثاني أطول نفق للطرق السريعة في ” الولايات المتحدة ” و نظرا لأنه ليس عريض بما فيه الكفاية فهو يدعم حركة مرور السيارات أو القطارات في إتجاه واحد كل مرة لذلك يتم تحديد تدفق حركة المرور بشكل منظم يسمح للسيارات بالمرور مرة واحدة فقط في كل ساعة لكلا الإتجاهين ثم يغلق بالكامل في تمام الساعة 10:30 مساءً كل ليلة أما في داخل البلدة و نتيجة المناخ القاسي في المكان فيستخدم السكان المقيمين خارج المبني الرئيسي أنفاق أخرى تحت الأرض تربط بين منازلهم و أبراج بيجيتش و هو ما يسمح بتجنب الخروج في الهواء الطلق لفترات طويلة جدًا من الوقت.

الأنفاق الواصلة بين المنازل و المبني الرئيسي في ويتير
شارك الموضوع

عمرو عادل

فى الحياة الواقعيه مهندس ميكانيكا قوى اما فى الحياه الافتراضيه فباحث و كاتب و مدير الموقع دا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *