مجرة درب التبانة

مجرة درب التبانة هى مجرة حلزونية يبلغ عرضها حوالي 100 ألف سنة ضوئية و تعتبر شمسنا واحدة من 100 مليار نجم على الأقل موجود فيها حيث تترتب تلك النجوم بها على هيئة أربعة أذرع رئيسية تدور حول ثقب أسود هائل يقع في مركز المجرة و الذي يقدر كتلته بأربعة ملايين ضعف كتلة الشمس الموجودة على بعد 28 ألف سنة ضوئية منه التى تمثل ثلث المسافة من ذلك الثقب و تعتبر لحسن الحظ أمنة لكوكب الأرض , و يُعتقد أن معظم النجوم الموجودة داخل مجرتنا يدور حولها مجموعة من الكواكب تم اكتشاف الآلاف منها بالفعل حتى الآن مع توقع بإكتشاف المزيد منها حيث يلاحظ أن العديد من تلك الأنظمة الكوكبية المكتشفة حديثًا مختلفة تمامًا عن أنظمة الكواكب لدينا .

و مثل المجرات الأخرى تعتبر مجرة درب التبانة مجموعة معزولة من النجوم و المواد الأخرى المرتبطة ببعضها البعض بواسطة جاذبيتها المشتركة و بجانب النجوم فيوجد مليارات الكواكب بعضها جزء من أنظمة شمسية و الأخر يتحرك بحرية و بين النجوم يوجد عدد لا يحصى من السديم المكون بسحب من الغبار و الغاز الذى يكون غالبيته العظمى من الهيدروجين و الهيليوم حيث تظهر المجرة من الأرض على هيئة مجموعة من الضوء المنتشر و المقوس عبر سماء الليل و سميت باللغة الانجليزية بالطريق اللبنى نسبة الى الرومان الذين تصوروها على أنها شريط من الحليب المسكوب حيث ناقش الفلكيين و الفلاسفة طبيعة مجرة ​​درب التبانة الى أن شاهدها العالم “جاليليو جاليلي” لأول مرة باستخدام التلسكوب و وجد أن ضوء مجرة ​​درب التبانة يأتي من عدد لا يحصى من النجوم البعيدة التى لا يمكن رؤيتها بمفردها لكن ضوءها المشترك يعطي ذلك الشريط المألوف .

و حتى أوائل القرن العشرين افترض علماء الفلك أن مجرة ​​درب التبانة تحتوي على جميع النجوم في الكون (إما أن مجرة ​​درب التبانة قد امتدت لملء الكون بأكمله أو كانت ذات حجم محدود ومحاطة بفراغ لا نهائي) و مع ذلك و في أوائل العشرينيات من القرن الماضي قام عالم الفلك “إدوين هابل” بتدوين ملاحظات مفصلة عن سديم ” أندروميدا “و كشف عن أنها مجرة ​​بحد ذاتها تقع على بعد ملايين السنين الضوئية منا .

ما هو حجم المجرة ؟

تتكون مجرة ​​درب التبانة من ثلاثة أجزاء رئيسية و هى القلب أو النواة و القرص و الهالة .

و اذا بدأنا بالنواة فهى ليست كروية بل ممدودة على شكل شريط يتراوح طوله بين 5000 و 20000 سنة ضوئية أى أن ما يصل من ربع النجوم في مجرة ​​درب التبانة يقيمون في داخل النواة التى يوجد فى مركزها ثقب أسود فائق الكتلة تبلغ كتلته 4.1 مليون مرة كتلة الشمس أما بالنسبة الى القرص فيبلغ نصف قطره ما بين 75 ألف إلى 100 ألف سنة ضوئية لكن سمكه لا يتجاوز 1000 سنة ضوئية و يوجد داخل القرص عدة أذرع لولبية رئيسية تكون فيها كثافة النجوم و الغاز أعلى من المتوسط ​​مما يجعل هذه الأذرع تبرز في الملاحظات المرئية و يقع نظامنا الشمسي في القرص على بعد حوالي 28 ألف سنة ضوئية من مركز المجرة بالقرب من الحافة الداخلية لذراع الجبار .

أما ما يوجد وراء قرص مجرة ​​درب التبانة “الهالة” و هي منطقة كروية يبلغ نصف قطرها حوالي 100 ألف سنة ضوئية و على نجوم قديمة و عناقيد كروية كلها تدور حول مركز المجرة في اتجاهات عشوائية و تمتد المادة المظلمة إلى أبعد من ذلك حتى 400 ألف سنة ضوئية من المركز وفقًا لدراسة نُشرت في عام 2019 في مجلة علم الفلك والفيزياء الفلكية.

و من الملاحظ أن مجرة درب التبانة تنطلق المجرة على طول مدار مجري بسرعة متوسطة تبلغ حوالي 828 ألف كم / ساعة و يستغرق نظامنا الشمسي حوالي 230 مليون سنة لإحداث دورة واحدة كاملة حول مركز المجرة.

أقرأ أيضا : ماذا يحدث لجسم الإنسان حال تعرضه الى الفضاء الخارجى بدون بدلته

أين مكان مجرة درب التبانة ؟

تحتوي مجرة درب التبانة على مجرتين تابعتين رئيسيتين و هم سحابة ماجلان الكبيرة و الصغيرة و تعتبر جزء من مجموعة من المجرات يبلغ عرضها حوالي 10 ملايين سنة ضوئية و تتألف تلك المجموعة بأكثر من 30 مجرة مرتبطة ببعضها عن طريق الجاذبية و بصرف النظر عن مجرتنا فإن أضخم مجرة في هذه المجموعة هي “أندروميدا” و هى أقرب جيراننا و تبعد عنا مسافة 2.5 مليون سنة ضوئية و التي يبدو أنها في طريقها للتصادم مع مجرة درب التبانة بعد حوالي أربعة مليارات سنة اضافة الى 80 مجرة أصغر .

بناء مجرة درب التبانة

من الصعب تقدير الحجم الحقيقي لمجرتنا لأننا نعيش بداخلها و كل سحب الغاز و الغبار تحجب ملاحظاتنا عنها و يقدر علماء الفلك الكتلة الكلية لمجرة درب التبانة بحوالي تريليون ضعف كتلة الشمس و وفقًا لوكالة ناسا فإن معظم هذه الكتلة في شكل مادة مظلمة تمثل النجوم حوالي 1٪ من كتلة المجرة ويمثل الغاز بين النجوم 0.1٪ فقط , كما لاحظ العلماء الذين يدرسون المجرات أن النجوم الموجودة في الأجزاء الخارجية تدور حول مراكز المجرات بالسرعة نفسها التي تدور بها النجوم القريبة منها و هو ما يعد انتهاكًا لقوانين الجاذبية الراسخة لنيوتن و عليه فقد استنتجوا أن شيئًا آخر غير النجوم و سحب الغاز و الغبار المعروف بتكوين المجرات هو ما يوفر جاذبية إضافية حيث يرجحون أن سبب ذلك يرجع الى المادة المظلمة الغامضة الموجودة فى الكون و التي لا يمكن اكتشافها إلا من خلال جاذبيتها .

و تعتبر المجموعة المحلية واحدة من العديد من مجموعات المجرات التى تتحرك كلها بعيدًا عن بعضها البعض مع ظهور المزيد و المزيد من المساحة بينها و هذا يعني أن الكون نفسه فى حالة من التمدد حيث يعتبر هذا الاكتشاف هو ما أدى إلى نشوء نظرية الانفجار العظيم عن أصل الكون كما يتوقع العلماء أن الجاذبية هى بمثابة المكابح التى تقلل معدل التمدد و في النهاية سيتوقف ذلك الأمر أو حتى ينعكس لكن في التسعينيات تم اكتشاف أن التوسع يزداد سرعة في الواقع و أُطلق على القوة المسؤولة عن ذلك التسارع المفاجئ اسم الطاقة المظلمة و التى لا أحد يعرف ماهيتها لكن أحد الاحتمالات هو أنها الطاقة الموجودة في فراغ الفضاء ذاته .

و نظرًا لأن المادة و الطاقة متكافئتان (كما تم التعبير عنهما في معادلة أينشتاين الشهيرة ، E = MC2) فقد تمكن العلماء من التوصل الى أنه مهما كانت الطاقة المظلمة فإنها تضم ​​حوالي 68٪ من كل شيء في الكون و تمثل المادة المظلمة 27٪ أخرى تاركة 5٪ فقط للبروتونات و النيوترونات و الإلكترونات و الفوتونات أى بعبارة أخرى كل ما نراه و نفهمه بشكل واضح فى ذلك الكون حيث يحسب العلماء أن هناك ما لا يقل عن 100 مليار مجرة ​​في الكون المرئي و كل واحدة مليئة بالنجوم على نطاق واسع جدًا .

أستكشاف المجرة

يستخدم العلماء حاليا تلسكوبات قوية على الأرض و في الفضاء لدراسة النجوم و المجرات البعيدة و سيتم استبدال تلسكوب “هابل” الفضائي الشهير الذي كشف الكون بتفاصيل كبيرة لأول مرة قريبًا بتلسكوب “جيمس ويب” الفضائي الأكثر قوة و في غضون ذلك جابت مهمة “كبلر” جزءًا من مجرتنا بحثًا عن كواكب أخرى .

كما تمتلك وكالة ناسا خمس مركبات فضائية روبوتية ذات سرعة كافية للهروب من حدود نظامنا الشمسي و السفر إلى الفضاء بين النجوم لكن مركبة فضائية واحدة فقط و هى “فوييجر 1” هى من عبرت تلك الحدود حتى الآن حيث أنتقلت إلى الفضاء بين النجوم في عام 2012 و من المحتمل أن تكون “فوييجر 2″ هي التالية و كلا المركبتين اللتان تم إطلاقهما عام 1977 لا تزالان على اتصال بشبكة الفضاء العميقة التابعة لناسا اضافة الى ذلك فيوجد مسبار ” نيو هورايزونز” الذى حلق فوق كوكب “بلوتو” في عام 2015 و يستكشف حاليًا حزام كايبر خلف كوكب “نبتون” و سيترك نظامنا الشمسي في النهاية كما سيفعل حاليا مركبتى الفضاء “بايونير 10 و بايونير 11 “.

أقرأ أيضا : هل يمكن إجراء عملية جراحية فى الفضاء فى وسط تنعدم فيه الجاذبية ؟

و قبل عام 1983 كانت الكواكب الوحيدة المؤكدة هي تلك الموجودة في نظامنا الشمسي على الرغم من اعتقاد العلماء أن العديد من الكواكب الأخرى كانت تدور حول نجوم بعيدة فى مجرة درب التبانة ثم اكتشف فريق في عام 1983 قرصًا يُعتقد أنه مكون من مواد أولية لتكوين الكواكب و هو أمر كان بمثابة أول دليل على وجود كوكب خارج المجموعة الشمسية و تم اكتشاف أول كوكب خارجي بعد تسع سنوات في عام 1992 و تزايدت أعداد الكواكب المعروفة خارج نظامنا الشمسي بسرعة منذ ذلك الحين .

شارك الموضوع

عمرو عادل

فى الحياة الواقعيه مهندس ميكانيكا قوى اما فى الحياه الافتراضيه فباحث و كاتب و مدير الموقع دا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *