دوايت أيزنهاور ( أيك ) هو الرئيس الرابع و الثلاثين للولايات المتحدة في الفترة من أعوام 1953 و حتي 1961 و قبلها شغل منصب القائد الأعلي لقوات الحلفاء في أوروبا و حصل علي رتبة خمس نجوم كجنرال في الجيش أثناء إندلاع الحرب العالمية الثانية حيث يرجع إليه الفضل في التخطيط و الإشراف علي إثنتين من أكثر الحملات العسكرية أهمية في تلك الحرب و هي عملية الشعلة في شمال إفريقيا و غزو نورماندي علي الشواطئ الفرنسية و أثناء ولايته الرئاسية كان من أولويات سياسته الخارجية إحتواء إنتشار الشيوعية في أوروبا و العالم خلال الحرب الباردة و كانت إستراتيجيته الجديدة للردع إعطاء الأولوية للأسلحة النووية و تقليص تمويل فرق الجيش الباهظة الثمن كما قام بدعم الإنقلابات العسكرية لتغيير الأنظمة في إيران و جواتيمالا و خلال العدوان الثلاثي علي مصر أدان الغزو الإسرائيلي و البريطاني و الفرنسي و أجبرهم على الإنسحاب و مع قرب نهاية فترته الرئاسية تم إلغاء إجتماع قمة كان سيجمعه مع الزعيم السوفيتي نيكيتا خروتشوف بعد حادث إسقاط طائرة التجسس الأمريكية U2 فوق الاتحاد السوفيتي و وافق على عملية خليج الخنازير لإجتياح أراضي كوبا لكنه تركها لخلفه الرئيس جون كينيدي لتنفيذها و علي الصعيد الداخلي قام دوايت أيزنهاور بتوسيع الضمان الإجتماعي و ساهم في إنهاء المكارثية و تولت إدارته تطوير و بناء نظام الطريق السريع بين الولايات و بعضها كما قام بالتوقيع علي تأسيس وكالة ناسا و إنشاء نظام تعليم قوى قائم علي العلم من خلال قانون تعليم الدفاع الوطني و شهدت البلاد خلال فترتي ولايته إزدهارًا إقتصاديًا غير مسبوق .
حياة دوايت أيزنهاور المبكرة
ولد “دوايت أيزنهاور” في 14 أكتوبر عام 1890 في دينيسون بولاية “تكساس” الأمريكية لـ “ديفيد جاكوب أيزنهاور” و “إيدا إليزابيث ستوفر أيزنهاور” و كان ترتيب الطفل “دوايت” هو الثالث من أبناء والديه السبعة و ترجع أصوله بالأساس إلي ولاية “كانساس” لكن والديه إنتقلا إلي ” تكساس ” قبل ولادته حيث عاشت الأسرة في منزل صغير بالقرب من خطوط السكك الحديدية حيث عمل والده في تنظيف محركات القطارات لكسب لقمة العيش و عندما بلغ الطفل عام و نصف عادت أسرته إلي مدينة ” أبيلين ” بولاية ” كانساس ” مجددا بعد حصول والده علي وظيفة أفضل في محل صهره .
و حين وصل ” دوايت أيزنهاور ” إلي الرابعة من عمره توفي شقيقه “بول” البالغ من العمر 10 أشهر بسبب مرض الدفتيريا و على الرغم من تلك المأساة إلا أنه عاش طفولة سعيدة في مدينة “أبيلين” التي كان يعتز بها طوال حياته حيث كان مواظبا علي لعب البيسبول و كرة القدم في مدرسة أبيلين الثانوية و بعد تخرجه منها عام 1909 عمل مع والده و عمه كما عمل أيضا كرجل إطفاء و أستخدم الأموال التي حصل عليها لدفع الرسوم الدراسية لأخيه الأصغر “إدجار” للدراسة في جامعة ميتشيجان حيث أبرم الأخوين صفقة يقومون بموجبها بتبديل الأماكن بحيث يقوم أخيه بدفع مصاريف تعليم ” دوايت ” الجامعية حين يصل إليها و لكن لحسن حظ ” إدجار ” لم يضطر أبدًا للوفاء بعهده بعد أن ألتحق ” دوايت أيزنهاور ” عام 1911 بالأكاديمية العسكرية للولايات المتحدة في ويست بوينت بنيويورك حيث كانت الدراسة بها مجانية و في عام 1915 تخرج منها برتبة ملازم ثان .
حياة دوايت أيزنهاور العسكرية
بعد التخرج من الأكاديمية كان ” دوايت أيزنهاور ” متمركزًا في ولاية تكساس حيث ألتقى و بدأ في مواعدة “مامي جينيفا دود” القادمة من ولاية ” كولورادو ” و البالغة من العمر 18 عامًا و تزوج الإثنان بعد تسعة أشهر في 1 يوليو عام 1916 و هو نفس اليوم الذي تم فيه ترقيته إلى ملازم أول و خلال السنوات القليلة الأولى من حياته العسكرية أنتقل هو و زوجته “مامي” من مكان إلى آخر عبر ولايات تكساس و جورجيا و ماريلاند و بنسلفانيا و نيوجيرسي و في عام 1917 أنجبت “مامي” الإبن الأول “دود دوايت” و هو نفس العام الذي دخلت فيه “الولايات المتحدة” الحرب العالمية الأولى و على الرغم من أن ” دوايت أيزنهاور ” كان يأمل في أن يتم تكليفه بالعمل في الخارج إلا أنه تم تعيينه بدلاً من ذلك في مركز تدريب الدبابات في كامب كولت في جيتيسبيرغ بولاية “بنسلفانيا” و طوال الحرب و بعدها أستمر في الصعود عبر الرتب و بحلول عام 1920 تمت ترقيته إلى رتبة رائد و ذلك بعد أن تطوع في فيلق الدبابات و قاد أول قافلة سيارات عابرة للقارات تابعة لوزارة الحرب في العام السابق.
و بحلول عام 1921 وقعت مأساة في منزله تمثلت في وفاة إبنه الأكبر “دود دوايت” نتيجة الحمى القرمزية و هو بسن الثالثة إلا أنه إستطاع تجاوز ذلك بعد إنجاب زوجته لإبنهم الثاني “جون شيلدون دود” عام 1922 و هو العام الذي تولي فيه منصب المسؤول التنفيذي للجنرال “فوكس كونر” في منطقة قناة بنما و في عام 1924 و بناءً على طلب من “كونر” تقدم ” دوايت أيزنهاور” بأوراقه إلى كلية الدراسات العليا المرموقة بالجيش و هي مدرسة القيادة و الأركان العامة في كانساس و تم قبوله ثم تخرج منها عام 1926 و هو أول دفعته المكونة من 245 ظابطا مع سمعة راسخة في براعته العسكرية.
و خلال الفترة من عام 1927 و حتي 1929 قام ” دوايت أيزنهاور ” بجولة عسكرية و قدم تقارير لإدارة الحرب تحت قيادة الجنرال ” جون بيرشينج ” و بعد الإنتهاء من جولته عام 1929 تم تعيينه مساعدًا عسكريًا رئيسيًا للجنرال “دوجلاس ماك آرثر” حيث خدم تحت قيادته في الفترة من عام 1935 وحتي عام 1939 كمساعد مستشار عسكري في ” الفلبين ” ثم عاد بعدها إلى “الولايات المتحدة” أوائل عام 1940 و على مدار العامين التاليين كان متمركزًا في ولايتي “كاليفورنيا” و “واشنطن” و في عام 1941 بعد إنتقاله إلى فورت سام هيوستن أصبح ” دوايت أيزنهاور ” رئيسًا لأركان الجيش الثالث و سرعان ما تمت ترقيته إلى رتبة عميد لقيادته مناورات في “لويزيانا” و في أواخر ذلك العام تم نقله إلى قسم خطط الحرب في واشنطن العاصمة عام 1942 و ترقيته إلى رتبة جنرال و بعد أشهر فقط أصبح القائد العام لقوات الحلفاء خلال الحرب العالمية الثانية و قاد عملية الشعلة الخاصة بغزو الحلفاء لشمال إفريقيا .
و في يوم 6 يونيو عام 1944 قاد ” دوايت أيزنهاور ” قوات الحلفاء لغزو نورماندي في ” فرنسا ” و في ديسمبر من ذلك العام تمت ترقيته إلى رتبة خمس نجوم و بعد إستسلام “ألمانيا” عام 1945 أصبح حاكمًا عسكريًا للمنطقة التي تحتلها “الولايات المتحدة” ثم عاد إلى منزله في أبيلين و تلقى ترحيبًا كبيرًا و بعد بضعة أشهر تم تعيينه رئيسًا لأركان الجيش الأمريكي و بحلول عام 1948 تم إنتخابه رئيسًا لجامعة كولومبيا و هو المنصب الذي شغله حتى ديسمبر عام 1950 و بعدها قرر مغادرة الجامعة لقبول التعيين كأول قائد أعلى لقوات الحلفاء في منظمة حلف شمال الأطلسي ( الناتو ) و أثناء وجوده في باريس لمباشرة عمله قام المبعوثين الجمهوريين بتشجيعه علي الترشح لرئاسة الولايات المتحدة .
رئاسة الولايات المتحدة
في عام 1952 تقاعد ” دوايت أيزنهاور ” من الخدمة الفعلية و عاد إلى “أبيلين” ليعلن ترشحه لرئاسة الجمهورية عن الحزب الجمهوري في 4 نوفمبر عام 1952 و يفوز بأغلبية ساحقة و يصبح الرئيس الرابع و الثلاثين للولايات المتحدة و شهد عهده إستقرار إقتصادي بعد توقف برامج “فرانكلين روزفلت” للصفقة الجديدة و برامج “هاري ترومان” للصفقة العادلة و علي صعيد السياسة الخارجية جعل ” دوايت أيزنهاور ” الحد من توترات الحرب الباردة من خلال المفاوضات العسكرية محور تركيز إدارته الرئيسي .
و في عام 1953 قام بفرض هدنة جلبت السلام إلى حدود “كوريا الجنوبية” و في نفس العام أيضًا ألقى ” دوايت أيزنهاور ” خطابه الشهير الذرة من أجل السلام في الجمعية العامة للأمم المتحدة حيث شجع الخطاب إستخدام الطاقة النووية في الإستخدامات السلمية بدلاً من إستعمالها كأسلحة في الحروب و في عام 1955 ألتقى مع القادة السوفييت و البريطانيين و الفرنسيين في جنيف للإتفاق علي المزيد من السيطرة علي الأسلحة النووية و بحلول عام 1956 أعيد انتخابه لولاية ثانية و فاز بهامش أوسع من إنتخابه الأول و على الرغم من حقيقة أنه كان قد تعافى مؤخرًا من نوبة قلبية إلا أنه خلال فترة ولايته الثانية واصل ” دوايت أيزنهاور ” الترويج لبرنامج الذرة من أجل السلام كما بذل جهودا لحل أزمات لبنان و السويس .
و شملت الإنجازات التي قام بها ” دوايت أيزنهاور ” علي الصعيد الداخلي إنشاء وكالة المعلومات الأمريكية و إعتبار ألاسكا و هاواي ولايتين تابعتين للبلاد و دعم إنشاء نظام الطريق السريع بين الولايات المختلفة كما قام بالتوقيع على قانون الحقوق المدنية لعام 1957 و إنشاء لجنة دائمة للحقوق المدنية بالإضافة إلي توقيع مشروع قانون تشكيل الإدارة الوطنية للملاحة الجوية و الفضاء (ناسا) و أثناء إستعداده لترك منصبه في يناير عام 1961 ألقى خطاب وداع متلفز حذر فيه الأمة من مخاطر الحرب الباردة .
أيامه التالية و وفاته
بعد إنتهاء فترة رئاسته تقاعد “دوايت أيزنهاور ” بمزرعة في جيتيسبيرج مع زوجته “مامي” و على الرغم من أنه أستقال عن مهامه العسكرية كجنرال عندما أصبح رئيسًا إلا أنه عندما ترك منصبه أعاد خليفته الرئيس “كينيدي” تنشيط لجنته و أحتفظ بمكتب في كلية جيتيسبيرج طوال الفترة المتبقية من حياته حيث عقد فيه إجتماعات و كتب مذكراته.
و في 28 مارس عام 1969 توفي ” دوايت أيزنهاور ” في مستشفى والتر ريد العسكري في واشنطن العاصمة بعد فترة طويلة من المعاناة من مرض متعلق بالقلب و تم تنظيم جنازة رسمية له في العاصمة ” واشنطن ” كما أقيمت جنازة عسكرية في مسقط رأسه “أبيلين” في ولاية “كانساس” .
مقتطفات من حياة دوايت أيزنهاور
- عارض ” دوايت أيزنهاور ” إستخدام الأسلحة النووية ضد “اليابان” حيث كان يعتقد أن استسلامها كان وشيكًا في صيف عام 1945 إلا أن الرئيس “هاري ترومان ” قرر خلاف ذلك .
- كان مرشحاً متردداً للرئاسة حيث طلب كلا من الحزبين الجمهوري و الديموقراطي من “دوايت أيزنهاور ” الترشح و دخول البيت الأبيض عن طريقهم في عام 1948 لأنه لم يكن لديه عضوية مُعلن عنها في حزب سياسي و بعد أربع سنوات أختار الترشح للجمهوري أثناء الصراع مع كوريا.
- لم يواجه تحديًا جادًا في حملتين رئاسيتين عامي 1952 و 1956 حيث هزم بسهولة منافسه الديمقراطي “أدلاي ستيفنسون” .
- تأتي كلمة “أيزنهاور” من الكلمة الألمانية “أيزنهاور” و التي تعني “عامل منجم الحديد”