عمل فنى انتج عام 2002 يقدم فيه المخرج الشهير رومان بولانسكى قصة حقيقية حدثت بالفعل لعازف بيانو يعيش فى بولندا تروى صراعه من أجل البقاء على قيد الحياة داخل بلاده التى شهدت واحدة من أصعب الفترات عبر تاريخها بعد اجتياح أراضيها من قبل القوات الألمانيه خلال الحرب العالمية الثانيه و بدء النازيين فى مطاردة و اضطهاد اليهود الذين يعيشون فيها و التحقير منهم و معاملتهم كما و لو انهم مجرد أرقام و أن ارواحهم ليست لها أى قيمة تذكر حيث يبرز الفيلم للمشاهد خطأ نظرتهم تلك و أن بطل القصة مجرد انسان طبيعى كان لديه عمله و يعيش مع أسرة مستقرة و صاحب حياة مهنية ناجحه الا ان كل ذلك قد اختفى لمجرد أنه يدين بديانة تتعارض مع احدى الايديولجيات كما يظهر الفيلم بعض من الرسائل بأن الحياة و الظروف المحيطة بالانسان لديها القدرة على تحويل شخصية راقية و مرهفة الحس مثل عازف بيانو الى انسان متشرد يقاتل من أجل الهروب و تتحكم فيه غريزة البقاء على قيد الحياه كما أنه و رغم كل الأهوال التى تعرض لها الا انه يعتبر انسانا محظوظا بألا يكون مصيره مثل من سبقوه كما يشير الفيلم الى نقطة مضيئة بأن ليس كل النازيين بشياطيين حيث تجسدت تلك الفكرة فى شخصية أحد الظباط الألمان الذى كان يساعده على الاختباء و يقدم له الطعام و الشراب فى رسالة واضحه بان الانسانية هى دائما ما تأتى فى المقدمه و تتفوق على أى أفكار متعصبه أو أيديولجيات تقوم بزرع الكراهيه .

القصه

تبدء أحداث الفيلم في سبتمبر عام 1939 بعازف بيانو بولندي يهودي يدعى ” واديك شبيلمان ” يقوم بالعزف على الهواء مباشرة عبر الاثير في “وارسو” حيث تقوم القوات الالمانية بقصف المحطة أثناء غزوها للبلاد بأوامر من زعيمها ” أدولف هتلر ” على أمل تحقيق نصر سريع و يعود “شبيلمان” الى منزله و يبتهج مع أسرته عندما يعلم أن “بريطانيا و فرنسا” قد أعلنتا الحرب على “ألمانيا” و لكن المساعدة الموعودة لم تأت و استمر القتال لأكثر من شهر بقليل حيث غزت كل من الجيوش الألمانية و السوفيتية “بولندا” في وقت واحد على جبهات مختلفة و أصبحت “وارسو” جزءًا من الحكومة العامة التي يسيطر عليها النازيون الذين يبدأون فى اضطهاد اليهود عبر منعهم من العمل أو السماح لهم بامتلاك أعمال تجارية كما تم اجبارهم على ارتداء شارات النجمة السداسيه خلال وجودهم بالشوارع لتمييزهم و بحلول نوفمبر 1940 أُجبر شبيلمان وعائلته على مغادرة منزلهم إلى حي “وارسو” اليهودي المعزول و المزدحم حيث تزداد الظروف سوءًا و يتضور الناس جوعا و يلاقوا معاملة وحشيه من القوات الالمانيه و تتناثر الجثث في كل مكان و في إحدى المرات شهد أفراد عائلة “شبيلمان” قوات الأمن الخاصة تقتل عائلة بأكملها في شقة على الجانب الآخر من الشارع بما في ذلك إلقاء رجل مسن على كرسي متحرك من نافذة مكونة من أربعة طوابق.

و في 16 من أغسطس عام 1942 كان ” شبيلمان ” و عائلته على وشك أن يتم نقلهم إلى معسكر الإبادة في “تريبلينكا” و مع ذلك يتعرف عليه صديق له يعمل في شرطة الجيتو و يفصله عن عائلته و يهربه و يصبح عاملا بالأجر و يعلم عن تمرد يهودي قادم لذلك فهو يعمل على مساعدة المقاومة من خلال تهريب الأسلحة إلى الحي اليهودي و في إحدى المرات اشتبه فيه احد الحراس الالمان الا انه استطاع تجنب شكه باعجوبه و في النهاية ينجح فى الهروب و يختبأ بمساعدة صديق غير يهودي و زوجته و في أبريل عام 1943 شاهد “شبيلمان” انتفاضة “جيتو وارسو” التي ساعدها الا انها تتكشف و تفشل في النهاية و بعد ذلك بوقت قصير يكتشف أحد الجيران أن “شبيلمان” مختبئًا في الشقة حيث يضطر إلى الفرار لمخبأ ثان فى شقة شاغرة أخرى وتحتوى على بيانو حيث يشعر بأنه منجذب للعزف عليه لكنه لا يستطيع ذلك لأنه يجب أن يلتزم الصمت لتجنب الاكتشاف و أثناء الاختباء في هذا الموقع يعانى من سوء التغذية بسبب الإمدادات الغذائية المحدودة للغاية و يفقد وزنه و يبدأ في المعاناة من مرض اليرقان.

و في أغسطس عام 1944 أثناء انتفاضة “وارسو” هاجم الجيش المحلي البولندى مبنى ألمانيًا عبر الشارع القريب من مخبأ ” شبيلمان ” و أصابت قذائف دبابة الشقة التى يقيم فيها و أجبرته على الفرار و على مدار الأشهر التالية تم تدمير “وارسو” و يُترك بمفرده ليبحث بشكل يائس عن مأوى و إمدادات بين الأنقاض و في النهاية يشق طريقه إلى احد المنازل المدمرة حيث يجد علبة مخللات و أثناء محاولته فتحه لاحظه ضابط الفيرماخت ” فيلم هوسنفيلد ” الذي علم أن ” شبيلمان ” عازف بيانو و يطلب منه العزف على بيانو كبير في المنزل و يتمكن من العزف و يشفق عليه الظابط و يساعده على الاختباء في علية المنزل الفارغ الذى يقيم فيه و يزوده بانتظام بالطعام و في يناير عام 1945 انسحب الألمان نتيجة تقدم الجيش الأحمر و التقى “هوسنفيلد” مع ” شبيلمان ” للمرة الأخيرة و وعد بأنه سيستمع إليه في الإذاعة البولندية بعد الحرب و يعطيه معطفه للتدفئة و في ربيع عام 1945 مر سجناء سابقون في معسكر اعتقال نازي بجوار معسكر أسرى حرب سوفياتي يحتجزون فيه جنود ألمان أسرى حيث كان “هوسنفيلد” أحد السجناء و يسمع نزيلاً بولنديا أطلق سراحه يوبخ الاسرى الالمان و يندب حياته المهنية السابقة كعازف كمان ليقوم ” هوسنفيلد ” مسرعا و يحدثه من خلف السياج و يسأله عما اذا كان يعرف ” شبيلمان ” ويتوسل إليه أن يخبره بأنه موجود في المعسكر و في وقت لاحق يصل عازف الكمان و “شبيلمان” إلى المخيم و لكنهما يجدوه مهجورًا.

بعد الحرب يعود ” شبيلمان ” إلى الإذاعة البولندية و تقول خاتمة الفيلم أنه توفي في 6 من يوليو عام 2000 عن عمر يناهز 88 عامًا و كل ما هو معروف عن “هوسنفيلد” هو أنه توفي عام 1952 بينما كان لا يزال في الأسر السوفيتي.

أبطال العمل

أدريانو برودى واديك شبيلمان
توماس كريتشمان كابتن فيلم هوسنفيلد
فرانك فينلاى والد شبيلمان
إيميليا فوكس دوروتا
مايكل زيبرواسكى يوريك

الجوائز

حصل الفيلم على ثلاثة جوائز أوسكار لأفضل مخرج ” رومان بولانسكى ” و أفضل ممثل ” أدريان برودى ” و أفضل كتابه مع أربعة ترشيحات بالاضافة الى 57 جائزة أخرى و متنوعه .

ما وراء الكاميرا

  • أثناء تصوير الفيلم و استكشاف المواقع في منطقة “كراكوف” التقى المخرج “رومان بولانسكي” برجل ساعد عائلته على النجاة من الحرب فى الماضى .
  • مدير التصوير الفوتوغرافي “باول إيدلمان” كان يستنزف الألوان ببطء خلال المشاهد المتعاقبه للإشارة إلى تدهور المدينة و تدهور حالة “شبيلمان” نفسه.
  • أصبح “أدريان برودي” أصغر شخص حتى الآن يفوز بجائزة الأوسكار لأفضل ممثل عندما فاز بها عن هذا الفيلم عن عمر يناهز 29 عامًا.
  • تعلم “أدريان برودي” كيفية العزف على البيانو لاداء دوره باتقان .
  • شهد المخرج “رومان بولانسكي” بنفسه الهولوكوست حيث تم إرسال والديه إلى معسكرين مختلفين للاعتقال حيث ذهب والده إلى “ماوتهاوزن جوسين” في “النمسا” حيث نجا بعد ذلك اما أمه فقد ارسلت إلى “أوشفيتز” حيث قُتلت.
  • الفيلم مأخوذ عن مذكرات “واديك شبيلمان” و حاول المخرج “رومان بولانسكي” جعل الفيلم مثل ما ذكر تماما فى تلك المذكرات مع اضافة بعد من اللمسات التي شهدها هو بنفسه عندما كان صبيًا أثناء الحرب.
  • كان الفيلم في مرحلة ما قبل الإنتاج عندما توفي ” شبيلمان ” الحقيقي.
  • تم اختبار أكثر من 1400 ممثل لدور “واديك شبيلمان” الا انه لم يكن راضيا عن كل من حاول تجسيد شخصيته و سعى المخرج “رومان بولانسكي” إلى اختيار “أدريان برودي” الذي رآه مثاليًا للدور خلال اجتماعهم الأول في “باريس” حيث كان “برودي” يصور فيلم The Affair of the Necklace (2001).
  • المشهد الذي تم فيه إنقاذ ” شبيلمان” من الذهاب إلى معسكرات الاعتقال وقيل له “لا تركض” مستوحى من حدث مماثل في حياة المخرج “رومان بولانسكي” ففي الأصل قيل لشبيلمان “أركض” و هو ما فعله لكن “بولانسكي” غيّر هذا العنصر عمداً ليعكس تجربته الخاصة.
  • خسر “أدريان برودي” 14 كجم لذلك الدور من خلال تناول نظام غذائي يومي مكون من بيضتين مسلوقتين و شاي أخضر على الإفطار و قليل من الدجاج على الغداء و قطعة صغيرة من السمك أو الدجاج مع الخضار المطبوخة على البخار لتناول العشاء حيث كان وزنه الاساسى 73 كجم .
  • هذا هو الفيلم الأول الذي يحصل على جائزة أفضل فيلم في مهرجان سيزار (جائزة الفيلم الوطنية الفرنسية) من دون التحدث بكلمة واحدة بالفرنسية على الاطلاق .
  • كلمة ” شبيلمان ” تعني بالالمانيه فرقة موسيقية أو المنشد ومن هنا جاءت ملاحظة “هوسنفيلد” بأنها “اسم جيد لعازف البيانو”.
  • من أجل الاندماج فى حالة الشعور بالخسارة المطلوبه للعب الدور تخلص الممثل ” أدريان برودى ” من شقته و باع سيارته و لم يشاهد التلفاز.
  • يلعب “دانيال شبيلمان ” الحفيد الحقيقي للشخصية الحقيقيه دور الصبي في الحي اليهودي .
  • تم التبرع بعائدات العرض الأول للفيلم في “أمستردام” بهولندا لمنزل “آن فرانك” و هى شابة لاقت نفس اهوال ” شبيلمان ” الا انه قبض عليها و ماتت فى احد معسكرات الاعتقال النازيه .
  • لم يتمكن المخرج “رومان بولانسكي” من حضور حفل توزيع جوائز الأوسكار في “لوس أنجلوس” حيث فاز بجائزة أوسكار لأفضل مخرج بسبب مذكرة توقيف معلقة في قضية اعتداء جنسي و تم استلام الجائزة نيابة عنه الممثل “هاريسون فورد ” الذي قدمها إلى “بولانسكي” بعد خمسة أشهر في مهرجان “دوفيل” السينمائي.
  • يعتبر المخرج “رومان بولانسكي” أن هذا أفضل فيلم له ففي نهاية الفيلم الوثائقي “رومان بولانسكي: مذكرات فيلم” (2011) سأله المحاور ” أندرو براونبرج” عن أي من أفلامه يعتقد أنه مثالي تمامًا ليرد “بولانسكي” قائلاً: “إذا تم وضع أي تذكار لفيلم على قبري أود أن يكون عازف البيانو”.
  • كان “أدريان برودى” مقتنعًا بأنه لم يكن لديه اى فرصة للفوز بجائزة الأوسكار كأفضل ممثل و أخبر زميله المرشح “مايكل كين” أنه لم يفكر في أي شيء ليقوله لأنه كان متأكدًا من أنه لن يصل إلى المنصة.
  • توقف إنتاج الفيلم و تأجل تصويره ليوم واحد بعد وفاة المنتج المساعد “راينر شابير” .
  • قام المخرج “رومان بولانسكي” بأدء صوت الرجل الذي ينتظر عبور الشارع و يشتكي من مرور شوارع لغير اليهود عبر الحي اليهودي.
  • كان “رومان بولانسكي” أكبر شخص سناً يفوز على الإطلاق بجائزة أوسكار لأفضل مخرج عن عمر يناهز التاسعة و الستين الا انه تم تجاوزه بعد ذلك بعامين من قبل “كلينت ايستوود” الذي فاز بالجائزة و هو في سن الرابعة والسبعين.
  • أصبح “أدريان برودي” الممثل الأول و الوحيد الذي يفوز بجائزة أوسكار أفضل ممثل بعد تفوقه على منافسيه و هم أربعة فائزين سابقين بجائزة الأوسكار إما لأفضل ممثل أو أفضل ممثل مساعد أو كليهما وهم دانيال داي لويس و جاك نيكلسون و نيكولاس كيج و مايكل كين.
  • يعد ذلك الفيلم هو الثانى الذى يصوره ” رومان بولانسكى ” فى بلده الاصلى بولندا بعد فيلم Knife in the Water (1962) .
  • ابنة المخرج “رومان بولانسكي” مورجان بولانسكي كان لها دور صغير في الفيلم وسط المجاميع كفتاة صغيرة.
  • كان من المفترض أن يلعب منتج الفيلم ” ليو رايوين ” دور المرابى الذى يجرب العملات على المنضده فى المطعم و يطلب من ” شبيلمان ” التوقف عن العزف لفترة الا انه منح لممثل أخر بسبب اصابته بحروق للشمس حالت دون ظهوره .
  • تم استخدام تقنية الـ CGI بشكل ضئيل للغاية في هذا الفيلم حيث استخدمت في أحد المشاهد التى تم سحب العمال فيها من مبنى و إطلاق النار على المرأة القريبة من ” شبيلمان ” بعد سؤالها للظابط الألمانى إلى أين يتم نقلهم حيث كان من الضرورى استخدام تلك التقنيه لاعطاء مظهر اطلاق النار اكثر واقعيه نظرا لصعوبة تنفيذه بذلك الشكل عبر طلقات مزيفه كما استخدمت تلك التقنية ايضا فى تصوير مشهد تسلق ” شبيلمان ” فوق الجدار بعد فراره من المستشفى المهجور لرؤية المباني المدمرة على مد البصر كما تم إعطاء أنف ” أدريان برودى ” توهجًا برتقاليًا طفيفًا أثناء قيامه بعزف البيانو للضابط الألماني قرب نهاية الفيلم حيث أراد المخرج “رومان بولانسكي” إضفاء لمسة خفيفة من الدفء على هذا المشهد لإظهار أن الحياة في “شبيلمان ” لا تزال موجودة عندما يبدأ العزف مرة أخرى.
  • نتيجة صدمة و فرحة الممثل ” أدريان برودى ” بعد فوزه بالاوسكار سار على خشبة المسرح و أمسك على الفور بالممثله ” هال بيرى ” التى قدمته و قام بتقبيلها و هو امرا الان يعد غير قانونيا و يؤدى إلى الاعتقال و توجيه الاتهامات .
  • الموسيقى التي يتم تشغيلها من الشاحنة التى تسير وسط المبانى المهدمه في نهاية الفيلم هي للنشيد الوطني البولندي و لهذا السبب شعر ” شبيلمان ” أنه بأمان و خرج من مخبأه .
  • تم تصوير الفيلم بأكمله تقريبًا من منظور “واديك شبيلمان” الذى قام بأدائه الممثل “أدريان برودي” حيث كان هو محور الاحداث مع وجود استثناءات قليلة و هي المشاهد الافتتاحية بالأبيض و الأسود و كذلك المشهد الذى يتم فيه العثور على الظابط الالمانى “هوسينفيلد ” مسجونًا في معسكر سوفيتي.

بوكس أوفيس

بلغت تكلفة الفيلم 35 مليون يورو و حقق ارباح تجاوزت 120 مليون دولار .

شارك الموضوع

عمرو عادل

فى الحياة الواقعيه مهندس ميكانيكا قوى اما فى الحياه الافتراضيه فباحث و كاتب و مدير الموقع دا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *