فى عالم الرياضه يمكن تحفيز اللاعب بالعديد من الأساليب لاخراج أفضل ما لديه و التى تتراوح ما بين أساليب معنويه تتجسد فى مدحه و الإشادة بإمكانياته أو بأساليب مادية مثل منحه مكافئات الماليه و فى أحيان أخرى قد يكون الدافع من قبل اللاعب نفسه للمحافظة على مستواه للاستمرار فى دائرة المنافسة و الأضواء أو الابتعاد عن الانتقادات بسبب أى هبوط لأدائه الا أن تلك الأمور كانت تختلف قليلا عند بعض من اللاعبين الاخرين الذين لم تكن لديهم تلك الرفاهيه لأنه كان أمامهم خياران لا ثالث لهم إما الفوز أو اعدام بالموت .

قد يظن البعض أنه امرا لا يحدث فى عالم الرياضه و لكنه حدث بالفعل لفريق داخل أحد السجون الأمريكيه فى ولاية ” وايومنج ” لأن هذا الفريق و الذى أطلق عليه إسم ” كل النجوم ” كان أفراده من المحكومين عليهم بالاعدام نتيجة إرتكابهم لجرائم قتل و اغتصاب حيث كان فى مطلع القرن العشرين تنفذ أحكام الإعدام عادةً في غضون بضعة أشهر دون إجراء استئناف قد يستمر لمدة 10 أو 20 عامًا و هو المعتاد الآن حيث نجا ذلك الفريق لفترة من الوقت بفضل ترتيبات بسيطه من مدير السجن المهووس بلعبة البيسبول “فيليكس ألستون” الذي وعدهم بانه إذا استمروا في الفوز سيضمن حصولهم على تأجيل تنفيذ حكم الإعدام عليهم و هو ما فعلوه من أجل الحفاظ على حياتهم .

بدأت قصة ذلك الفريق عندما تم افتتاح السجن الجديد فى الولايه عام 1901 و لم يكن يحتوي على أى مرافق من مياه أو كهرباء و رغم إجراء بعض من التحسينات به إلا أنها لم تكن كافية لتدمير سمعة المكان كواحد من أقسى السجون في الغرب حيث كان يتم تسخير السجناء بالعمل فى صناعة المكانس بداخله لصالح أحد رجال الاعمال الى أن جاء عام 1911 حين وصل “فيليكس ألستون” و هو مدير سجن ذات رؤية جديدة حيث كان يؤمن أن نظام العقوبات يجب أن يكون حول فكرة إعادة التأهيل و هو مفهوم غائب عن العديد من المؤسسات الإصلاحيه في “الولايات المتحدة” لذلك فقد ركز بشكل خاص على التعليم و كذلك ممارسة التمارين الرياضية و الترفيه للنزلاء و لكسر رتابة الحياة خلف القضبان سمح بلعب البيسبول و هي رياضة أحبها “ألستون” و أنشأ فريق للسجن و الذى أراده أن يكون هو الأفضل .

مدير السجن فيليكس أليستون

و من هنا كانت بداية فريق ” كل النجوم ” و الذى كان تميمتهم طفل صغير أشقر الشعر يبلغ من العمر خمس سنوات و هو إبن مدير السجن ” فيليكس جونيور ” و رغم البراءة الموجودة فى تلك التميمة الا أن اللاعبين كانوا عكس ذلك حيث كانوا جميعا مدانين فى قضايا قتل و إغتصاب حيث بدأوا مباراتهم الاولى فى 18 من يوليو عام 1911 بفريق مكون من 12 لاعباً و أبرز من لعبوا فيه على مدار مبارياته كان “ليروي كوك” الذى قام بضرب حلاق حتى الموت وسرق ماله و “جورج سابان” و هو أدين بإطلاقه النار على ثلاثة من رعاة الأغنام و قتلهم بعد نصب كمين لهم و “جاك كارتر” المتهم بقتل ناسكًا عجوزًا و أحراق رفاته في المدفأة” و “هوراس دونافان” الذى قتل صهره و “ويليام بوير” المتهم بطعن والده حتى الموت بفتاحة خطابات و أخيرًا نجم الفريق و الذى نال الكثير من الإعجاب لمهاراته فى اللعبه “جوزيف سينج” عامل النسيج السابق ذات 29 عاما الذي قتل رئيسه السابق بالرصاص بعد نزاع في مكان العمل و الذى يقول البعض عنه انه لو لم يدخل الى السجن لكان له شأن أخر فى تلك اللعبه .

كانت فى تلك الفترة تتربع لعبة البيسبول على عرش اللعبات الرياضية فى “الولايات المتحدة” و رغم أن مدينة ” رولينز ” فى ولاية ” وايومنج ” كان لا يتجاوز عدد سكانها 11 ألف نسمة إلا أن ملعب البيسبول الخاص بها كان دائما ممتلئ بالمشاهدين خاصة خلال مباريات ” كل النجوم ” حيث كان لاعبيه يدخلون و يخرجون من و الى أرض الملعب في زيهم الأزرق مع حواف بيضاء و هم مقيدين بالسلاسل و رغم ذلك و خلال الفترة من مارس 1911 و حتى مايو 1912 كانوا قد فازوا فى 39 مباراة من إجمالى 45 و بهذه النتائج استطاع ذلك الفريق الذى كان لا يقهر تقريبا فى شق طريقه إلى بطولة القسم الغربي للهواة و التي تضمنت فرقًا محلية من منطقة شاسعة تمتد حتى كاليفورنيا عبر جبال روكي مع فارق بسيط و هو أن خصومهم كانوا يلعبون من أجل المتعة أو على أمل الحصول على فرصة للمشاركة في بطولات المحترفين أما فريقنا ذلك فقد كانت لعبة البيسبول حرفياً مسألة حياة أو موت بالنسبة إليهم للابتعاد عن تنفيذ أى حكم اعدام عليهم .

و على مدار جميع مبارياتهم تم المراهنة على الفريق بما يقدر بـ 132 ألف دولار و يقال إن ثلاثة من السياسيين في الولاية جمعوا أموالًا لحملات إعادة انتخابهم من خلال المراهنة عليهم و بفضلهم ازداد ثراء عشرات من رجال الأعمال المحليين البارزين من خلال دعمهم لهؤلاء المدانين الذين كان يتم تأجيل تنفيذ الأحكام عليهم بسبب ” كينيث فارشى ” قاضي المحكمة العليا لولاية “وايومنج” الذي راهن هو الاخر على الفريق الا أنه مع الوقت وجد نفسه تحت ضغوط متزايدة من عائلات الضحايا و خاصة عائلة “ويليام لويد” الرجل الذي قتل على يد “سنج” و بدأ فى التراجع و أرسل الى مدير السجن يحذره من العواقب الكارثية التي ستتم إذا لم يتم تنفيذ اى أحكام اعدام قريبًا .

أقرأ أيضا : كرة الموت .. لعبة جماعية قاتله يعاقب الفريق المهزوم فيها بالموت

و بدأت الاستعدادات لتنفيذ الحكم وسط اعتراض كبير من قبل الجمهور الذى أرسل التماسات الى مكتب الحاكم تطلب له الرأفة ليس لأنه احد أفضل لاعبي ذلك الفريق فحسب و لكن لأنه أصبح شخصًا جديدًا و أفضل خلف القضبان حيث نضج ذلك الشاب القاسي و تحول الى نزيل مؤتمن حتى انه سُمح له بالعمل في المستوصف و تمت ترقيته إلى ممرض السجن و نتيجة حسن تصرفاته السريعه فى ذلك المضمار فقد أنقذ العديد من الأرواح حتى هو نفسه كان مدركًا تمامًا لذلك للتحول و كتب قبل وفاته بقليل: “لم أحصل على صفقة مربحة أبدًا حتى تم إحضاري إلى السجن”.

و رغم كل تلك المناشدات إلا انه لم يتم الالتفات إليها و في الساعة 2:45 صباحًا في ليلة 24 من مايو عام 1912 و بعد يوم من رفض استئنافه النهائي من قبل المحكمة العليا في “وايومنج” ذهب “سينج” بهدوء و شجاعة إلى وفاته على المشنقة و أعلن مدير السجن “ألستون” أنه من الآن فصاعدًا سيتألف فريق السجن من النزلاء المدانين فى قضايا خفيفه و ليس المدانين بأحكام اعدام و بحلول عام 1916 لم يعد ذلك الفريق موجودا حيث علق أحد السجناء السابقين في مذكراته بأنه “لم يصل فريق الكرة كثيرًا بعد أن شنقوا سينج ” و بالنسبة إلى باقى اللاعبين ” ليروي كوك و هوراس دونافان و ويليام بوير و الآخرين ” فقد نفذت فيهم باقى الاحكام تباعا نصفهم على المشنقه و الاخرون فى غرفة الغاز و نجا فقط “جورج سابان” الذى خفف الحكم عنه .

و لم يعود البيسبول الى سجن ولاية ” وايومنج ” حتى عام 1920 و مرت عدة سنوات أخرى قبل أن يُسمح لفريق السجن باللعب مع خصوم خارجيين و في عام 1981 أغلق السجن القديم أبوابه إلى الأبد حيث يعد ذلك المبنى الان منطقة جذب سياحي و يقضي فيه الزائرين ليلة في احد الزنازين او حتى فى غرفة اعدام الغاز التى قبع بها بعض من نجوم ذلك الفريق ليلقوا نهايتهم المروعه .

شارك الموضوع

عمرو عادل

فى الحياة الواقعيه مهندس ميكانيكا قوى اما فى الحياه الافتراضيه فباحث و كاتب و مدير الموقع دا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *