لماذا كان مشهد المائدة التي جمعت بين آل باتشينو و روبرت دي نيرو في فيلم حرارة Heat هو الأكثر تميزا في تاريخ السينما

كانت الساعة تدق الواحدة صباحًا في منطقة بيفرلي هيلز و في تلك الأثناء كان هناك ممثلان يجلسان على طاولة داخل مطعم يُدعى كيت مانتيليني و تتوجه نحوهم ثلاثة كاميرات إثنتان فوق الكتف و واحدة بالجانب في حضور طاقم تصوير محترف يعمل بدأب تحت إشراف المخرج الشهير مايكل مان الذي لم يكن من غير المألوف عليه أن يقوم بتصوير أفلامه بكاميرات متعددة تقوم بإلتقاط كل حركة للممثل و لكن إحقاقا للحق كان وجود ثلاث زوايا أمرًا ضروريًا لأن هؤلاء الممثلين لم يكونوا عاديين بل أسطورتي هوليوود آل باتشينو و روبرت دي نيرو الذان تشاركا المشهد معًا لأول مرة خلال تصوير فيلم حرارة Heat و هو ما جعله واحد من أبرز المشاهد في تاريخ السينما .

لماذا كان مشهد المائدة التي جمعت بين آل باتشينو و روبرت دي نيرو في فيلم حرارة Heat هو الأكثر تميزا في تاريخ السينما

و يعتبر مشهد المائدة تحديدا محور فيلم حرارة Heat و هو عمل سينمائي درامي يتناول عالم الجريمة و تم إنتاجه عام 1995 و تدور أحداثه حول الملازم ” فنسنت هانا ” (آل باتشينو) الذي يطارد مجرمًا مراوغًا و هو ” نيل ماكولي ” ( روبرت دي نيرو) في جميع أنحاء مدينة لوس أنجلوس و أستوحت القصة من شخصية محقق حقيقي يدعي ” تشاك أدامسون ” و هو شرطي متهور من شيكاغو يعيش من أجل إصطياد المجرمين و كان المخرج ” مايكل مان ” مهووسا به لدرجة أنه قبل إنتاج فيلم حرارة Heat أخرج فيلم تلفزيوني بعنوان L.A. Takedown و أستوحيت أحداثه من نفس القصة .

لماذا كان مشهد المائدة التي جمعت بين آل باتشينو و روبرت دي نيرو في فيلم حرارة Heat هو الأكثر تميزا في تاريخ السينما

و لكن بعيدا عن القصة الرئيسية لفيلم حرارة Heat إلا أنه هناك لحظة واحدة كانت بمثابة العلامة التجارية لذلك العمل السينمائي و هو المشهد الذي حدث داخل المقهي و جمع بين اللص ” ماكولي ” و الملازم ” هانا ” لأنه كان و لأول مرة في حياتهم المهنية يجتمع الممثلان ” آل باتشينو ” و ” روبرت دي نيرو ” في مواجهة بعضهما البعض بعد ما يقرب من عقدين من الزمن حين لعب كلاهما دور البطولة في فيلم العراب الجزء الثاني The Godtather Part 2 و لكن لم يشاركا أي مشاهد أبدًا لصعوبة ذلك حيث لعب ( باتشينو ) دور ” مايكل كورليوني ” إبن دون ” فيتو كورليوني ” الذي قام به ( دي نيرو ) في مشاهد ذكريات الماضي و الفلاش باك لذلك كان فيلم حرارة Heat بمثابة تصحيح بعد أن قدم مشهدًا بسيطًا سمح للثنائي بالتمثيل معا و قدم فصلًا دراسيًا فريدًا من نوعه و أصبح أكثر ثراءً مع مرور الوقت.

لماذا كان مشهد المائدة التي جمعت بين آل باتشينو و روبرت دي نيرو في فيلم حرارة Heat هو الأكثر تميزا في تاريخ السينما

و خلال ذلك المشهد طلب الملازم ” هانا ” من ” مكولي ” تناول القهوة و وافق علي دعوته و جلسا سويا وسط مطعم مزدحم و إستخدم كل منهم اللقاء كفرصة للتحليل النفسي للآخر حيث قال ” ماكولي ” أن العقيدة التي تبقيه على قيد الحياة هي “لا تدع نفسك تتعلق بأي شيء لا ترغب في التخلي عنه خلال 30 ثانية إذا شعرت بأن الحرارة قاب قوسين أو أدنى منك ” و في ذلك المشهد إرتدي كلا الرجلين بدلات داكنة و صفف شعرهما جيدا إلى الخلف و أذرعهما ممدودة بلطف على الطاولة و يتحدثان بهدوء شديد و يناقشون مأزقهم الحالي و ما الذي يستعد كل منهم للقيام به من أجل تحقيق وضع كش ملك على الآخر و ينتهي المشهد بتبادل الوعود القاتلة و التعهد بقتل الآخر في العالم الخارجي إذا جاءت اللحظة المناسبة و كلاهما يعلم أن ذلك سيحدث في النهاية .

و في كواليس ذلك المشهد و رغم إستخدام عدة كاميرات أستخدم المخرج ” مايكل مان ” اللقطات من فوق الكتفين التي ترتكز على وجهي الرجلين أثناء حوارهما لأنه رغم بساطة التصوير لكنها كانت كاشفة لزيادة حدة التوتر من الجانبين حيث قام المخرج بتفسير رؤيته علي أساس أنه إذا انزلقت قدم ” دي نيرو ” اليمنى الجالسة على هذا الكرسي إلى الخلف بمقدار سنتيمترات أو إنخفض كتفه الأيمن قليلاً سيكون ” باتشينو ” في مواجهته و سيقرأ ذلك و بتلك الطريقة سوف يقومون بمسح بعضهم البعض مثل التصوير بالرنين المغناطيسي ثم بعد ذلك تتحول المقابلة إلي شيء ودي يتشارك فيه “هانا” و”مكولي” تفاصيل عن حياتهما الصعبة ثم يتبادلان الأحلام حيث يقول ” مان ” أن ذلك الجزء هو المفضل لديه من المشهد حيث تراود ” هانا ” أحلام للضحايا الذين لم يتمكن من إنقاذهم و هم جالسون حول طاولة أمامه ليس لديهم ما يقولونه و لكن هدفهم الوحيد هو تذكيره ببذل جهد أكبر من أجل العيش أما ” ماكولي ” فيحلم بالغرق و هو مظهر من مظاهر خوفه من نفاد الوقت و أن الموت قاب قوسين أو أدنى منه .

و مع نمو إرث فيلم حرارة Heat قاوم الثلاثي ” مايكل مان ” و ” روبرت دي نيرو ” و ” آل باتشينو ” فكرة أن ذلك المشهد أسطوري لأنهم يتحدثون عنه بشكل عادي كما يفعل الأصدقاء القدامي و أعتبروه شيء جيد و مميز و بأنهم كانوا محظوظين بصنعه حيث وصفه ” دي نيرو ” بأنه كان صداعًا رائعًا لأنهم بدأوا تصويره متأخرين لذا لم يكن سعيدًا بعض الشيء لكن على أية حال هم فعلوه و كان الأمر على ما يرام أما بالنسبة إلي ” آل باتشينو ” فقال أنه لم يكن يعرف أبدًا عما إذا كانوا قد فهموا الأمر بشكل صحيح و قال مازحا بأنه يود أن يفعل ذلك مجددا و لحسن الحظ أنه عمل مرة أخري مع ” دي نيرو ” في فيلم Righteous Kill و The Irishman و فقط الأخير الذي أخرجه ” مارتن سكورسيزي ” هو من تلقي إشادة من النقاد .

أقرأ أيضا : أفلام سينمائية شهيرة طاردتها دعوات قضائية داخل ساحات القضاء

و لعل رمزية مشهد المقهي التي وصلت إلي ستة دقائق و سبعة عشرة ثانية في فيلم حرارة Heat و ندرة تمثيل ” باتشينو ” و ” دي نيرو ” معا قد أعطاه زخما كبيرة و فتح بابا لتكراره مجددا حيث أعتمد المخرج الشهير ” كريستوفر نولان ” و هو من أشد المعجبين بذلك الفيلم علي مشهد مائدة الطعام و قام بتكراره في فيلم الفارس الأسود The Dark Knight عام 2008 في المشهد الذي جمع بين باتمان ( كريستيان بال ) و الجوكر ( هيث ليدجر ) .

شارك الموضوع

عمرو عادل

فى الحياة الواقعيه مهندس ميكانيكا قوى اما فى الحياه الافتراضيه فباحث و كاتب و مدير الموقع دا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *