روبرت أوبنهايمر ( 1904 – 1967 )

روبرت أوبنهايمر أو كما يطلق عليه أبو القنبلة الذرية هو فيزيائيا أمريكيا تم إختياره لإدارة مختبر لوس ألاموس لتنفيذ مشروع مانهاتن الذي يعتبر البرنامج الرئيسي المسئول عن تطوير أول سلاح نووي أثناء الحرب العالمية الثانية و الذي كلل بالنجاح بعد إسقاط القنابل الذرية علي مدينتي هيروشيما و ناجازاكي في اليابان و بعد إستقالته من منصبه عام 1945 أصبح رئيسًا للجنة الإستشارية العامة لهيئة الطاقة الذرية و أصبح من خلالها واحد من أبرز الداعين إلي السيطرة الدولية على الطاقة النووية لتجنب الإنتشار النووي و سباق التسلح مع الاتحاد السوفيتي خلال الحرب الباردة كما كان أحد المعارضين لفكرة تطوير القنبلة الهيدروجينية و أتخذ بعد ذلك مواقف بشأن القضايا المتعلقة بالدفاع و التي أثارت غضب بعض من الفصائل الحكومية و العسكرية الأمريكية , و رغم مواقفه السياسية إلا أن روبرت أوبنهايمر أستمر في إسهاماته العلمية في الفيزياء من خلال عدد من الأبحاث أبرزها تقريب بورن أوبنهايمر لوظائف الموجات الجزيئية و العمل على نظرية الإلكترونات و البوزيترونات و عملية أوبنهايمر-فيليبس في الإندماج النووي و التنبؤ الأول بالنفق الكمي كما قدم مع طلابه أيضًا مساهمات مهمة في النظرية الحديثة للنجوم النيوترونية و الثقوب السوداء بالإضافة إلى ميكانيكا الكم و نظرية المجال الكمومي و تفاعلات الأشعة الكونية و نظرا لتلك المجهودات العلمية حصل علي العديد من التكريمات و الجوائز أبرزها جائزة إنريكو فيرمي في الفيزياء من قبل الرئيس ليندون جونسون عام 1963 .

حياة روبرت أوبنهايمر المبكرة و دراسته

ولد “روبرت أوبنهايمر” في 22 أبريل عام 1904 في “الولايات المتحدة ” بمدينة “نيويورك” لأبوين يهود ألمان مهاجرين حيث كان يعمل والده في إستيراد المنسوجات ثم أنضم إلي جامعة ” هارفارد ” حيث فيها برع في اللاتينية و اليونانية و الفيزياء و الكيمياء و الشعر و الفلسفة الشرقية و بعد تخرجه عام 1925 توجه “أوبنهايمر” إلى “إنجلترا” و إلتحق بجامعة “كامبريدج” حيث بدأ أبحاثه الذرية في مختبر كافنديش الذي تمتع بسمعة دولية لدراساته الرائدة في التركيب الذري و كان تحت قيادة اللورد “إرنست رذرفورد” حيث أتاح له ذلك المكان الفرصة للتعاون مع المجتمع العلمي البريطاني في جهوده لدفع قضية البحث الذري و بعد ذلك بعام تعاون مع “ماكس بورن” في جامعة “جوتنجن” حيث ألتقى بمجموعة من الفيزيائيين البارزين مثل “نيلز بور” و حصل من تلك الجامعة على درجة الدكتوراه عام 1927 و أثناء تواجده فيها طور ما أصبح يُعرف بإسم “طريقة بورن أوبنهايمر” التي تعتبر مساهمة علمية مهمة في النظرية الجزيئية الكمومية ثم بعد ذلك عاد إلى “الولايات المتحدة” لتدريس الفيزياء في جامعة كاليفورنيا في بيركلي و معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا. .

مشروع مانهاتن

و خلال فترة الثلاثينيات أصبح “روبرت أوبنهايمر” ناشطًا سياسيًا ففي عام 1936 وقف إلى جانب الجمهورية أثناء الحرب الأهلية في “إسبانيا” و تعرف على عدد من الطلاب الشيوعيين و من خلال الثروة التي تركها والده قام بدعم المنظمات المناهضة للفاشية إلا أن المعاناة المأساوية التي ألحقها “جوزيف ستالين” بالعلماء الروس دفعته إلى سحب إرتباطاته بالحزب الشيوعي و في الواقع لم ينضم أبدًا إلى ذلك الحزب بل علي العكس عزز في نفسه فلسفة ديمقراطية ليبرالية كما أنه أتفق مع العالمين “ألبرت أينشتاين” و “ليو تسيلارد” و ” يوجين فيجنر ” على أن النازيين في إمكانهم تطوير سلاح نووي و قاموا بتحذير الحكومة الأمريكية و لذلك بعد غزو “ألمانيا” لبولندا عام 1939 و وقوع الحرب العالمية الثانية تم إختياره لإدارة مختبر لتنفيذ مشروع مانهاتن و هي تجربة رائدة للجيش الأمريكي تهدف إلى تنظيم جهود الفيزيائيين البريطانيين و الأمريكيين للبحث عن طريقة لتسخير الطاقة النووية للأغراض العسكرية و بعد موافقته قاد مشروع مانهاتن في منطقة “لوس ألاموس” بولاية “نيو مكسيكو” بداية من عام 1942 .

أوبنهايمر مع أينشتين
أوبنهايمر مع أينشتين

و في داخل مشروع مانهاتن قام ” روبرت أوبنهايمر ” و بالتعاون مع عدد من العلماء الذين هربوا من الأنظمة الفاشية في أوروبا بإجراء عدد من الإختبارات بغرض إستكشاف عملية إنشطار لعدد من العناصر أشهرها اليورانيوم 235 حيث كانوا يأملون في صنع قنبلة نووية قبل أن يتمكن “أدولف هتلر” من تطويرها و هو ما دفع الحكومة الأمريكية لإنشاء ذلك المشروع الذي تكلفت ميزانيته في البداية 6000 دولار و لكن بحلول الوقت الذي بلغ فيه العمل ذروته عام 1945 نمت الميزانية لتصل إلى ملياري دولار أمريكي و هو نفس العام الذي شهد أول إختبار لتلك القنبلة و بعد نجاحها تم إنتاج قنبلتين أخرتين اللتين تم إلقائهم علي مدينتي هيروشيما و ناجازاكي و اللتان خلفتا دمارا هائلا أصابت ” روبرت أوبنهايمر ” بالصدمة و أستقال من منصبه .

ليزلي جروف الرئيس العسكري لمشروع مانهاتن مع روبرت أوبنهايمر
ليزلي جروف الرئيس العسكري لمشروع مانهاتن مع روبرت أوبنهايمر

حياة روبرت أوبنهايمر بعد الحرب العالمية الثانية

بعد إنتهاء الحرب العالمية الثانية و تقديم إستقالته ذهب “روبرت أوبنهايمر” ليصبح رئيسًا للجنة الإستشارية العامة لهيئة الطاقة الذرية التي عارضت في أكتوبر عام 1949 تطوير القنبلة الهيدروجينية و أدت هذه المعارضة الصادمة إلى إتهامات وجهت إليه بأنه كان مؤيدًا للشيوعية و بعد جلسات تحقيق معه أعلنت لجنة إستماع أمنية بأنه غير مذنب بالخيانة لكنها قضت بأنه لا ينبغي أن يحصل على أسرار عسكرية و لذلك في عام 1953 تم إيقافه عن متابعة الأبحاث النووية السرية و جُرد من تصريحه الأمني من قبل هيئة الطاقة الذرية و في عام 1963 أعلن الرئيس “جون إف كينيدي” أن “روبرت أوبنهايمر ” سيحصل على جائزة “إنريكو فيرمي” و لكن لم يمهله القدر لتسليمه تلك الجائزة بنفسه و لذلك بعد إغتيال كينيدي قدمها له الرئيس “ليندون جونسون” في ديسمبر من ذلك العام .

وفاته

و خلال ما تبقي واصل “روبرت أوبنهايمر” دعواته إلي السيطرة الدولية على الطاقة الذرية و أمضى السنوات الأخيرة من حياته في صياغة أفكار حول العلاقة بين العلم والمجتمع إلي أن توفي بسرطان الحلق في 18 فبراير عام 1967 في برينستون بولاية “نيو جيرسي” عن عمر يناهز 62 عاما و حضر مراسم جنازته أكثر من 600 شخصية بارزة و تم حرق جثته .

مقتطفات عن روبرت أوبنهايمر

  • عندما انفجرت القنبلة الذرية الأولى في موقع الإختبار كان “روبرت أوبنهايمر” هناك و إن كان على مسافة آمنة و علق بعد ذلك بأن العالم لن يكون كما كان مرة أخرى و قال أن كل ما يتذكره في ذلك الوقت هو سطر من السنسكريتية (الكتاب المقدس الهندوسي) “الآن أصبحت الموت و مدمر العوالم ” .
  • تم ترشيحه لجائزة نوبل للفيزياء ثلاثة مرات أعوام 1945 و 1951 و 1967.
  • رغم أن “روبرت أوبنهايمر” كان عالماً و إداريًا لامعًا لكن حياته الرومانسية كانت كارثية حيث أقام العديد من العلاقات النسائية و أصبحت معظم شؤونه معروفة للجميع لأنه كان تحت مراقبة وكالة المخابرات المركزية الأمريكية CIA .
  • أبهر مشروع مانهاتن هوليوود و ظهر في العديد من الأفلام و لعب “روبرت أوبنهايمر ” دورًا رائدًا في أفلام مثل The Beginning of the End (1947) و Fat Man and Little Boy (1989) و كانت سلسلة بي بي سي التلفزيونية “أوبنهايمر” (1980) هي الأكثر نجاحًا نقديًا و حصدت ثلاث جوائز بافتا BAFTA في ذلك العام.
  • استغرق وقتًا لتعلم اللغة السنسكريتية و هي اللغة المقدسة للهندوسية حيث السنسكريتية تعني الكمال أو النقاء و هي واحدة من أقدم اللغات البشرية و يعتقد تابعي تلك الديانة أنها تستخدم كلغة تواصل مع الكائنات السماوية.
  • نتيجة تعاطف “روبرت أوبنهايمر” مع الشيوعية قام مكتب التحقيقات الفيدرالي بوضع إسمه في قائمة قيد الإعتقال في حالة إعلان حالة الطوارئ الوطنية علي الرغم من نفيه لأي صلة بينه و بين الشيوعيين أثناء الاستجوابات.
شارك الموضوع

عمرو عادل

فى الحياة الواقعيه مهندس ميكانيكا قوى اما فى الحياه الافتراضيه فباحث و كاتب و مدير الموقع دا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *