كاتب و مخرج و واحد من أصحاب البصمات الإبداعية و المتميزة فى العديد من الأعمال السينمائية التى تعتبر بمثابة أفضل الأفلام العالمية عبر تاريخها و الحاصلة على أعلى التقييمات و الإشادات سواء من قبل النقاد و الجمهور و التى تميزت بتنوعها ما بين الخيال العلمى و الأكشن و الأبطال الخارقين و التاريخي حيث أجاد فيهم جميعا بشكل أعطاه أفضلية عن أقرانه سواء من ناحية الكتابة أو الإخراج و ما زاد من شهرة أفلام كريستوفر نولان أنها أحترمت عقليات جمهوره لأن صناعتها ليست من أجل التسلية فقط و لكن من أجل التعلم و الإستفادة من محتواها سواء من ناحية الجرعات العلمية أو التاريخية أو حتى فى رسائل إنسانية و فلسفية تتواجد داخل العمل السينمائي و يعتبر نولان إنسانا مبدعا و قصة حياته بمثابة دليل ارشادى لأى شخص يبحث عن النجاح و التميز و التى تختصر نقاطها الرئيسية فى حب العمل الذى يقوم به و يعطيه كامل تركيزه و إخلاصه لدرجة أنه لا يوجد لديه وقت ليكون له حسابات على شبكات التواصل الإجتماعى و اعتياده على تقديم محتوى مفيد داخل قالب درامى يخاطب عقل الجمهور أولا قبل باقى حواسه و اعتماده على فريق شبه ثابت فى كافة أعماله من ممثلين أمام الكاميرا او حتى فنيين وراء الكواليس و هو ما يخلق كيمياء تفاعلية صحية بين أفراد العمل تعمل على تسهيل خروج الفيلم بأفضل صورة نتبجة تناغم تلك المنظومة اضافة الى تواضعه الشديد رغم شهرته العالمية و هو ما يكسبه المزيد من المحبين و المعجبين أحدهم هو كاتب تلك السطور .

السنوات الأولى من حياة كريستوفر نولان

ولد “كريستوفر نولان” في 30 من يوليو عام 1970 بمدينة “لندن” فى “المملكة المتحدة” لأب ” بريندان نولان ” و يعمل مدير للإعلانات و أم ” كريستينا جانسين ” و كانت تعمل مضيفة للطيران و عملت لاحقًا كمدرس للغة الإنجليزية و كان ترتيبه الأوسط بين أخين ” ماثيو و جوناثان ” و بدأ حياته فى صناعة الأفلام عندما كان طفلاً حيث كان أول فيلم قصير له و هو في سن السابعة من عمره بعد أن استعان بالكاميرا الخاصة بوالده ثم سافر “نولان” بين “شيكاغو” و ” لندن ” أثناء نشأته نظرا لأن والدته كانت من ” الولايات المتحدة ” بينما كان والده بريطانى و عندما وصل الى سن الحادية عشرة كان يتطلع إلى أن يكون مخرجًا محترفًا لذلك أبتكر خلال مراهقته أفلام قصيرة و بعد أن تخرج من مدرسته الثانوية انتقل في النهاية إلى كلية “لندن” الجامعية التى درس فيها الأدب الإنجليزي و انضم إلى جمعية السينما بكليته و من خلالها و بالتعاون مع “إيما توماس” (صديقته و زوجته المستقبلية) قاموا بعرض أفلام خلال العام الدراسي و استخدموا الأموال المكتسبة لإنتاج أفلام أخرى خلال فترة الصيف و بعد حصوله على درجة البكالوريوس في الأدب الإنجليزي عام 1993 عمل كقارئ سيناريو و مشغل كاميرا و مدير فيديوهات الشركات و الأفلام الصناعية .

و في عام 1995 بدأ ” كريستوفر نولان ” العمل في الفيلم القصير Larceny و الذي تم تصويره خلال عطلة نهاية الأسبوع بالأبيض و الأسود و بمعدات محدودة و فريق عمل صغير و بتمويل من “نولان” و ظهر في مهرجان كامبريدج السينمائي عام 1996 حيث كان يعتبر أحد أفضل الأفلام القصيرة ثم قام عام 1997 بتصوير فيلم قصير اخر و هو Doodlebug حول رجل يبدو أنه يطارد حشرة بحذائه و نستطيع أن نقول انه خلال هذه الفترة من حياته المهنية حقق “نولان” نجاحًا ضئيلًا .

مهنة الإخراج

بحلول عام 1998 ظهر الى النور أول فيلم رئيسي قام بإخراجه ” كريستوفر نولان ” و هو “التالي” Following و الذى كان عمل سينمائى تم تصويره بتقنية الأبيض و الأسود حول كاتب وحيد مهووس بمتابعة الغرباء و يتعاون مع أحد اللصوص حيث ساعد مخطط السرد غير التقليدي للفيلم في جذب الاهتمام بعمل “نولان” و كان الفيلم من أنتاجه هو و “إيما توماس” و “جيريمي ثيوبالد” الذى كان بطل الفيلم بميزانية قدرها 3000 جنيه إسترليني و كان معظم الممثلين و طاقم العمل من أصدقاء المخرج و تم تصويره في عطلات نهاية الأسبوع على مدار عام كامل و نتيجة تحقيق الفيلم نجاح نسبى أنتقل هو و زوجته الى هوليوود و يقوم بإخراج فيلمه التالي ” ميمنتو ” Memento و الذى كان من قصة قصيرة كتبها شقيقه ” جوناثان نولان ” و طورها ” كريستوفر ” الى سيناريو مبتكر دفع احدى شركات الانتاج للتعاقد معه على ذلك الفيلم بميزانية قدرها 4.5 مليون دولار و قام ببطولته الفنان الشهير ” جاى بيرسي ” و الذى قام بتجسيد رجل فاقد للذاكرة يعتمد على تدوين ملاحظات غزيرة أثناء سعيه للانتقام ممن قتل زوجته و حصل الفيلم على ترشيحين لجائزة الأوسكار عن التحرير و السيناريو و ارباحا كبيرة فى شباك التذاكر و اعتبر واحد من أفضل الأفلام في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين و في عام 2017 تم اختياره من قبل مكتبة الكونجرس لحفظه في السجل الوطني للسينما بالولايات المتحدة بإعتباره مهمًا ثقافيًا و تاريخيًا و جماليًا.

و واصل ” كريستوفر نولان ” تقديم أفلام الإثارة النفسية مع فيلم جديد و هو ” انسومينيا ” Insomnia من بطولة النجم العالمى “آل باتشينو” الذى جسد ضابط شرطة في ولاية “ألاسكا” يتولى التحقيق في جريمة قتل بينما يتعامل مع ذنب طويل الأمد يجعله لا يستطيع النوم و بمشاركة ” روبين ويليامز ” و ” هيلارى سوانك ” و بميزانية بلغت 46 مليون دولار و حقق 113 مليون دولار في جميع أنحاء العالم بجانب مراجعات ايجابية من قبل النقاد ثم ينتقل ” نولان ” الى عالم الأبطال الخارقين حيث قام في أوائل عام 2003 بالتقدم الى شركة “وارنر براذرز” بفكرة صنع فيلم باتمان جديد استنادًا إلى قصة أصل الشخصية و تحمسوا كثيرا لرؤيته و يوافقون على أخراج فيلم “بداية باتمان” Batman Begins عام 2005 بطولة “كريستيان بايل” مع ” ليام نيسون ” و ” مورجان فريمان ” و فيه قدم ” باتمان ” بصورة مختلفة تماما عن سابقيه بشكل أكثر انسانية و واقعية و ذات محتوى فلسفى و يحقق نجاحات كبيرة فى شباك التذاكر حيث حصد أرباح بلغت أكثر من 372 مليون دولار في جميع أنحاء العالم و بعدها دخل ” نولان ” الى عالم السحر و أصدر فيلم ” برستيج ” عام 2006 The Prestige و وضع فيها قصة لقيت استحسانًا كبيرا لدى المشاهدين عن مبارزة بين اثنان من السحرة فى القرن التاسع عشر و هم ” كريستيان بايل ” و “هيو جاكمان” مع “سكارليت جوهانسون” حيث كان السيناريو نتيجة تعاون متقطع لمدة خمس سنوات بينه و بين شقيقه “جوناثان” الذي بدأ كتابته بالفعل في عام 2001.

فارس الظلام و انسيبشن

و في يوليو عام 2008 استكمل ” كريستوفر نولان ” سلسلة باتمان النولانية و أصدر الجزء الثانى منه الذى حمل عنوان فارس الظلام The Dark Knight و الذى سجل الرقم القياسي كأعلى إجمالي لارباح في نهاية الأسبوع في الولايات المتحدة حيث حصد 158 مليون دولار و يكون بذلك واحدًا من أفضل خمسة أفلام ربحًا في أمريكا كما تلقى الإنتاج أيضًا سيلًا من الإشادة بما في ذلك العديد من ترشيحات الأوسكار و الجولدن جلوب رغم الحزن الذى تخلل تلك النجاحات نتيجة وفاة الممثل “هيث ليدجر” الذي لعب دور البطولة في دور الشرير “الجوكر” بسبب جرعة زائدة من الأدوية قبل عرض الفيلم حيث فاز “ليدجر” بجائزة “جولدن جلوب” و “أوسكار” بعد وفاته و تسلم “نولان” جائزة جلوب نيابة عن “ليدجر” و اعتبر ذلك الفيلم واحد من أفضل الأفلام في العقد الأول من القرن الحادي و العشرين و واحد من أفضل أفلام الأبطال الخارقين على الإطلاق و تم اختياره عام 2020 للحفظ في السجل الوطني للأفلام بداخل مكتبة الكونجرس .

و بعد عامين و فى عام 2010 عاد “نولان” إلى شباك التذاكر مجددا مع فيلمه الشهير انسيبشن Inception و الذى كتبه و قام بإنتاجه أيضا و بطولة النجم “ليوناردو دي كابريو” و الذى جسد جاسوس يسرق الأسرار عبر تقنية تسمح له بدخول أحلام الناس و يقوم من خلال الفيلم بمحاولة بتجاوز حدود التكنولوجيا من أجل زرع فكرة في رأس الحالم بمعاونة فريق معه و نال الفيلم استحسان النقاد و الجمهور و فاز بأربع جوائز أوسكار عن سحره الفني و انتهى الفيلم بأكثر من 836 مليون دولار في جميع أنحاء العالم , ثم يقوم بعد ذلك بإخراج الجزء الثالث من باتمان و هو نهضة فارس الظلام عام 2012 The Dark Knight Rises لتكتمل الثلاثية النولانية لتلك الشخصية و هذه المرة كان الفيلم من بطولة “آن هاثاواي” في دور كات وومان و “ماريون كوتيار” بجانب البطل الرئيسى باتمان ” كريستيان بايل ” حيث كان مترددًا في البداية بشأن العودة إلى اخراج تلك السلسلة مجددا إلا أنه وافق على اى حال و استطاع بذلك الفيلم ان يحقق المركز الثالث عشر من اجمالى الأفلام التى كسرت حاجز المليار دولار .

بين النجوم و دانكيرك

فى خريف عام 2014 عاد ” كريستوفر نولان ” إلى الشاشة الكبيرة مع فيلمه الشهير بين النجوم Interstellar و الذى كان ملحمة فى الخيال العلمي و المؤثرات البصرية مدتها ما يقرب من ثلاث ساعات يقوم فيها فريق من رواد الفضاء بالبحث عن عالم جديد لسكان الأرض المقتربة من الفناء و كان أبطال الفيلم هم النجوم “ماثيو ماكونهي” و ” أنا هاثاواي ” و “جيسيكا شاستين ” و حقق أكثر من 700 مليون دولار في جميع أنحاء العالم و نال اشادة ليس فقط من النقاد السينمائيين و لكن من العلماء أيضا لدقة المعلومات الفيزيائية الموجودة فيه لدرجة أن طالبت المجلة الأمريكية للفيزياء بعرضه في دروس العلوم المدرسية حيث كان ذلك الفيلم من المقرر أن يخرجه المخرج الشهير ” ستيفن سبيلبرج ” و لكن لتعارض المواعيد أسند الى ” كريستوفر نولان ” و الذى قام بعمل بعض من التعديلات التى أخرجت تلك التحفة الفنية المبهرة .

و بعد مرور ثلاثة أعوام و فى عام 2017 قدم المخرج الشهير ملحمة أخرى على الشاشة الكبيرة و هو الفيلم الحربى ” دانكيرك ” الذى يروى قصة انسحاب القوات البريطانية من منطقة ” دانكيرك ” خلال الحرب العالمية الثانية عبر سرد ثلاثة قصص مرتبطين بتلك الأحداث التى وقعت عام 1940 و قد حاز الفيلم على اشادات كبيرة لتصويره أهوال الحرب و نال ترشيحات لجولدن جلوب لأفضل فيلم سينمائي و أفضل مخرج بالإضافة إلى ترشيح ” نولان ” لجائزة الأوسكار لأفضل مخرج و حقق أرباح بلغت أكثر من 526 مليون دولار في جميع أنحاء العالم مما جعله الفيلم الأكثر ربحًا عن الحرب العالمية الثانية على الإطلاق و اخيرا في عام 2020 كتب و أخرج فيلم ” تينيت ” Tenet من بطولة “جون ديفيد واشنطن ” و “روبرت باتينسون ” و هو فيلم إثارة يناقش الجاسوسية الدولية فى اطار من الخيال العلمى بالتلاعب فى الزمن و يركز على عميل تابع لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية يحاول تجنيب العالم حرب عالمية مدمرة و حقق 363 مليون دولار في جميع أنحاء العالم مقابل ميزانية إنتاج قدرها 200 مليون دولار بجانب العديد من الإشادات النقدية .

كريستوفر نولان و الحساسيات السينمائية

تشتهر أفلام ” كريستوفر نولان ” بفكرها و عمقها النفسي و سردها غير التقليدي للقصص حيث كان لدى كل من فيلمى Following و Memento هياكل سردية غير مرتبة زمنيًا أما Inception فهو سرد لقصص موجودة في قصص أخرى حيث تستكشف فيه الشخصيات عالم اللاواعي العقلى متعدد الطبقات كما يركز عمل المخرج أيضًا على الأبطال الذكور الذين يحاولون السيطرة على ماضيهم أثناء العمل من خلال تحديات معقدة في الوقت الحاضر و تظهر النساء في أفلامه كحلفاء أو أبطال أو اهتمامات رومانسية و بعضهن ضحايا أيضًا كما يضفي ” نولان ” المشاعر الفنية الحية على الأفلام التي يتم وضعها على أنها ترفيه رئيسي و هو ما يتضح من الصور و الخيارات السينمائية التي تكثر في ثلاثية باتمان و انسبشن و بين النجوم مع وجود مشاهد تشبه اللوحات السريالية.

جوائز و تكريمات كريستوفر نولان

اعتبارًا من عام 2021 تم ترشيح ” كريستوفر نولان ” لخمس جوائز أكاديمية و خمس جوائز أكاديمية بريطانية للأفلام و خمس جوائز جولدن جلوب و تلقت أفلامه ما مجموعه 36 ترشيحًا لجوائز الأوسكار كان منها 11 فوزًا و حصل “نولان” على الزمالة الفخرية في جامعة “كاليفورنيا” عام 2006 و منح الدكتوراه الفخرية في الأدب عام 2017 و في عام 2012 أصبح أصغر مخرج يحصل على حفل بصمة اليد والقدم في مسرح جرومان الصيني في “لوس أنجلوس” و ظهر في قائمة التايمز للمئة شخص الأكثر نفوذاً في العالم عام 2015 كما تم تعيينه قائدًا لوسام الإمبراطورية البريطانية (CBE) في العام الجديد 2019 مع مرتبة الشرف لخدمات التصوير.

مقتطفات من حياة كريستوفر نولان

  • يحمل “كريستوفر نولان” جنسية مزدوجة أمريكية و بريطانية و متزوج من “إيما توماس” التي تعمل كمنتجة في جميع أفلامه الطويلة و له منها أربعة أطفال و نادرًا ما يناقش حياته الشخصية في المقابلات .
  • كان ” كريستوفر نولان ” هو كاتب السيناريو الوحيد لفيلمى Following و Inception و تشارك فى كتابة أفلامه الأخرى مع شقيقه “جوناثان نولان” و آخرين .
  • يفضل “نولان” عدم استخدام الهاتف المحمول أو البريد الإلكتروني و يعلق على ذلك قائلا بأنه لا يكره التكنولوجيا و لكنه لم يكن مهتما بذلك أبدا .
  • يعتبر ” نولان ” مدمنا بشرب الشاى و دائما ما تتواجد معه قارورة فى كل مكان يتواجد به .
  • خلال عمله يستخدم تقنية CGI بشكل ضئيل للغاية و بهدف واحد و هو تحسين التأثيرات المرئية الموجودة بالفعل في الواقع.
  • كان الهام قصة فيلم Memento خلال رحلة بالقطار من “شيكاغو” الى “لوس انجلوس” مع أخيه جوناثان و وضعوا الخطوط العريضة لتلك القصة خلال سفرهم .
  • استغرق ” نولان ” فترة ثمانى سنوات لكتابة فيلم انسبشن .
شارك الموضوع

عمرو عادل

فى الحياة الواقعيه مهندس ميكانيكا قوى اما فى الحياه الافتراضيه فباحث و كاتب و مدير الموقع دا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *