ما هو التكييف ؟ كيف يعمل جهاز التكييف ؟ ما تاريخ جهاز التكييف

التكييف هو جهاز كهربائي يعمل علي إزالة الحرارة من مكان مغلق لتحقيق بيئة داخلية أكثر راحة و في بعض من الأحيان يقوم بالتحكم أيضا في رطوبة الهواء الداخلي و هو يتراوح أحجامه ما بين الوحدات الصغيرة المستخدمة داخل المركبات أو الغرف الفردية إلى الوحدات الضخمة التي يمكنها تبريد مباني كاملة أو تدفئتها إذا كانت في مناطق تتسم بمناخات باردة و نظرا لظاهرة التغير المناخي الناجمة عن الإحتباس الحراري التي بدأت في إجتياح العالم مؤخرا أصبح الإقبال علي أجهزة التكييف بشكل متزايد حيث أشارت الإحصائيات إلي أنه إعتبارا من عام 2018 تم تركيب أكثر من 1.6 مليار وحدة تستهلك 20 ٪ من إجمالي الكهرباء المزودة للمباني على مستوى العالم و من المتوقع أن يرتفع ذلك الرقم إلى 5.6 مليار وحدة بحلول عام 2050 .

ما هو تاريخ جهاز التكييف ؟

يعود تاريخ تكييف الهواء إلى عصور ما قبل التاريخ حين أستخدمت المباني المصرية القديمة مجموعة متنوعة من تقنيات تبريد الهواء بشكل سلبي و أصبحت تلك الوسائل منتشرة في شبه الجزيرة الأيبيرية و الشرق الأوسط و شمال الهند و ظلت مستمرة على نطاق واسع حتى القرن العشرين حين بدء الإعتماد علي تكييف الهواء عن طريق الأجهزة التي تعمل بالطاقة و التي تسمح للبيئة الداخلية للمبنى بالبقاء ثابتة نسبيًا بغض النظر عن التغيرات في الظروف الجوية الخارجية و أحمال الحرارة الداخلية .

و قبل إختراع جهاز التكييف المألوف مرت عملية تبريد الوسط المحيط بعدد من التجارب ففي عام 1758 أجرى “بنجامين فرانكلين” و “جون هادلي” أستاذ الكيمياء في جامعة “كامبريدج” تجربة لإستكشاف مبدأ التبخر كوسيلة لتبريد الجسم بسرعة حيث لاحظوا أن تبخر السوائل شديدة التقلب مثل الكحول يمكن استخدامها لخفض درجة حرارة الجسم و أجروا تجربتهم علي مصباح حراري و نجحوا في خفض درجة حرارته إلي -14 درجة مئوية بينما كانت درجة الحرارة المحيطة 18 درجة مئوية و لاحظ “فرانكلين” أنه بعد فترة وجيزة من تجاوزهم نقطة تجمد الماء تشكلت طبقة رقيقة من الجليد على سطح المصباح و أستنتج أنه يمكن للمرء أن يرى إمكانية تجميد رجل حتى الموت في يوم صيفي دافئ .

و في القرن التاسع عشر تقدمت فكرة التبريد بعد أن شهدت تكنولوجيا الضغط عددًا من التطورات حيث أكتشف العالم و المخترع الإنجليزي “مايكل فاراداي” عام 1820 أن الأمونيا المسالة يمكن أن تبرد الهواء عندما يُسمح لها بالتبخر و في عام 1842 أستخدم الطبيب الامريكي “جون جوري” تقنية الضغط لصنع الجليد و الذي أستخدمه لتبريد الهواء لمرضاه في مستشفاه في ولاية ” فلوريدا ” حيث كان يأمل في نهاية المطاف إستخدام آلة صنع ثلج خاصة به لتنظيم درجة حرارة المباني و حينها وضع تصور لتكييف مركزي يمكن أن يبرد مدنًا بأكملها و حصل على براءة إختراع عام 1851 و لكن لم يستطيع تنفيذه بعد وفاة مموله و في عام 1851 أبتكر “جيمس هاريسون” أول آلة ميكانيكية لصنع الثلج في “أستراليا” و حصل على براءة إختراع لنظام تبريد بضغط الكحول عام 1855 حين أنتج ثلاثة أطنان من الثلج يوميًا و في عام 1860 أسس “هاريسون” شركة تبريد ثانية و دخل في منافسة مع الشركات الأمريكية حول الحصول علي إمتياز تبريد لحوم البقر المتجهة إلى “المملكة المتحدة” .

و مع بدء البشرية فى الإعتماد علي الكهرباء كمصدر للطاقة أصبح تطوير وحدات تبريد و تكييف أمرًا ممكنًا ففي عام 1901 قام المخترع الأمريكي “ويليس كارير” ببناء ما يعتبر أول وحدة تكييف هواء كهربائية حديثة و في عام 1902 قام بتركيب أول نظام لتكييف الهواء في شركة ” ساكيت ويليلمز ” للطباعة و النشر في “نيويورك” و ذلك للتحكم في كل من درجة الحرارة و الرطوبة للحفاظ على إتساق أبعاد الورق و الحبر في مصنع الطباعة و في وقت لاحق و بمعاونة ستة موظفين آخرين أسس “كاريير” شركته لتكييف الهواء و هي شركة كان يعمل بها عام 2020 أكثر من 53000 شخص و قيمتها 18.6 مليار دولار أمريكي و بالعودة إلي أوائل القرن العشرين و في عام 1906 كان “ستيوارت دبليو كريمر” من ولاية “نورث كارولينا” يستكشف طرقًا جديدة للتحكم في درجة حرارة و رطوبة الهواء في مصنع النسيج الخاص به و كان هو أول من صاغ مصطلح “تكييف الهواء” لتسهيل معالجة المنسوجات و تبنى “ويليس كاريير” المصطلح و دمجه في إسم شركته .

و بحلول عام 1914 تم تركيب أول مكيف هواء منزلي في “مينيابوليس” في منزل “تشارلز جيلبرت جيتس” و لكنه لم يستخدم أبدا لأن المنزل كان غير مأهول و في عام 1931 تم تطوير ما يمكن أن يصبح أكثر أنواع مكيفات هواء الغرف الفردية شيوعًا و هو الموضوع على حافة النافذة و تم طرح تلك الوحدات للبيع عام 1932 و بعدها بعام تم عرض أول أنظمة تكييف للسيارات و قدمت شركة “كرايسلر موتورز” أول وحدة تكييف هواء عملية شبه محمولة عام 1935 و أصبحت “باكارد” أول شركة مصنعة للسيارات تقدم وحدة تكييف هواء في سياراتها عام 1939 .

و مع الطفرة التكنولوجية التي إجتاحت العالم فى النصف الثاني من القرن العشرين فقد سمح ذلك بمزيد من إستخدام مكيفات الهواء في كل مكان ففي عام 1945 اخترع “روبرت شيرمان” من ولاية “ماساتشوستس” مكيف هواء محمول داخل النافذة يعمل على تبريد الهواء و تسخينه و ترطيبه و تجفيفه و تنقيته و مع زيادة التنمية الدولية عبر البلدان إزداد الإستخدام العالمي لأجهزة التكييف و مع حلول عام 2018 تم تركيب ما يقدر بنحو 1.6 مليار وحدة تكييف هواء في جميع أنحاء العالم مع توقع وكالة الطاقة الدولية أن يرتفع هذا العدد إلى 5.6 مليار وحدة بحلول عام 2050 .

كيف تعمل أجهزة التكييف ؟

تحتوي أجهزة تكييف الهواء على أربعة مكونات رئيسية و هى الضاغط ( الكومبرسور ) و ملف المكثف ( الكوندنسر ) و ملف المبخر ( الإيفابوريتور ) و صمام للتمدد كما توجد مادة كيميائية خاصة تسمى مادة التبريد و أحيانا يطلق عليها المبردات التي تمر عبر ذلك النظام لإمتصاص الحرارة و إزالتها و تعمل هذه المكونات الثلاثة معًا على تحويل غاز التبريد من الحالة الغازية إلى السائلة ثم العودة إلى الحالة الغازية مرة أخري و هكذا .

و تتمتع مادة التبريد أو المبردات بقدرتها على الإنتقال ذهابًا و إيابًا من الحالة السائلة إلي الغازية بسهولة شديدة مما يجعلها مفيدة جدًا في نظام تكييف الهواء فعند غلي الماء و إكتسابها الحرارة تتحول من الحالة السائلة إلي الغازية و تقوم المبردات بنفس الشيء فعندما تكون في الحالة السائلة فإنها تمتص الحرارة و تتحول إلى غاز و في نظام تكييف الهواء تجبر المادة المبردة بعد ذلك على العودة إلى كونها سائلًا مما يتسبب في طرد الحرارة للخارج ثم تعود إلي داخل المنزل مجددا للاستيلاء على مزيد من الحرارة لإزالتها .

دائرة التبريد داخل أجهزة التكييف

و لتبريد المباني و المنازل يجب أن تخرج الحرارة من الداخل إلى الخارج و هذا هو وظيفة المروحة و المبخر ( الإيفابوريتور ) فعندما يتم سحب الهواء الدافئ من منزلك و ضخها عبر ملفات المبخر تمتص المادة المبردة الموجودة في داخل ذلك الملف الحرارة و تتحول من الحالة السائلة الباردة إلي بخار ساخن و تحدث هذه العملية برمتها بسرعة حيث تقوم بتبريد الهواء في منزلك بينما تقوم المادة المبردة المتبخرة بإخراج الحرارة الممتصة للخارج من خلال عمل الضاغط ( الكومبرسور ) و المكثف ( الكوندنسر ) و الموجودان معا في الوحدة الخارجية حيث يقوم ( الكومبرسور ) بضغط أو رفع الضغط و درجة الحرارة على غاز التبريد ثم يتم إرسال ذلك الغاز الساخن المضغوط للتدفق عبر المكثف حيث تحدث عملية تكثيف و تتبدد درجات الحرارة في الهواء و التي تكون غالبًا بمساعدة مروحة و يتكثف غاز التبريد مرة أخرى إلى الحالة السائلة لبدء العملية بأكملها مرة أخرى .

و تعتبر أجهزة الإستشعار لدرجة الحرارة ( الترموستات ) الموجودة داخل جهاز التكييف بمثابة الدماغ المركزي للعملية حيث تخبر النظام بما يجب فعله عندما تحتاج درجة الحرارة إلى رفعها أو خفضها فعندما يستشعر منظم الحرارة أن درجة حرارة هواء الغرفة مرتفعة للغاية فإنه يرسل رسالة إلى النظام لبدء عملية التبريد حيث تسحب المروحة الهواء الساخن إلى مجاري الهواء حيث يتم تمريره عبر نظام ترشيح يزيل الجسيمات المحمولة بالهواء مثل الغبار ثم يتدفق الهواء الدافئ المفلتر فوق ملف المبخر حيث تمتص المادة المبردة الحرارة و في المقابل يتم تبريد الهواء الداخلي ثم تقوم مروحة بضخ الهواء المبرد مرة أخرى عبر مجاري الهواء إلى الغرف المختلفة و في هذه الأثناء يتم تحويل المادة المبردة إلى الحالة الغازية و يسافر إلى الخارج حيث يقوم الضاغط ( الكمبرسور ) بضغط الغاز و إرساله إلى ملف المكثف و هنا تقوم المروحة الخارجية بتشتيت الحرارة في الهواء الخارجي و تصبح المادة المبردة سائلة و تعود خلال الدورة مرة أخرى و هكذا .

و في بعض من الأحيان قد يواجه مستخدم التكييف عدد من المشاكل الشائعة التي تستوجب الإنتباه إليها و أول شيء يجب التحقق منه هو منظم الحرارة حيث يجب عليك التأكد من أن درجة الحرارة مضبوطة بشكل صحيح كما أنه من الممكن أن يتعطل حال تعرضه مباشرة إلي الشمس و يسجل درجة حرارة داخلية خاطئة و بالمثل إذا كان موجود بالقرب من المطبخ و مصادر التدفئة أو التبريد الأخرى مثل الفتحات أو النوافذ كما يجب عليك التحقق أيضًا من مرشح نظام التكييف حيث يمكن أن يكون مسدود و يمنع تدفق الهواء فعندما تتسخ تلك الفلاتر يعمل جهاز التكييف بجهد أكبر مما يزيد من تكاليف التشغيل و يؤدي إلى إصلاحات مكلفة و يقصر من العمر المتوقع للوحدة كما تحتاج الوحدات الخارجية إلى تدفق هواء كافٍ لذلك تأكد من وجود مساحة خالية حولها لأن عدم توفر ذلك يعمل علي زيادة الضغط علي الكومبرسور و ستجعله يكافح للقيام بعمله و في النهاية يتم حرقه .

ما هى أنواع أجهزة التكييف ؟

تنقسم أجهزة التكييف إلي عدة أنواع و يتم الإعتماد علي كل نوع منهم بحسب مجموعة متنوعة من العوامل مثل المساحة و حجم المنشأة و الموقع الفعلي و طريقة الإستخدام و هم كالأتي :

التكييف المركزي بمجاري الهواء Ducted central systems : و هي تعتبر أكثر أنواع الأنظمة شيوعًا في “الولايات المتحدة” و تناسب الأشخاص الذين يمتلكون منازل كبيرة في الحجم و يريدون تبريد غرف متعددة في وقت واحد حيث يحافظ نظام مجاري الهواء الموجودة في جميع أنحاء المنزل على تناسق المنزل بأكمله مع عدم وجود بقع دافئة و يستخدم هذا النظام أيضًا مرشحات الهواء لتحسين جودة الهواء الداخلي و إزالة الغبار و حبوب اللقاح و الجزيئات المحمولة و تعمل مكيفات الهواء المركزية جنبًا إلى جنب مع أنظمة التدفئة حين تكون الأجواء باردة لذلك لا حاجة لمجاري جديدة لها و تعتبر أنظمة التكييف المركزي أكثر كفاءة و هدوءًا نظرًا لأنها تشغل مساحة أقل و تحافظ على ديكور منزلك نظيفًا و منسقا .

أجهزة التكييف المركزي
التكييف المركزي

التكييف بدون مجاري الهواء Ductless systems : تعمل أنظمة التكييف المصغرة و الخالية من مجاري الهواء مثل نظام التكييف المركزي و لكن بدون تلك المجاري الهوائية و هي تنقسم إلي وحدتين توضع واحدة في خارج المنزل و الأخرى داخل الغرفة و يتم نقل المادة المبردة عبر أنابيب أصغر بكثير إلى الوحدات الداخلية في المساحات المراد تكييفها مما يتيح مساحة أقل فوق الأسقف المعلقة و تأثير هيكلي أقل و نتيجة عدم وجود مجاري للهواء يجب تركيب وحدة في كل غرفة فردية و يتم الإعتماد علي ذلك النوع من أجهزة التكييف نظرا لأنها أكثر كفاءة فى إستهلاك الطاقة و يسهل إضافتها إلى المنازل القديمة أو الصغيرة التي لا تحتوي على مساحة لمجاري الهواء .

التكييف السبليت

الوحدات المحمولة Portable units : يحتوي نظام الوحدات المحمولة على وحدة داخلية موضوعة على عجلات متصلة بوحدة خارجية عبر أنابيب مرنة على غرار جهاز تكييف الهواء المنفصل بدون مجاري الهواء و تقوم هذه الوحدات المحمولة بسحب الهواء الداخلي و طرده إلى الخارج من خلال قناة واحدة و هو يؤثر سلبًا على كفاءة التبريد الإجمالية كما تزود العديد من أجهزة التكييف المحمولة بوظيفة التدفئة بالإضافة إلى وظيفة إزالة الرطوبة .

وحدات التكييف المحمولة
الوحدات المحمولة

تكييف الشباك Window unit : و هي وحدات يمكن تركيبها في فتحة بالجدار و رغم كفائتها فى التبريد إلا أن من أهم عيوبها هو إصدارها لصوت مرتفع قد يكون مزعج للبعض نظرا لوجود جميع مكونات دائرة التبريد في مكان واحد .

تكييف الشباك

المضخة الحرارية Heat Pumps : تجمع المضخة الحرارية بين التدفئة و تكييف الهواء في وحدة واحدة و توجد خيارات متعددة لتشغيلها حيث يمكن للمضخات الحرارية أن تعمل بالغاز و الكهرباء و تقوم بسحب الحرارة من الهواء الخارجي للتدفئة وعكس العملية عند التبريد و تعتبر رائعة للمناطق ذات المناخ المعتدل و يتم الإعتماد عليها نظرا لأنها مصدر إقتصادي للحرارة (الهواء مجاني ) و لكن من عيوبها أنه عند وصول الحرارة لدرجة التجمد أو أقل ستكون هناك حاجة إلى نظام تدفئة احتياطي و إذا كانت درجات الحرارة تنخفض فى منطقة الإقامة لفترات طويلة فلا تعتبر المضخة الحرارية خيارًا جيدًا.

المضخة الحرارية

عيوبه

و رغم أهمية أجهزة التكييف و مميزاتها إلا أنه توجد بعض من العيوب المرافقة لها حيث قد يؤدي إلي حدوث مشاكل صحية حال عدم الإهتمام بصيانته حيث يمكن ذلك أن يعزز من نمو و إنتشار الكائنات الحية الدقيقة التي تعد مسئولة عن الأمراض المعدية لذلك ينصح دائما بإجراء صيانة و تنظيف دوري لعدم تكون تلك الجراثيم كما تسبب المواد المبردة مشاكل بيئية خطيرة مثل تدمير طبقة الأوزون و تغير المناخ حيث لم تصدق العديد من البلدان بعد على تقليل إستهلاك و إنتاج مركبات الكلوروفلوروكربون إضافة إلي أن تلك الأجهزة تقوم بإستهلاك 20٪ من الطاقة في المباني على مستوى العالم و سيؤدي النمو المتوقع لإستخدام تكييفات الهواء بسبب تغير المناخ إلى نمو كبير في الطلب على الطاقة .

شارك الموضوع

عمرو عادل

فى الحياة الواقعيه مهندس ميكانيكا قوى اما فى الحياه الافتراضيه فباحث و كاتب و مدير الموقع دا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *