قصة تهديد زعيم زائير موبوتو للاعبيه بمنع عودتهم الى بلادهم حال هزيمتهم من البرازيل برباعية نظيفة فى بطولة كأس العالم

قطعت كرة القدم الأفريقية شوطا طويلا في العقود القليلة الماضية و أصبح اللاعبين الأفارقة لهم تأثير ملحوظ في الدوريات الكبرى مثل محمد صلاح و ساديو ماني و ترك لاعبين أفارقة سابقين بصمة كبيرة فى تاريخ اللعبة مثل صامويل إيتو و ديديه دروجبا و ليس على مستوى الأندية فقط بل على صعيد المنتخبات بعد أن أصبح لها تأثير ملموس فى المحافل الدولية لا سيما بطولات كأس العالم و ما شهدته من لحظات تاريخية للكرة الأفريقية بعد تألق العديد من المنتخبات مثل نيجيريا و الكاميرون و غانا و مع ذلك الا أن الأمور سابقا لم تكن وردية للغاية على المسرح العالمي حيث لم يهتم عمالقة كرة القدم بتلك القارة أو يظهروا لها أي احترام و استغرق الأمر حتى عام 1974 بعد أن وصلت دولة أفريقية سوداء إلى البطولة و هى زائير أو كما يطلق عليها حاليا الكونغو الديموقراطية و ذلك نتيجة قواعد التأهل المجحفة التي وضعها الفيفا لصعود الدول من قارة أفريقيا حيث كان ذلك المنتخب فى ذلك الوقت أبطال كأس الأمم الأفريقية و لكن بعد مشاركتهم فى المحفل الدولي الكبير بدا من الواضح وجود فوارق ضخمة بعد النتائج المخزية التى لحقت بذلك المنتخب وصلت الى حد تهديد زعيم البلاد موبوتو سيسي سيكو للاعبيه بمنع عودتهم الى ديارهم حال استمرار سوء النتائج .

منتخب زائير المشارك فى بطولة كأس العالم 1974

بدأت مشاركة زائير فى بطولة كأس العالم و التى كانت تنظم فى ألمانيا الغربية يوم 14 يونيو 1974 حيث واجه منتخبهم الذى كان تحت قيادة المدرب اليوغوسلافي “بلاجوي فيدينيتش” منتخب “أسكتلندا” و ذلك على ملعب ” ويستفالينستاديون ” و كان حينها الفريق الأسكتلندى يضم العديد مشاهير اللعبة مثل “دينيس لو” و “بيلي بريمنر” و “كيني دالجليش” الذين استخفوا بهم بشكل كبير و بدأت المباراة بإندفاع هجومى زائيري أثار اعجاب المتابعين و لكن لسوء حظ رجال “فيدينيتش” و لنقص خبرتهم فى ذلك المحفل نجت “اسكتلندا” من تلك العاصفة و تغلبت عليهم في نهاية المطاف و فازت بشكل غير مستحق إلى حد ما بهدفين مقابل لا شيئ و مع ذلك لم يكن ذلك الأمر وصمة عار على الإطلاق فعلى الرغم من التعليقات المهينة قبل المباراة من قبل مدير الفنى الأسكتلندى “ويلي أورموند” الذى قال “إذا لم نتمكن من هزيمة زائير فعلينا أن نحزم حقائبنا ونعود إلى المنزل ” الا أنهم أثاروا إعجاب الكثيرين و فازوا ببعض المعجبين الجدد نتيجة روحهم القوية و الإيجابية .

و بعد إنتهاء المباراة الأولى كان من المقرر أن تكون مباراتهم التالية يوم 18 يونيو و لكن في غضون الأربعة أيام التى فصلت بين المباراتين الأولى و الثانية بدأ رئيس زائير المارشال “موبوتو سيسي سيكو ” فى إستثمار ذلك الأمر سياسيا و قام بدعوة الفريق بزيارته إلى مقر إقامته الشخصي للاحتفال فور انتهاء مشوارهم فى المونديال كما اشترى لهم جميعا منازل و سيارات و بالنسبة الى بعثتهم المشاركة فى كأس العالم فقد أنشأ لهم صندوق مالي للصرف منه عند الحاجة كعلاوات تشجيعية لهم و أرسل حاشية ضخمة من رجال الحكومة و مسؤولي الاتحاد الزائيري لكرة القدم لدعمهم و رغم كل تلك المزايا التى أعلن عنها الا أن اللاعبين أكتشفوا أن المسئولين قد قاموا بسرقة تلك الأموال التى لم تكن علاوات و مكافئات فقط بل أيضا أجورهم و لن يتقاضوا رواتبهم و أصبح هناك غضب و تمرد داخل المعسكر و أعلنت الغالبية العظمى من اللاعبين أنهم لن يلعبوا يوم 18 يونيو و قيل ان الفيفا قد تدخل و زعم أنه دفع حوالي 3000 مارك ألماني لكل لاعب للنزول إلى الملعب و حفظ سمعة البطولة .

و على مضض خرج أحد عشر لاعباً إلى أرضية ملعب “باركستاديون” في مدينة “جيلسنكيرشن” لملاقاة منتخب ” يوغوسلافيا ” و لكن بينما هم هناك بالجسد لم يكونوا بالروح و سرعان ما تحولت المباراة إلى مهزلة فنتيجة التوتر و الهراء الذى حدث خارج الملعب أدى إلى ظهور اللاعبين متعبين و فاقدين التركيز و لم يتدربوا بشكل صحيح و أفتقروا إلى الحافز بشدة و أصبحت تلك المباراة مصدر إحراج لكل المعنيين ففى واحدة من أغرب الافتتاحيات في أي مباراة دولية على الإطلاق تقدمت “يوغوسلافيا” بثلاثة أهداف في 20 دقيقة فقط و مع توالى الأهداف قرر المدير الفنى لمنتخب زائير المخضرم “فيدينيتش” و هو لاعب يوغوسلافي دولي سابق استبدال حارسه و خرج “كازادي موامبا” في الدقيقة 21 و جاء “ديمبي توبلاندو” الذي كان يبلغ طوله 1.62 متر ليحل محله و في غضون دقيقة استسلم هو الأخر بعد أن أستقبلت شباكه العديد من الاهداف الأخرى فى ذلك المساء و تنتهى المباراة بأعنف هزائم كأس العالم على الإطلاق بنتيجة 9-0 .

مباراة زائير و يوغوسلافيا التى انتهت بنتيجة 9 - 0

و انتهت المباراة بظهور زائير و كرة القدم الأفريقية ككل بشكل مهين للغاية و من كان يظن أن الأفارقة بدائيين فى تلك اللعبة فقد ترسخ لديه ذلك المعتقد حيث لعب ذلك المنتخب مباراتين تلقى فيهم أحد عشر هدفاً في شباكه و من دون تسجيل أى أهداف لذلك كان ظهور زائير الأول و الوحيد في كأس العالم كارثي و كان من المتوقع أن يزداد الأمر سوء بعد أربعة أيام حين يلاقى منتخب “البرازيل” حامل اللقب و أحد المرشحين للفوز بالبطولة و رغم ظهور المنتخب الزائيري بشكل مضحك الا أن ذلك الأمر اختلف تماما لدى زعيم البلاد ” موبوتو ” الذى شعر بالغضب و الغيظ من تلك الاهانة و قرر التدخل بنفسه حيث يقول الظهير “مويبو إلونجا” في مقابلة أجراها مع هيئة الإذاعة البريطانية بى بى سى بعد المباراة أنه أرسل حراسه الرئاسيين ليهددونا و أغلقوا الفندق أمام جميع الصحفيين و قالوا إننا إذا خسرنا 0-4 أمام البرازيل فلن يتمكن أي منا من العودة إلى وطنه .

و بدأت مباراة زائير مع “البرازيل” و استمر الضغط عليهم و في منتصف الشوط الثاني و البرازيل متقدمة بهدفين حصلوا أيضا على ركلة حرة على بعد 25 ياردة و حينها حدثت واحدة من أكثر الحوادث شهرة في تاريخ كأس العالم حين أخذ المدافع ” إيلونجا ” الكرة و يشتتها الى الامام فى مشهد وصفه الكثير من المعلقين لحظتها أنه غبي و لا يعرف أي من الفريق القواعد الأساسية لكرة القدم حيث كان هذا هو الافتراض الوحيد إلى حد ما و قد وصفها معلق البي بي سي ” جون موتسون ” بأنها “لحظة غريبة من الجهل الأفريقي” لكن الحقيقة كانت أكثر قتامة من ذلك حيث كانت هذه الخطوة مدفوعة بالخوف و كان تكتيكًا لتضييع الوقت و هو أسلوب مصمم لإرباك “البرازيل” و تأجيل إحرازها الأهداف .

مباراة زائير و البرازيل فى كأس العالم عام 1974

أقرأ أيضا : قصة مباراة لكرة القدم أقيمت فى حضور أطباق طائرة و كائنات فضائيه

و رغم ما فعله لاعبي زائير الا ان “البرازيل” قد تمكنت من إحراز الهدف الثالث و لحسن الحظ انتهت المباراة بتلك النتيجة مما يعني أنه سُمح للاعبين بالعودة إلى وطنهم رغم حملهم الخزى و العار بشكل جعلهم منبوذين إجتماعيا بشكل كبير و كانت حياتهم المهنية فى الملاعب قد انتهت على الفور تقريبًا و قطع “موبوتو” تمويله للمنتخب و خُنقت لعبة كرة القدم في زائير حتى الموت.

شارك الموضوع

عمرو عادل

فى الحياة الواقعيه مهندس ميكانيكا قوى اما فى الحياه الافتراضيه فباحث و كاتب و مدير الموقع دا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *