متحف الفنون الرديئة .. ملتقي كل ما هو قبيح فى عالم الفن

يقول الرسام الشهير بابلو بيكاسو أن الفن يغسل الروح من غبار حياتها اليومية و ربما نستنتج من تلك المقولة أن المتاحف و المعارض المنتشرة حول العالم تعتبر هى المكان الأنسب للتخلص من ذلك الروتين اليومى الممل لإحتوائها علي العديد من المقتنيات الفنية الراقية و القطع الأثرية النفيسة علاوة علي ان تلك الأماكن تعتبر نافذة لإستعراض أشهر و أجمل الفنون التى تعبر عن مهارات و إبداعات صانعيها الا أن ذلك ليس دائما بسبب وجود عدد من المتاحف الأخري التى تحتوي على معروضات قد يكون بعضها غريب الأطوار مثل ما رأينا سابقا فى متحف الفشل و متحف الجريمة و نضيف عليهم أيضا ذلك المتحف المعروف بإسم متحف الفنون الرديئة الموجود بولاية ماساشوستس فى الولايات المتحدة و الذى أشتهر بضمه كوكبة من الفنون السيئة بكافة أنواعها من منحوتات و لوحات و غيرها .

متحف الفنون الرديئة
متحف الفنون الرديئة

بدأت قصة متحف الفنون الرديئة بالمصادفة عام 1993 عندما قام ” سكوت ويلسون ” و هو تاجر للتحف بإلتقاط لوحة ملقاة فى سلة للقمامة من إحدى الشوارع و كانت تتمتع بجودة فنية متدنية و شاركها مع صديقه ” جيرى رايلى ساكو ” الذى وصفها بأنها “فن ردئ للغاية بشكل لا يمكن تجاهله” و من هنا بدأت فكرة إنشاء ذلك المتحف و تكون تلك الجملة هى الشعار الرئيسى له و قام ” جيرى ” بتنظيف اللوحة و تعليقها على جدار فى قبو منزله و بدء صديقه ” سكوت ” فى البحث عن قطع فنية رديئة أخرى و مع بدء مجموعتهم الفنية فى النمو قام ” جيرى ” و زوجته ” مارى جاكسون ” بتنظيف قبو منزلهم و طلائه و تركيب إضائات فنية به و دعوة 50 من أصدقائهم لزيارة المكان و لكن مع إنتشار الخبر حضر ما يقرب من 200 شخص لذلك القبو لمشاهدة تلك القطع و أصبح من ذلك الحين متحفا حقيقيا .

متحف الفنون الرديئة
متحف الفنون الرديئة

و مع نجاح فكرة متحف الفنون الرديئة تم إفتتاحه رسميا عام 1994 فى قبو مسرح و سينما ” ديدهام كوميونتى ” حيث تم وضع القطع الفنية بجوار دورات مياه الرجال لإكسابها روائح مقززة مع تشغيل موسيقى سيئة لإعطاء إنطباع ان كل شئ فى ذلك المكان يتميز بالرداءة و كان دخوله يتم بشكل مجانى فى بادئ الأمر و فى عام 2008 أنتقل المتحف الى قبو مسرح ” سومرفيل ” و وضعت القطع الفنية بجوار دورات مياه الرجال و النساء و أقتصر دخوله على قاطعى تذاكر المتحف أو بشكل مجانى لحاملى تذاكر الأفلام و المسرحيات فى الطابق العلوى من المكان ثم بدء توالى نجاحه بإقتناءه لمجموعات جديدة بلغت 600 قطعة فنية وصلتهم من بعض الفنانيين الذين يقومون بإرسال أعمالهم على أمل أن الشئ الذى لن ينجح فى مكان سوف ينجح فى أخر و يجد له جمهور بشكل قد يحقق بعض من الشهرة إليهم حتى و إن كانت سلبية بالإضافة إلي مصادر أخري مثل شرائها من المتاجر أو من خلال تبرعات إتحاد جامعي القمامة بالولاية و نظرا لضيق المساحة التى لم تسمح بعرضهم جميعا تم افتتاح فرعين أخرين للمتحف داخل الولاية فى بروكلين و جنوب ويموث .

متحف الفنون الرديئة

و يعتبر البعض ان سر نجاح متحف الفنون الرديئة يعتمد بالأساس على إتباعهم نظاما محددا عبر إعطاء الزائر مطلق الحرية فى التعبير عن رأيه بسجل الزوار و إبداء إعجابه أو عدم إعجابه بتلك القطع الفنية بناء على شعوره و إنطباعه نحوها بعكس باقى المتاحف الاخرى التى تستعرض قطعها و عليك ان تبدى إعجابك بها فقط حيث أعتاد القائمون على المتحف بتلقى أراء ساخرة من الزوار العاديين تجاه بعض من القطع الفنية بعكس أراء الفنانيين و المتخصصين التى تكون متزنة حتى و إن كانت بشكل نقدى لاذع .

متحف الفنون الرديئة
متحف الفنون الرديئة

و بعكس أى متحف أو معرض فإن متحف الفنون الرديئه لا يقوم ببيع قطعه الفنيه الا أنهم فى بعض الأحيان يقومون بإجراء مزاد لبيع قطع تم إهدائها الى المتحف و لكن تم رفض عرضها لإعتبارات و معايير خاصة بهم و تخصص عائدات تلك المزادات للصرف على المتحف و بعض من الأنشطة الخيرية الأخرى كما أنه تعرض للعديد من حوادث السطو أبرزها عام 1996 حين سرقت إحدى اللوحات و طلب مقابلها فدية بلغت 5000 ألاف دولار أمريكي لإستعادتها الا أن الإدارة لم تهتم و أختفت اللوحة تماما و تم العثور عليها لاحقا بعد مرور أكثر من 10 سنوات و نتيجة ذلك الحادث قامت إدارة المتحف بتركيب كاميرات مزيفة حتى أنها وضعت لافتات تحذيرية ساخرة بأن المعرض مراقب بكاميرات مزيفة و فى عام 2004 قام أحد الأشخاص بسرقة إحدى اللوحات المعلقة تاركا رسالة يطلب فيها فدية قدرها 10 دولارات مقابل إرجاعها الا أن إدارة المتحف لم تهتم أيضا قائلين بأنهم لا يتفاوضون مع لصوص و ربما لأن الواقع هو أن اللوحه ليس لها أى قيمة فنية تذكر و لعل ذلك السبب هو ما ساهم فى عودة اللوحة مرة أخرى مرفق بها تبرع بقيمة عشرة دولارات و نتيجة كثرة حوادث السطو قامت إدارة المتحف بإتخاذ قرارا بعدم عرض أى قطع فنية صغيرة الحجم و التى يمكن اخفائها بسهوله .

متحف الفنون الرديئة

أقرأ أيضا : رحلة داخل قصر الأقزام فى كندا الذى بداخله ستشعر أنك تحولت إلى أحد العمالقة

و مع ذيع شهرة متحف الفنون الرديئة كتب عنه الكثير من المقالات النقدية و تعرض لهجوم شرس من قبل البعض الذين أعتبروه مناهضا للفن نتيجة السخرية التى تتعرض لها تلك الأعمال الفنية التى قام بها عدد من الفنانيين بحماس و صدق و لكن علي الجانب الأخر دافع القائمين على ذلك المكان عن وجهة نظرهم بأن قالوا أن متحف الفنون الرديئة هو مكانا لتشجيع الأشخاص الذين يريدون تقديم الأعمال الإبداعية و لكنهم يتراجعون بسبب الخوف من النقد و لذلك فعند رؤيتهم لتلك المعروضات سيدركون بأنه لا شئ يستحق الخوف او التردد للقيام بأعمالهم تلك .

شارك الموضوع

عمرو عادل

فى الحياة الواقعيه مهندس ميكانيكا قوى اما فى الحياه الافتراضيه فباحث و كاتب و مدير الموقع دا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *