لغز الوفيات الغامضة التي تطارد شباب عرقية الهمونج أثناء نومهم

في عام 1984 قدم المخرج ويس كرافن للعالم واحدًا من أكثر أفلام الرعب شهرة على الإطلاق و هو كابوس في شارع إلم A Nightmare on Elm Street و الذي ظهر فيه المسخ فريدي كروجر و هو يقتل المراهقين في أحلامهم و يمزقهم إلي أشلاء و لكن في واقع الأمر قام المخرج بإستلهام تلك القصة من خلال مقالة نُشرت في صحيفة لوس أنجلوس تايمز تروي فيها قصة طفل من عرقية الهمونج كان قد نجا من أعمال الإبادة الجماعية التي حدثت في كمبوديا و كان يخشى النوم خوفا من أن يتعرض لهجوم في أحلامه فلا يستيقظ أبدا و عندما نام أخيرًا إعتقد والداه أن هذه الأزمة قد أنتهت ثم فجأة سمعوا صوت صراخه في منتصف الليل و عندما وصلوا إليه كان قد مات أثناء وجوده وسط كابوس خلال نومه .

لغز الوفيات الغامضة التي تطارد شباب عرقية الهمونج أثناء نومهم

و لم تكن القصة التي قرأها ” كرافن ” هي حادثة وحيدة فقد مات عشرات اللاجئين من جنوب شرق آسيا في ” الولايات المتحدة ” لأسباب غير معروفة أثناء نومهم خلال فترة الثمانينيات و كان من الملاحظ أن الوفيات الغامضة عادة بين الشباب في العشرينات و الثلاثينات من العمر و ينتمون إلي مجموعة الهمونج العرقية و هي حوادث أثرت على شريحة كبيرة من هؤلاء السكان بما يكفي لإثارة قلق خبراء الصحة العامة و الذين لاحظوا أن الأشخاص الذين يعانون من هذا المرض المحير عادة من لاجئين ” لاوس ” و هي دولة صغيرة غير ساحلية تقع في جنوب شرق آسيا و فيها تعرضت أقلية الهمونج للإضطهاد في ذلك البلد بعد أن تم تجنيدهم من قبل وكالة المخابرات المركزية الأمريكية CIA لمحاربة الجنود الفيتناميين الشماليين خلال حرب فيتنام و ساعد أكثر من 30 ألف جندي من الهمونج الأمريكيين في محاربة الشيوعية في المرتفعات الشمالية حيث كانوا يعيشون لكنهم ماتوا بمعدل أعلى بعشر مرات من نظرائهم الأمريكيين .

و مع إنتهاء حرب فيتنام عام 1975 أصبحت ” لاوس ” دولة شيوعية و نظرت القيادة الجديدة هناك إلي عرقية الهمونج علي أنهم خونة لتعاونهم مع الأمريكيين لذلك فر العديد من الناجين بعد الحرب و تركوا منازلهم و أصبحوا لاجئين في “تايلاند” أو ” الولايات المتحدة ” حيث كانت هجرة قسرية في ظل أصعب الظروف كما كانت رحلة طويلة و غادرة جدًا حيث لم تنتهي مشاكل المجموعة بإعادة التوطين لأنهم ظلوا في كثير من الأحيان يعانون من الصدمة بسبب تجاربهم في وطنهم بالإضافة إلي معاناة لاجئي الهمونج في ” الولايات المتحدة ” من إرتفاع معدلات الفقر و سرعان ما بدا أن مرضًا غامضًا بدء يتفشي و يصيب المراهقين و الشباب خلال نومهم و يؤدي إلي وفاتهم .

لغز الوفيات الغامضة التي تطارد شباب عرقية الهمونج أثناء نومهم

و نظرا لكثرة الحالات بدأت الصحافة تهتم بتغطيتها و حملت عناوين مثل “مرض قاتل غامض يصيب رجال الهمونج” و “الوفيات الليلية للرجال الآسيويين غير المبررة” و تصف إحدى المقالات المنشورة عام 1981 مشهد لاجئ لاوسي إنتقل إلي ” الولايات المتحدة ” من مخيم للاجئين في ” تايلاند ” مع عائلته و لكن بعد وقت قصير من إستقراره في بلده الجديد توفي ” يونج لينج ثاو ” البالغ من العمر 47 عاماً أثناء نومه و زوجته بجانبه و كان هو رابع رجل من الهمونج يموت أثناء نومه خلال تسعة أشهر و الوفاة الليلية الثالثة عشرة من الهمونج المسجلة منذ عام 1978 و خلال التحقيقات لم يتمكن المحققين من العثور على تفسير طبي للوفيات لكن العديد قد أرجعوا السبب إلي تعرضهم بشكل أو بأخر لغازات الأعصاب الكيميائية التي كان من الممكن أن يتعرض لها الجنود اللاجئين خلال حرب فيتنام لكن هذه النظرية لم تكن مدعومة من قبل الأطباء .

أقرأ أيضا : وباء النوم .. مرض غامض يجتاح قرية يجعل المصابين فيها يسقطون فى النوم لأيام

كان سبب رفض الأطباء لنظرية غاز الأعصاب هو أنه لا يعمل بتلك الطريقة أبدا ثانيًا إذا كان غاز أعصاب فلماذا يصيب الذكور فقط و لماذا أثناء الليل ؟ أما بالنسبة إلي الهمونج فيعتقدون أن سبب تلك الظاهرة هو عقاب من قبل أرواح أسلافهم لتركهم وطنهم حيث يتمحور قلقهم حول عدم قدرتهم على القيام بالأشياء الصحيحة من خلال أرواح أسلافهم لأنهم ليسوا معهم و هو الترجيح الذي ظل بارز لتفسير تلك الظاهرة رغم إرتباطه بالخرافات و نظرا لعدم الوصول إلي تفسير مقنع قام الباحثين بربط تلك الحالات علي أنهم مصابين بمتلازمة الموت الليلي المفاجئ الغير مبرر (SUNDS) و هي متلازمة تم دراستها بشكل مطول من قبل مركز السيطرة على الأمراض و مع ذلك فإن موجة وفيات الهمونج لا تزال غير مبررة و لكن يرجح بعض الأطباء السبب إلي التوتر الذي عانى منه الهمونج و أن تلك الظاهرة هي إنعكاسًا لنوع الضغوطات التي تصاحب الإبعاد القسري من عالم مألوف إلى سياق غريب تمامًا بل و في بعض الأحيان معادٍ لهم .

شارك الموضوع

عمرو عادل

فى الحياة الواقعيه مهندس ميكانيكا قوى اما فى الحياه الافتراضيه فباحث و كاتب و مدير الموقع دا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *