ألفريد هيتشكوك ( 1899 - 1980 )

ألفريد هيتشكوك هو مخرج أنجليزي شهير ينظر إليه علي أنه واحد من أكثر الشخصيات تأثيرا فى تاريخ السينما العالمية بعد أن أخرج ما يقرب من 50 فيلما علي مدار حياته المهنية التي أمتدت لنحو 60 عاما و قام ببطولتها نخبة من أعظم ممثلي هوليوود في ذلك الوقت كما كان من بينها أعمال أيقونية لا تزال تشاهد حتي اللحظة و التي فيها وضع ألفريد هيتشكوك تقنيات إخراجية جديدة و متميزة و تقوم المعاهد السينمائية المتخصصة بتدريسها في الوقت الحالي و المعتمدة علي إستخدام فنون المونتاج و حركة الكاميرا لتقليد نظرة الشخص و بالتالي تحويل المشاهدين إلى متلصصين إضافة إلي تأطير اللقطات لزيادة الشعور بالقلق و الخوف و الإثارة لذلك ليس بالغريب أن يتم ترشيح 46 فيلم من إخراجه لجائزة الأوسكار نجح ستة منهم بالفوز بها و مع ذلك إلا أنه لم يفز أبدًا بجائزة أفضل مخرج على الرغم من حصوله علي خمسة ترشيحات و لكن لا يقلل ذلك بالطبع من تاريخه و إبداعاته حيث تم إختيار واحد من أفلامه ليكون هو الأفضل علي الإطلاق لدي معهد الفيلم البريطاني إستنادًا إلى إستطلاع رأي عالمي شارك فيه مئات من النقاد السينمائيين كما تم إختيار تسعة من أفلامه للحفظ في السجل الوطني للسينما في الولايات المتحدة التي حصل علي جنسيتها فى منتصف خمسينيات القرن الماضي .

ألفريد هيتشكوك ( 1899 - 1980 )

حياة ألفريد هيتشكوك المبكرة و دراسته

وُلِد “ألفريد هيتشكوك” في مدينة “لندن” بإنجلترا في 13 أغسطس عام 1899 و ترعرع على يد أبوين كاثوليكيين صارمين و وصف طفولته بأنها كانت منعزلة و يرجع ذلك جزئيًا إلى السمنة التي كان يعاني منها و قال ذات مرة إن والده أرسله إلى مركز شرطة محلي و طلب فيها من الضابط حبسه لمدة 10 دقائق كعقاب على سوء تصرف كان قد قام به و بعد حبسه بدء في إكتساب خوفًا من الأماكن المغلقة و قلقًا شديدًا من السجن كما أشار أيضا إلى أن والدته كانت تجبره على الوقوف عند سفح سريرها لعدة ساعات كعقاب و هو مشهد ألمح إليه في فيلمه Psycho و لعل تلك الطفولة القاسية هي ما أنعكست عليه لاحقا في طبيعة إخراجه لأفلامه .

و خلال دراسته ألتحق “ألفريد هيتشكوك” بالمدرسة اليسوعية بكلية “سانت إغناطيوس” و بعدها درس في مدرسة مجلس مقاطعة “لندن” للهندسة البحرية و الملاحة بين عامي 1913-1414 و بعدها إلتحق بجامعة “لندن” عام 1916 لأخذ دروس في الرسم و التصميم ثم حصل في النهاية على وظيفة رسام و مصمم إعلانات في شركة كابلات و أثناء عمله بها بدأ في الكتابة و تقديم مقالات قصيرة بها العديد من القصص للنشر الداخلي و التي إمتازت بإحتوائها علي روايات للإتهامات الباطلة و العواطف المتضاربة و النهايات المثيرة للإعجاب .

حياته المهنية

بدأت حياة ” ألفريد هيتشكوك ” فى عالم السينما عام 1920 بوظيفة دوام كامل في شركة Famous Players-Lasky Company و ذلك لتصميم بطاقات العناوين للأفلام الصامتة و في غضون بضع سنوات فقط أصبح يعمل كمساعد مخرج و كان أول فيلم لهيتشكوك كمخرج هو الكوميدي “السيدة بيبودي” عام 1922 و الذي لم يكتمل بسبب نقص تمويله أما أول فيلم صدر له هو Always Tell Your Wife (1923) و الذي أخرجه مع بطله “سيمور هيكس” لكنه لم يحصل على الفضل الكامل في إخراجه و في عام 1925 أخرج فيلمه الأول The Pleasure Garden و الذي كان نقطة إنطلاقه في إخراج العديد من الأفلام السينمائية التي أشتهر بها في جميع أنحاء العالم و يقال إن فيلمه “إبتزاز Blackmail” الذي أخرجه عام 1929 هو أول فيلم بريطاني ناطق و خلال حقبة الثلاثينيات أخرج عدد من الأفلام التشويقية الكلاسيكية مثل The Man Who Knew Too Much (1934) و 39 Steps (1935).

ألفريد هيتشكوك ( 1899 - 1980 )

و في عام 1939 غادر “ألفريد هيتشكوك” بلده “إنجلترا” متجهاً إلي ” الولايات المتحدة ” و تحديدا نحو “هوليوود” و بدء في إخراج العديد من الأفلام المميزة حيث فاز فيلمه الأول ريبيكا (1940) بجائزة الأوسكار لأفضل فيلم و حصل منه على أول ترشيح لجائزة الأوسكار كأفضل مخرج ثم أستكمل مسيرته الفنية و كان من أشهر أفلامه Psycho (1960) و The Birds (1963) و Marnie (1964) و أشتهرت أعماله بتصويرها الكثيف للعنف على الرغم من أن العديد من تلك المشاهد تعمل فقط كشراك خادعة تهدف إلى أن تكون بمثابة أداة لفهم الشخصيات النفسية المعقدة كما أنه كان يتميز بظهوره الرائع في أفلامه الخاصة حتي و إن كان في مشهد صامت .

و يلاحظ من كل الأعمال السينمائية التي قام بإخراجها ” ألفريد هيتشكوك ” أنها تركز عادةً على القتل أو التجسس كما أنها تحتوي علي الخداع و الهويات المزيفة و المطاردات التي تضفي إثارة علي الأحداث مع وجود بعض من اللمسات الساخرة و التدخلات العرضية كما تسود ثلاثة مواضيع رئيسية في جميع أفلامه و أبرزها تناول فكرة الرجل البريء المشتبه به عن طريق الخطأ أو المتهم بإرتكاب جريمة ما و الذي يجب عليه بعد ذلك تعقب الجاني الحقيقي من أجل تبرئة نفسه أما الموضوع الثاني هو فكرة المرأة المذنبة التي تشتبك مع بطل الرواية و ينتهي بها الأمر إما بتدميره أو أن تقوم بإنقاذه أما الموضوع الثالث و هو القاتل المضطرب نفسيا في كثير من الأحيان و الذي يتم تحديد هويته أثناء أحداث الفيلم .

و تعتبر أعظم موهبة كانت لدي ” ألفريد هيتشكوك ” هي إتقانه للوسائل التقنية لبناء الإثارة داخل الفيلم و الحفاظ عليها و لهذه الغاية أستخدم حركات الكاميرا المبتكرة و تقنيات التحرير المعقدة و الموسيقى التصويرية الفعالة و التي غالبًا ما قدمها “برنارد هيرمان” داخل أفضل أفلامه كما كان لديه فهم جيد لعلم النفس البشري و سخر قدراته الفنية على إثارة الشعور بالخطر و الخوف بشكل مقنع خاصة في أفلامه النفسية مع الحفاظ على دقتها و مصداقيتها كما كان أيضًا بارعًا في شيء أسماه “ماكجافين” أي إستخدام كائن أو شخص لأغراض سرد القصص و يحافظ على إستمرار الحبكة على الرغم من أن هذا الشيء أو الشخص ليس محوريًا بها .

وفاته

مع قرب نهاية حياته بدأت صحة ” ألفريد هيتشكوك ” فى التدهور حيث كان لديه جهاز لتنظيم ضربات القلب و يتعاطي حقن الكورتيزون لإلتهاب المفاصل كما كان قلقًا على زوجته التي أصيبت بجلطة دماغية مؤخرا و كان آخر ظهور علني له في 16 مارس 1980 عندما قدم الفائز بجائزة معهد الفيلم الأمريكي و في يوم 29 أبريل عام 1980 توفي ” ألفريد هيتشكوك ” بسلام أثناء نومه علي سريره في ولاية “كاليفورنيا” و أقيمت جنازته في كنيسة ” جود شيفارد ” الكاثوليكية في بيفرلي هيلز و بعد ذلك تم حرق جثمانه و نثر رفاته فوق المحيط الهادئ في 10 مايو من نفس العام .

ألفريد هيتشكوك ( 1899 - 1980 )

مقتطفات من حياة ألفريد هيتشكوك

  • لُقّب المخرج “ألفريد هيتشكوك” بـ “سيد التشويق” لإستخدامه نوعًا من التشويق النفسي في أفلامه و هو ما يؤدي إلى إنتاج تجربة مشاهدة مميزة.
  • رغم عمل ” ألفريد هيتشكوك” مع العديد من أفضل المواهب في هوليوود لكن مستشارته الأكثر ثقة كانت زوجته “ألما ريفيل” و التي تزوجها عام 1926 بعد العمل معًا في شركة إنتاج بلندن ثم عملت “ريفيل” لاحقًا ككاتبة و مشرفة على السيناريو و محررة و مخرجة مساعدة في عشرات من أفلام هيتشكوك المبكرة و كان يستشيرها في أعماله حيث كان معروفًا أنه ينظر إلى “ريفيل” بعد كل لقطة و يسأل عما إذا كان كل شيء على ما يرام؟ قبل الانتقال إلى اللقطة التالية .
  • كان لدى “ألفريد هيتشكوك” ولع بإجراء المقالب في أفراد فريق أفلامه و في حياته الخاصة حيث كان يقوم بوضع وسائد صاخبة تحت كراسي زملائه في العمل و أقام مرة حفل عشاء كان الطعام فيه ملون بشكل لا يمكن تفسيره و أثناء تصوير فيلم “الخطوات الـ 39” قام بتقييد الممثلين معًا للحصول على مشهد ثم تظاهر بفقدان المفتاح و ظلوا مقيدين لفترة طويلة قبل أن يجد “هيتشكوك” فجأة المفتاح في جيب المعطف و أوضح أن هذه المحنة كانت حيلة لمساعدتهم على بناء الكيمياء بينهم .
  • يرجع جزء من شهرة “ألفريد هيتشكوك” إلى المراجع الذاتية و المظاهر الفكاهية التي قدمها في 39 فيلمًا من أفلامه حيث كان يظهر عادة في الخلفية كماشي أو راكب في وسائل النقل العام و أصبحت أجزاء المشي الخاصة به في النهاية محبوبة للغاية .
  • مثل العديد من مخرجي “هوليوود” شارك “ألفريد هيتشكوك” في الحرب العالمية الثانية من خلال إنتاج أفلام دعائية للحلفاء و أشتهر بتصوير فيلمين قصيرين لوزارة الإعلام البريطانية عن مقاتلي المقاومة الفرنسية و في صيف عام 1945 ساعد في تجميع لقطات من معسكرات الإعتقال لإعداد فيلم وثائقي طموح بعنوان “ذاكرة المعسكرات”.
  • أحاط ” ألفريد هيتشكوك ” فيلمه ” سايكو ” بهالة من الغموض على أمل إبقاء أحداث الفيلم تقع كالمفاجأة الصاعقة علي المشاهد حيث أشترى حقوق رواية “روبرت بلوخ” من خلال وسطاء و يقال أنه أمر سكرتيرته بشراء أكبر عدد ممكن من النسخ للراوية للمساعدة في الحفاظ على محتوي الفيلم طي الكتمان و في وقت لاحق أجبر فريقه و طاقمه على أداء القسم بأنهم لن يفصحوا عن مفاجأة الفيلم و تعمد منعه من العروض الصحفية حتي لا يقوم بالنقاد بالإفصاح عن محتواه .
شارك الموضوع

عمرو عادل

فى الحياة الواقعيه مهندس ميكانيكا قوى اما فى الحياه الافتراضيه فباحث و كاتب و مدير الموقع دا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *