روبرت أودلوم السباح الذي دفع حياته لإثبات أن لا أحد يموت من السقوط في الهواء بعد قفزه من أعلي جسر بروكلين

يعد جسر بروكلين الموجود في مدينة نيويورك و الممتد فوق النهر الشرقي و الرابط بين مانهاتن و بروكلين أحد أشهر الجسور التاريخية في العالم بعد أن تم الإنتهاء من تشييده عام 1883 و يصبح بذلك أول جسر معلق من الأسلاك الفولاذية يتم بناءه على الإطلاق و يحتفظ لعدة سنوات بالرقم القياسي كأطول جسر معلق في العالم بعد أن بلغ طوله 1.8 كيلومتر و أقصى إرتفاع له 84.2 متر و قد تم وصفه من قبل البعض بأنه أحد عجائب الدنيا السبع في العالم الصناعي لذلك كان دائما نقطة جذب للكثير من الساعين نحو الشهرة و الذين كان من بينهم أحد السباحين و يدعي روبرت أودلوم الذي قرر القفز من أعلاه لإثبات أن لا أحد يموت من السقوط في الهواء إلا أنه و لسوء حظه دفع حياته ثمنا لذلك و يدخل التاريخ كأول شخص يلقي مصرعه بعد قفزه من أعلي ذلك الجسر .

و لم يكن ” روبرت أودلوم ” هو أول ضحايا جسر بروكلين حيث سبقه أكثر من 20 شخصا لقوا مصرعهم خلال مراحل بناءه من بينهم المصمم الرئيسي “جون روبلينج” الذي كان الضحية الأولى ثم تلاه المزيد من العمال و حتي بعد مرور أسبوع من حفل إفتتاحه كان هناك أكثر من 20 ألف شخص عليه و خلال وجودهم إنتشرت شائعة بين الحشود بأن الجسر قد بدء في الإنهيار لتحدث حالة من الذعر و يفقد 12 شخصًا حياتهم بعد أن تم سحقهم في تدافع بشري هائل و لكن رغم الوفيات السابقة إلا أنها لا تقارن بعدد الأشخاص الذين أنتحروا بالقفز من فوقه حيث تقول بعض الإحصائيات أنه حدثت أكثر من 1300 حالة إنتحار بحلول عام 2003 و توجد تكهنات بأنه كل 15 يومًا يموت شخص بسبب القفز من خلاله إلي مياه النهر لذلك كانت هناك أفكار لإنشاء حاجز إنتحاري لكن الفكرة لم تتحقق بسبب بعض من العوائق الهندسية .

روبرت أودلوم السباح الذي دفع حياته لإثبات أن لا أحد يموت من السقوط في الهواء بعد قفزه من أعلي جسر بروكلين

و رغم كثرة حوادث الإنتحار بالقفز من جسر بروكلين إلا أن الوثائق التاريخية تشير إلي أن أول شخص فعل ذلك و لقي مصرعه كان “روبرت أودلوم” لكن الغريب في الأمر أنه لم يكن لديه أي نية للإنتحار بل كانت قفزته لمجرد أنه أراد ببساطة إظهار و إثبات أن الإنسان لا يموت بسبب سقوطه في الهواء و هو تصور كان شائع في تلك الفترة بكثافة بين جموع الناس و لتشجيع الآخرين على القفز من النوافد حال محاصرتهم في مبنى محترق بالإضافة بالطبع لرغبته في الحصول علي الشهرة و المال جراء تلك القفزة التي سيتحدث عنها الكثيرين سواء بين الناس و في وسائل الإعلام و لكن لسوء الحظ لم يحدث ما أراده و كانت تلك هي أخر قفزة يقوم بها في حياته .

و كان من المعروف عن “روبرت أودلوم” أنه عمل مدربًا للسباحة و ولد في 31 أغسطس عام 1851 في “أوجدينسبورج” بمدينة “نيويورك” في ” الولايات المتحدة ” و أصبح سباحًا ماهرًا في سن مبكرة و كان من المعروف عن عائلته أنها كثيرة الأسفار للبحث عن شقيقه الأكبر “ديفيد” الذي فقد في الحرب الأهلية الأمريكية لذلك قام “روبرت” بتغيير عدد من أماكن الإقامة معهم بالإضافة إلي إشتغاله في العديد من المهن و في عام 1878 أنتقل إلي “واشنطن” حيث أفتتح مدرسة للسباحة كان إسمها “ناتاتوريوم” و حققت نجاحًا كبيرًا و سرعان ما أصبح أطفال العديد من المقيمين البارزين في “واشنطن” طلابًا في مدرسته و كان من بينهم أبناء الرئيس الأمريكي “جيمس جارفيلد” و إبنة الجنرال “ويليام شيرمان” و أبناء الرئيس “رذرفورد بيرتشارد هايز” .

و أصبح ” روبرت أودلوم ” أحد المشاهير في “واشنطن” و حصل علي لقب البروفسير و ذلك بفضل أنشطته العديدة و المثيرة مثل السباحة و الغوص في نهر بوتوماك و الغوص في شلالات أوكوكوان و كذلك السباحة من “واشنطن” إلى مارشال هول بولاية “ميريلاند” برفقة صديقه “بول بويتون” و هو سباح أخر كان معروف حينها بلقب الضفدع الشجاع و لكن مع حلول عام 1881 بدأت المدرسة في خسارة الأموال لذلك قرر إغلاقها و وجد عملاً كمدرب للسباحة بأحد الفنادق في ولاية ” فيرجينيا ” و لكن كان لا يزال لديه الرغبة في الشهرة و المال و هو ما دفعه للتفكير في إجراء قفزة من جسر بروكلين المبني حديثًا لذلك في عام 1882 تسلل إلى جزء غير مكتمل منه و قبل أن يتمكن من أداء هذه المهمة ألقت الشرطة القبض عليه و أعادته إلى “واشنطن” .

روبرت أودلوم السباح الذي دفع حياته لإثبات أن لا أحد يموت من السقوط في الهواء بعد قفزه من أعلي جسر بروكلين

و بعد مرور ثلاث سنوات و في 19 من مايو عام 1885 عاد ” روبرت أودلوم ” إلي “نيويورك” مرة أخري و هو مستعدًا جيدًا و كانت شرطة نيويورك على علم بخططه حيث أنتشرت قصة نيته القفز من جسر بروكلين في جميع أنحاء المدينة في الأسابيع التي سبقت الحدث لذلك قامت بتشديد الإجرائات الأمنية أعلي الجسر لكن “أودلوم” تمكن من تشتيت إنتباههم حين أرسل صديقه “جيمس هاجارت” بسيارة أجرة بينما كان هو مختبئًا في سيارة أخرى و كان هدفه أن يكون صديقه بمثابة شرك لهم متظاهرًا بأنه هو الغواص و بينما كان رجال الشرطة منشغلين معه خرج “روبرت أودلوم ” من السيارة التي كان يختبئ فيها و قفز من فوق الجسر و هو يرتدي ملابس السباحة في تمام الساعة 5:35 مساءً أمام أعين حشد من الشهود الذي كانوا يراقبون الحدث من على متن أحد القوارب .

روبرت أودلوم السباح الذي دفع حياته لإثبات أن لا أحد يموت من السقوط في الهواء بعد قفزه من أعلي جسر بروكلين

و سقط ” روبرت أودلوم ” من الأعلي بسرعة 97 كيلومتر في الساعة تقريبًا و لسوء حظه هبت رياح قوية فى المكان أدت إلي جعل جسده يضرب سطح النهر بزاوية كبيرة و يرتطم بمياهه بشكل قوي و كارثي أربك المنقذ الذي عينه الغواص بنفسه و هو ما دفع صديقه السباح ” بول بويتون ” الذي كان موجودا وسط الحشود إلي القفز في المياه و الإمساك به و نقله إلى القارب حيث أستعاد “روبرت أودلوم ” وعيه لفترة قصيرة و سأل عما إذا كانت القفزة جيدة ثم فقد وعيه مرة أخرى و بدأ الدم يتدفق من فمه و في تمام الساعة 6:18 مساءً توفي بسبب نزيف داخلي و لسوء الحظ لم تصل سيارة الإسعاف التي إستدعاها صديقه في الوقت المناسب لإنقاذ حياته و ذكر الطبيب الشرعي أن كبد “روبرت” و كليتيه و طحاله قد تمزقوا من تلك القفزة كما كسر 3 من أضلاعه و خلص إلى أن الإرتجاج كان هو السبب الرسمي للوفاة .

روبرت أودلوم السباح الذي دفع حياته لإثبات أن لا أحد يموت من السقوط في الهواء بعد قفزه من أعلي جسر بروكلين

أقرأ أيضا : جورج باركر النصاب الأمريكي الذى باع جسر بروكلين ثلاث مرات

و عقب موت ” روبرت أودلوم ” و دفنه في مقبرة جبل الزيتون في واشنطن أتهمت والدته صديقه السباح “بول بويتون” بأنه المتسبب الرئيسي في وفاته مدعية أنه هو من أقنعه بالقفز من جسر بروكلين إلا أنه نفي تلك الإتهامات و في نفس عام وفاته 1885 قامت والدته “كاثرين أودلوم” بإصدار كتابًا يتحدث عن السيرة الذاتية لإبنها بعنوان “حياة و مغامرات البروفيسور روبرت أودلوم ” و يحتوي علي قصة حياته و أنشطته و وصف لمنشأته في العاصمة الوطنية” و بعد مرور عام واحد من وفاته أدعى “ستيف برودي” أنه أول رجل يقفز من جسر بروكلين و ينجو من السقوط. و لكن لم يكن هناك شهود لذلك تم إتهامه بتزييف تلك القفزة عن طريق رمي دمية من الجسر و بعد شهر واحد من تلك المزاعم غطس “لاري دونوفان” في مياه النهر الشرقي ليصبح رسميا هو أول ناجٍ مؤكد من قفزة أعلي جسر بروكلين.

شارك الموضوع

عمرو عادل

فى الحياة الواقعيه مهندس ميكانيكا قوى اما فى الحياه الافتراضيه فباحث و كاتب و مدير الموقع دا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *